السبت 16 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الحوثيون «يفخِّخون» اليمن الحزين

الحوثيون «يفخِّخون» اليمن الحزين
الحوثيون «يفخِّخون» اليمن الحزين


أجواء دموية يعيشها الشعب اليمنى من الشمال إلى الجنوب تحت وطأة نيران اجتياح الميليشيات العسكرية للحوثيين قصر الرئاسة والاستيلاء على العاصمة «صنعاء»، والاختفاء القسرى للرئيس هادى منصور ومحاصرته فى بيته بشارع الشين، وخطف مدير مكتب الرئيس، مما أدى إلى أزمات متشابكة وأجواء دموية تنذر بحرب أهلية تعصف باليمن وتهدد الخليج والشرق الأوسط كله.

تشهد مدينة تعز منذ صباح الأربعاء الماضى، وإلى الآن مظاهرات حاشدة واستثنائية على امتداد شارع جمال عبدالناصر وسط المدينة إحياء للذكرى الرابعة لثورة 11 من فبراير.
وردد المتظاهرون شعارات من بينها «عاش الشعب اليمنى عاش»، كما رفعوا صورا لشهداء اليمن ورموزها الأبطال وشعارات تندد بممارسات جماعة الحوثى.
وحاول متظاهرون حوثيون اختراق مظاهرة الثوار، وقاموا بمسيرة معاكسة حاملين اللافتات والشعارات الخاصة بهم ومن ورائهم مسلحون يتبعون جماعة الحوثى، ويحاول الحوثيون افتعال المشاكل والصدام مع الثوار بممارسات استفزازية.
وأغلقت الجماعة منذ وقت مبكر الشوارع والطرقات لمنع المتظاهرين السلميين من التحرك وسط تحليق للطيران شهدته العاصمة صنعاء.
كما اقتحمت سيارات تحمل على متنها مسلحين حوثيين بزى عسكرى مسيرة الثوار ورددوا الصرخات بمكبرات الصوت فى محاولة لتشتيت المظاهرة، وحاولوا إدخال المتظاهرين فى شوارع ضيقة، الأمر الذى دفع جموع الثوار إلى العودة باتجاه شارع الزبيرى وسط العاصمة.
كما تجرى استعدادات مكثفة فى عدد من المحافظات إحياء لذكرى 11 فبراير ورفضا لانقلاب جماعة الحوثى على الشرعية والدستورية والتوافقية.
واستبقت جماعة الحوثيين شباب الثورة وقام مسلحوها بإغلاق ساحة التغيير بصنعاء التى مثلت قلب ثورة .2011
وقالت مصادر شبابية إن الحوثيين نشروا العشرات من مسلحيهم فى ساحة التغيير وشارع الستين الشمالى وعدد من الشوارع التى اعتاد شباب ثورة فبراير الاحتفال بالمناسبة فيها، وحذرت المصادر من مصادمات مع شباب الثورة قد يقدم عليها الحوثى بالتعاون مع أنصار «صالح»، وعبروا عن خشيتهم من تكرار عمليات العنف التى شهدتها العاصمة صنعاء فى 2011 حيث سقط عشرات القتلى والجرحى برصاص الموالين لصالح.
وحذرت القوى الثورية المسلحين الحوثيين من المساس بالمتظاهرين السلميين الذين رفضوا العنف والإرهاب وعزموا على تحقيق أهداف الثورة السلمية للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة، وقالت حملة «لا للانقلاب» إنه وتجديدا لمسيرة النضال السلمى وتأكيد النهج فى مقاومة الاستقواء بالقوة لفرض الإرادات فإنها تدعو كل الأحرار للخروج بمسيرة مناهضة لما سمى «الإعلان الدستورى» ورفضا للانقلاب الحوثى مؤكدة مواصلتها المظاهرات السلمية لرفض الوجود المسلح لأى ميليشيات فى مدينة الحديدة وكل المدن اليمنية والعاصمة صنعاء.
وأوضحت حملة «لا للانقلاب» أن رفضها للانقلاب الذى قادته جماعة الحوثى المسلحة لا يعنى الدفاع عن شخص بقدر ما هو الدفاع عن مؤسسات الدولة والتأكيد على أهمية الجنوح لمبدأ التداول السلمى للسلطة ورفض مبدأ القوة والعنف.
