الخميس 11 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

التحركات الأوروبية تكشف التفاصيل:

الحظر الأمريكى للإخوان.. ما خفى كان أعظم

لفهم أعمق للتحركات الأمريكية الأخيرة ضد بعض أفرع التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية، علينا النظر بشكل بانورامى للمواجهة الأوروبية المباشرة لخلايا الإخوان وشبكاتهم وتمويلاتهم. وبعيدًا عن البروباجندا الأمريكية، نريد فهم التأثيرات الحقيقية التى ستقع على التنظيم الإرهابي.. لأن اعتبار التحرك الأمريكى «ضربة قاضية» نوع من التهويل والمبالغة. وحتى لا نقع فى فخ التهويل أو التأويل نقدم فى السطور التالية فهمًا أعمق للمشهد الأوروبى وانعكاساته على القرار الأمريكى وعلى مستقبل التنظيم.



وفقًا للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات. يواجه قرار إدراج جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، تحديا يتمثل فى غياب قيادة موحدة للجماعة عالميًا - حيث يعمل التنظيم الدولى بطريقة لا مركزية، وفروعه تختلف من حيث البنية القانونية والدور السياسى، وهو ما يُعقد أى محاولة لفرض تصنيف شامل، وقد يكون قابلًا للطعن فى القضاء الأمريكى، خاصة إذا لم تستطع الإدارة تقديم دليل واضح يربط كل الفروع بدعم الإرهاب. 

وقد يؤدى القرار إلى فرض رقابة مشددة على المنظمات الإسلامية فى الولايات المتحدة، خصوصًا تلك التى تُصنَّف بوصفها ذات «خلفية فكرية» قريبة من الإخوان، ما قد يخلق جدلًا كبيرًا حول الحريات الدينية وحرية التنظيم، الأمر الذى يفتح الباب أمام تحديات قانونية داخلية.

فى هذا الإطار، يقول رامى إبراهيم، الباحث فى العلاقات الدولية: إن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يأتى بسبب أيديولوجية الجماعة المتطرفة العابرة للحدود، وتصاعد القلق الأمنى والسياسى من تأثيرها فى المجتمع الأمريكى، وأيضا فى الدول الأوروبية والحليفة. 

وأضاف فى حديثه لمجلة روزاليوسف، أن الإدارة الأمريكية تدرك خطورة الجماعة، كما تدرك أن دورها الوظيفى فى بعض الدول، مقابل تكلفة تبنيها، خاصة فى مصر، أصبح غير مجدٍ.. وأوضح، أن قرار تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية قد يستغرق وقتًا، وربما يشمل بعض فروع الجماعة دون أخرى، بسبب تعدد فروع شبكة التنظيم الدولى، وتشابك المصالح مع الدول التى تأوى قيادات التنظيم الذين هربوا من مصر وتونس وليبيا والسودان، وغيرها.

 مناقشات جادة

ولفت رامى إبراهيم، إلى أن هناك مناقشات جادة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والعديد من الدول الأوروبية والدول العربية على رأسها مصر، لإيجاد آلية تحجيم لأنشطة الجماعة والسيطرة على تدفقات أموال التنظيم الدولى لعناصره، والتى تستخدم فى أعمال تحريض ودعم للعمليات الإرهابية.

 

 

 

وتابع: بعض فروع جماعة الإخوان الإرهابية فى العديد من الدول تتخذ مسميات مختلفة، وتتخفى تحت ستار الجمعيات الخدمية والمنظمات الأهلية أو الأحزاب السياسة، وغيرها من الأشكال القانونية التى تجعل من الصعوبة مواجهتها جميعًا، كما أن الجماعة تمتلك فى الولايات المتحدة وحدها 30 فرعًا، مما يجعلها تتمتع بمساحة واسعة من العمل، ويخلق صعوبة فى تتبعها، كما أن هناك دولا تحتاج لإصدار تشريعات أو قوانين للمواجهة.

وقال رامى إبراهيم، إن التوقعات تشير إلى حظر أنشطة التنظيم الدولى للإخوان وفروعه فى العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، لكن باقى الفروع ستظل فى الغالب تعمل تحت حماية من المخابرات الأمريكية والبريطانية، لأن لها دورا وظيفيا لم ينته، كونها إحدى أدوات الغرب لإحداث اضطرابات داخل الدول المستهدفة.

ولفت إلى قرار حاكم تكساس، الخاص بتصنيف جماعة الإخوان وما يسمى مجلس «العلاقات الأمريكية - الإسلامية» على أنهما «منظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إجرامية عابرة للحدود، قائلا: القرار جاء بعدما تبين أن الإخوان وضعوا أهدافًا لفرض الشريعة بالقوة، واتخاذ إجراءات لدعم الإرهاب عالميًا.

وتابع: التنظيم الدولى للإخوان منذ هزيمته فى مصر، وهزيمة عناصره الإرهابية فى سيناء وعلى حدود مصر، أصبحت فروعه فى كل أنحاء العالم فى وضع صعب، وتحت مراقبة دقيقة من الدول التى تحتضنها، حتى تركيا تراجع مواقفها.

