الحياة بقى لونها «سيلفى»

فاتن الحديدي
تتنامى ظاهرة التقاط الصور «السيلفي» فى العالم للتعبير عن لحظات متنوعة فى حياة البشر، ويشارك فيها زعماء سياسيون وفنانون وحتى بعض الحيوانات. يبدو أن كلمة سيلفى ستظل ولسنوات عديدة قادمة هى كلمة العالم الأكثر انتشارا، مثلما حدث مع بدايات عام 2013 حتى أعطاها قاموس أوكسفورد الإنجليزى تعريفا وهو: صورة ملتقطة ذاتيا بواسطة هاتف ذكى وتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
دراسة أجرتها شركة سامسونج الكورية الجنوبية أثبتت أن نحو ٪18 من الرجال و٪15 من النساء يلتقطون صورا سيلفي، كما أكدالقائمون على قسم الصور فى «ناشيونال جاليرى أوف آرت» فى واشنطن وتعبر عن تقدير الذات وانعكاس للجانب النرجسى فى شخصيتنا.
أول صورة سيلفى فى القرن التاسع عشر - كما أوضح معرض ناشيونال جاليرى - صورة سيلفى ملتقطة للفرنسى شارل مارفيل، كما وجدت صورة فى إطار مائدة مستديرة الفوتوغرافية عام 1917 وأن أول من فعلها هو المصور الأسترالى «توماس بيكر» الذى وضع كاميرته أمام مرآة وارتدى ملابس تنكرية وصور نفسه وقد ظهر فى الصورة الكاميرا نفسها وأوراق وأقلام، وقد خلد التاريخ هذه الصورة باعتبارها تجربة رائدة كأول صورة سيلفى فعليا فى التاريخ.
ثانى صورة سيلفى فى التاريخ كانت عام 1926 بالأبيض والأسود لزوجين بريطانيين يمسكان بعصا مثل عصا السيلفى الحديثة ويصوران نفسيهما أثناء شهر العسل، وقد عثر على الصورة الرائدة فى ألبوم عائلة hoggs لحفيد آلان كليفر صاحب الصورة، وقال إنها تخص جده الذى كان يعمل عازفا للبيانو فى الأفلام، وقد انتشرت الصورة عالميا، ويقال إن الدوقة الروسية أنستازيا هى من أول المراهقين الذين التقطوا الصور لأنفسهم عام 1914 .
والمعروف أن عصا السيلفى الإلكترونية، وهى اختراع آسيوي، عرفت عام 1914 كأعظم اختراعات العام، وهى عصا ترتبط بالهاتف عن طريق البلوتوث، وتلتقط صور السيلفى عن بُعد.
والحقيقة أنه لا ينبغى أن يكون الشخص مشهورا لكى يلفت الأنظار بالصور السيلفي، فبفضل شبكة «ريديت» مثلا اشتهر رب أسرة من ولاية أوريجين فى أمريكا من خلال صورة يقلد فيها تعابير وجه طفلته، وفى النرويج أثارت كارولين بيرج، التى لديها مدونة تعنى باللياقة البدنية، غضب وانتقادات رواد الإنترنت بعد التقاطها سيلفى وهى بالملابس الداخلية وهى ببطن مسطح بعد ولادة طفلتها بأربعة أيام فقط، مما أصاب كثيرًا من النساء بالإحباط.
المصور الفرنسى الشهير جون فرانسوا فيبيرى قال لوكالة الصحافة الفرنسية: إن السيلفى نوع من الانغماس التام فى العالم الافتراضي، وفكرة أن يلتقط شخص صورة لنفسه يعد أمرًا أنانيًا.
ومن أكثر الناس التقاطا للسيلفى هم بالطبع المشاهير وأكثر المشاهير هوسا بالتقاط السيلفى هو الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وقد نشر مؤخرا صورة سيلفى لأوباما وبايدن داخل سيارة الرئاسة وأيضا صورة أخرى لأوباما وهو مع لاعب كرة السلة دايفيد أورتيز، وقد فوجئ الرئيس أنها استخدمت كإعلان تجارى وأعرب البيت الأبيض عن أسفه وأن الرئيس لم يكن يعلم وهاجمت الصحف الأمريكية أوباما بسبب هوسه الجديد بالسيلفي، حيث التقط صورة مع رئيس الوزراء البريطانى دايفيد كاميرون ورئيسة الوزراء الدنماركية هيل ثورنينج خلال لقاء مشترك.
فيما تداول هذا الأسبوع سيلفى التقطها أحد المعتمرين وخلفهم الكعبة أثناء أدائهم الشعائر الدينية وقد أثارت الصورة سخط بعض المتشددين.
كما أن بعض الصور السيلفى ساهمت فى شهرة أصحابها إلا أن بعض الصور قد عرضتهم للخطر الشديد مثل ضابط الشرطة الأمريكى الذى عضه كلب بوليسى كان يريد التقاط سيلفى معه،
أما أغرب صور سيلفى فكانت بجوار تابوت حيث كتب صاحبها ناعيا صديقه «لقد رحلت باكرا»، كما التقطت سيلفى أمام حرائق وبعد النجاة من حوادث طائرات ومن داخل غرفة العمليات حيث التقطت ممرضة أمريكية صورة سيلفى وهى ترتدى قبعة وقناعا وملابس معقمة طبية فيما برز فى خلفية الصورة طبيب ومساعدوه يجرون جراحة دقيقة لمريض، أما أسوأ الصور والتى التقطها أشخاص الأولى كانت أمام مقهى تم اختطاف رواده وقد كان يتصور سيلفى ضاحكا، والثانية لرجل وخلفه امرأة تغرق وهو مهتم فقط بالتقاط صورته، أما معظم السيلفى العربى فيكون غالبا خاليا من المغامرات ويهدف لتجسيد لحظات سعيدة مع فنانين أو شخصيات محببة، وأشهر سيلفى هو ما طلبت التقاطه فتاة شابة مع السيدة انتصار السيسى يوم افتتاح قناة السويس وأيضا مع أحمد زويل فى فيلته بالشيخ زايد.
يصل انتشار السيلفى نحو مليار صورة سنويا بمعدل صورة لكل فرد، فقد حذر علماء النفس مؤخرا من أن التقاط الكثير من الصور الشخصية السيلفى أحد المؤشرات الأولية للإصابة باضطراب نفسى قد يؤدى إلى الاكتئاب ومحاولة إيذاء النفس بسبب عدم الرضى عن المظهر الخارجى لأن معظم الناس فى الغالب الذين يأخذون صورا شخصية يلتقطون عددًا كبيرًا من الصور ويختارون أفضل زاوية للشكل ويفحصون الصور للتأكد من عدم ظهور العيوب مما يدل ويؤكد خبراء علم النفس أن هذه الصور تزيد ثقتنا بأنفسنا وتعبر عن آرائنا وميولنا، لقد عادت من جديد الصورة الواقعية وانتهى عصر الصورة المنمقة التى يتحكم بها أشخاص غيرنا.
فالسيلفى حسب آراء عشاقها تمنح الحياة بعض الإثارة وتغير مفهوم الصورة وروعة اللحظة التى تجسدها أيضا.