الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البابـا «السلفى» يحرم الاختلاط بين الأولاد والبنات

البابـا «السلفى» يحرم  الاختلاط بين الأولاد والبنات
البابـا «السلفى» يحرم الاختلاط بين الأولاد والبنات


يوما بعد يوم تتكشف رؤى وأفكار البابا تواضروس.. كنا فى حاجة إلى فترة من الزمن حتى تتبين ملامح أفكاره اللاهوتية والاجتماعية والسياسية خصوصا أنه جاء بعد بابا استثنائى ــ البابا شنودة الثالث ــ فكان من المبكر الحكم على البطريرك الجديد إلا بالمعاشرة لعظاته وأقواله ومواقفه.
سياسيا لا يختلف أحد على حصافته، وأنه فتح أبواب وأسوار الكنيسة للأقباط حتى يتحرروا من تبعيته بعد أن بلغوا سن الرشد وتيسرت لهم حرية الحركة، أما اجتماعيا فجاءت فكرته الأولى صادمة ورجعية وكأننا أمام بابا من العصور الوسطى.
لذا كان أمرا مفزعا وغريبا ما قاله قداسة البابا تواضروس الثانى عن رأيه بوجوب فصل الأولاد عن البنات وعدم الاختلاط فيما بينهم فى المرحلتين الإعدادية والثانوية!!
كنا نتصور أن هذه الأفكار المتطرفة موجودة فقط لدى الإخوان والسلفيين وشاكلتهم.. أما أن تصدر عن بابا الأقباط الأرثوذكس فيشير إلى أن هذا التأثير السلفى المتشدد وجد له قدما وعقلا داخل الكنيسة القبطية والمصيبة أنه أصاب رأسها!.
مقولة الباب اختزلت الأطفال والشباب فى سن المراهقة ومرحلة البلوغ فى رؤية جنسية بحتة وتناسى قداسته كل أساليب التربية الحديثة التى تدعو للاختلاط والتقارب فى هذه السن حتى لا نعانى مثل دول وأفكار محيطة بنا وكان يريد الإخوان وغيرهم من جماعات متشددة تطبيقها فى بلادنا.
أفكار البابا السلفية تدعو للعزلة وترى فى الطفلة فى هذه السن وسيلة إغراء لمن هم فى مثل سنها من البنين وتناسى أن مهمة الكنيسة الأولى هى التربية الروحية وتهذيب الشهوة.
كنا نعانى من عدم الاختلاط فى المدارس وظهور الأفكار المتطرفة التى أصابت مجتمعاتنا حتى أنه كانت هناك ما يسمى بالمدارس الإسلامية التى تحرم وتمنع الاختلاط بين الأولاد والبنات فى مراحلها.
حتى أتى البابا الجديد ليروج نفس الأفكار ويقود منهج التشدد للكنيسة القبطية المعروفة باعتدالها.
خصوصا أن الكنيسة فى كل أنشطتها كانت تقوم بتربيتها على الاختلاط والتفاهم بين أبنائها عبر مراحلهم السنية المختلفة مما كان له منظور إيجابى متمنين تعميمه لكن إرادة البابا كانت تعميته.
البابا السلفى تناسى أنه عندما تنهض الكنيسة فى العصر الحديث ويحدث التعليم المختلط لا نجد فتاوى تحذر من الاختلاط، ولكن قيما تحكم ذلك، ولم يشر أحد من قبل إلى سن إعدادى أو ثانوى بل يكون الحديث عن مرحلة الشباب.
فلم نجد تحذيرات من الاختلاط عند مؤسس مدارس الأحد القديس حبيب جرجس، وهناك اجتماعات عديدة قائمة على الاختلاط السليم وأنشطة الكنيسة العديدة قائمة على الاختلاط وهذه للأمثلة فقط، فرق المسرح التى أصبحت موجودة فى كل كنيسة، فهناك مثلا مهرجان المسرح المسيحى الذى تنظمه مطرانية شبرا الخيمة يشارك فيه نحو 120 مسرحية بكل مراحله إعدادى وثانوى وشباب، وهناك أيضا مهرجان الكرازة الذى يوجد به فرق مسرحية وكورالات ترنيمية وغيرها الكثير، حيث شارك فى مهرجان الكرازة الأخير نحو مليون فتى وفتاة، حيث أصبح الاختلاط ضرورة وواقع حياة معاشا.
لذلك كان أمرا مفزعا وغريبا وعجيبا ما قاله قداسة البابا بوجوب فصل الأولاد عن البنات فى مرحلة إعدادى وثانوى، وأضاف عليه: الولد الذى ينشأ مع مجموعة من البنات ينشأ ولدا مايعا والبنت التى تنشأ مع مجموعة من الأولاد تنشأ بنتا مسترجلة.. فهل هذا الكلام مقدمة للفصل بين البنات والأولاد فى المراحل المختلفة، وهل هذه سلفية كنسية تتناسب مع السلفية الإسلامية بالمجتمع المصرى، حيث نجد بعد قليل مسرحية يقوم فيها الذكور بتمثيل أدوار الإناث كما كان يفعل الإخوان والسلفيون.
