تفاصيل 11 معركة أجبرت إسرائيل على الركوع الطريق إلى نصر أكتوبر

ياسر نصر
6 سنوات و4 شهور.. هى الفترة التى عاشتها مصر من الهزيمة إلى النصر، من النكسة إلى العبور.. سنوات وشهور وأيام، مرت على أبطال قواتنا المسلحة وأنظارهم مصوبة نحو الشط الشرقى لقناة السويس وسيناء، فالأرض التى تشربت دماء زملائهم فى 5 يونيو تناديهم وهم بين فترة وأخرى يلبون النداء بتنفيذ عمليات نوعية وفدائية كبدت إسرائيل خسائر فادحة فى عناصرها البشرية وعتاد إلى أن جاء يوم 6 أكتوبر، ونجحت القوات المسلحة فى عبور خط بارليف والاستيلاء على العديد من نقاطه الحصينة واستعادة أجزاء كبيرة من الأراضى المحتلة.
الطريق إلى نصر أكتوبر بدأ مع انتهاء نكسة 5 يونيو أو حرب «الأيام الستة» كما أطلقت عليها إسرائيل، حيت سطر جنودنا العديد من البطولات الخالدة التى ستظل مضيئة كالنجوم فى سنوات الحرب الـ 6 التى تلت الهزيمة، والتى أطلق عليها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر حرب الاستنزاف والتى هدفت إلى إعادة بناء القوات المسلحة والاستعداد لحرب تحرير الأرض.
وخلال السنوات الثلاث الأولى بعد نكسة يونيو سطرت قواتنا المسلحة العديد من البطولات، وتمكنت فى تكبيد إسرائيل خسائر كبيرة بين القوات وفى المعدات، ونرصد فى التقرير التالى أبرز المعارك التى كانت المقدمة إلى انتصارات أكتوبر.
1 - رأس العش.. أول رد مصرى على هزيمة يونيو
تعد معركة رأس العش أولى المعارك التى خاضتها قواتنا المسلحة بعد هزيمة 67، ففى الساعات الأولى من صباح 1 يوليو 1967، تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس من القنطرة شرق فى اتجاه الشمال بغرض الوصول إلى بور فؤاد واحتلالها.
قال اللواء محمد عبدالغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته عن حرب أكتوبر: «فى اليوم الأول الذى تولى فيه اللواء أحمد إسماعيل قيادة الجبهة فى أول يوليو 1967 تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق- شرق القناة- فى اتجاه بور فؤاد- شرق بورسعيد- لاحتلالها، وهى المنطقة الوحيدة فى سيناء التى لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو. تصدت لها قواتنا، ودارت معركة رأس العش».
وأضاف: «كان يدافع فى منطقة رأس العش ـ جنوب بور فؤاد- قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلا، تقدمت القوة الإسرائيلية، تشمل سرية دبابات (عشر دبابات) مدعمة بقوة مشاة ميكانيكة فى عربات نصف جنزير، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التى تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذى ظل تحت السيطرة المصرية حتى حرب أكتوبر 1973».
وفى 4 يوليو 1967، حاولت إسرائيل الرد على معركة رأس العش بمحاولة لإنزال لنشات وقوارب فى قناة السويس فى مناطق القنطرة، وكبريت والشط، وبور توفيق، إلا أن القوات المصرية تصدت لها، وفشلت جميع محاولات العدو، الذى تكبد خسائر كبيرة، حيث تم إصابة 8 طائرات، و8 زوارق بحرية، فضلاً عن إصابة وتدمير 19 دبابة، و18 مركبة مدرعة، و27 مركبة محملة بالذخائر، وخسائر كبيرة فى الأفراد، فى حين كانت خسائر القوات المصرية 25 شهيدًا و 108 جرحي، وفى المعدات 3 طائرات، وزورقين بحريين.
