الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

استفت «المترو» ولو أفتوك

استفت «المترو» ولو أفتوك
استفت «المترو» ولو أفتوك


 لدينا هوس دينى، نريد إدخال الدين فى كل شيء، لا نفكر فى العمل بقدر تفكيرنا فى الدين، هذه ليست دعوة لترك الدين بالتأكيد، لكن الدين أيضًا يحث على العمل، ومن منطلق سيطرة الدين على كل شيء، أصبحت هيئة مترو الأنفاق تفكر فى تقديم خدمات دينية فى المحطات، بالإضافة إلى تقديم مواد دينية مسموعة فى إذاعتها، ووصل الأمر إلى إنشاء دار للإفتاء فى المحطة الرئيسية للخط الأول لمن يرغب بالفتوى.

من يريد الفتوي، عليه الذهاب إلى محطة الشهداء وسيجد ثلاثة شيوخ يفتونك فيما تريد.
لأول مرة تتعاون الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق مع مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، لتدشين مقر للفتوى داخل المترو للراغبين فى الفتاوى بدلاً من الذهاب لمقر مشيخة الأزهر أو دار الإفتاء وتيسير الأمر على المواطنين، والحقيقة أن الحصول على الفتوى ربما أصبح أسهل من وجود مقر للفتوى فى محطة مترو، فهناك خدمات إفتاء مقدمة عبر مواقع التواصل الاجتماعى وعبر الهاتف.
أحمد عبدالهادى المتحدث باسم هيئة مترو الأنفاق قال إن  د.محيى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، اقترح تخصيص حيز من محطات المترو للمواطنين الراغبين فى الفتوى وتجاوز صعوبة الوصول إلى مشيخة الأزهر، ورحبت إدارة المترو بالأمر وأبلغنا المسئولون بتصميم موقع خاص «كشك» على الطراز الإسلامى بلوحة مكتوب عليها «إدارة الفتوي».
من هنا بدأ تصميم الكشك وبدأ  فى إطلاق الفتاوى للمواطنين خلال شهر رمضان، وجاء اختيار محطة الشهداء، لما تتمتع به من كثافة وإقبال مرتفع يوميًا.
إدارة الإفتاء ستعمل بشكل يومى من خلال جدول عمل مقسم على مجموعة من الشيوخ بمواعيد عمل رسمية تابعة لمجمع البحوث الإسلامية.
المتحدث الإعلامى نفى أى تخوف من الكثافة والازدحام الذى قد تشهده محطة الشهداء مع بداية عمل إدارة الإفتاء، معللاً الأمر بأنه لن تصطف الطوابير على الكشك لأخذ الفتاوى من الشيوخ، وسيكون العدد مقبولا، كما أن اختيار المحطة جاء لاستيعابها عددًا أكبر من المواطنين.
الركاب فى المترو سيتم إعلامهم بأمر إدارة الفتوى عبر القنوات الإذاعية المختلفة الموجودة بكل محطة على الخطوط الثلاثة، وسيستمر الأمر لبعد شهر رمضان كمركز دائم للفتوي.
الاتفاق بين مجمع البحوث الإسلامية وهيئة المترو جاء بعد تعاون سابق فى إطلاق الوعاظ والدروس الدينية لمدة 5 دقائق يوميًا بعد صلاة العصر من بداية شهر رمضان.
إدارة المترو أكدت أن الهدف من  التعاون مع مجمع البحوث الإسلامية الحفاظ على الأخلاق المفقودة ومحاربة الأفكار والدعوات المتطرفة الهادمة، مع التأكيد على نشر ثقافة التعايش ونبذ العنف، ثم تجديد الخطاب الديني.
إدارة مترو الأنفاق تحاول عبر وسائل عديدة، تسخير كل الوسائل المتاحة لديها لخدمة المواطنين دينيًا عبر المنابر الرسمية.