 المشكلة أن البابا لم يتحدث عن مرحلة الشباب التى تحتاج إلى تحديد شكل الاختلاط مثلا، ولكن تحدث إلى مرحلة طفولية أقل بكثير تخالف واقعا قائما قال عنه نيافة الأنبا موسى الأسقف العام للشباب: الاختلاط بين الجنسين شىء طبيعى موجود الآن فى البيوت والمدارس والجامعات وميادين العمل، وخطورة الاختلاط تكمـن فى الانحراف به عن جـادة الصـواب، سواء انحـرافنـا بـه نحـو الانفـلات كما يحـدث فى المجتمعات الغربيـة، أو نحـو التـزمـت كما يحـدث أحيـانا فـى المجتمعـات الشـرقية بالفـصل المتشـدد بيـن الجنسـين. أما الاختـلاط المسيحى فله سماتـه وحـدوده.
ويضيف الأنبا موسى قائلا فى كتابه «كيف نخدم الشباب»:
الواقع أن هناك مجالين للاختلاط هما، المجال السليم، والمجال غير السليم. ودعنا نوضح الأمر:
(1) مجالات الاختلاط السليم: يكون ذلك فى محيط العائلة، والكنيسة، والدراسة، والعمل، والجيران، والأصدقاء.
(2) فوائد الاختلاط السليم: للاختلاط السليم فوائد عديدة منها:
∎ فهم طبيعة الآخر.
∎ الثراء الفكرى.
∎ اللياقة والأخلاق فى التعامل.
∎ عدم الغموض.
ولأن الأنبا موسى يتحدث للشباب ويضع الأساس المسيحى للاختلاط. فلم يكن أحد يتخيل أنه سوف يأتى يوم ويحذر بطريرك الكرازة من الاختلاط فى إعدادى وثانوى، حيث يكمل نيافته شروط الاختلاط للمرحلة التى من المفترض أن يتقدم لها مسيحيا هذا الكلام فيقول: توجد بعض الحدود التحفظية للاختلاط حتى لا ينحرف عن مساره السليم منها: أن يكون الاختلاط موافقا لفكر المسيح،وأن أى علاقة فردية بشخص معين هى نذير خطر يحدق بالطرفين أن يكون الاختلاط لهدف مقدس وبأسلوب مقدس أى لاختيار شريك الحياة.
أسقف الشباب والتعليم حدد أماكن معينة للاختلاط، كالكنيسة والمدرسة «المدرسة نكرر» والعمل وليس فى الخارج.
فى وسط مجموعة وليس فى لقاءات فردية.
كما أن قداسة البابا شنودة الثالث لم يقل بمثل هذا الرأى من قبل، والعجيب والغريب أننا نجد أن هذا الرأى يتطابق مع آراء للسلفيين والإخوان الذين ينقبون أطفالهم ويعزلونهم عزلة غريبة.
وإذا كنا قد تعرفنا على الموقف المسيحى من الاختلاط، فماذا عن رأى التربية وعلم النفس فكلام البابا هو كلام يتناقض مع علم النفس تماما حيث تقول الدكتورة سلوى عبد الباقى أستاذة علم النفس بجامعة حلوان إن علاج ظاهرة التحرش تحتاج إلى الاختلاط الصحى فى جميع المراحل الدراسية، فأحد أسباب هذه الآفة المجتمعية هى التربية الخاطئة داخل الأسرة والمجتمع اللذين يرسخان لفكرة أن اختلاط الولد والبنت علاقة محرمة وخاطئة وبالتالى يتعامل المتحرش بمنطق الممنوع مرغوب!
وتقول الأستاذة مارى رمسيس أخصائية تربوية واستشارية فى تعديل السلوك، إن هذه العبارة غير صحيحة تربويا وسلوكيا ونفسيا واجتماعيا لأن غياب جنس من المجتمع يؤدى إلى بتر كائن من وجود وفكر الآخر، الأمر الذى يؤدى إلى عقد ومشاكل نفسية واجتماعية وسلوكية تظهر فى التحرش وسوء اختيار الزوجة، ومن أمراض عدم الاختلاط التهافت على الجنس الآخر بأى شكل كان.
وتضيف: هناك خطر لذلك التصريح هو ظهور الشذوذ الجنسى والذى يظهر بكثرة فى غياب الجنس الآخر، ونرجو ألا يتحدث أحد ذو مكانة فى غير تخصصه لأنه ذو شعبية كبرى وذلك يولد نظريات خطأ، ومن حقنا أن نسأل قداسته: من أين جاء بهذا الكلام الذى يناقض كل العلوم الاجتماعية، وأؤكد أن أول خطوة أساسية فى علاج الشاذ هو وضعه فى مجتمع مختلط وقبول الآخر، وتضيف مارى: إذا قمنا بتحليل كلمة البابا سوف نجد أمر غريبا، وكأن الولد يأخذ من البنت الميوعة. فبذلك حكم على كل البنات بهذه الصفة كأن صفتى الميوعة والرجولة جاكتات للتبادل، ولماذا لم ير قداسته أن الولد قد يأخذ من البنت صفات إيجابية مثل الحنان والمشاعر الطيبة والإحساس العالى بالآخر والاستفادة بخبرات متبادلة، ويبقى هل يكتفى البابا بتصريحه أم يصدر أوامره للعزل حيث سوف يهرب الجميع من الأجواء غير التربوية؟!∎