وفى سياق متصل ناقشت اللجنة الثورية فى اجتماعها الأربعاء الماضى فى صنعاء برئاسة «محمد على الحوثى» خطط ورؤى اللجان الثورية فى الوزارات والمؤسسات الحكومية للارتقاء بمستوى الأداء ومعالجة جوانب القصور ومكافحة الفساد خلال الفترة الانتقالية وفقا للإعلان الدستورى.
واستعرض الاجتماع الذى ضم رؤساء اللجان الثورية فى الوزارات والمؤسسات ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من مهام فى مختلف المجالات لا سيما مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية.
وحث رئيس اللجنة الثورية كافة اللجان الثورية على الاستمرار فى أعمالها لمحاربة الفساد وتنفيذ اللوائح والأنظمة الداخلية للوزارات والمؤسسات والحرص على عدم عرقلة مهام تلك الجهات.
وتابع قائلا: «لابد من تغيير الصورة الذهنية عن اللجان الثورية لدى الجميع، فاليمن أصبح بفعل قوى الفساد فاشلاً حكوميا وإداريا ولكن هذه ثورة 21 سبتمبر إنما جاءت لتصحيح المسار والقضاء على الفساد حسب النظام والقانون الذى يعتبر مظلة الجميع ولا نريد أن نقصى أحدًا أو نهمش طرفًا بعينه فالجميع إخوة ولا تنظروا إلى الآخرين بنظرة قاصرة أو دونية أو استقصائية أو بنظرة ضيقة وسخرية».
واعتبر الإعلان الدستورى ضرورة اقتضتها المصلحة الوطنية للخروج باليمن من الفراغ الدستورى والأزمة الراهنة فضلا عن كونه جاء وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطنى واتفاق السلم والشراكة، بالإضافة إلى ما تضمنه من تشكيل مجلس وطنى يضم مختلف القوى والمكونات السياسية من شمال الوطن وجنوبه وإلغاء أو حل البرلمان الذى يعد فى نفس الوقت ملغيا بفعل المبادرة الخليجية.
واختتم رئيس اللجان الثورية كلمته قائلا: «لقد طالبنا مرارا وتكرارا بالشراكة العادلة بين مختلف القوى والمكونات ولكنها رفضت تلك الشراكة، رغم أننا أعطيناها ضعف ما هى عليه بالمجلس الوطنى والتمثيل الحكومى».
وفى الوقت الذى تجرى فيه الأطراف السياسية جولة جديدة للحوار برعاية الأمم المتحدة بصنعاء تمكنت الجماعة من السيطرة على «المحافظة البيضاء» وسط اليمن وتحت غطاء قوات الجيش والأمن لتنضم إلى عشر محافظات فى شمال البلاد التى باتت تحت سيطرة مسلحيها وسط توقعات باعتزام الحوثيين التقدم باتجاه الجنوب.
وذكرت مصادر محلية وشهود عيان أن الحوثيين سيطروا على «البيضاء» من دون مقاومة وبمساندة من قوات الجيش من اللواء 139 مشاة واللواء 117.
 وأوضحت المصادر أن مدينة البيضاء عاصمة المحافظة التى تحمل نفس الاسم باتت تحت سيطرة الحوثيين الذين نشروا مسلحيهم فى شوارع المدينة والمقرات الحكومية.
وقالت المصادر إن «سكان المدينة فوجئوا بحملة عسكرية مصحوبة بالدبابات والمدافع الثقيلة والعربات العسكرية تنتشر فى شوارع المدينة والمواقع التابعة للجيش وأجهزة الأمن فى المواقع المطلة على المدخل الشمالى لمدينة البيضاء وتمركزت الحملة العسكرية فى معسكر قوات الأمن الخاصة».
ولم ينتظر مسلحو القبائل طويلا إذ شنوا هجوما مباغتا على عربات وأطقم عسكرية تابعة للحوثيين داخل المدينة وأسفر الهجوم عن سقوط قتلى وجرحى فى صفوف الجانبين.
وأوضح شهود عيان أن مسلحى القبائل فجروا سيارتين من نوع «هامر» وأحرقوا طاقمين مستخدمين عبوات ناسفة وقذائف صاروخية من نوع «آر بى جى» واندلعت بعدها مواجهات متقطعة وسط المدينة وبالقرب من إدارة الأمن.
