الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العلاقةالجنسية بين الرجل والمرأة فى رواياته

العلاقةالجنسية بين الرجل والمرأة فى رواياته
العلاقةالجنسية بين الرجل والمرأة فى رواياته


إحسان عبدالقدوس، أحد أبرز الروائيين المصريين الذين نالوا شهرة ومكانة رفيعة لم يحظ بها سوى أسماء قليلة استطاعت أن تشق لنفسها مكاناً بارزاً فى معظم بلدان العالم التى اهتمت بأعمالهم، حيث ترجمت رواياته وأعماله القصصية القصيرة للعديد من لغات العالم كالإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية والأوكرانية.

لكن كثيرين يجهلون أن أعماله كانت محط الأنظار حتى فى إيران حيث ترجمت بعض أعماله إلى الفارسية، وذلك رغم الفجوة الكبيرة بين ثقافة «إحسان» الليبرالية المنفتحة والتى اهتمت بقصص الحب غير العذرى  والتى أظهرت فيها المرأة بصورة أكثر تحرراً، والثقافة الإيرانية الإسلامية بعد الثورة الخومينية عام ,1979 فلم يمنع التحفظ الذى فرضه «الخومينى» من إبداء الإيرانيين إعجابهم بروايات «إحسان» والذين رأوا فيها قيمة أدبية ونموذجاً إبداعياً فريداً للرواية المصرية، لاسيما أن أعماله تجمع فى طياتها تشريح الكثير من الجوانب فى المجتمع المصرى بطبقاته المتعددة الأرستقراطية والمتوسطة والفقيرة، بالإضافة إلى تناوله لبعض الأحداث السياسية فى عصره مثل روايته الشهيرة «فى بيتنا رجل» ومعاصرته للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذى كان معشوق الإيرانيين.
الكثير من الصحف والمواقع الإيرانية المهتمة بالأدب والثقافة سلطت الضوء على أعماله، وتقوم بين الحين والآخر بالكتابة عنه باعتباره إحدى القامات الكبيرة فى الأدب العربى الحديث، حيث وصفوه بأنه «عاشق الرومانسية والواقعية» كما ورد بصحيفة «همبستكى» الإيرانية، حيث قال  حميدة نجيب، أستاذ الأدب العربى أنه استطاع أن يمزج الواقعية بالرومانسية بسلاسة ومهارة بالغة وأسلوب رشيق يجعل القارئ مشدوداً للقصة للنهاية ويدخله فى عالمه الخاص ليظل تأثيرها عليه حتى بعد أن ينتهى منها، وهو أمر لم يستطع الكثير من المبدعين القيام به.
عن جرأته فى الكتابة الرومانسية والتى بها الكثير من التفاصيل عن علاقة الرجل والمرأة فى إطار غير اجتماعى أو شرعى، وذلك نظراً لاختلاف التوجهات والأفكار بين إيران الإسلامية وأفكار «إحسان» الليبرالية  يقول: إن هناك الكثير من الأفكار التحررية فى رواياته التى ربما نختلف معها، إلا أنه لم يمنع من أنها أعمال مميزة وبصمة فى تاريخ الأدب المصرى والعربى ككل.
وأضافت الصحيفة أن رواياته كشفت جوانب كثيرة لحياة بعض الطبقات الاجتماعية مثل الطبقة الارستقراطية وحياة الترف والرفاهية وتعرية بعض النفوس المريضة المحبة للمال والسلطة مثل رواية «يا عزيزى كلنا لصوص»، والتى نالت لقب أفضل رواية فى استطلاع الرأى للقراء العرب، مشيرة إلى أن هذه الرواية خرج فيها من الإطار التقليدى المعروف فى القصص الأدبية والتى تتحدث عن معاناة أحد أبناء الطبقات الثرية بعد وضع أمواله تحت الحراسة، ليقدم معالجة جديدة وقصة مثيرة حيث يقرر ابن هذه الطبقة المنعم أن يتعامل مع اللصوص لاسترداد حقوقه، وهو مالم يقدم من قبل.
