ربع تون
كلام فرسان لـ«ويجز ومنير».. من هو الرابح الأكبر؟
محمد شميس
بدون مقدمات، يبدو أن الرابح الأكبر من أغنية (كلام فرسان) هو النجم الكبير «محمد منير»، رغم استفادة «ويجز» أيضًا من التعاون، إذ حصل على شهادة جودة من أحد أساطير الغناء على مستوى العالم، وليس مصر فقط، فى مسيرة فنية لابن النوبة ممتدة منذ نحو نصف قرن.
لكن، ما قدمه «منير» ليس بغريب. فقد دعم فى بداياته «حميد الشاعرى» فى ديو (أكيد)، وغنى مع أساطير مثل «عمرو دياب»، وفى المقابل غنى مع أسماء لم تحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، مثل «شاندو» فى أغنية (يا رمان). خلال السنوات الأخيرة، أصبح التعاون مع «منير» أسهل من الغناء منفردًا؛ فقد غنى مع «تامر حسنى، كايروكى، نوران أبو طالب، دينا الوديدى ومروان موسى»، سواء فى أغان جديدة، أو إعادة تقديم أغان قديمة فى حفلات أو برامج، أو حتى حملات إعلانية.
الاستفادة الحقيقية لـ«ويجز» تكمن فى المجاملة التى قدمها له «منير»، حين قال إنه يشبهه فى بداياته، وهو تصريح يعزز، «برستيج»، «ويجز»، رغم عدم دقة المقارنة. «منير» ظهر قبل أقل من عام على وفاة «عبدالحليم حافظ»، ليكون جسرًا بين مرحلتين غنائيتين؛ مرحلة انتهت بالغناء عن علاقة الحبيب بالحبيبة والغناء للوطن المتجسد فى صورة شخص الزعيم الحاكم كما قدمه «عبدالحليم» وغناؤه لـ«جمال عبدالناصر» فى أكثر من 14 أغنية بخلاف الأغانى التى صنعت بلسان رجال ثورة يوليو، ومرحلة «منير» التى تناولت الوطن بمفهوم أشمل يركز على القضايا التى تمس الناس، مع التركيز على تفاصيل الحياة اليومية، وتقديم العاطفة بأسلوب وموسيقى غربية تعتمد الهارمونى والإيقاع والتقنيات الإلكترونية الحديثة وقتها.
«ويجز»، بالمقابل، لم يكن علامة فاصلة بين فترتين، بل امتدادا طبيعيا لمدارس الراب «الأولد سكول» التى ظهرت نهاية التسعينيات، وصولًا إلى موجة التراب الجديدة التى أسسها «مروان بابلو» مع «مولوتوف». «ويجز» أيضا لم يواجه تحديات مشابهة لـ«منير»، مثل العنصرية بسبب لون بشرته ومحاولاته طرح الأغنية النوبية على المنصات الرسمية.
والمؤكد أن نجاح «منير» كان أصعب، فقد ظهر فى زمن كانت فيه السيطرة الإعلامية للدولة شرطًا للوصول للجماهير، فهى تمتلك الإذاعة والتليفزيون وأيضا غالبية الصحف كمصادر رئيسية للحصول على المعلومات والترفيه، بينما ظهر «ويجز» فى زمن حرية الاختيار، حيث تتنافس المنصات الرسمية مع الكيانات الإنتاجية الحرة، وهو ما سهّل انتشار جيله.
جوهر استفادة «منير» يكمن فى صورته الذهنية لدى الجمهور، الفنان المتجدد الداعم للشباب حتى بعد تجاوز السبعين، مستفيدًا من حب جيل «ويجز» لتعزيز جماهيرته، وتأكيد دوره كـ«أب روحى» لهذا الجيل، خصوصًا بعد استخدام صوته كـ«سامبل» فى ألبوم «مروان موسى»، (الرجل الذى فقد قلبه)، وأغنية (تقاطع)، وهو أحد منافسى «ويجز» فى مشهد الراب المصرى.
لكن هل كان ما قدمه «ويجز» فى (كلام فرسان) حقًا راب؟ الإجابة: لا.
من حيث الأداء، فهو بعيد عن أسلوب «رص الكلام»، إذ يغنى بجمل لحنية واضحة. ومن حيث المحتوى، يفتقد روح التمرد التى تعد سمة أساسية للراب، فجمهور الراب ارتبط بالتمرد والابتعاد عن الأغانى التقليدية. أغنية «ويجز» ظهرت كأنها نصائح للشباب، بأسلوب «الأخ الأكبر»، وهو توجه متكرر فى أعماله الأخيرة، سواء بدعوات التمسك بالهوية العربية أو العودة للجذور الإفريقية، بدلًا من التعبير عن صراعاته الشخصية أو التمرد على الواقع، وهو ما كان سببًا رئيسيًا فى نجاحه جماهيريًا فى مراحل البدايات.
لهذا، يمكن القول إن «منير» هو الرابح الأكبر، إذ اكتسب شرائح جديدة من جمهور «ويجز»، بينما جمهور الراب بدأ يفقد اهتمامه بما يقدمه الأخير، فى حين سيستمر جمهور «منير» فى الاستمتاع بأعماله المميزة، مع إضافة لمسة الحداثة والشبابية التى قدمها التعاون مع «ويجز».
وفى ظنى، أن الكثير من جمهور «ويجز» سيتجه نحو «منير»، بينما القليل جدًا من جمهور «منير» سيهتم بالانتقال إلى جمهور «ويجز».







