الأحد 12 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بعد تصدر فيلم بحب السيما قائمة أفضل 25 فيلمـا مصريـا فى استفتاء مهرجان القاهرة:

السيناريست هانى فوزى: لدى 11 سيناريو فى الدرج

فى زمنٍ كانت فيه السينما المصرية تميل إلى المألوف، جاء فيلم (بحب السيما) قبل أكثر من عشرين عاما ليكسر حاجز التوقعات، ويطرح أسئلة جريئة عن الدين، والحب، والحرية، ليبقى علامة فارقة فى تاريخ السينما، ومؤخرا تصدر الفيلم قائمة أفضل 25 فيلمًا مصريًا فى الربع الأول من القرن الحادى والعشرين، حسب استفتاء النقاد الذى نظمه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ليعود إلى الواجهة من جديد، ولا سيما أن وراء هذا العمل المختلف. يقف كاتب صاحب رؤية مغايرة، وجرأة أدبية وفكرية نادرة.



 

 أراد منذ البداية أن يقول ما لا يقال، ويمشى فى طرق غير ممهدة، بروح مشاغبة، وبقلم لا يخشى من طرح الأسئلة الصادمة، وهو الكاتب والسيناريست الكبير «هانى فوزي» وفى حوارنا معه استعدنا ذكرياته مع (بحب السيما) والمعارك التى خاضها ليرى هذا الفيلم النور، كما عدنا معه إلى بداية المشوار، حين تعاون فى أول أفلامه (أرض الأحلام) مع سيدة الشاشة العربية «فاتن حمامة» فى عمل ترك بصمة خاصة لدى الجمهور والنقاد على السواء، وسألناه أيضا عن سبب الغياب، وقلة الأعمال، حيث لم يقدم خلال مشواره الفنى الممتد لأكثر من 30 عامًا سوى 6 أفلام فقط، بالإضافة إلى مسلسل، وفيلم قصير وتجربتين إخراجيتين، فإلى نص الحوار..

 لنبدأ حوارنا من فيلمك الرابع فى الترتيب لكنه الأول من حيث الأهمية والتأثير، فيلم (بحب السيما) الذى اقتحمت من خلاله عالما جديدا لم يكتشف من قبل على شاشة السينما، ما شعورك عندما علمت بتصدره قائمة استفتاء مهرجان القاهرة؟

- سعدت للغاية بالطبع، لأن هذا الأمر معناه أن الفن الحقيقى يصمد ويعيش، وهذا يشعرنى بأهمية أن يقدم الإنسان شيئا حقيقيا، وقد سبق وشعرت بهذه السعادة العام الماضى، عندما قررت سينما زاوية عرض الفيلم، ورغم وجود نسخة منه على شبكة الانترنت، إلا أننى فوجئت بأن مقاعد السينما كلها قد امتلأت بشباب فى سن العشرين والثلاثين، أى أن الفيلم قد عرض فى السينمات لأول مرة عام 2004 قبل أن يولدوا أو على أقصى تقدير كانوا أطفالا.

تجربة (بحب السيما) كانت تجربة استثنائية بكل المقاييس، من حيث الفكرة والتنفيذ، ومن المؤكد أن عقبات كثيرة قد واجهت هذا المشروع حتى يرى النور، احكى لنا عن كواليس صناعة هذا الفيلم؟

- بين هذا الفيلم وفيلمى الأول 11 عامًا، مما يعنى أن أسلوبى فى الكتابة، ومعرفتى بعالم السينما قد حدث لهما تطور كبير، ولم تعد مشكلتى كيف أكتب، ولكن عما أكتب، فكان قرارى أن أكتب عن البشر الذين أعرفهم، وعن العوالم التى أحياها، وهو عالم المسيحيين القادمين من صعيد مصر إلى المدينة، وما لا يعلمه الناس أننى كتبت الفيلم لنفسى، وعندى شعور كبير أنه لن ينفذ، وعندما انتهيت عرضت الفيلم على المخرج «داود عبد السيد» حيث كان المرشح الأول لإخراجه، لكنه كان منشغلا بالإعداد لفيلم (مواطن ومخبر وحرامي) فعرضته على «أسامة فوزي» حيث كنت قد شاهدت له من قبل (عفاريت الأسفلت، وجنة الشياطين) وأعجبت بطريقته فى الإخراج، وكان رد فعله هو وكل من يقرأ السيناريو مبهرا، لكن اصطدمنا بعدم وجود منتج متحمس للمشروع، مما تسبب فى تعطيله لمدة 3 سنوات، وقمنا خلال السنوات الثلاث بترجمة السيناريو إلى اللغة الفرنسية فى محاولة للحصول على دعم، كما فكر «محمود حميدة» أن ينتجه، حتى تحمست «إسعاد يونس» وأنتجته الشركة العربية.

 وهل واجهتم صعوبات مع الرقابة؟ وكيف تغلبتم عليها؟

- عندما قدمت السيناريو إلى الرقابة عاد لى وعليه 42 ملاحظة، استطعنا تخفيضها إلى 17، وأثناء التصوير لم ننفذ أيا من تلك الملاحظات، وتم تصوير السيناريو كاملا كما كتبته، واعترضت الرقابة على لفظ واحد (شتيمة) أزلناه، ثم عاد مرة أخرى فى النسخ الجديدة.