ووصفته الصحيفة بأنه كان مبدعاً حراً ذا فكر ورؤية خاصة، حيث إنه عاصر كلاً من الرئيس جمال عبدالناصر وأنور السادات، وحسنى مبارك، ونال العديد من الجوائز فى عهدهم، حيث منحه الأول وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ومنحه «مبارك» وسام الجمهورية ونال فى عهده جائزة الدولة التقديرية فى الآداب، إلا إنه كان صاحب رأى حر، فعلى الرغم من أن «ناصر» كان يستشيره فى الكثير من قرارات مجلس قيادة الثورة، وتصريحات الأول بأنه أحد متابعى مقالات «إحسان» السياسية، إلا أن هذا الأمر لم يمنع الأخير من وضع يده على سلبيات حكم ناصر وزوار الفجر ولعل هذا الأمر هو سبب اعتقاله.
وأضافت أن «إحسان» كانت لديه الفطنة السياسية وذكاء كبير فى تناول أعماله، مشيرة إلى أنه على الرغم من الضجة التى أثارتها الرقابة على عنوان «يا عزيزى كلنا لصوص» باعتبار أن الاسم فيه نوع  من التعميم، إلا إن إصراره على تقديم أفكاره بحرية كان أقوى من أى قيود حوله، مما يجعل منه حالة فريدة سواء على الصعيد الأدبى أو الفكرى.
النقطة الأكثر أهمية التى تسترعى انتباه الباحثين الإيرانيين مجال الأدب العربى هو جرأة «إحسان» فى تناول العلاقات الجنسية ووصفه لأدق التفاصيل فى العلاقة وللمرأة وهو أمر استوقف الباحثين المتحفظين حيث يقول «حميدة نجيب» إن رواياته مميزة ولكن على المترجمين والناقلين أن يتناولوها كعمل أدبى بعيداً عن الحلال والحرام،على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الجرأة التى تناول بها رواياته كانت إحدى السمات التى اشتهرت بها أعماله والتى نسجت من خيوط الواقعية والرومانسية معاً.
لم يقتصر الاهتمام بأعمال المبدع إحسان عبدالقدوس، على المواقع الأدبية الإيرانية فحسب، بل إنه كان ولايزال محل اهتمام الكثير من الباحثين فى الجامعات الإيرانية باعتباره أحد أهم الرموز العربية فى مجال الأدب الحديث فى فترة تعد الأبرز فى تاريخ الأدب فى مصر والتى شهدت ميلاد الكثير من المبدعين أمثال نجيب محفوظ، يوسف السباعى، يوسف إدريس وغيرهم.
ففى 2007 تقدم الباحث كبرى عزت دوست، برسالة ماجستير حول أعمال إحسان عبدالقدوس، الأدبية تحت عنوان دراسة وتحليل وترجمة أعمال الأديب المصرى إحسان عبدالقدوس، والتى أشرف عليها كل من أ.د محمود شكيب، ود.سيد أمير محمود أنوار، بجامعة آزاد الإسلامية بطهران، قسمت لحوالى 7 فصول تناولت من خلالها تسليط الضوء على حياته وأسلوب كتابته الأدبية وتناوله للقصص القصيرة من خلال عدد من مجموعات الأدبية التى تناولت هذا اللون، مشيرة إلى أن تلك الفترة تعد صحوة فى تاريخ القصة القصيرة فى مصر، علاوة على ترجمة الرسالة رواية «''يا ابنتى لاتحيرينى معك».
كما قدمت العديد من الترجمات لنماذج كثيرة لرواياته من قبل بعض المهتمين بالأدب العربى فى أقسام اللغة العربية وآدابها بجامعات إيران المختلفة، مثل ترجمة منتهى الحب، وهى مجموعة من القصص القصيرة «منتهى الحب» والتى كانت رسالة ماجستير للباحث على رضا فرزانه، والتى أشرف عليها أ.د.محمود شكيب.
علاوة على ترجمة العديد من رواياته التى تنشرها مواقع إيرانية متخصصة فى مجال الأدب والفن، لتبقى أعماله محل اهتمام أجيال كثيرة مهما اختلفت ثقافتهم وبلادهم وخلفياتهم التاريخية والسياسية. ∎