واستكمل: القرار أخذ فى اعتباره تصنيف عدة دول عربية وإسلامية جماعة الإخوان منظمةً إرهابية، وأن تلك الدول فرضت فعلًا قيودًا على فروعها المحلية، كما وصف القرار منظمة كير بأنها تابعة للإخوان، وتعمل كواجهة لبعض الحركات والتنظيمات المتطرفة، وأن هناك تقارير تفيد أن «مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية» منظمة تأسست كـ «واجهة» للعديد من المؤسسات المتطرفة فى الشرق الأوسط.

 إعادة تشكيل السياسة الأمريكية

وفقًا للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إذا نُفّذ قرار ترامب بتصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، سيكون خطوة كبرى تتجاوز البعد الرمزى، وتدخل فى صلب إعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الإسلام السياسي. 

كما أن القرار يحمل رسائل سياسية واضحة إلى حماس وإيران ودول أخرى داعمة للتنظيم، كما يقدم دعمًا إضافيًا للدول الأوروبية التى تتجه لتشديد الرقابة على الجماعات المرتبطة بالإخوان، لكنه فى الوقت نفسه يفتح بابًا واسعًا للجدل القانونى والحقوقى داخل الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالحريات المدنية والمنظمات الإسلامية.

 تحولات عميقة

ويشهد العالم خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة فى طريقة تعامله مع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، بعدما أصبح الكثير من الحكومات الغربية والعربية ترى فى نشاطها السياسى والتنظيمى مصدرًا للتوتر وتهديدًا للاستقرار الداخلي. 

ومع اتساع رقعة التحذيرات الأمنية والتقارير التى تتحدث عن تمدد شبكات الجماعة العابرة للحدود، بدأت دول عدة فى إعادة تقييم موقفها، وصولًا إلى فرض قيود مشددة أو حتى التحرك نحو إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب. 

هذا المناخ الدولى يعكس مرحلة جديدة تتراجع فيها مساحة التسامح التى كانت تتمتع بها الجماعة لعقود طويلة، فى بعض الدول الأجنبية.

 تجميد أصول

التحركات الأخيرة نحو تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية، إذا اكتملت، قد تمثل تحولًا جذريًا فى السياسة الأمريكية. 

القرار يعنى تجميد أصول، وحظر تعاملات، وتشديد الرقابة على كل التنظيمات المرتبطة بالجماعة داخل وخارج الولايات المتحدة.

ورغم أن معظم الدول الأوروبية لم تُصنف الإخوان كمنظمة إرهابية بشكل مباشر، إلا أنها تبنت إجراءات مشددة تستهدف البنية المالية والتنظيمية للجماعة.

فى النمسا على سبيل المثال، أُطلقت «خريطة الإسلام السياسي» التى تراقب المؤسسات المرتبطة بالإخوان. 

وفى ألمانيا، وضعت هيئة حماية الدستور نشاط الجماعة تحت المراقبة، معتبرة أنها «تسعى لفرض رؤيتها السياسية بوسائل ناعمة».

تلك الدول تبرر خطواتها بأنها لا تستهدف المسلمين، وإنما التنظيمات التى توظف العمل الدينى لخدمة مشروع سياسى عابر للحدود.

 تظاهرات أوروبية

أكد تقرير أوروبى ارتفاع موجات الغضب فى بروكسل، وسط مطالب للاتحاد الأوروبى لتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وتجمع نحو 150 متظاهرًا أمام مبنى بيرلايمونت - مقر المفوضية الأوروبية فى بروكسل- لحثّ الاتحاد الأوروبى على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.

ووفق التقرير فقد حمل المشاركون لافتاتٍ كُتب عليها «نطالب الاتحاد الأوروبى بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية»، مؤكدين أن هدفهم هو الدفاع عن «القيم المدنية الأوروبية» وحماية المجتمع من التطرف. 

وفى بيانٍ صدر باللغتين الفرنسية والإنجليزية، أكد المشاركون أن جماعة الإخوان المسلمين ليست حركةً سياسية شرعية، بل «أيديولوجية توسعية وهدامة»، تستغل الثغرات القانونية لتمويل أنشطتها، والتسلل إلى المؤسسات ونشر الفرقة. 

ودعا المشاركون الاتحاد الأوروبى لتجميد أصول جماعة الإخوان، وتقييد سفر قادتها، والاعتراف بها رسميًا كتهديد أمني.

 ألمانيا

قدم حزب البديل لأجل ألمانيا، ثانى أكبر كتلة برلمانية فى البرلمان الألمانى «البوندستاج»، استجوابًا عاجلًا للحكومة حول منح تمويل حكومى لبعض المشاريع التى تديرها أذرع إخوانية.

