الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«ارقص فى منتصف القتال» الرقص الشرقى يغزو أمريكا

«ارقص فى منتصف القتال» الرقص الشرقى يغزو أمريكا
«ارقص فى منتصف القتال» الرقص الشرقى يغزو أمريكا


يقولون إن الرقص قدمان تفكران وخصر يعلم الحكمة، وهو لغز الجسد، ورغم أنه من أهم الفنون فى العالم فإن بعض الدول تقلل من قدره ومن قدر من يمارسونه، وخاصة فى الدول العربية، وفى نفس الوقت الذى يلهث العالم لتعلم الرقص الشرقى الذى تتميز به مصر دون الدول الأخرى، نجدنا نستمتع به فى الخفاء ونحتقره فى العلن، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية فإنه فى 30 ديسمبر المقبل سيفتتح معرض عن الرقص الشرقى فى الولايات المتحدة رغم أن أصله فى منطقة الشرق الأوسط وله تاريخ طويل هناك، ولكن أدلة موثوقة حول مصدره نادرة وحسابات تاريخه فى كثير من الأحيان متضاربة، ولكن الرحالة الأوروبيين فى الشرق الأوسط مثل إدوارد لين وفلوبير تناولوا فى كتبهم حياة العوالم والغوازى من مصر وأيضا الرقص الشرقى فى الإمبراطورية العثمانية الذى كان يقوم به كل من الرجال والنساء والغلمان فى قصر السلطان، ولكن أول من أوقف رقص الرجال هو الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر لما له من مسحة عثمانلية، وهناك وصمة اجتماعية ودينية قوية ترتبط بالرقص الشرقى فى مصر تحديدا.

