فرصة السلام قائمة بشروط
هنا القاهرة.. الصخرة ضد مخططات التهجير
شوقى عصام
طوال عامين، قاد الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤسسات الدولة للوقوف أمام محاولات تل أبيب لتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين، ما رسخ عدم قبول القيادة المصرية إطلاقًًا المساس بامتدادات وثوابت الأمن القومى، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطينى، ورفض تمرير أى مخطط لرئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو يستهدف اقتلاع الفلسطينيين من جذورهم.
ولم تفهم تل أبيب، أن فرصة السلام ما زالت قائمة مع العرب بشرط الاعتراف بحقوق الفلسطينيين وحل الدولتين، وأنه كلما كان هناك تهديد أو اعتداء على هذا الحق المشروع سيكون هناك جفاء وعلاقة جامدة، ولن يفلح معها تدبير محاولات للاعتداء على هذا الحق، وليبقى الحال الذى لا جدال فيه أن «هنا القاهرة.. الصخرة التى يتفتت عليها مخطط التهجير».
خبراء فى العلاقات الدولية أكدوا لـ«روز اليوسف»، أن مصر التى لم تساوم على تمسك الفلسطينيين بأراضيهم، نجحت فى قطع الطريق وإفشال خطة التهجير الأولى خلال الحرب على غزة، وقادرة على عرقلة نفس ذات المخطط، وهو ما ينظر إليه نتنياهو بالعمل على إيجاد أى طريق فى أكثر من اتجاه، وممارسة أشكال متعددة من الضغوط على القاهرة عبر عدة طرق كما فعل قبل ذلك، بينما تتمسك القيادة السياسية المصرية بإحباط أى محاولة للالتفاف، وتكرار العمل على خطة التهجير من جديد.
وأوضحوا أن هناك محاولات من جانب تل أبيب لعقد قمة تجمع الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مؤكدين أنّ الدور المصرى محورى ولا يمكن القفز عليه ولا على مكانة مصر الكبيرة أو التأثير على ثوابته.
يقول الخبير فى العلاقات الدولية، طارق البرديسى، إن رفض القاهرة تهجير الفلسطينيين يعكس ثوابت السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، ويؤكد أن أمن غزة جزء لا يتجزأ من الأمن القومى، مشيرًا إلى أن محاولات إسرائيل لفرض واقع جديد من خلال الضغط والتهجير مرفوضة بشكل قاطع.
وأوضح البرديسى فى تصريحات لـ«روزاليوسف»، أن مصر تتحرك دبلوماسياً فى كل الاتجاهات لإحباط أى سيناريو تهجير قسرى، وتؤكد للعالم أن القضية ليست إنسانية فقط بل سياسية تتعلق بالحق فى الأرض، وعدم القبول بسياسة العقاب الجماعى، وفرض التهجير كأداة من أدوات الحرب.
وبحسب «البرديسي» فإن مصر تراقب عن كثب كل ما يقال عن معبر رفح، وتؤكد أن تشغيله يتم وفق السيادة المصرية، وبما يتوافق مع المصالح الأمنية والإنسانية، مع التأكيد على أن الحل الوحيد هو وقف العدوان والعودة للمفاوضات من أجل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وترى الباحثة السياسية الفلسطينية، الدكتورة تمارا حداد، أن مصر تكرر دائمًا أن فتح معبر رفح يجب أن يتم وفق خطة ترامب، وبما يسمح للفلسطينيين بالدخول والخروج بإرادتهم، وليس تحت الضغط لإجبارهم على المغادرة، لافتة إلى وجود مبادرات أمريكية تهدف إلى تقليل حدّة التوتر فى هذا الإطار، فى وقت ما زالت تنظر فيه تل أبيب إلى التهجير كضرورة لخفض الوجود الديموغرافى الفلسطينى.