2 - معارك المدفعية والقوات الجوية
خلال يومى 14 و 15 يوليو 1967، نفذت القوات الجوية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية فى سيناء، أحدثت فيها خسائر فادحة، وأدت إلى فرار بعض من الإسرائيليين من مواقعهم، كما ركزت المدفعية كل إمكانياتها فى قطاع شرق الإسماعيلية يوم 20 سبتمبر 1967، وتمكنت فيه من تدمير 9 دبابات، فضلا عن الإصابات فى الدبابات الأخرى وعربتى لاسلكي، وقاذف مدفعية صاروخية، بالإضافة إلى 25 قتيلاً و300 جريح منهم ضابطان برتبة كبيرة.
3 - إيلات.. عملية غيرت موازين الحرب البحرية فى العالم
يروى اللواء الجمسى تفاصيل تدمير المدمرة إيلات، قائلا: «جاء يوم 21 أكتوبر 1967 ووصلت إلى مركز قيادة الجبهة بعد راحة ميدانية، فوجدت اللواء أحمد إسماعيل ومعه العميد حسن الجريدلى رئيس عمليات الجبهة - وقد كنت أنا وقتها رئيس أركان للجبهة - يتابعان تحركات المدمرة الإسرائيلية إيلات بالقرب من المياه الإقليمية لمصر فى المنطقة شمال بورسعيد، كانت المعلومات تصلنا أولا بأول من قيادة بورسعيد البحرية التى كانت تتابع تحركات المدمرة.
ويضيف الجمسي: استعدت قوات القاعدة لمهاجمة المدمرة عندما تصدر الأوامر من قيادة القوات البحرية بالتنفيذ، وظلت المدمرة المعادية تدخل المياه الإقليمية لفترة ما ثم تبتعد إلى عرض البحر، وتكرر ذلك عدة مرات بطريقة استفزازية وفى تحرش واضح، لإظهار عجز قواتنا البحرية عن التصدى لها».
ويستطرد الجمسي: «وبمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدمير هذه المدمرة عند دخولها المياه الإقليمية، خرج لنشان صاروخيان من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة، هجم اللنش الأول بإطلاق صاروخ أصاب المدمرة إصابة مباشرة فأخذت تميل على جانبها، وبعد إطلاق الصاروخ الثانى تم إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» شمال شرق بورسعيد بعد الخامسة مساء يوم 21 أكتوبر 1967 وعليها طاقمها، وغرقت المدمرة داخل المياه الإقليمية المصرية بحوالى ميل بحري.
وسجلت عملية تدمير إيلات رقمًا قياسيًا، فهى المرة الأولى فى التاريخ الذى تدمر فيه مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ، فضلا على استخدام الصواريخ السطح سطح، وكان ذلك أول إطلاق للصورايخ «السطح سطح» فى العمليات البحرية، مما أدى لتغيير موازين الحرب البحرية فى العالم وتغير التكتيكات البحرية.
4 - مواجهات على شط القنال فى حرب الاستنزاف
خلال سنوات الاستنزاف، شهدت ساحة قناة السويس العديد من المعارك ففى سبتمبر 1968 أطلقت المدفعية المصرية النيران على الأهداف الخاصة بالجيش الإسرائيلي، ووصلت إلى 20 كيلو مترًا عمقًا فى شرق القناة، وبلغ عدد كتائب المدفعية التى اشتركت فى الهجمات 38 كتيبة لمدة ثلاث ساعات متواصلة من الرابعة والنصف إلى السابعة والنصف مساء، واستهدفت القصف خط بارليف، ومواقع الصـواريخ 216 مم، 240 مم، ومواقع المدفعية، ومناطق الشئون الإدارية، ومناطق تمركز الأفراد، وخسرت إسرائيل خلال هذا اليوم، 19 دبابة، و 8 مواقع صواريخ، وعشرات الدشم، فضلا على تعطيل 17 بطارية مدفعية.
وفى 26 أكتوبر تكررت قصفات المدفعية، وشاركت 23 كتيبة مدفعية، أطلقت نيرانها لمدة 70 دقيقة، لتدمير مواقع الصواريخ 216مم، 240مم، ونجح القصف فى تكبيد العدو العديد من الخسائر منها 49 فردا بين قتيل وجريح وتدمير وحدات الصواريخ.
