الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لا ترضخوا لشرط إغلاق «الجزيرة»!

لا ترضخوا لشرط إغلاق «الجزيرة»!
لا ترضخوا لشرط إغلاق «الجزيرة»!


فيما تباينت ردود أفعال التقارير الصحفية «العبرية» حول تداعيات الحصار والمقاطعة العربية للدويلة «القطرية» الداعمة للإرهاب؛ سيطرت النظرة البرجماتية على رؤية دوائر صنع القرار فى إسرائيل.. إذ رأت «تل أبيب» أن الوضع الخليجى الحالى يمثل فرصة «رائعة» بالنسبة لها إذا ما تعاملت بهدوء، وحنكة.. وهو ما بدا واضحا بين تقديرات الموقف التى أنتجها كل من: معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى ومركز «بيجن- السادات» للدراسات الاستراتيجية، اللذان يعدان من أهم مراكز صنع القرار لدى الكيان الصهيوني.

خاصة أن الأخير- أى مركز «بيجن- السادات»- اتخذ نهجا معاديا تجاه الدول العربية المقاطعة لقطر، الذى عنون أحد تحليلاته، بأن ما يحدث ضد «قطر» يعد ضعفًا عربيًا من قبل الدول الأخري!
بل وادعى أيضاً، ما بين السطور، أن العالم العربى السني، غير قادر على فرض نهجه الأساسي، على شبه جزيرة صغيرة، أى «قطر»، هو مؤشر على أزمة عميقة فى الخليج، وهو عدم وجود قيادة حقيقية فى العالم السني!
كما اعتبر عدد من المحللين الإسرائيليين والأمريكيين أن قطر شبيهة بالكيان الصهيوني، فمن وجهة نظرهم، أن قطر فى التاريخ الحديث هى الإمارة الصغيرة، التى تلعب على كل الأطراف، فنفذت سياسة خارجية، وصفوها بالطموحة جداً، وأنها فى السنوات الأخيرة، لعبت فى بطولات سياسية كبري.
وأشارت المراكز البحثية الإسرائيلية إلى ضرورة دعم قطر، خاصة من جانب «الولايات المتحدة»، التى أكدوا مرارا وتكرارا، بأن تكون أكثر حذرا فى اتخاذ إجراءات ضد قطر، ثم قسموها إلى عدة أسباب أهمها:
أولا: السياسة القطرية.. وهى ذات شقين:
فإلى جانب دعم المنظمات الإرهابية، التى تعمل على تقويض الأنظمة الحالية، وتغذية الحروب الأهلية، وتشغيل آلات الإرهاب، وإلحاق الضرر بالمصالح الحيوية للاعبين الإقليميين المهمين، من التحالف العربى المعتدل بقيادة «مصر، والمملكة العربية السعودية»، فإن «قطر» تتمتع بدعم، ورعاية «الولايات المتحدة»، كونها تعمل كوسيط بين الغرب، وإيران، لصلتها الجيدة بها، كما تتمتع أيضاً بقدرة على التأثير على حركة «حماس».
فهى من وجهة نظرهم، تتبع سياستها المستقلة، بشأن تلك القضايا الثلاث، فهى عنصر مزعزع للاستقرار، تلعب على جميع العناصر، ضد الجماعة الوسطية.
وأكدوا أن هذه الازدواجية، هى حجر الأساس فى استراتيجية بقائها، بالرغم من كونها ضعيفة عسكرياً، وتعد مهددة من قبل العديد من اللاعبين الإقليميين الأقوياء، سواء كانوا دولاً، أو كيانات غير حكومية.
وأوضحوا أن تلك الازدواجية، تجعل من الصعب على الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، اتخاذ إجراءات ضد سلوك دولة «قطر» الخطير، والمخيف أحياناً، فموقعها الجغرافى الاستراتيجى بين «إيران، والمملكة العربية السعودية»، يجعل من الصعب على بعض السلطات، مثل «الولايات المتحدة»، التى لها مصالح اقتصادية، وأمنية كبيرة فى قطر، تجاهلها، خاصة أن قطر تستضيف المقر الرئيسى للقيادة المركزية الأمريكية، وهى موطن لأكبر قاعدة للقوات الجوية الأمريكية، فى الشرق الأوسط كله.
