الأحد 26 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أساقفة المنيا «اتخانقوا» والأقباط اتشردوا

أساقفة المنيا «اتخانقوا» والأقباط اتشردوا
أساقفة المنيا «اتخانقوا» والأقباط اتشردوا


«كنيستى كنيستى هى بيتى هى أمى هى كل فرح حياتى»، بهذه الكلمات البسيطة كانت الكنيسة ترنم، فتعلم أبناؤها أن الكنيسة هى بيتهم، وهى أمهم التى تحتويهم، ولكن الأمر قد تبدل فجأة وأصبحت الكنيسة طاردة لأبنائها، فضاق البيت على من فيه وأكلت الأم أبناءها وألقت بهم خارجاً، وبدلاً من أن تكون سبباً فى فرح أقباطها أصبحت هما وحزنا فوق الأكتاف لتصبح الكنيسة خاوية على عروشها التى جلس عليها صقور الأساقفة يمارسون صراعاً محتداً فيما بينهم على حصد الممتلكات واحتكار «العزوة».

 هذه إحدى صرخات أهالى قرية «الزورة» مركز مغاغة بمحافظة المنيا، والتى يستغيثون من جبروت الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة، والأنبا باسيليوس رئيس دير الأنبا صموئيل المعترف، نتيجة الصراع فيما بينهما على ملكية كنيسة القرية الكبيرة والتى تبلغ مساحتها 7000 متر مربع، هذا الصراع الذى أدى إلى غلق الكنيسة الوحيدة فى وجه أقباط القرية الذين يصل عددهم إلى حوالى 1000 أسرة يشكلون ثلث سكان القرية ليستقر المقام بتلك العائلات داخل «بير سلم» فى منزل كاهن القرية يتخذ منه أقباط القرية كنيسة لهم.
كنيسة الشعب
كنيسة الأنبا صموئيل المعترف هى الكنيسة الوحيدة بقرية «الزورة» وقد قام أقباط القرية بشراء الأرض الخاصة بها والتى تبلغ مساحتها 7000 متر مربع على نفقتهم الخاصة، حيث كان بالقرية كاهن محبوب يدعى القمص هيدرا الصموئيلى ينتمى رهبانياً إلى دير الأنبا صموئيل المعترف الذى يبعد بضعة كيلومترات عن القرية وكان هذا الكاهن هو المسئول عن خدمة الأقباط روحياً فى تلك القرية والذى سعى معهم لجمع التبرعات وبناء الكنيسة وتيسيراً لاستخراج التصاريح والأوراق الخاصة ببناء الكنيسة تم قيد الكنيسة فى الأوراق الرسمية كملكية خاصة لدير الأنبا صموئيل المعترف ووضع الدير يده على الكنيسة وتمت إدارتها بمعرفة رهبان الدير، وتم استكمال بناء الكنيسة وفتحت أبوابها أمام الأقباط لتقديم  الخدمات الروحية والاجتماعية المختلفة إلى أن تمت رسامة الأنبا أغاثون أسقفاً لمغاغة والعدوة عام 2001 بيد البابا شنودة الثالث، حيث قام الأنبا أغاثون برسامة كاهن علمانى «متزوج» للكنيسة التى تتبعه إدارياً وكانت رسامة الكاهن بداية اشتعال الأحداث.
الحريم السبب
«القس داود القس متى هو قسيس من ضهر قسيس» هكذا وصف لنا أحد مصادرنا بمغاغة من شيوخ القساوسة هناك «رفضن ذكر اسمه خوفاً من بطش الأنبا أغاثون» وبحسب المصدر فإن رسامة هذا القس لم تكن لرعاية الشعب ولكن كانت هناك أغراض أخرى فيكمل المصدر: «أراد الأنبا أغاثون ضم كنيسة الأنبا صموئيل إلى أملاك المطرانية ونزع ملكيتها من الدير فاستخدم القس الجديد كرأس حربة لتنفيذ مخططه وهو ما فطن إليه الأنبا باسيليوس رئيس الدير وأصبح اللعب على المكشوف بين الأسقفين للسيطرة على الكنيسة وحاك الاثنان المؤامرات فيما بينهما دون الالتفاف إلى أضرار هذا الصراع على شعب الكنيسة فمن المعروف أن «البلكونات» الموجودة فى أعلى صحن أى كنيسة تخصص للسيدات وتسمى «بيت الستات» فسارع الأنبا باسيليوس بتحويل تلك البلكونات إلى غرف للرهبان وتم وضع بعض الأثاث بها ورفض دخول القس العلمانى الذى قام برسامته الأنبا أغاثون بحجة أن الكنيسة دير وبها كهنة من الرهبان ولا داعى لوجود قس علمانى، فرد الأنبا أغاثون بأن هناك سيدات يصلين فى الكنيسة ويحتجن لأب اعتراف وقوانين الكنيسة تمنع اعتراف النساء على يد كهنة رهبان فى وجود كاهن علمانى، فرد الأنبا باسيليوس أسف الدير بأنه لا مكان للسيدات فى الكنيسة وأن «بيت الستات» هو قلالى للرهبان وتم طرد القس داود من الكنيسة وقرر الأنبا باسيليوس اقتصار الصلاة بها على الرهبان الذين يعيشون فيها وهم ثلاثة رهبان فقط على الرغم من أن قوانين الرهبنة تمنع بيات الرهبان خارج الدير إلا بإذن من أسقف الإيبارشية وهو الأنبا أغاثون    الأسقفان يكفران بعضهما