وفى 8 مارس 1969 ألقت المدفعية المصرية 40 ألف قذيفة على خط برليف وعدد من النقاط المهمة للجيش الإسرائيلي، ونجحت فى تدمير 29 دبابة، و30 دشمة على خط برليف، وتدمير 20 من بطاريات المدفعية، ووقوع 6 حرائق فى أهم النقاط الإسرائيلية، واشترك فى الهجوم 34 كتيبة مدفعية، يعاونها حشد من أسلحة الضرب المباشر كالمدافع المضادة للدبابات، والدبابات الثقيلة عيار 122 مم.
ونظرا للنجاح الكبير الذى حققته المدفعية فى مواجهاتها على خط القنال، قرر الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة والذى أشرف على خطة تدمير خط بارليف، فى صباح يوم 8 مارس، أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى قرب نتائج المعركة، وانهالت نيران القوات الإسرائيلية فجأة على المنطقة التى كان يقف فيها وسط جنوده وانفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة وتوفى متأثرا بجراحه نتيجة للشظايا القاتلة.
5 - الخطة هدير لسد دشم خط بارليف
نفذت قوات الجيش الثانى فى 17 أبريل 1969، الخطة هدير، بتوجيه مدافع الدبابات الثقيلة إلى فتحات المراقبة والتسديد لدشم خط بارليف لتخترقها، ونجحت الخطة، وكان الرد الإسرائيلى بالإغارة يوم 29 أبريل 1969 على محطة محولات نجع حمادى للمرة الثانية، وإسقاط عبوات ناسفة زمنية قرب إدفو أصابت بعض المدنيين.
6 - الرفاعى يثأر لعبدالمنعم رياض
شنت القوات المصرية غارات على نقط الجيش الإسرائيلي، أحدثت خسائر فى نقطتى شمال البلاح والشط وجاء الهجوم على نقطة لسان التمساح شرق مدينة الإسماعيلية- النقطة التى أصابت الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض- بمثابة الثأر من القوات الخاصة المصرية بقيادة المقدم إبراهيم الرفاعي، كما تم تفيذ هجوم ليلة 8 يوليو 1969، ونجحت القوات المصرية فى إصابة 30 جنديا إسرائيليا، ودمرت دبابتين، ونسفت 4 دشم، وفى ليلة 14 يوليو تم مهاجمة نقطة لسان بور توفيق بالتزامن مع مهاجمة النقطة القوية فى منطقة القرش شمال الإسماعيلية، ونتج عن هجوم لسان بور توفيق قتل وجرح 40 إسرائيليا، وتدمير خمس دبابات وأربع دشم، وأسير واحد.
7- قصف بالوظة ورمانة
كان للقوات الإسرائيلية على الساحل الشمالى لسيناء موقعان، أحدهما لتجمعات إدارية فى منطقة رمانة، والثانى موقع صواريخ هوك فى بالوظة، وتجمعات شئون إدارية فى شرقى بورسعيد بحوالى 40 كيلومترًا، وصدرت التعليمات بتدميرهما، بوساطة المدمرتين الناصر ودمياط، بالتعاون مع لنشات الطوربيد والصواريخ، ليلة 8 ـ 9 نوفمبر 1969.
غادرت المدمرتان ميناء الإسكندرية، ووصلتا أمام فنار البرلس عند الغروب، واستكملتا إبحارهما شرقًا والتقيتا أمام بورسعيد بمجموعة من لنشات الطوربيد والصواريخ، التى قامت بواجب الحراسة، ثم استكمل التشكيل إبحاره للوصول إلى الموقع فى الساعة الحادية عشرة، مساء يوم التنفيذ.