وأشاروا إلى إظهار «الولايات المتحدة»، فى الماضي، قدرتها على ممارسة الضغط على قطر، لكن الآن، بسبب تواصل «قطر»، مع مختلف الجماعات الراديكالية، مثل «طالبان، وداعش، حماس، وغيرهم»، بات من الضرورى على «الولايات المتحدة» أن تتحرك بعناية للتفاوض معها.
لكن فى الوقت نفسه، هذا لا يمنع احتياج «قطر»، إلى «الولايات المتحدة» بنفس القدر، كونها تزودها بالدفاع اللازم.
 ثانياً: فى مجال الطاقة، وقضية الغاز على وجه التحديد، إذ باتت تدعى قطر باسم «قطر الغنية بالغاز»، أو «دولة الغاز الخليجية»، فى الإعلام الإسرائيلي.. وأوضحوا أن القوة الاقتصادية، تعد استراتيجية ممتازة، لبقائها على قيد الحياة، بسبب الثروة النفطية الهائلة، وتمتعها بنفوذ إقليمى كبير، نظراً لمواردها الضخمة من الغاز الطبيعي. وأكدوا بأنهم مبهورون، لأنها تستطيع استغلال هذا الأمر لصالحها بشكل مبهر.
وأشاروا إلى أن «قطر» فى الماضي، كان لها بعض التأثير، على الحكومة الإسرائيلية من تلك الناحية، وافتخرت «الدوحة» حينها- حسب زعمهم- بالعلاقات المفتوحة مع الحكومة الإسرائيلية، وهى نوع من التطبيع بحكم الأمر الواقع، الذى ميزها عن المشهد العربى العام.
ثم أوضحوا السر، الذى سيجعل دول «أوروبا، وآسيا»، منحازين للجانب القطري، فى سياق جمل متنوعة.
يمتد عملاء «الدوحة»، الذين يستوردون الغاز الطبيعي، من «بريطانيا إلى اليابان»، فهى تملك ثالث أكبر احتياطى غاز فى العالم، كما أنها عضو فى منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، على الرغم من إنتاجها القليل نسبياً من النفط، وعليه أرجحوا أنه لن يوقف هؤلاء دعمهم لقطر، حتى لا تضر مصالحهم الشخصية.
ثالثاً: الجانب الإعلامى القطري، إذ سببت أزمة إغلاق قناة الجزيرة القطرية، التى أثارت قلق الكيان الصهيونى فترة، كونها أحد أهم وسائل الاستخبارات الإسرائيلية، والأمريكية، حسب تصريحاتهم غير المباشرة.
وذكرت جريدة «يديعوت أحرونوت»، أنه بعد إغلاق «الأردن، والمملكة السعودية» مكاتب الشبكة القطرية فى بلادهم، درست الحكومة الإسرائيلية خطوة مماثلة؛ إلا أن القناة هددت بتقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد هذه الخطوة. كما أمرت الاستخبارات الإسرائيلية بعدم غلقها، فنظر رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتانياهو»، فى قضية إغلاق مكتب تليفزيون الجزيرة القطرية، أثناء اجتماع دعا فيه مسئولى المكتب الصحفى الحكومى الإسرائيلي، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، وجهاز الأمن العام الإسرائيلى الـ«شاباك»، وبقية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لدراسة هذه القضية.
وبالرغم من زعم الكيان الصهيونى فى الماضى إغلاق القناة، لأنهم رأوا أنها تدعم حركة «حماس»، إلا أن الجريدة علقت أن مخاوف اتخاذ مثل هذه الخطوة، ستكون كارثة فى العلاقات العامة بالنسبة لإسرائيل.
لكنها أوضحت سببين أهم لقلقهم، السبب الأول هو، أن معظم موظفى قناة الجزيرة، داخل إسرائيل، الذين يبلغ عددهم 34 موظفاً، هم مستوطنون إسرائيليون، وبالتالى حقهم فى حرية العمل فى البلاد، وهو محمى بموجب القانون الأساسى عندهم، وهى «حرية المهنة».
والسبب الثاني، هو أن قناة الجزيرة ستستأنف أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية، ضد أى تحرك لإغلاقها، بحق حرية الصحافة هناك. مما يثير التساؤل حول سر تنديد القناة بهذا القرار؟!
ومن جانبه، دافع مدير مكتب قناة الجزيرة فى «القدس»، «وليد العمري»، عن الشبكة، فى تصريح رسمى مع الجريدة، يوم الثلاثاء الماضي، قائلاً: «نحن لا نحرض ضد إسرائيل، أو أى شخص آخر».
