الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

انتقام مبارك وإبراهيم سعدة من «نور»

انتقام مبارك وإبراهيم سعدة من «نور»
انتقام مبارك وإبراهيم سعدة من «نور»


«أن نكون أو لا نكون، التحدى قائم والمسئولية تاريخية»، تلك هى إحدى مقولات فنان الكاريكاتير الفلسطينى الراحل «ناجى العلى».. التحدى ليس فقط عند الشعب الفلسطينى، ولكن عند من يساندهم ويدعمهم والمسئولية التى يتخذها هذا المساند والداعم للقضية تاريخية تلتصق بصاحبها طوال حياته وبعد رحيله أيضًا، وهو ما صار عليه الآن موقف الفنان الراحل «نور الشريف» من القضية الفلسطينية، والآن تم توثيقه صوتا وصورة على شريط سينمائى عن حياة أحد أهم فنانى فلسطين «ناجى العلى»، الذى تتصادف ذكرى رحيله الـ 28 فى نفس هذا الشهر - أغسطس - الذى رحل فيه أيضا «نور».
كان «الشريف» من أكثر المتحمسين والمدافعين عن القضية الفلسطينية، حيث انسحب من إحدى الحفلات التى كان يتم تكريمه بها، بعد أن قام المونولوجست «عادل الفار» بتقديم فقرة كاريكاترية عن الزعيم الفلسطينى الراحل «ياسر عرفات»، وفى مناسبة أخرى كتب «نور» بيانا باسم السينمائيين ونقاد السينما العرب فى مهرجان فينسيا عام 1982 يعلن فيه عن موقفه المساند للقضية الفلسطينية بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطينى وأرسل برقيات إلى عرفات والملوك والرؤساء العرب.
بعد هذا البيان بعشر سنوات يخرج إلى النور وثيقة تعبير «الشريف» عن دعمه للقضية الفلسطينية وهو فيلم «ناجى العلى» الذى قام ببطولته وإنتاجه وقام بإخراج الفيلم الراحل «عاطف الطيب»، وتم عرض الفيلم للمرة الأولى فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام .1992
الفيلم تناول بعضا من سيرة حياة الفنان «ناجى العلى».. يبدأ بمأساة الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين وأدان موقف الدول العربية ويصل الفيلم لذروته بالتعبير عن غياب الحرية والديمقراطية، موقف الفيلم وأصحابه والشخصية التى تناولها كان واضحًا وضوح الشمس، فلم يحاول التجميل أو التعديل، وجاء شجاعًا جريئًا منصفًا لسيرة صاحبه. ومثلما كان سلاح «ناجى العلى» هو القلم .. كان سلاح السيناريست «بشير الديك» هو الورق وسلاح «عاطف الطيب» هو الكاميرا وسلاح «نور الشريف» هو الجرأة لإنتاج هذا الفيلم الذى وصلت تكلفته لما يعادل الآن عشرين مليون جنية. والأداء التمثيلى الصادق لشخص هذا الفنان. المناضل الذى تعرض للسجن من القوات الإسرائيلية ثم من السلطات اللبنانية.
عقب عرض الفيلم شنت الصحف المصرية القومية هجومًا عنيفًا على «نور» وعلى خلفية انتقاده السابق لاتفاقية كامب ديفيد وعصر الانتفاح فى عهد السادات وقادت جريدة «الأخبار» الحملة الشرسة بمقالة لـ«إبراهيم سعدة» رئيس تحريرها تحت عنوان «من أجل حفنة دولارات» كتب فيها (أنه بقدر تقديره وحبه لـ«نور الشريف» كفنان مهم إلا أنه لن يتسامح معه فى سقوطه بسبب هذا الفيلم الغريب والمرفوض. والذى ساهم «نور» فى إنتاجه وقام ببطولته وتناول فيه قصة فنان كاريكاتير متواضع الموهبة فلسطينى الجنسية. جند ريشته لسنوات طويلة متصلة وحتى آخر يوم فى حياته من أجل التشهير بمصر.. لقد اتهمنا ناجى العلى بريشته وقلمه بأقذر الاتهامات أقلها الخيانة والعمالة للصهيونية العالمية والإمبريالية الأمريكية. ليس هذا فقط بل إنه صال وجال طعنا فى الشعب المصرى الذى يعانى من الأزمة الاقتصادية ومن الفقر والحرمان لهذا السبب كانت صدمتى فى «نور الشريف» الذى وافق على أن يتقمص شخصية هذا الحاقد على مصر والكاره لها)، نفس الموقف اتخذه الناقد «عصام بصيلة» فى مقال تحت عنوان «ديالوج ناجى العلى» كتب فيه («ناجى العلى» يهاجم مصر ورئيسها ويصف نساءها بالفجور والعيب ليس عليه. العيب علينا أننا نسكت على الإهانة ولذلك يسخر هؤلاء السفلة منا. ثم يصف الفيلم بأنه لا يمت للدراما ولا حتى تسجيلى أما عن «نور الشريف» فكتب يقول «خسارة أنا حزين أنه فقد شعبيته وإذا أحب أن يستعيد شعبيته التى كانت موجودة قبل «ناجى العلى» فليتفضل).
«نور الشريف» تذكر هذه الأزمة قبل وفاته بقليل فى لقاء مع إحدى القنوات التليفزيونية. فقال أنه كان يتعرض للسب يوميا لمدة ستة أشهر فى هذه الجرائد، وتحديدا جريدتين، كان رد «نور الشريف» فى أثناء الأزمة من خلال عدة حوارات أجراها لبعض الصحف أن «ناجى العلى لم يكن ضد مصر الشعب ولكن ضد نظام اختلف معه وعبر عن وجهة نظره تجاهه.
استمر الهجوم على الفيلم من معظم الصحف الموالية للحكومة وفى نفس الوقت استمر الاهتمام بالفيلم وتم عرضه فى بعض الجامعات والجهات الثقافية.
الأزمة جعلت الفنان الكبير يفكر فى الهجرة إلى لندن، ولكن شيئًا فشيئًا هدأت الحرب المعلنة على «نور»، والتى يبدو أنها كانت لها هدف مؤقت إما تحذير «نور»، أو ربما التعتيم على شىء آخر.
 هدأت الحرب مع تدخل بعض المسئولين فى الدولة ثم اتصال صفوت الشريف وزير الإعلام فى عهد مبارك بالفنان «نور الشريف» ليطلب منه القيام ببطولة مسلسل «الثعلب»، وكان التليفزيون أرسل له سيناريو المسلسل وتردد فى قبوله. ولكن «صفوت الشريف» أكد له بوضوح أن «الثعلب» مسلسل مخابرات من إنتاج التليفزيون المصرى، وأنه سوف يؤدى شخصية الضابط المصرى، وهذا كله يؤكد أن الدولة ليست ضده. وأمام هذا الموقف من الدولة قبل «نور الشريف» العمل بالمسلسل.∎