الخميس 6 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
100 سنة روزاليوسف
روزاليوسف كعبة المبدعين

أكابر الفكر الصحفی والأدبى مروا من هنا..

روزاليوسف كعبة المبدعين

روزاليوسف «أمس واليوم وغدًا » وطنٌ يسكنه المبدعون على مستوى الأقلام الشابة التى احتضنتها وآمنت بموهبتها وصارت من أبنائها أو الأسماء الرنانة  فى الأدب والفكر والتى وجدت فى صفحاتها الملجأ والملاذ والحضن الدافئ والانتشار المضمون ، ومثلما وضع الفيلسوف اليونانى أفلاطون فى كتاب الجمهورية المثالية الفاضلة شعار «من لم يكن مبدعًا فلا يدخل علينا» وضعت أكاديمية روزاليوسف للعلوم الصحفية نفس الشعار فلم يدخلها عبر تاريخها الطويل إلا المبدعون وأكابر الفكر الصحفى وسحرة الرأى سواء على مستوى أبنائها أو الأقلام اللامعة التى وجدت فى حرمها الأكاديمى متنفسًا لها، وهؤلاء وضعوا الأصول الأولى للسبق الصحفى وتأسيس علم التريند.



كتيبة روزاليوسف ضمت فى مرحلة النشأة  والتكوين المُلقب إعلاميًا بأمير الصحافة العربية وأبو الصحافة المصرية الحديثة «محمد التابعى» الذى كان يعمل موظفًا بمجلس النواب وناقدًا فنيًا فى جريدة الأهرام وهو أول المحررين الذين اختارتهم للمشاركة فى إدارة المجلة الفنية الأدبية المصورة وخروجها للنور والتى صارت فيما بعد من كبرى المجلات السياسية فى مصر والعالم العربى، ولم تتخل عن الفنون والآداب والاقتصاد والرياضة، وكلها تصب فى اتجاه خدمة الوطن ومصالحه العليا وثوابته، وتميزت هذه الأفرع بالجراءة والتحرر والمواجهة  طوال تاريخها الذى رسم كل صور الحياة المصرية من المَلكية إلى الجمهورية وحتى فتحت دولة 30 يونيو أبواب الجمهورية الجديدة.

 

 

 

 جراءة وحرية من العدد الأول 

العدد الأول من روزاليوسف الصادر فى 26 أكتوبر 1925 فى 16 صفحة تصدرت غلافه  صورة لسيدة  للمصور الإيطالى «تيسيان» وتمثل آلهة الربيع «فلورا»، أمّا الغلاف الأخير فتزين بصورة أخرى لنفس المصور وتمثل شخصية مارى المجدلية ذات التاريخ الشهير والمعروف فى الإنجيل والأساطير، وبداخل العدد افتتاحية لـ«فاطمة اليوسف» تضمنت وعودًا وأمانى ترسم عقيدتها الصحفية فى الحرية والإبداع والتنوير والانتصار للحق والوطن والحق والواجب، ومقال للأديب إبراهيم عبدالقادر المازنى تحدّث فيه عن المولود الجديد، ومقال كتبه الأديب عبدالرحمن صدقى عن الشاعر والأديب النابغة عباس محمود العقاد وفقيد الموسيقى المصرية وإمام الملحنين سيد درويش بعد عامين من رحيله بجانب رؤية نقدية لمسرحية عالمية مأخوذة من رواية «الموت المدنى» وصور لثلاث ممثلات إنجليزيات يجسدن دموع الحزن والروع  واليأس، كما احتوى العدد الأول على مقال نقدى بقلم الأديب المحامى محمد صلاح الدين عن التمثيل فى مصر والمطالبة بالارتقاء به بدلًا من اعتماده فى المسرح على جهود فردية والأداء النمطى، وتضمن العدد أيضًا أخبارًا عن مسرح رمسيس وافتتاح جورج أبيض موسمه بدار الأوبرا المَلكية بثلاث قصص، واستعداد منيرة المهدية  لبدء موسمها التمثيلى،  والإعلان عن حاجة فرقة عكاشة لملحنين للاستعانة بهم فى الأعمال المسرحية للفرقة، كما ضمت بابًا تحت عنوان «روضة الشعر»  لشاعر الشباب أحمد رامى، وبابًا آخر بعنوان «نسائيات» تضمن مشاكل النساء فى تلك الفترة ومتاعب الزوجات والمراهقات. واختتم العدد بقصة عالمية تحت عنوان  «قصة الأسبوع»، وصفحة فكاهية بإمضاء أبو زعيزع تلقى الضوء على الأحداث والحوادث فى إطار ساخر، ورغم عدم ثبات البدايات فإن النسخة الأولى كشفت طابعًا نقديًا جذابًا وتضمنت الرأى والرأى الآخر كما اتضح فى مقال عبد القادر المازنى ورد فاطمة اليوسف عليه والتعقيب على اعتبار المجلة نزوة ومغامرة، وهذا سبب رد فاطمة اليوسف عليه، وتعليق المجلة على مقال أزمة التمثيل والثناء على المحاولات المسرحية رغم قسوة انتقاد أداء الممثلين فى الأعمال الفنية، وهى الفلسفة التى تميزت بها روزاليوسف عبر تاريخها الطويل كمجلة رأى متخصِّصة تستعرض كل الآراء بأسلوب لا يخلو من السخرية حتى بعد تحولها بعد ثمانية أعداد إلى مجلة سياسية  وحتى الآن حاملة  رايات الوعى والتنوير وفاتحة أبواب الحرية عبر 100 عام من الزمان للإصدار الوحيد فى العالم الذى يحمل  اسم سيدة.

