أكاذيب «حنفى» وفساد القمح
سيد طنطاوي
منذ اعتلاء خالد حنفى المنصب الوزارى وهو مداوم على إثارة الجدل حوله بتصريحاته وقراراته، التى تبدو بعيدة عن الواقع، بدأها بتصريح لم يصدقه عقل بأن سعر الكيلو من الدجاج 75 قرشًا والكيلو من اللحم بجنيه، وأصر الوزير على ذلك دون تراجع، وقيل وقتها إن الوزير لم يقرأ إلا هامش الربح فى كلا السلعتين واعتبرهما سعر البيع.
لم يتمكن مواطن واحد من شراء دجاج أو لحوم الوزير المزعومة وظلت تصريحاته للاستهلاك المحلى.
قضية فساد جديدة فى وزارة التموين عرضت خالد حنفى لسهام النقد، وهى قضية صوامع القمح، وفى تلك القضية صرح حنفى بأن مصر لم يكن لديها صوامع، وأنه أنشأها بعد توليه الحقيبة الوزارية، رغم أنه تم إنشاء نحو 50 صومعة بمنحة دنماركية من عام 2005 إلى 2010، وهناك شركة للقمح تتبع وزارة التموين وتشرف على الخمسين صومعة وشركة أخرى للصوامع الأسمنتية القديمة تشرف عليها وزارة الاستثمار.
حديث الوزير لم يكن إلا عن 25 صومعة أنشئت بعد 30 يونيو بمنحة إماراتية.
بعد تشكيل لجنة تقصى حقائق فى قضية فساد صوامع القمح خرج الوزير أمام اللجنة يهاجم شركة «بلومبرج» لأنها اتهمته برفض دخول «التنكرات والشون» التى أنشأها للخدمة قبل موسم توريد القمح، ودافعت الشركة عن صوامعها وقدمت دليلاً على التعنت ضدها حيث تم توصيل الكهرباء لصوامع الإمارات، ولم يمد التيار لشون وتنكرات بلومبرج.
حاول الوزير دومًا التقليل من حجم الفساد رغم تعاظمه مما أدى إلى تشكيل لجنة تقصى حقائق، الوزير دافع باستماتة لا سيما أن نسبة المخالفات لا تتجاوز 4% من حجم القمح المورد، رغم أن كل الصوامع التى تم التفتيش عليها مدانة وبها تجاوزات.
ويحاول الوزير دائمًا التقليل من حجم الفساد بادعاء أن أصحاب المصالح ضخموا قضية فساد القمح، وأن الأمر لم يكن يستدعى كل هذا، على حد قوله.
وأوضح الوزير أنه سبق له أن طالب بتغيير منظومة القمح واعتبر قضية الفساد المثارة قضية فنية والسبب فى تضخيمها «أن المصريين لسه بيتعلموا سياسة»، على حد قوله، وأنهم يعيشون تنمية سياسية بعد غيابهم سنوات عن التعايش السياسى.
ادعى الوزير البطولة وارتدى زى الفروسية لمحاربة الفساد والقضاء على مافيا القمح التى كان يتزعمها 7 أشخاص سيطروا على السوق وأنه صاحب فكرة إنهاء الاعتماد على وسطاء، وتوفير 104 ملايين دولار.
الوزير الذى قلل من حجم الفساد وانتقد الذين ضخموه، عاد ونسب لنفسه الفضل فى اكتشاف المخالفات، وأن أجهزة الوزارة هى التى فعلت ذلك، رغم أن الجميع يعرف جيدًا أن الرقابة الإدارية هى التى فجرت القضية.
عضو بلجنة تقصى حقائق فساد توريد القمح المحلى أعلن فى أحد التليفزيونات أن 12 تريلا تحركت من أحد الموانئ محملة بالقمح المستورد إلى إحدى الصوامع التى أثبتت لجنة تقصى الحقائق أن بها 154 مليون جنيه عجزا، وذلك التحرك لتعويض العجز تمهيدًا للطعن فى تقرير اللجنة.