وأضاف: «نحن ننقل كل ما يحدث لمشاهدينا، ولجمهورنا فى إسرائيل، ونضع الناس من الحكومة، والمعارضة، اليمين واليسار، وحتي، المستوطنين، ونسلط  الضوء على الأحداث، وحتى رئيس الوزراء نفسه، كان على قناتنا، عندما كان رئيسا للمعارضة فى عام 2009.
واستنكر تفكير الحكومة الإسرائيلية، فى إغلاق مكاتب الشبكة القطرية، معتبرها شكلاً من أشكال التحريض. مما يعد دليلاً آخر كافياً، يثبت قوة العلاقة بين الجانبين.
وأضاف العمري: «لا أعرف لماذا تفكر إسرائيل بالانسحاب، بعد كل ما يحدث فى العالم العربي.. الجزيرة هى هيئة إعلامية، تعمل بشكل قانوني، فى إسرائيل، وفى دول أخرى فى العالم».
كما صرح  أيضاً، لجريدة «جيروزاليم بوست»، أن فكرة إغلاق مكاتب الجزيرة أمر غير عادل، وقد أفردت الجريدة مساحة كبيرة وخصصت تقريراً كاملاً للدفاع عن القناة.
وأعربت عن وجهة نظرها، التى تحركها الحكومة الإسرائيلية، كحال بقية الصحف الإسرائيلية، أن القناة تعد إمبراطورية، بقدر ما هى منظمة الأخبار، فتحظى بعشرات من المكاتب، بما فى ذلك واحد فى «القدس»، وتقدم أيضاً باللغة الإنجليزية، كما يعمل بداخلها أكثر من 3000 موظف، لهم قدرة غير عادية فى وضع الخطاب السياسى داخل إطار.
وبينوا أن جزءًَا من مهمة هذه الإمبراطورية، هو تقديم دروس عربية محفزة للناطقين باللغة الإنجليزية، والفرنسية على موقعها الإلكتروني، والتى يستفيد منها بعض الطلاب الإسرائيليين، ولكن بعض الدروس تأتى من نفس الفكر الذى تستخدمه الجزيرة فى نشرها الأخبار وبالتالى فإن التعليمات تصبح وسيلة أخرى لنشر رسالتها.
واستمرت الجريدة بعزف مقطوعات ترسم بها مدى أهمية القناة بالنسبة لهم، وبالرغم من أن كل ما ذكرته من أسباب غير منطقية لهذا الشغف، خاصة أن جميع القنوات الإخبارية، سواء العربية، أو العالمية، تستطيع تقديم أكثر مما ذكرته الجريدة عنها.
ففكرة أنها نافذة على العالم، وتقدم الأخبار بلغة أخري، وأنها تثقيفية أمر يستطيع الكيان التقاطه من أى قناة أخري.
وأعربت عن قلقها من أن تنصاع قطر لأوامر مقاطعيها، وتغلق القناة، لأنها ستؤثر على طلاب وسائل الإعلام العربية فى الجامعة العبرية، الذين يستخدمونها كأداة للتعليم!
ولكن هل حقاً هذا هو السبب؟! هل من الصعب على الكيان الصهيونى ألا يحظى بأى قنوات إخبارية ناطقة بالعربية لطلابه حسب زعمهم؟!
على كل، السبب الرئيسى «الخفي»، توجد إجابته الحقيقية عند جهاز الاستخبارات الإسرائيلى فقط.. إذ حذر الرئيس السابق لوحدة 8200 الاستخباراتية الإسرائيلية، المسئولة عن التجسس الإلكتروني، «حنن جفن»، من اتخاذ أى خطوة ناحية إغلاق قناة الجزيرة، ناصحاً رئيس الحكومة الإسرائيلية بعدم التفكير فى هذا الأمر، لأنه عكس المصالح الصهيونية.
واكتفى العقيد المتقاعد بتصريح صغير، يحمل وراءه معنى كبيرًا، إلى موقع «إسرائيل ديفينس»، إذ قال إن قناة الجزيرة، هى أداة إعلامية ممتازة للحكومة الإسرائيلية!!
وأضاف أنها على صعيد آخر تستعرض الحروب الأهلية فى دول «ليبيا، وسوريا، والعراق، واليمن» بالتفاصيل المطلوبة. كما تنشر مقالات طويلة عن الفقر، والمعاناة، فى مختلف أنحاء العالم العربي! 