وفى ديباجة الاستجواب، قالت كتلة حزب البديل لأجل ألمانيا: «تدعم الحكومة الفيدرالية منذ سنوات المنظمات العاملة فى مجالات تعزيز الديمقراطية والاندماج ومكافحة التمييز، ومن بين تلك المنظمات التحالف ضد معاداة الإسلام والمسلمين (كليم)، وشبكة المنظمات الألمانية الجديدة، وشركاء إقليميون مثل «Teilseiend e. V»، والأكاديمية الإسلامية فى هايدلبرج».

 إسبانيا

أسقطت إسبانيا شبكة إخوانية تبث أفكارا متطرفة وتعمل على تفعيل عمليات تجنيد غير شرعية، حيث ذكرت صحيفة «الكونفدنثيال» الإسبانية أن هذا التطور دفع الحكومة إلى تنفيذ سلسلة من الإجراءات الحاسمة، التى وُصفت بأنها الأوسع منذ أكثر من عقد فى إطار التصدى للتهديدات الأيديولوجية العابرة للحدود.

وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطة الوطنية والحرس المدنى كثفوا من عمليات المداهمة والمراقبة، أسفرت عن تدخلات خلال الأشهر الأولى من العام الجارى 2025، عن اعتقال 38 شخصًا منتمين للشبكات الإرهابية، فيما ذكرت وزارة الداخلية وجود 5 مراكز مرتبطة بالإخوان فى إقليمى كتالونيا وفالنسيا.

 السويد

تكشف صحيفة «إكسبريسن» السويدية فى تحقيق موسع عن شبكة من الأئمة المرتبطين بجماعة الإخوان الإرهابية، متهمين باختلاس مبالغ ضخمة من أموال دافعى الضرائب عبر مؤسسات تعليمية خاصة، بينها مدارس ودور حضانة، وحصلت الشبكة على تمويل حكومى بمليارات الكرونات. 

وتقول الصحيفة إن تلك المؤسسات شكلت غطاء لتحويلات مالية مشبوهة، وعمليات احتيال واسعة النطاق.

 

هل تدفع «حماس» الفاتورة؟!

 

وفق تحليل نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن «هناك مخاوف أمريكية تجاه جماعة الإخوان»، مؤكدًا أنه «ينبغى للإدارة الأمريكية أن تصنف تلك الفروع المرتبطة بالعنف كمنظمات إرهابية أجنبية، فى الوقت نفسه، ينبغى لها أن توفر إطارًا قانونيًا قويًا لمتابعة منظمات «الإخوان» باستخدام أدوات العقوبات وإنفاذ القانون على حد سواء».

وأوضح معهد واشنطن أنه ينبغى لإدارة ترامب أن تنظر عن كثب فى أى كيانات تابعة لـ»الإخوان» قدمت دعمًا لحماس، وهو أمر غير قانونى بموجب القانون الأمريكي. 

واتهمت الحكومة البريطانية «الإخوان المسلمين» فى تقرير عام 2015 بـ«التحضين والدعم المتعمد والواعى والعلنى لحماس»، بما فى ذلك تسهيل تمويلها، كما أكد التقرير على الروابط المستمرة بين «حماس» وفروع  وتنظيمات «الإخوان» فى جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وأضاف أنه من المرجح أن تحدد المواد التى جمعتها إسرائيل من أنفاق «حماس» ومكاتبها فى غزة العديد من الجناة للاختيار من بينهم. 

على سبيل المثال، أعلنت إسرائيل قبل عدة أشهر أن وثائق عُثر عليها فى غزة أظهرت روابط مباشرة بين «حماس» و«المؤتمر الشعبى للفلسطينيين فى الخارج»، الذى صنفته إسرائيل بسبب روابطه بـ«حماس» ووصفته بأنه منظمة مرتبطة بـ«الإخوان». 

وفقًا لإسرائيل، فإن «المؤتمر الشعبى للفلسطينيين فى الخارج» يعمل كممثل لحماس فى الخارج، ويعمل فعليًا كسفارات للحركة. 

وأشارت السلطات الأردنية إلى اتجاه مماثل بين المنظمات المرتبطة بـ«الإخوان» فى المملكة بعد حظر «الإخوان» فى أبريل، وتابعت الحكومة الأردنية فى يوليو بإجراء قانونى ضد المنظمات غير الحكومية المرتبطة بالحركة داخل البلاد.

وخلص المعهد إلى أن اتخاذ إجراء شامل ضد الجماعة بأكملها سيكون غير منتج وغير فعال، بدلًا من ذلك، ينبغى للإدارة أن تنظر عن كثب فى كيانات «الإخوان» التى تقدم دعمًا ماليًا لحماس كأهداف محتملة، كإرهابيين عالميين محددين بشكل خاص. 

كما ينبغى لها أن تصنف تلك الفروع المرتبطة بالعنف كمنظمات إرهابية أجنبية، فى الوقت نفسه، ينبغى لها أن توفر إطارًا قانونيًا قويًا لمتابعة منظمات «الإخوان» باستخدام أدوات العقوبات وإنفاذ القانون على حد سواء.