تحدث خالد حنفى إلى نواب البرلمان عن قضية فساد القمح وقال إن أزمة القمح تتلخص فى أن هناك 7 تجار يستوردون السلعة ويحتكرونها وأن سبب الأزمة هذه الممارسات، لا نعرف ما علاقة هذا الأمر بقضية فساد التوريد فى القمح المحلى، رغم ضغط الوزير لإدخال قمح مستورد مصاب بفطر «الإرجوت» والدفاع عنه وكأنه لا يحمل أى مخاطر.
وزير الزراعة عصام فايد شارك وزير التموين فى الدفاع عن القمح المصاب بالإرجوت، وقال إن الفطر ينمو بين درجات حرارة صفر و 10 درجات مئوية.
بينما يؤكد الدكتور نادر نور الدين أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة أن الفطريات غير البكتيريا وليس لها القدرة على التحوصل، وأن الفطريات عبارة عن خيوط وهيفات ضعيفة وإذا وصلت الحرارة إلى صفر تتجمد السوائل فى خيوط الفطر، ويموت فورا وأنه ينتعش وينمو فيما بين 5 إلى 17 درجة مئوية ومصر لا تصل درجة حرارتها إلى الصفر أبدًا وتصل فى الشتاء إلى 15 و20 درجة خاصة فى شهرى أبريل ومايو.
وأوضح نور الدين أن فطر «الإرجوت» لا يموت بالحرارة التى يتعرض لها عند تعرض الخبز للنار باعتبارها فطريات الأفلاتوكسين (27 فطرًا)، تفرز سموما غاية فى الثبات وتقاوم أى تأثيرات حرارية أو كيميائية أو ضوئية، وبالتالى عند خبز العجين فى الفرن يموت الفطر ولا تموت سمومه وتدخل أجسامنا لتهلك الكبد والكلى والدم والأطراف.
الوزير بذل مجهودًا كبيرًا فى تمرير استيراد القمح الفرنسى المصاب بفطر «الإرجوت» وكانت تلك هى الخطوة الأولى فى الاعتماد كليًا على القمح المستورد والابتعاد نهائيًا عن القمح المحلى، وتلك كانت رغبة أحمد الوكيل رئيس الغرفة التجارية التى صرح بها مرارًا وتكرارًا بأن قال إن زراعة القمح فى مصر غير مجدية وينبغى عدم زراعته ويجب الاعتماد على استيراده فقط، الوكيل من أكبر مستوردى القمح الفرنسى، ووزارة التموين هى المسئولة عن وضع المواصفات القياسية للقمح المستورد.
الوزير سبق أن تعرض لعدة انتقادات بعد تعيينه سكرتيرة ومعاونة له حاصلة على ليسانس آداب عضوًا بمجلس إدارة الشركة العامة للصوامع.
الوكيل هو الذى رشح خالد حنفى للمنصب الوزارى فى حكومة المهندس إبراهيم محلب، وكان يعمل مستشارًا فى الغرفة التجارية كما أن هناك علاقة نسب بين الاثنين.
الغريب أن وزير التموين يلقى تأييدًا مطلقًا من مجلس الوزراء ففى بيان من المجلس أكد أن منظومة الخبز الجديدة وفرت 12 مليار جنيه كانت تُهدر، رغم أن دعم الغذاء ارتفع من 31 مليار إلى 50 مليار جنيه.
خالد حنفى لا يتوقف عند هذا الحد بل أعلن بشكل مفاجئ أنه سيكتب على عبوات السكر عبارة «وبلا فخر صُنع فى مصر» ليقول أن فى عهده تم إنتاج سكر محلى وذلك مناف للحقيقة فالسكر صناعة مصرية قديمة دخلت مصر منذ ما يزيد على مائة عام، ولم يأت الوزير بجديد بل نسب شيئًا تاريخيًا إلى نفسه.
الوزير حريص على الظهور الإعلامى ويكفى أنه فى يومين فقط انتقل عبر 6 فضائيات يدافع فيها عن نفسه وعن قراراته.