وصلت شعبية الرقص الشرقى إلى الغرب فى القرنين الـ18 والـ19 عندما كان يصور الفنانون المستشرقون الصور لحياة الحريم فى الدولة العثمانية، وفى عام 1876 انتشر الرقص الشرقى فى ولاية فيلادلفيا خاصة مع وصول العديد من المهاجرين العرب، ولكن فى 1893 كان هناك عرض عالمى فى شيكاغو وشاركت فيه عدة راقصات من سوريا وتركيا والجزائر إلا أن الراقصات اللاتى لفتن الأنظار إليهن هن المصريات، وهو ما جعل الجماهير الأمريكية تتعجب من التحكم الغريب فى أجسادهن.
وبدأت السينما الأمريكية تضع بعض الرقصات الشرقية فى أفلامها وكان من أوائل الراقصات الأمريكيات اللاتى احترفن الرقص الشرقى روث سانت دينيس، ورقصت فى فيلم صامت اسمه»Intolerance»  أو التعصب للمخرج دبليو جريفيث، وبدأت هوليوود إنتاج أفلام مثل الشيخ، كليوباترا، وسالومى، للاستفادة من ولع الغرب بالفنون والحضارة والثقافة الشرقية، وبدأت الملاهى الليلية التى تقدم الرقص الشرقى فى الولايات المتحدة فى الثلاثينيات، والأغرب أنه فى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات بدأ وجود مدارس للرقص الشرقى فى أمريكا.
وفى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات انتشر الرقص الشرقى فى المملكة المتحدة وبدأت الملاهى الليلية التى تسمى «كباريهات» فى الانتشار فى بريطانيا وأيضا مدارس الرقص الشرقى، ومشهد الرقص الشرقى فى بريطانيا يسيطر عليه الطريقة المصرية وقليل من التركية، أما الأمريكى فالنمط البدوى يحظى بشعبية كبيرة.
فى الوقت الحالى سيطر الرقص الشرقى فى الثقافة الشعبية الأمريكية وأصبح جزءًا من ثقافة البوب فى أوائل الألفية الثانية بسبب نجمة أمريكا اللاتينية شاكيرا، وقد تأثرت بالتراث الكولومبى واللبنانى فى أسلوبها فى الرقص، أيضا قدمت المغنية الاستعراضية الأمريكية الشهيرة بريتنى سبيرز نمط الرقص الشرقى فى عدة كليبات لها وكانت من ضمنها ترتدى زى كليوباترا وأيضا قدمت عدة دروس للنجوم فى هوليوود عن كيفية الرقص الشرقى فى البرنامج التليفزيونى الشهير هوليوود إكسيس.
وقد أظهرت عدة أفلام لجيمس بوند بما فى ذلك «من روسيا مع حبى» و«الرجل ذو المسدس الذهبى» الرقصات الشرقية، فضلا عن الأفلام الوثائقية عن الرقص الشرقى الأمريكى، ومن أبرز الراقصات الأمريكيات الراقصة سيرينا ويلسون التى قدمت «تراث مصر: تاريخ الرقص الشرقى فى أمريكا»، الذى يقوم ابنها سكوت الآن بعد وفاتها فى 2007 بتدريس الرقص الشرقى فى مدينة نيويورك وهو من سيكون مسئولاً عن المعرض فى 30 ديسمبر المقبل، والذى سيشمل صورا للراقصات الأمريكيات اللاتى احترفن الرقص الشرقى والعديد من الكتب والأفلام وأشرطة الفيديو عن الرقص الشرقى، سيرينا كانت راقصة أمريكية معروفة، ومصممة ومعلمة رقصات ساعدت فى نشر الرقص الشرقى فى الولايات المتحدة وقامت أيضا بإضفاء الشرعية على شكل الرقص الشرقى وأنه ليس للهو فقط، بل إنه فن خاص ولا يستطيع أى فنان أن يؤديه، وقد افتتحت استوديو خاصًا بها فى الستينيات واستضافت برنامجها التليفزيونى الخاص فى السبعينيات تحت عنوان «سيرينا»، وأسست فرقة الرقص الخاصة، وقامت بتأليف العديد من الكتب حول الرقص الشرقى، وهى تعلمت من الراقصة الأمريكية الشهيرة روث دينيس، سيرينا كانت تميل للطريقة المصرية فى الرقص الشرقى، ولذلك سيكون هناك فى المتحف الشهر المقبل عدة بدلات للرقص كانت ترتديها وهى على الطراز المصرى.
ولا يزال يواصل ابنها، سكوت، وقد درس أيضا عزف العود المصرى، وبرغم المواقف الأمريكية تجاه كل شيء فى الشرق الأوسط قد توترت إلا أن هناك استمرارًا من ابنها فى مواصلة أداء العروض الفلكلورية المصرية وحتى فى حفلات الزفاف الأمريكية وغيرها من المناسبات الاجتماعية يتم تقديم الراقصات الشرقيات لتلك المناسبات.
ومن أشهر الراقصات، ولكن من أصول إسبانية أديلايده أنجولو التى سمت نفسها فنيا بـ«دليلة» وتوفيت فى 2001، التى سافرت فى عام 1954 إلى الشرق الأوسط للمرة الأولى وقابلت سامية جمال، وتحية كاريوكا وشخصيات أخرى من العالم العربى، وفى عام 1959 تم اختيار دليلة جنبا إلى جنب مع نجوى فؤاد للرقص وقدمت لها تحية كاريوكا الكثير من الخبرة والتشجيع والنصيحة، ورقصت دليلة رغم أنها لم تكن راقصة شرقية من الشرق الأوسط أصلا أمام الملوك والرؤساء فى المنطقة مثل شاه إيران والملكة ثريا، والملك فاروق، والملك حسين عاهل الأردن، والملك فيصل بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، وشخصيات أخرى مثل جمال عبدالناصر، والرئيس اللبنانى كميل شمعون، وفى عام 1974 انتقلت إلى لاس فيجاس فى الولايات المتحدة وافتتحت استوديو للرقص وقامت بتدريس الرقص الشرقى للأمريكان على الطريقة المصرية، ودعت محمود رضا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ونظمت العديد من العروض إلى أن توفيت فى 2001 بطريقة مفاجئة.
ومن ضمن الراقصات اللاتى ما زلن على قيد الحياة وتعلَّمن الرقص الشرقى الراقصة الأمريكية أريلا أفلالو فى ولاية كاليفورنيا ودرست الرقص الشرقى فى شمال أفريقيا وعادت للولايات المتحدة للرقص والتدريس.
وأيضا الراقصة الأمريكية راشيل بريس مقرها فى بورتلاند، أوريجون، والتى افتتحت فى يونيو 2011 استوديو للرقص الشرقى، راشيل تخرجت فى جامعة ولاية سان فرانسيسكو، وهى تعلم الرقص الشرقى فى الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها.
ومهما يقال عن الرقص ومهما يراه البعض سواء فى الشرق أو الغرب ومهما كان الهجوم أو الإطراء فافعل كما يقول جلال الدين الرومى: «ارقص عندما يكون جرحك مفتوحًا، ارقص عندما تنزع الضمادة، ارقص فى منتصف القتال، ارقص فى دمك، ارقص عندما تكون حرا تماما».