 لنعد إلى البدايات مع فيلم يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية وهو فيلم (أرض الأحلام) كيف استطعت أن تتعاون مع الفنانة «فاتن حمامة» فى أولى تجاربك السينمائية؟

- هى مسألة قدرية، فقد أراد الله أن يعطينى دفعة فى بداياتى، ولا سيما أننى كنت أنوى الهجرة إلى أستراليا، دون رغبة منى، وتعرفت فى هذا الوقت على «داود عبد السيد» وأثناء حديثنا قال لى (فاتن عايزة فيلم لو عندك فكرة) فكتبت قصتى وما أمر به، لكن جعلت البطلة سيدة ستهاجر من أجل أولادها، أى أن هناك آخرين يقودون لها الحياة، وكان الفيلم فرصة لنناقش الاختيارات المهمة فى الحياة هل نحن من نختارها؟ أم أن الناس والظروف يختارونها بالنيابة عنا؟ وهل يصح أن يعيش الإنسان اختيارا يضيع به حياته؟ فكتبت معالجة الفيلم من هذا المنطلق وأرسلتها للسيدة «فاتن حمامة».

وكيف كان رد فعلها بعد أن قرأت المعالجة؟

- أعجبت بها كثيرا، واتصلت بالمنتج «حسين القلا» وقالت له (أخيرا لقيت فكرة) حيث إنها بحثت كثيرا ولم تكن تجد فكرة تقنعها، وتم الاتفاق أن يتم تصوير الفيلم بعد ثلاثة أشهر، لكن المفاجأة أن التصوير تم بعد سنة وثلاثة أشهر، حيث أعدت كتابة السيناريو ثلاث مرات، بسبب ملاحظات «داود». 

وهل أغضبك الأمر؟

- على العكس، فقد اعتبرت أن الوقت الذى قضيته وأنا أقوم بتعديل السيناريو وإعادته له أهمية كبرى، وكأننى دخلت قسم السيناريو بمعهد السينما، فقد تعلمت من «داود» ما لم أكن أعلمه، لذلك أفخر بأننى خريج (مدرسة داود عبد السيد) ومع ذلك كانت تنتابنى لحظات من اليأس أحيانا، وأذكر أننى فى إحدى المرات وأنا ذاهب من منزلى فى الهرم إلى المكتب فى مصر الجديدة ومعى السيناريو، كان الطريق مزدحما للغاية، حيث كنا فى وقت الذروة، فسألت نفسى، لماذا لا أعود إلى المنزل وأنسى الأمر برمته؟ لكن سرعان ما أجبت، إذا عدت لن يكون هناك أمل أبدا فى العمل فى السينما، لكن إذا ذهبت سيظل الاحتمال قائما، وقررت استكمال الطريق.

 وهل اقتنع «داود» بالنسخة الثالثة من السيناريو وقرر البدء فى التصوير؟

- لم يحدث ذلك، لكن القدر تدخل مرة أخرى من أجل هذا الفيلم، حيث كان «داود» يحضر لفيلم (سارق الفرح) وأخبرنى أنه مشغول ولن يتمكن من لقائى قبل شهر، وطلب منى أن أعطى نسخة السيناريو للمنتج «حسين القلا» لكى يقوم بطباعته لأكثر من نسخة، ليقرأه هو و«فاتن» وكلاهما أعجب بالسيناريو، لكن «داود» عندما انتهى من انشغالاته، وقرأ السيناريو كان رد فعله مغايرا، حيث قال لى أنه مليء بالأخطاء، لكن نحن لم نعد أحرار الآن، فهناك نجمة معجبة بالسيناريو ومتحمسة له، وهناك منتج يجرى تحضيراته للتصوير، وبالتالى ليس أمامنا سوى الإسراع فى إجراء التصليحات، واستمرت التصليحات أثناء التصوير.

 رغم هذه البداية القوية، والنجاح الذى حققته فى أفلامك التالية مثل (فيلم هندى، الريس عمر حرب، بالألوان الطبيعية) إلا أن أفلامك تعتبر قليلة جدا، فلماذا لم تقدم جديدا منذ 16 سنة؟

السبب ليس كسلا منى، فلدى 11 سيناريو حبيس الإدراج، فالمنتجون لا يتحمسون للأفلام التى تناقش قضايا جادة، فقط أفلام الكوميديا الساذجة، أو أفلام الأكشن التى لا تناقش أى موضوع، كما أن الدعم الخارجى لا يأتى إلا لأفلام الكآبة، وأنا لا أجيد صناعة هذه الأنواع.

 وهل كان هذا سببا فى اتجاهك للإخراج؟

- لدى تجربتان إخراجيتان أولاهما فيلم (موعد غرامي) وهو فيلم قصير مدته 20 دقيقة، والثانية فيلم (أسرار عائلية) وهو فيلم روائى طويل لم يحظ بنجاح أثناء عرضه فى السينما بسبب الظرف السياسى، حيث عرض عام 2013، لكنه حقق مشاهدات جيدة على الانترنت، والسبب فى قيامى بهذه الخطوة هو رغبتى فى أن أجرب إحساسى فى تنفيذ التفاصيل المكتوبة فى السيناريو.