وتعتبر البيضاء بوابة المحافظات الجنوبية التى كانت منطقة مكيراس التابعة لها منطقة حدودية تفصل ما كان يسمى اليمن الشمالى باليمن الجنوبى، وهذه هى المحافظة الـ11 التى يسيطر عليها الحوثيون منذ اقتحامهم العاصمة صنعاء فى 21 سبتمبر 2014 لتنضم إلى محافظات شمالية هى: «صعدة وعمران وحجة وصنعاء وذمار والحديدة وأب وريمة، وأجزاء من الجوف»، وقد بدأت فيها المعارك قبل خمسة شهور بعد مهاجمة الحوثيين لمناطق فى المحافظة فى مدينة رداع، وقيفة رداع، ويكلا، وذى ناعم، وبلدة ولد ربيع، وتمكنت من قتل زعماء قبليين موالين «للقاعدة».
وحذر باحثون ومراقبون من خطورة استمرار معارك الحوثيين، وقال الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية «سعيد عبيد الجمحى» إن «المخطط الحوثى سيدخل اليمن فى سلسلة من الحروب والاقتتال الداخلى وستعيش خلاله البلاد أوضاعا بالغة الخطورة لا تقل خطورتها عما يجرى فى سوريا» مشيرا إلى أن ذلك يستدعى معه مئات المقاتلين من أصقاع العالم وستصبح اليمن بؤرة مفتوحة للصراع الذى يهدد الأمن الخليجى ويحقق فى نفس الوقت مصالح استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية ولحلفائهم الإيرانيين».
وقال الجمحى: «إن سيطرة الحوثيين على محافظة البيضاء تأتى ضمن تنفيذ خارطة طريق خاصة بهم لابتلاع ما تبقى من البلاد فى ظل ازدواجيتهم فى الطرح بممارسة العمل العسكرى بالتوازى مع الجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات السياسية» مشيرا إلى أن قبولهم العودة إلى المفاوضات هو تكتيك مرحلى يمنحهم مزيدًا من التوسع على الأرض، مضيفا أن «الهدف الذى يسعى إليه الحوثى هو البحث عن منافذ للوصول إلى المحافظات الجنوبية والتى تعد البيضاء المدخل الأنسب حيث يمكنه من خلالها التوغل إلى شبوة المحافظة النفطية ومحاصرة محافظة مأرب جهة الجنوب والشرق».
ويضيف: «مأرب هى المحافظة التى استعصت على التوسع الحوثى لذا توجه الحوثى نحو البيضاء التى يتوافر لديهم مبرر يجيدون استخدامه وهو «محاربة تنظيم القاعدة»، ومن خلاله يغازلون الولايات المتحدة والتى باتت تغض النظر عن التمدد الحوثى وجميع الانتهاكات التى ترتكبها الجماعة». وقال الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية «دخول الحوثى محافظة البيضاء هو بمثابة دخول عش الدبابير الذى سيفتح عليهم ما لم يتوقعونه بحرب طويلة المدى لن تكون لصالحهم».
جاءت تصريحات الرئيس الأمريكى أوباما الأحد الماضى لتكشف بجلاء سر التعنت الحوثى فى مواصلة انقلابه على الشرعية فى اليمن بصورة همجية متهورة. فلقد بدا أوباما، وهو يتحدث عن أولوية الحرب على القاعدة فى اليمن مبرراً للحوثى ما يقوم به من عنف وممارسات قمعية تخالف القرارات والقوانين الدولية بالرغم من كون الحوثى تحت طائلة العقوبات الدولية باعتباره معيقاً لعملية التسوية السياسية فى اليمن.
ومهما تكن دوافع الغرب فى استخدام الحوثى للقضاء على الدولة فى اليمن وجعله يواجه مستقبلاً مجهولاً فإن الغريب أن تستطيع هذه الجماعة التى تنتهج العنف تضليل الدوائر الغربية بأنها تهدف إلى القضاء على القاعدة بنفس الأسلوب والطريقة التى انتهجها صالح أثناء حكمه حيث تنشط عمليات القاعدة عندما يريد ذلك وتتوارى كلما قضى وطره باستلام المعونات من الإدارة الأمريكية.∎