الخميس 4 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

42 كفيفة مصرية يبهرن العالم بـ«العزف المحترف»

42 كفيفة مصرية  يبهرن العالم بـ«العزف المحترف»
42 كفيفة مصرية يبهرن العالم بـ«العزف المحترف»


فقد الرؤية ليس مبررًا للإحباط والانزواء، بل غالبا ما يكون محفزًا للتميز والإنجاز كما فعلت فتيات النور والأمل  اللائى أخرجن الأمل  بنوره الساطع من  رحم اليأس، فوصفهن وزير الشئون الاجتماعية بالنمسا بـ«المعجزة الإنسانية»، وقال عنهن محافظ مدينة  لينز: «إن أوركسترا النور والأمل يعتبر أجمل حدث لمدينتنا فى العصر الحديث».
هؤلاء هن فتيات «النور والأمل» اللاتى جمعتهن الموهبة والمعاناة معًا فجاهدن فى الانتقال من الظلمة للنور، فكل منهن رأت ذاتها فى آلة موسيقية، تناغمت معها غير مباليات بنظرات وتساؤلات البعض من حولهن: هل هن كفيفات أم مبصرات؟!.

يجلسن كل فى موقعها بحسب مكان الآلة، فى قلب القاعة يلتف فى دائرة عازفات الكمان، على يمينهن عازفات الكونترباص، وفى الخلف يأتى الأيبوا وآلات الإيقاع، ويتركونك تطلق العنان لخيالك وتتعايش مع الأنغام.
عدد من السيدات المصريات «الكفيفات» تعلمن الموسيقى وأجدن عزفها بكل ألوانها منذ أن بلغن الثامنة فى معهد الموسيقى التابع لجمعية «النور والأمل» ووصل عددهن إلى 42 فنانة مميزة تتهافت عليهن الفرق الدولية، ويمثلن مصر فى كثير من المحافل، قابضات على الآلات كما يقبضن على أحلامهن.
لتكتمل سلسلة العازفين المكفوفين  الذين شغلوا الدنيا بمقطوعاتهم وألحانهم، مثل الشيخ إمام وسيد مكاوى فى مصر، وغيرهما من  المبدعين الذين تركوا بصمة فى تاريخ الفن من مختلف الدول.
نجاة رضوان، مدير معهد الموسيقى بالجمعية، أكدت أن الفرقة هى الأوركسترا الوحيدة فى العالم المكونة من كفيفات، يتم تدريبهن منذ المرحلة الابتدائية فى معهد الموسيقى، وظل عددهن يتزايد حتى وصل من 15 عازفة إلى أوركسترا كامل من السيدات تتراوح أعمارهن بين 15 و40 عامًا يلعبن كل الأنواع الموسيقية.
ولأن مهارتهن مثيرة للذهول، وقهرهن للظروف فاق التوقعات استطعن السفر إلى 32 دولة فى العالم للعزف فأصبحت فرقة النور معروفة عالميًا بينما لا يسمع عنها أحد محليًا.
الفرقة- بحسب نجاة- اكتشفت نفسها وحققت ذاتها من نجاحها فى الخارج, أما فى مصر فلا يعرفها أحد، ورغم المحايلات المتتالية من  الجمعية على وزارة الثقافة للعناية بالفرقة وشملها ضمن خطتها فإن الأمر ينتهى بلا فائدة ودائمًا توضع الفرقة فى قائمة المهملات.
الجميعة وفرت للعازفات ميزة الدراسة المزدوجة فى الصباح يدرسن وفى المساء يتدربن فى المعهد ويتم اختيارهن من الصف الثانى الابتدائى حتى يستطعن تعلم طريقة «برايل» فيقرأن النوتة وتختبرهن  لجنة من «الكونسيرفتوار» ومن تنجح تنضم إلى الأوركسترا.
مديرة المعهد أشارت إلى أن خريجات المعهد يحصلن على شهادتين، ثانوية عامة، وثانوية موسيقية، ومن ثم لديهن حرية الاختيار حينها سواء دخول الكليات العادية أو كليات ومعاهد الموسيقى.
الفرقة قدمت فى دار الأوبرا المصرية وعلى مسرح الجمهورية العديد من الحفلات الموسيقية التى أبهرت الحاضرين ولكن يقف التقييم عند حد الإبهار.
ولأن الموسيقى هى غذاء الروح،  اعتبرت عضوات الفرقة أشبه بتعويض عن فقد البصر يستمررن فى تنميتها لتضىء روحهن مع كل نغمة، لذلك يتدربن مرتين أسبوعيًا طوال العام؛ خصوصًا أن تدريبهن يختلف تماما عن المبصرين، فلا بد أن تُكتب المقطوعة أو النوتة  بطريقة برايل أولا ثم تحفظها كل عازفة بشكل منفرد.