سامح إسماعيل مدير الأبحاث بمركز دال والباحث فى فلسفة التاريخ، وجد أن هناك عدم وعى لاستخدام القدرات المتاحة وهو ما يؤدى إلى نتائج عكسية، فالمؤسسات الدينية إذا رغبت فى مقر للفتاوى الدينية،  فهناك مراكز متعددة غير  وسائل المواصلات التى تضم المسلمين والمسيحيين.
فهنا يحول الشارع إلى مراكز للتعبد  تتغول فى حق المجتمع تساهم فى نشر ثقافة متعالية متشعبة فى المجال العام والمساحات التى يلتقى بها المواطنون، وهو أمر مرفوض على الإطلاق لأنه فى الأساس لا يحترم الطقوس والأعراف.
فالتحايل على الدين فى كل شيء - بحسب سامح - يفقد المواطنين القدرة على التعامل مع الله نتيجة الشعور بالوصايا والتتبع فى كل  الدروب، فنحن نتحدث عن نمط من أنماط التدين يطلق عليه «إسلام السوق» فيتحول فيه الدين لسلعة تبحث عن سوق رائجة.
مضيفًا: «فى مصر لا يوجد أكثر من المساجد، فما الداعى لتوظيف الدين تجاريًا بهذا النمط، فإذا كانت الدولة على عداء مع جماعات الإسلام السياسي، فيجب أن تعى أن هذا نوع من أنواعه، لكن  بشكل هزلي».
  ولنا عودة مع  شركات توظيف الأموال وإقحام الدين فى كل شيء، وما يلحقه من بنية متطرفة بنفس الأداء والتفكير دون أى مجهود، نفس الخطاب الدينى المتجمد ينشر على نطاق واسع بشكل متجاوز وفيه إفلاس.
شيوخ مجمع البحوث الإسلامية رأوا فى دار إفتاء المترو فرصة جيدة لحصول المواطنين على الفتوى من مصادرها حتى لا يؤدى التعدد إلى الفتنة، وإنتاج جيل مناهض للفتاوى وغيرها.
إذا كان هناك تشريع يمنع إصدار الفتاوى خارج إطار الجهة المسئولة، فلسنا فى حاجة إلى محاصرة الناس بمقرات رسمية للفتوى تقدم خدماتها لـ 3 ملايين مواطن يوميًا يلحق بالمترو.
د.هبة دربالة الأمين العام لحزب المصريين العلماني، لمست أن هناك تخبطاً فى أمر تجديد الخطاب الدينى بتنفيذ أشياء يعتقد أن مردودها الإيجابى قوي، بخطاب دينى متسامح عبر المترو، ولكن العكس ما يحدث، فالمبدأ متناقض من الأصل فتجديد الخطاب الدينى يحدث من  ترسيخ  مبدأ المواطنة واكتساب راحة أبدية.
وكان أفضل من إنشاء مقر للفتوى بالمترو حماية المسلمين غير الملتزمين من وجهة نظر البعض، وإصدار قوانين تكفل حق المواطنة والاحتكام لقوانين مدنية، لكن هذه الخطوة تؤكد على فكرة أننا دولة إسلامية غير مرحب بالآخرين فيها.
بالإضافة إلى سماع الدروس والخطب الدينية عبر الإذاعة «غصب عني» وفرض على المواطنين حقهم فى الراحة أثناء التنقل، فضلاً عن تجديد الخطاب الدينى من خلال الشيوخ وأغلبهم تربوا على الخطاب المتطرف ولا يملكون خطابا متسامحا من الأساس، فهم من يحتاجون إلى تعلم التسامح فجميعهم تحدوا قرار وزير الأوقاف فى استخدام مكبرات الصوت فى صلاة التراويح خلال شهر رمضان.
تعديل المناهج وتعليم المواطنين اللغات وثقافات، وحضارات الشعوب الأخرى هو الهدف الأسمي، بعيدًا عن الشعارات والوعظ.
وأضافت «قانونيًا هذا الأمر مخالف تمامًا للقانون ولكن الجميع يتحايل عليه من خلال الرجوع إلى المادة الثانية فى الدستور، على اعتبار أن المترو هو ديار الإسلام، فتحايله على الجميع وعندما وجدوا رفضاً للخطاب السلفى المباشر، اتجهوا إلى سبل أخرى».>