الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إيران تتزين بشجرة الكريسماس

إيران تتزين بشجرة الكريسماس
إيران تتزين بشجرة الكريسماس


بمجرد الحديث عن إيران يتبادر للأذهان صورة نمطية عن دولة يدين معظم أبنائها بالمذهب الشيعى، ومن ثم فإنه يصعب على البعض تصور فكرة الاحتفال برأس السنة الميلادية «الكريسماس» فى إيران، التى تضم ما لا يقل عن 600 كنيسة فى مختلف أنحاء البلاد، تتزين بشجر الكريسماس، وتدق الأجراس ويرتدى البعض ملابس «سانتا كلوز» أو «بابا نويل» كأى بلد فى العالم.

كثيراً ما يتطرق الإعلام إلى الحديث عن الصراعات الدينية بين الأقلية السنية فى إيران وبين الشيعة الذين يمثلون الأكثرية الحاكمة، لكنه فى الوقت نفسه يغفل عن تسليط الضوء على الأقليات الدينية الأخرى المتواجدة داخل إيران التى تتنوع فيها الديانات والمذاهب ما بين مسيحية ويهودية وزرادشتية. فربما استحوذ الصراع السنى الشيعى الحيز الأكبر من اهتمام وسائل الإعلام العالمية، فى حين أن المسيحية تعد واحدة من أكبر الأقليات الدينية الموجودة فى إيران.
فوفقاً لتقرير موقع «بى بى سى» فارسى فإن تعداد المسيحيين هناك بلغ نحو 300 ألف مسيحى معظمهم ينتمون إلى الطائفة الأرمينية الأرثوذكسية، يمارسون طقوسهم الدينية فى الكنائس المتواجدة فى العديد من أنحاء البلاد معظمها فى العاصمة «طهران» و«أصفهان» و«تبريز»، ويمارس المسيحيون طقوسهم الدينية بحرية تامة داخل كنائسهم ويحتفلون بعيد الميلاد والقيامة المجيد كأى بلد فى العالم ودون أية قيود من قبل الدولة التى تكفل لهم حرية العقيدة، حيث يقدم لهم رئيس الجمهورية والمرشد الأعلى على خامنئى، التهنئة بحلول عيدهم المبارك، حيث ينص الدستور الإيرانى على: «الزرادشتيون واليهود والمسيحيون هم الأقليات الدينية المعترف بها، ويحق لهم ممارسة شعائرهم الدينية».
وتذكر قناة «محبت تى فى» المسيحية الناطقة بالفارسية أن تعداد المسيحيين اليوم تقلص بنسبة كبيرة بالمقارنة بأعداهم قبل الثورة الإسلامية التى قادها «الخومينى» عام 1979 التى تسببت فى هجرة الكثير منهم إلى أوربا وأمريكا بعد التضييق عليهم، وعلى الرغم من نشر وسائل الإعلام لتقارير سلبية عن أوضاع المسيحيين داخل إيران، إلا أن معظمهم لا يريد الهجرة ومغادرة البلاد لأى بلد آخر رغم الإغراءات التى تقدم لهم.
المسئولون فى إيران يؤكدون دائماً حصرهم على حماية المسيحيين وحقوقهم وحسب ما جاء على لسان على يونسى، مستشار الرئيس الإيرانى للشئون الدينية والأقليات بأن كل من يسيء للمسيح فهو خارج عن الإسلام، وأن بلاده تتعهد بحماية الأقليات الدينية والمسيحية وأن المشاركة فى مناسباتهم الدينية أمر ضرورى لا من منطلق الوحدة الوطنية فحسب، بل من صميم الإيمان بالدين الذى يعترف بالمسيح عيسى بن مريم ورسالته مؤكداً أن هذا العيد لا يخص المسيحيين فحسب، بل المسلمين جميعاً.
إلا أن المشكلة الحقيقية التى تواجههم لا تخص المسيحيين الذين ينحدرون من أصول مسيحية، لكن الأزمة الفعلية تواجه المعتنقين الجدد، الذين تحولوا من الشيعة إلى المسيحية الذين يواجههون عقوبات مشددة تصل إلى الإعدام، وهو ما يثير حفيظة الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان فى العالم.
فوفقاً للمادة (225) من قانون العقوبات الجديد، الذى صدق عليه مجلس الشورى الإسلامى ومجلس الخبراء خلال السنوات الأخيرة فإنه تتم معاقبة «المتنصرين» بتهمة «الارتداد عن الإسلام» وعقوبتها الإعدام شنقاً للرجال، والسجن مدى الحياة للنساء. الأمر الذى اعترضت عليه جميعات حقوق الإنسان الدولية باعتباره انتهاكاً صريحاً لحرية العقيدة.
ربما لم يستطع الزائرون إلى إيران التمييز بين المسيحيات والمسلمات بسبب أن ارتداءهن للحجاب، فصحيح أن حرية العقيدة مكفولة للجميع، إلا أن النظام الإيرانى اعتبر قضية الحجاب جزءاً لا يتجزأ من شخصية الدولة بعد قيام الثورة الخومينية، فلم يكن أمام المسيحيات فى إيران إلا الامتثال للقوانين الجديدة وارتداء الحجاب كباقى النساء المسلمات، وربما ساعد على ذلك خلفيتهن المتحفظة نوعاً ما فلم يجدوا مشكلة فى هذا الأمر ولم تكن هذه النقطة خلافية بين المسيحيين والنظام.
وعلى الرغم من أن تعداد المسيحيين فى إيران ليس بكبير، إلا أن المحلات التجارية فى ذلك الوقت تمتلئ ببضائع زينة أعياد الميلاد «الكريسماس»، وتتنافس فى تزيين شجر عيد الميلاد لجذب الزبائن سواء من المسحيين أو المسلمين، الذين يقبلون على شرائها للاحتفال بالعام الجديد، ويذكر موقع «فرارو» الإخبارى الإيرانى أنه مع حلول فصل الشتاء تتزين المحلات فى إيران وبالتحديد العاصمة «طهران» بزينة الكريسماس الملونة والمبهجة،  مشيراً إلى إقبال الكثيرين وحرصهم على اقتنائها على الرغم من ارتفاع الأسعار نسبياً، وعلى الرغم من منع النظام الإيرانى لاستيراد أية ألعاب أو ملابس تحمل ثقافة غربية بدعوى أنها معادية للثقافة الإسلامية، إلا أن ملابس «سانتا كلوز» أو «بابا نويل» تملئ المحلات التجارية ويزداد الإقبال عليها وعلى ارتدائها للاحتفال بعيد الميلاد، علاوة على الشموع والألعاب النارية، ويؤكد موقع «كلمة» الإيرانى ازدهار مبيعات شجر عيد الميلاد هذا العام فى إيران.
قطاع كبير من الشباب أصبح يمارس حياته بشكل يخالف الإطار التقليدى الذى فرضه النظام الإسلامى على مدى أكثر من ثلاثة عقود، حيث اعتاد الكثير منهم على الاحتفال بأعياد غربية مثل رأس السنة والفالنتين «عيد الحب»، و«الهالوين»، أما إحياء ليلة عيد الميلاد فإن الكنائس فى مختلف أنحاء البلاد تتزين بزينة «عيد الميلاد» وسط الترانيم والأجراس والشموع، فى المقابل فإن قطاعًا كبيرًا من الشباب المسلم الشيعى فى إيران يقومون بإقامة الحفلات الصاخبة بعيداً عن أعين النظام على طريقة الشباب فى أوروبا وأمريكا. 