كما توضح  العازفة بسمة سعد، إحدى عضوات الفرقة، عن التحاقها بالمعهد فى السابعة من عمرها بعد دعم من أسرتها لتنمية موهبتها وشغفها بالموسيقى، لافتة إلى أنه بمجرد دخولها المكان اكتشفت أن المستحيل ممكن أن يتحقق، فتجاوزت اختبار اللجنة المخصصة فى البداية لدخول المعهد، ثم تعلمت قراءة النوتة بطريقة برايل كبدايات، هذا بجانب الدراسة العادية فكانتا تسيران بشكل متوازٍ.
بعد تعلمى قراءة النوتة بدأت فى تحديد أى من الآلات الموسيقية المناسب لى بواسطة اللجنة، فهى ترتكز على كل أعضاء الجسد  وليس فقط الموهبة «من فم- عيد- يد» وبمجرد اختيار آلة الكمان لى، خضت مرحلة مختلفة تمامًا وهى مرحلة تعلم النظريات الشاملة  والقواعد الموسيقية بشكل أكاديمى.
ومن حسن حظى تطبيق فكرة المايسترو الراحل «أحمد أبوعيد» صاحب نظرية الأوركسترا النونو.. الذى من خلاله قسم إلى فئات الصغار واقتصرت على الأطفال فى المرحلة الابتدائية، ثم المتوسطين وشملت إعدادى وثانوى، وأخيرًا الكبار وضمت القادرين على لف العالم والعزف فى أرجائه.
فى البداية لم يكن يعرفنا أحد لكن إحياء العديد من الحفلات مع وسائل التواصل الاجتماعى وحضور عدد من الوزراء فى هذه الحفلات زاد من نجمنا وأصبح الوضع أفضل وإن كان قليلاً.
شاركت- بحسب بسمة- فى العديد من الحفلات الدولية مع الفرقة وحققنا نجاحًا سمعناه فى حديث الناس عنا، حصلت على ليسانس آداب تاريخ جامعة عين شمس، ولم أتوقف عند هذا الحد ظل حبى للموسيقى يغمرنى ودفعنى للدراسة الموسيقى «أون لاين» بإحدى الجامعات فى إنجلترا بشهادة معتمدة.
آمال فكرى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمعهد، قالت إنه يتم اختيار العازفات اللاتى يعزفن على آلات موسيقية متشابهة يتدربن بشكل جماعى، وتستخدم الفرقة الوتريات وآلات النفخ الخشبى والنحاسى والإيقاع، ولكل فتاة الآلة المناسبة لبنيتها الجسمانية ومهارتها فى العزف.
ورغم أن أعضاء الفرقة من السيدات فقط فإن المدربين جميعهم رجال مبصرون، يدربون البنات ويصقلون موهبتهن؛ خصوصًا أنهن يتعلمن الموسيقى الغربية التى تحتاج إلى اللعب على النوتة وليس مجرد شيء سماعى وبالتالى كتابة كل مقطوعة بالبرايل أمر شاق يحتاج إلى مهارة وإتقان من المتدربين والعازفات وقد يحقق الأمر.
وأشارت إلى أن إصرار الفتيات، الذى هزم أى صعاب عليهن أثناء التدريبات طوال العام، جعلهن من وجهة نظر المدربين أفضل من المبصرين فى العزف؛ خصوصًا فى الوتريات والكمنجة التى يتدربن عليها منذ الصغر حتى استطعن إتقانها، لكن باقى الآلات تحتاج إلى مجهود أقل فنسمح بانضمام من تريد من خارج الجمعية  للأوركسترا.
وتتابع: الفتيات وجه مشرف لمصر، لكن وزارة الثقافة ترفض الاعتراف بنا، الفرقة قدمت عروضًا فى اليوم العالمى للموسيقى  فى مدينة كوفريه بفرنسا 2009 بالإضافة إلى تقديمهن عرضا أوبراليا بعنوان «أيام وليالى شجرة القلب» الذى ألفه الفرنسى الجزائرى طارق بن ورقة فى نوفمبر 2015 فى قاعة «غافو» فى باريس.
كما قدمن حفلات كثيرة على أكبر المسارح فى العالم، فى كندا وفرنسا وألمانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا والمجر والنمسا والهند وأستراليا، حظين خلالها بحفاوة كبيرة، وتلقين إعجابا جارفا.
واستمرارًا لمسلسل النجاح الذى حققته الفرقة ستمثل مصر فى ثلاث حفلات فى الصين.
فى النهاية ستظل فرقة «النور والأمل» تحقق النجاح باستمرار وتحتفى بها شعوب الدول الأخرى المقدرة للفنون وستظل مبهمة على الجميع فى مصر تتحايل على وزارة الثقافة من أجل الاهتمام أو الاعتراف بها.>