تضمنت الخطة بدء فوج المدفعية المتمركزة فى قاعدة بورسعيد، فى ضرب الموقع الإسرائيلى شرق بورفؤاد، حتى يتيقن الإسرائيليون من أن الضرب يأتيهم من اتجاه بورسعيد، وفى ذلك الوقت تكون المدمرات وصلت موقع ضرب منطقتى رمانة وبالوظة، وتمت العملية طبقًا للمخطط تمامًا، وبدأت رحلة العودة إلى الإسكندرية، ولكن بعد خمس دقائق ظهر هدف جوي، يحوم فوق المدمرات، وبعد ربع ساعة ظهرت الطائرات الإسرائيلية، من نوع فانتوم وسكاى هوك وتمكنت المدمرة دمياط من تفادى الهجوم الجوي، وكذلك لنشات الطوربيد والصواريخ تمكنت من دخول بورسعيد، أما المدمرة الناصر فكانت هدفا للهجوم الجوى من المقاتلات الإسرائيلية، واشتبكت مدفعيتها مع الطائرات المغيرة، ولكنها استطاعت أن تصل ميناء الإسكندرية سالمة.
8 - السبت الحزين.. الجيش ينتقم لأطفال بحر البقر
يعد كمين السبت الحزين (30 مايو 1970) من أهم العمليات العسكرية خلال حرب الاستنزاف، وتم تنفيذ الكمين فى منطقة رقبة الوزة شمال القنطرة حتى جنوب بورسعيد وخطط للثأر لأطفال بحر البقر، واشتركت فيه مجموعة قتال من اللواء 135 مشاة ومجموعة قتال من الكتيبة 83 صاعقة، وحددت قيادة موحدة للقوتين وعبرت القوات ليلا، واحتلت مواقعها لاصطياد مجموعات الإجازات للجنود الإسرائيليين، التى تحرسـها قوات مقاتلة مكونة من الدبابات والعربات المدرعة، وعند الظهر، خرجت على طريق القنطرة مجموعة القتال الإسرائيلية، المكونة من 4 دبابات، 4 عربات مدرعة، وحافلتى ركاب إجازات.
كان على الكمين الرقم 1 المكون من عناصر الصاعقة عدم التعرض لها، وتركها تمر إلى أن تصل إلى الكمين الرقم 2 فى منطقة جنوب التينة، حيث يفتح عليها أقصى معدلات النيران، وجرى تنفيذ ذلك، وأصيبت دبابتان وعربة مدرعة وحافلة. وحاول الجزء المتبقى الهروب والعودة إلى القنطرة ليقع فى شراك الكمين الرقم 1، وانقضت عناصر الصاعقة لتجهز على ما تبقى من القوة، وأسر فردين، وتدمرت الدبابات والعربات، وقتل وجرح حوالى 35 إسرائيليا.
ويقول سامى شرف فى مذكراته إنه لم يشاهد الرئيس جمال عبدالناصر يضحك من يوم نكسة يونيو إلا فى يوم السبت الحزين.
9- أسبوع تساقط الفانتوم
فى أواخر 1969 تم تزويد إسرائيل بطائرة أمريكية حديثة، وكانت أول طائرة تستخدم أنظمة الحرب الإلكترونية بتجهيزات إلكترونية حديثة، وهو ما دفع القوات المصرية إلى إنشاء حائط الصواريخ وهو عبارة عن تجميع قتالى متنوع من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، داخل مواقع ودشم محصنة رئيسية، وتبادلية، وهيكلية، قادرة على صد وتدمير الطائرات المعادية من طراز «فانتوم» و«سكاى هوك».
وتمكنت قوات الدفاع الجوي، اعتبارا من 30 يونيو وخلال الأسبوع الأول من شهر يوليو 1970 من إسقاط 24 طائرة فانتوم وسكاى هوك وأسر 3 طيارين إسرائيليين، وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم.
01- الحفار «كينتنج».. خطة المخابرات للرد على غطرسة إسرائيل
لم تتوقف العمليات العسكرية للقوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف داخل الحدود المصرية فقط، بل نفذت العديد من العمليات العسكرية الناجحة خارج البلاد، وفى مقدمتها الحفار «كينتنج»، فيعد الإعلان عن تكوين شركة «ميدبار» وهى شركة إسرائيلية أمريكية إنجليزية قامت باستئجار الحفار «كينتنج» والذى أعلنت إسرائيل عزمها فى استخدامه لاستخراج البترول من خليج السويس، وهو ما دفع مصر للإعلان عن عزمها مهاجمته بسلاح الجو عند دخوله البحر الأحمر.
