جنينة زرع الخداع فحصد السجن

عبد المنعم شعبان
تحكى الأسطورة أنه فى أحد قصور الأثرياء قديمًا تواجد قطة وكلب جمعت بينهما علاقة صداقة كبيرة بحكم تربيتهما معًا، وكان الكلب معجبًا بجمال عينى القطة، التى سألها عن جمالها ذات مرة فأخبرته أن عينيها بها كحل، ولما سألها الكلب كيف لكِ ذلك، فأحضر الكلب الكحل ليضعه فى عينى القطة ليرى جمالها بنفسه، لكن مخلبه غار فى عينيها ففقعها، ومن هنا جاء المثل الشعبى المتداول «جه يكحلها عماها».. وهذا المثل ينطبق تمامًا على ما قاله هشام جنينة من تصريحات لفضائية إخوانية مفادها أنه اطّلع على وثائق سرية للغاية، يمتلكها الفريق سامى عنان الذى ترشح للانتخابات الرئاسية قبل أن يتم إلقاء القبض عليه بتهمة مخالفة القانون العسكرى، وإعلان الترشح دون إذن مسبق من القوات المسلحة، مؤكدًا أن تلك الوثائق لن تظهر إلا فى حالة تعرض عنان للخطر.
أخطر ما جاء فى تصريحات جنينة أن الوثائق التى بحوزة سامى عنان تدين أجهزة الدولة، وتبين أن ما حدث فى 30 يونيو كان مخططًا له كما تدين عدة أشخاص، فضلًا عن أنها تغير مجرى كثير من المحاكمات. كما تكشف حقيقة الطرف الثالث ودوره فى الأحداث التى جرت بعد أحداث 25 يناير.. كما أمعن فى التجويد قائلاً «أشعر بخطر جسيم على حياة سامى عنان وهو داخل السجن وأخشى على أن يمسه سوء أول محاولة تصفية كما حدث مع المشير عبدالحكيم عامر، كما أن سامى عنان تلقى رسائل تهديد للتراجع عن الترشح لانتخابات الرئاسة 2018». ما فعله جنينة كان أغبى تصريح سياسى يمكن أن يصرح به رجل دولة يعمل داخل المجال السياسى، بل إن هذا الكلام لا يتفوه به محامٍ تحت التمرين أو طالب فى كلية الحقوق وليس رجل قانون، فجنينة قد وضع الفريق عنان تحت طائلة القانون بتهمة «إفشاء أسرار الدولة» وهى تهمة ترتقى إلى حد الخيانة العظمى، وهو ما دفع محامى الفريق عنان إلى نفى تصريحات جنينة وتحميله المسئولية، وقيام سمير سامى عنان نجل الفريق بإعلانه مقاضاة جنينة على مجمل تصريحاته الأخيرة، التى وصفها بأنها تخدم أعداء الدولة وعلى رأسهم الإخوان.
القوات المسلحة تعاملت مع تصريحات جنينة بالحسم المعهود فأعلنت عبر بيان للمتحدث باسم الجيش العقيد تامر الرفاعى، بأن التصريحات التى أدلى بها جنينة مؤخرًا حول عنان تمثل جريمة تستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها. وقال البيان: «فى ضوء ما صرح به المدعو هشام جنينة حول احتفاظ الفريق مستدعى سامى عنان بوثائق وأدلة يدعى احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها حال اتخاذ أى إجراءات قانونية قبل المذكور، وهو أمر بجانب ما يشكله من جرائم يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، فى الوقت الذى تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن فى سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب». وأضاف: «وهو الأمر الذى تؤكد معه القوات المسلحة أنها ستستخدم جميع الحقوق التى كفلها لها الدستور والقانون فى حماية الأمن القومى والمحافظة على شرفها وعزتها، وإنها ستحيل الأمر إلى جهات التحقيق المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية قبل المذكورين».. وبالفعل تم إلقاء القبض على جنينة لتتولى النيابة العسكرية التحقيق معه. لم تكن تصريحات جنينة الأخيرة هى أول محاصيل «الخداع» التى زرعها فحصد نتيجتها «السجن» بل كانت له سقطات شهيرة، أبرزها معركة الأرقام الخاسرة عندما أطلق تصريحات إعلامية سبق له الإدلاء بها أثناء توليه رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات، وزعم فيها اكتشافه وقائع فساد بأجهزة الدولة تجاوزت الـ600 مليار جنيه خلال عام 2015 وحده. إلا أنه تراجع لاحقًا مؤكدًاً أن هذا المبلغ هو حصيلة الفساد خلال 4 سنوات، بداية من 2012 حتى 2015.. ولم يستوعب جنينة الدرس ولم يستفد من رحمة القدر به، حيث تم الاكتفاء بإقالته من الجهاز إثر تلك المحاولة الفاشلة لتشويه الدولة، وأصر جنينة أن يواصل مسلسل الخداع والأكاذيب فكانت النتيجة المنطقية.. السجن.