احتد الصراع بين الأسقفين ليصل إلى حد تكفير كل منهما للآخر وعدم الاعتراف برتبته الأسقفية، حيث قرر الأنبا باسيليوس عدم ذكر اسم الأنبا أغاثون فى صلوات القداس كطقس الكنيسة، حيث يذكر اسم أسقف الإيبارشية التى تقع فيها الكنيسة، ويتم ذكر اسمه فقط باعتباره أسقفاً للدير وأن الكنيسة تقع ضمن زمام هذا الدير، كما قرر الأنبا باسيليوس عدم استقبال أى قساوسة علمانيين يتبعون إيبارشية مغاغة فى دير الأنبا صموئيل المعترف، وهو ما رد عليه الأنبا أغاثون بمنع استقبال رهبان الدير فى كنائس الإيبارشية ومنع الأقباط فى قرية الزورة من زيارة الدير أو الصلاة فيه، وهدد من يخالف تلك التعليمات من قساوسة أو أبناء القرية أنه سوف يتم توقيع العقوبات الكنسية عليه وحرمانه من التناول من الأسرار المقدسة ليجد أكثر من 1000 أسرة أنفسهم بلا كنيسة يصلون فيها أو حتى كنيسة بديلة فارتفعت صرخات الاستغاثة لتصل إلى مسامع البابا شنودة الثالث الذى قرر تكوين لجنة وإرسالها إلى قرية الزورة لبحث المشكلة.
 كنيسة بير السلم
بعد فشل الأهالى فى السماح لهم بدخول الكنيسة إلا فى قداس يوم الأحد قرر الأنبا أغاثون عدم ذهاب أقباط القرية إلى الكنيسة ومقاطعة الصلاة بها وطلب من القس داود الكاهن العلمانى الذى رسمه أن يتخذ من «بير السلم» فى منزله مكاناً لعمل كل الخدمات المختلفة من مدارس أحد واجتماعات صلاة وإقامة القداس الإلهى وأن يتم الصلاة على الأموات فى منازلهم على فراش الموت وإجراء الأفراح فى الشوارع وقام الأنبا أغاثون بعمل العديد من صلوات القداس الإلهى بالمنازل ورسامة شمامسة فى تلك المنازل بل قام بشراء قطعة أرض فضاء خارج القرية مساحتها 700 متر لإقامة كنيسة جديدة وسط استغراب الجميع من أهالى القرية فكيف يغلق الأقباط كنيسة عظيمة البناء ويذهبون لشراء قطعة أرض صغيرة لبناء كنيسة وهو ما أدى إلى أن يقوم بعض المتطرفين بالهجوم على قطعة الأرض وتعطيل البناء بها وتبديد ما بها من مواد بناء وقاموا بشراء قطعة أرض مواجهة وشرعوا فى بناء مسجد وهو ما يمنع إقامة الكنيسة.
ثورة الأهالى
حتى يومنا هذا ومازال الأقباط فى قرية الزورة يصلون فى كنيسة بير السلم حتى فاض الكيل بهم، فيقول موريس تواضروس أحد الأهالى هناك: «اقترحت على أبونا داود أن نقوم بالهجوم على كنيسة الأنبا صموئيل المعترف والتى يضع الدير يده عليها ويمنعنا من عمل الخدمات المختلفة فى الكنيسة ونقوم بطرد الرهبان عنوة منها ونتمكن من كنيستنا فلا يعقل أن ثلاثة رهبان يتحكمون فى كنيسة كبيرة مثل تلك الكنيسة بينما تمنع 1000 أسرة هم أصحاب الحق فى الكنيسة من الدخول، وأننا نرفع صوتنا إلى البابا تواضروس الثانى لكى يتدخل ويمكننا من كنيستنا فسبق لى التعامل مع كل قيادات المقر البابوى من سكرتارية ومساعدين للبابا ولكن مع الأسف هم لا يتقون الله ولا يتعاملون إلا مع «المحاسيب»، ويقول صموئيل صبحى: «لقد تسبب غلق الكنيسة فى وجوهنا إلى وقوع العديد من المشكلات خاصة أثناء إقامة الأفراح فى الشارع حيث تكون هناك احتكاكات بالبعض من أهالى القرية كما أن عمل القداس والصلاة فى المنازل يحرك ضدنا بعض المتطرفين خاصة أننا لدينا كنيسة كبيرة مغلقة والصراع بين الأنبا أغاثون والأنبا باسيليوس يهدد بتشرذم الأقباط فى القرية فلقد كبر أطفالنا ولا يعرفون شيئاً عن الكنيسة والديانة المسيحية».
موقف الكنيسة
كان لابد لنا لاستكمال كل أوجه الحقيقة أن نتواصل مع الأطراف المختلفة الذين وردت أسماؤهم بالتحقيق لمعرفة وجهة نظرهم فحاولنا الاتصال بالمتحدث الصامت للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكان على عهده معنا صامتاً لا يرد على أى اتصال لنا به، وهو نفس حال الأنبا باسيليوس أسقف دير الأنبا صموئيل المعترف، أما الأنبا أغاثون أسقف مغاغة فقال لنا إنه فى اجتماع مهم ولا وقت لديه للرد على مشكلة كنيسة الزورة فطلبنا منه تحديد موعد يتسع فيه وقته لتساؤلاتنا التى تخص معاناة جزء من رعيته فى الزورة، فقال لنا إنه حين يكون لديه وقت سيتصل ولم يتصل حتى كتابة هذا التحقيق ولا يتبقى هنا إلا أن يصل صوت أقباط الزورة إلى أسماع قداسة البابا تواضروس ليتخذ موقفاً يعيد الحقوق إلى أصحابها.