وقتها.. تقدم جهاز المخابرات المصرى باقتراح إلى الرئيس جمال عبدالناصر بضرب الحفار خارج حدود مصر بواسطة عملية سرية، فى داكار بالسنغال، وبعد وصول الضفادع بقيادة الرائد خليفة جودت، فوجئ الجميع بالحفار يطلق صفارته معلنا مغادرته للميناء، باتجاه أبيدجان التى وصلها فى فجر 6 مارس 1970 بالتزامن مع مهرجان ضخم لاستقبال عدد من رواد الفضاء الأمريكيين الذين يزورون أفريقيا لأول مرة، واستغلت الضفادع البشرية ذلك لانشغال السلطات الوطنية بتأمين رواد الفضاء.
تجمعت الدفعة الأولى من الضفادع مكونة من 3 أفراد هم الملازم أول حسنى الشراكى والملازم أول محمود سعد وضابط الصف أحمد المصري، بالإضافة إلى الرائد خليفة جودت وبقى أن يصل باقى المجموعة حيث كان مخططا أن يقوم بالعملية 8 أفراد، وتم تنفيذ العملية دون انتظار وصول باقى الرجال، ونزلت الضفادع المصرية من منطقة الغابات وتلغيم الحفار وسمع دوى الانفجار بينما كان أبطال الضفادع فى طريق عودتهم إلى القاهرة.
11 - 3 غارات على ميناء إيلات لتدمير «بيت شيفع»
نجحت الضفادع البشرية من القوات البحرية المصرية بالتعاون مع المخابرات العامة خلال حرب الاستنزاف فى القيام بالعديد من العمليات العسكرية، ومن أبرزها ثلاث عمليات فى ميناء إيلات الإسرائيلى لتدمير السفينة بيت شيفع وناقلة الجنود بات يم والرصيف الحربى لميناء إيلات.
كانت العملية الأولى فى 16 نوفمبر 1969، بتشكيل ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية كل مجموعة مكونة من فردين (ضابط وصف ضابط) وسافروا إلى ميناء العقبة الأردني، والخروج بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة ثم السباحة إلى الميناء لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربى فتم تلغيم سفينتين إسرائيليتين هما (هيدروما ودهاليا)، واستشهد فى العملية الرقيب فوزى البرقوقى نتيجة إصابته بالتسمم بالأكسجين، وقام زميل مجموعته الملازم أول بحرى نبيل عبدالوهاب بسحب جثمانه حتى الشاطئ، فسبح بها 14 كيلومتراً متواصلة من الساعة الواحدة صباحاً إلى الساعة السابعة صباحاً.
أدركت إسرائيل أن المصريين تمكنوا من الوصول إلى إيلات وأنهم يريدون «بيت شيفع» و«بات يم» فأصدروا تعليمات للناقلتين بعدم المبيت فى ميناء إيلات بحيث تقوم بالتجول فى البحر بداية من آخر ضوء وحتى أول ضوء، وقامت الناقلتان تحت الغطاء الجوى بالهجوم على جزيرة شدوان وأسروا عدداً من الرهائن واستولوا على كميات كبيرة من الذخائر، ونقلوها بواسطة «بيت شيفع» وأثناء تفريغ الذخيرة انفجر بعضها مما أدى لمقتل 60 إسرائيليًا وتعطل باب الناقلة الذى كان يعمل بطريقة هيدروليكية.
وقدرت إسرائيل أن المصريين سيستغلون فترة وجود الناقلتين بالهجوم عليهما فتم عمل تجهيزات لإعائقة أى هجوم محتمل وإغلاق الميناء بالشباك وتحريك لنشات لضرب عبوات ناسفة مضادة للضفادع البشرية وخرجت الطائرات الهليكوبتر لإطلاق قنابل مضيئة للرؤية ووضع كشافات قوية جداً حول الناقلتين.