وأوضحت حداد أن مصر التى لم تساوم على تمسك الفلسطينيين بأراضيهم، نجحت فى قطع الطريق وإفشال خطة التهجير الأولى خلال الحرب على غزة، وقادرة على عرقلة نفس ذات المخطط، وهو ما ينظر إليه نتنياهو بالعمل على إيجاد أى طريق فى أكثر من اتجاه وممارسة أشكال متعددة من الضغوط على القاهرة عبر عدة طرق كما فعل قبل ذلك، وهو ما يقابله المسئولية التى تتمسك بها القيادة السياسية المصرية، بمنع أى التفاف من نتنياهو، لتكرار هذه الخطة من جديد.
وبحسب حداد، فإنه من المرجح أن يتجه لقاء ترامب مع نتنياهو المقبل نحو بُعدين أساسيين؛ الأول يتعلق بمحاولة الأخير مساومة الرئيس الأمريكى عبر إبداء قبول جزئى لتنفيذ خطة السلام التى كللت فى شرم الشيخ، أى تسوية جزئية لبعض بنودها، مقابل الحصول على موافقة ضمنية من واشنطن بأن تبقى الضفة الغربية تحت سيطرة قوات الاحتلال، حتى وإن لم يتم إعلان الضم بشكل رسمى، بل عبر نظام تدريجى غير معلن.
وأفادت حداد أن البعد الثانى من اللقاء يتناول طبيعة مهام القوات الدولية متعددة الجنسيات، حيث تصرّ إسرائيل على أن تكون السيطرة الأمنية الكاملة بيد جيش الاحتلال فى قطاع غزة والضفة الغربية، وفى رؤيتها تكون مهام القوات الدولية إنسانية وإغاثية ومراقبة للحدود فقط، فيما يبقى القرار الأمنى والعسكرى فى يد تل أبيب وحدها.
واستطردت حداد بأن رؤية الدول العربية والاتحاد الأوروبى أن استلام السلطة الفلسطينية زمام الأمور فى قطاع غزة يُحدث ترابطاً مع الضفة الغربية، ويمهد لنشوء الدولة الفلسطينية مستقبلاً.
فيما يعتقد الخبير فى الشأن الإسرائيلى، الدكتور نزار نزال، أن تل أبيب هدفت منذ البداية إلى إحراج مصر وإلقاء المسئولية الإنسانية على عاتقها، وهو ما تحملته القاهرة طوال الحرب على غزة.
وأوضح أن ثبات الموقف المصرى بعرقلة مخطط التهجير، دفع نتنياهو للعمل على التشويش على حجم التأثير المصرى على ملف غزة، وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام، وهو ما اصطدم بحقيقة أن الدور المصرى عميق، وذو جذور ثابتة، ويمنع عرقلة أى عملية تهجير لأهل القطاع من أراضيهم.
وأوضح نزال أن مصر استطاعت، رغم كل التحديات وما جهز من مخططات تجاهها، إحباط هذا المشروع الإسرائيلى، لكن بالمقابل هناك محاولات اليوم من جانب تل أبيب لعقد قمة تجمع الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مؤكّدًا أنّ الدور المصرى محورى، ولا يمكن القفز عليه ولا على مكانة مصر الكبيرة أو التأثير على ثوابته.
واعتبر نزال أنّ هناك ملفين مهمّين سيكونان على طاولة المباحثات يوم 29 من هذا الشهر أمام رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى البيت الأبيض مع ترامب؛ الأول هو ملف غزة والدخول فى المرحلة الثانية، والملف الثانى هو ملف لبنان، مضيفا أنّ الولايات المتحدة تريد إيصال رسالة واضحة للإسرائيليين بأنها ضاقت ذرعًا من سلوك نتنياهو وسلوك حكومته الحالية.
وأشار إلى أنّ واشنطن تريد نتنياهو فى الحكومة، لكنها لا تريد البيئة السياسية المحيطة به، كما أنها ترغب فى إرسال رسالة إلى تل أبيب بأنها لن تقبل أن تكون محرجة أمام العالم بسبب رفض الحكومة اليمينية المتطرفة الانتقال إلى المرحلة الثانية، مؤكدا أنّه سيتم فى هذا السياق مناقشة سلوك ومهام القوات الدولية التى ستصل إلى قطاع غزة، إضافة إلى طبيعة التعامل مع ملف حماس العسكرى أو سلاح الحركة.