 

 سحرة روزاليوسف

«فاطمة محمد محيى الدين اليوسف»..  روزاليوسف التى لم تذهب إلى المَدرسة ولم تحصل على شهادات  ولم تحمل مؤهلًا علميًا لكنها صنعت المعجزة بتكوين أكاديمية تبنّت موهبة أسماء وطنية مبدعة ومهمة فى مقدمتهم محمد التابعى وأحمد رامى، كما شارك فى ندوات وأمسيات المجلة أمير الشعراء أحمد شوقى، وكتب فى صفحاتها محمود تيمور ومصطفى محمود، وعبد المنعم الصاوى وصبرى موسى وأنيس منصور، مع هؤلاء الكاتب العملاق «محمد حسنين هيكل» الذى كان زميلاً لـ «إحسان عبدالقدوس» بمَدرسة خليل أغا بباب الشعرية استمرت فترة عمله بمجلة «روزاليوسف» فى عام 1942 مقابل  خمسة جنيهات فى الشهر بعد أن دعته «فاطمة اليوسف» 17 شهرًا  كتب خلالها 10 مقالات بدأت بمقالىّ «ليتنى كنت معهم» و«فى يوم عيدك يامولاى » عن المَلك فاروق، وآخر ما نشر فى «روزاليوسف» كان حوارًا مع «إسماعيل صدقى» رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، ثم أعادت «روزاليوسف» بريقه فى تسعينيات القرن الماضى.. وكانت  «روزاليوسف» أول تجربة لهيكل فى الصحافة العربية بعد بدايته فى «الإجبشيان جازيت».

 

ويعترف «هيكل» فى حوار منشور عام 1962 أجرته الكاتبة مهجة عثمان بفضل فاطمة اليوسف بأنها صاحبة التأثير الأكبر فى حياته ودفعه للتفوق، وكان، باعتراف إحسان عبدالقدوس، الصحفى الوحيد الذى كسب ثقة والدته السيدة «روزاليوسف» فقرّبته إليها إلى حد أنه كان يوقع بينه وبينها!

 

 بينما تخرَّج فيها أجيال من الصحفيين والكتّاب الذين أثروا الشارع الصحفى والأدبى فى مقدمتهم  أحمد بهاء الدين وصلاح حافظ ويوسف السباعى ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوى وفتحى غانم  ومحمد كامل الزهيرى وعبد العزيز خميس ومرسى الشافعى، وبين كل هؤلاء إحسان عبدالقدوس الكاتب والمفكر والأديب والسياسى والمؤرخ الذى تولى إدارة روزاليوسف بعد رحيل السيدة روزاليوسف عام 1958، ورفض فى منتصف السبعينيات أن يكون وزيرًا للثقافة بعد ترشيح الرئيس الراحل أنور السادات، كما كان له دور كبير فى ازدهار ونهضة مؤسّسات صحفية أخرى قومية ومستقلة وخاصة.

 

 شبابهم فى روزا 

ويلخص الناقد والكاتب طارق الشناوى فى تحقيق فريد من نوعه- فى العدد التذكارى على مرور 60 عامًا على روزاليوسف عام 1985 - قامات صحفية وأدبية كبيرة بعنوان «شبابهم كان فى روزاليوسف»  ويتحدث «الشناوى» عن مصطفى أمين ومأمون الشناوى وأحمد كامل مرسى  وسعد الدين وهبة وجميعهم بدأوا خطوتهم فى روزاليوسف، وقال مع الأيام كان لا بُدّ من الفراق ولم يزدهم الابتعاد إلا حبًا لها وتعلقًا بها. ويبدأ طارق بحكاية الكاتب الكبير مصطفى أمين ويقول: إنها أيضًا حكاية روزاليوسف، فبينما تتحسّس روزاليوسف طريقها كان الكاتب الكبير يتحسّس طريقه فى دنيا الصحافة، ولهذا كان اللقاء بينهما حتميًا، ويتوقف مصطفى أمين عند صفحة «طورلى» وعرف بَعدها أنها بقلم محمد التابعى وبسببها تعلق بالمجلة وتطورت علاقته بها.. ويقول الكاتب الكبير لطارق الشناوى إنه كان يرسل أخبارًا وهو فى السابعة عشرة من عمره لمحمد التابعى لنشرها فى المجلة باسم مستعار «مصطفى محمد».. وهكذا كانت إسهامات مصطفى أمين على صفحات روزاليوسف. ومن باب الفن دخل أحمد كامل مرسى عن طريق زكى طليمات عميد معهد المسرح فى ذلك الوقت الذى قدّمه لـ«روزاليوسف» التى اكتشفت قدرته فى الكتابة الصحفية والنقد الفنى. أمّا الشاعر الكبير مأمون الشناوى قبل أن يحترف كتابة الأشعار والأغانى فقد التحق بـ«روزاليوسف» كصحفى لمدة ثلاث سنوات بمرتب جنيه واحد أسبوعيًا، بينما التحق الكاتب سعد الدين وهبة بـ«روزاليوسف» فى بداية الخمسينيات وتخصّص فى الكتابة الأدبية، ولا تزال روزاليوسف تفتح ذراعيها تحت شعار مَن لم يكن مبدعًا فلا يدخل علينا».