وحصلت القوات البحرية على الضوء الأخضر للقيام بعملية قبل إصلاح الناقلة، وتم تشكيل مجموعتين الأولى بقيادة ضابط بحرى عمرو البتانونى وكان برتبة ملازم أول ومعه الرقيب على أبوريشة والثانية بقيادة الملازم أول رامى عبدالعزيز ومعه الرقيب محمد فتحى وتحركوا من الإسكندرية بمعداتهم إلى العراق، واستقبلهم أعضاء من منظمة فتح الفلسطينية ومنها إلى عمان فى الأردن، وقاموا بالمبيت لليلة واحدة خلالها جهزو الألغام (لغم مع كل فرد) والمعدات وانتقلوا إلى ميناء العقبة واستقبلهم ضابط أردنى برتبة رائد تطوع للعمل معهم، ودخلوا المنطقة العسكرية الأردنية والتجهيز النهائى ونزلوا الماء بالفعل فى الساعة الثامنة والثلث مساء 5 فبراير 1970 بدون عوامة واعتمدوا على السباحة والغطس وفى منتصف المسافة واكتشف الرقيب محمد فتحى أن خزان الأكسجين الخاص به أوشك على النفاد فتم اتخاذ قرار بعودته إلى نقطة الإنزال فى العقبة وأكملوا المهمة بدونه إلى أن وصلوا فى منتصف الليل إلى ميناء إيلات بعد السباحة والغطس لنحو 5.5 ميل بحري.
وفى الساعة 12.20 مروا من تحت الشباك، وهجم الملازم أول رامى عبدالعزيز بمفرده على «بات يم»، بينما هجم الضابط عمروالبتانونى والرقيب على أبو ريشة على الناقلة «بيت شيفع» وقاموا بتلغيمهما وضبطوا توقيت الانفجار على ساعتين فقط بدلا من أربع ساعات كما كانت الأوامر تنص، وفى الساعة الثانية من صباح يوم 6 فبراير بدأت الانفجارات تدوى فى إيلات وخرجت الدوريات الإسرائيلية للبحث عن منفذى الهجوم ولكنهم وصلوا بنجاح إلى الشاطئ الأردني.
سارعت إسرائيل إلى إصلاح ناقلة الجنود «بيت شيفع»، وما أن وصلت المعلومات من المخابرات الحربية تفيد أن السفينة أصبحت تغادر الميناء كل ليلة وتعود إليه فى الصباح وكان لابد من إيجاد وسيلة لتعطيل «بيت شيفع» عن الإبحار وإرغامها على قضاء ليلتها فى ميناء إيلات ولو لليلة واحدة حتى يمكن مهاجمتها وإغراقها.
وتلخصت الفكرة فى وضع لغمين كبيرين يحتوى أحدهما على 150 كيلو جرام من مادة الهيلوجين شديدة التفجير على القاع أسفل الرصيف الحربى الذى ترسو عليه ناقلة الجنود «بيت شيفع» عند دخولها إلى الميناء صباح يومياً فيتم وضع اللغمين منتصف الليل ويضبط جهاز التفجير على 12 ساعة أى أن انفجار الألغام يحدث نحو الساعة الثانية عشر ظهراً، ففى هذا الوقت لابد وأن تكون «بيت شيفع» راسية بجوار الرصيف الملغوم وتحدد يوم السبت 14 مايو 1970 لتنفيذ العملية وتم وضع اللغمين ولكن اللغم الأول انفجر مبكراً عن موعده فى الساعة السابعة و35 دقيقة من صباح يوم 15 مايو، وفى الوقت نفسه تأخر وصول الناقلة «بيت شيفع» حتى الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق، أما اللغم الثانى فانفجر فى الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم 15 مايو وادى الانفجار إلى تدمير الرصيف الحربى لميناء إيلات.