وفود دولية تؤكد على دور مصر فى إغاثة غزة
«شاهد عيان» رفح

آلاء البدرى
تحولت مدينة رفح المصرية عقب العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، إلى محطة دولية إنسانية جذبت الزيارات رفيعة المستوى من والوفود السياسية والإعلامية والشخصيات الدولية، مما عكس اهتمامًا دوليًا متزايدًا بالأوضاع الإنسانية فى قطاع غزة، ودور مصر المحورى فى تنسيق المساعدات والإغاثة، وقد حملت تلك الزيارات رسائل سياسية وإنسانية واضحة، وساهمت فى تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المروعة فى غزة، وعلى الدور المصرى الرئيسى فى الإغاثة.
رسائل تضامن وتحذير من المجاعة
فى ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، زار وفد من مجلس الشيوخ الأمريكى معبر رفح ومركز المساعدات التابع للهلال الأحمر المصرى، ضم الوفد عضوى مجلس الشيوخ الديمقراطيين كريس فان هولن، وجيف ميركلى، ورافقهما محافظ شمال سيناء اللواء خالد مجاور، الذى عرض حجم المساعدات التى تعرقلها إسرائيل، وأكد المحافظ أن مصر ستواصل جهودها فى إرسال المساعدات إلى غزة، ولن نتخلى عنها أبدًا.
وتأتى زيارة وفد مجلس الشيوخ بعد أيام من تحذير تقرير التصنيف المرحلى المتكامل (IPC) الصادر فى 22 أغسطس من المجاعة واسعة النطاق فى شمال غزة، مع إمكانية انتشارها على نطاق أوسع بسبب الحصار الإسرائيلى المستمر، والتجويع المنهجى للسكان.
سبق وفد الكونجرس زيارات عدد من الوفود كان أبرزها وفد البرلمان العربى برئاسة محمد اليماحى إلى رفح فى زيارة ميدانية .
هدفت الزيارة إلى الوقوف على الأوضاع الإنسانية الكارثية التى يعيشها الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، فى ظل العدوان وحرب الإبادة.
وأكد الوفد أن الزيارة تأتى فى إطار جهود البرلمان المستمرة لدعم القضية الفلسطينية ومتابعة حجم الكارثة الإنسانية فى غزة، وعقد سلسلة من اللقاءات مع الجهات المعنية، وأشاد بالجهود التى تبذلها جمهورية مصر العربية لتسهيل إيصال المساعدات والتحديات التى تواجهها، بالإضافة إلى زيارة ميدانية للمستشفيات لزيارة الجرحى والمصابين جراء العدوان والاطلاع على احتياجاتهم.
ورفع الوفد تقريرًا مفصلًا إلى البرلمان العربى، يتضمن التوصيات والإجراءات المطلوب اتخاذها على الصعيدين العربى والدولى، لتكثيف الضغط السياسى والقانونى لرفع الحصار ووقف الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
القرار الإنسانى.. زيارة بعد فشل
فى 11 ديسمبر 2023 زار أحد عشر عضوًا حاليًا فى مجلس الأمن وأربعة أعضاء جدد معبر رفح ومدينة العريش، وتركزت الأهداف الرئيسية للزيارة التى استغرقت يومًا واحدًا على استماع أعضاء المجلس إلى إحاطات حول الوضع الإنسانى فى غزة من جهات ميدانية، وتزويدهم بروايات مباشرة حول الصعوبات الحالية التى تواجه إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين فى غزة، عقب فشل مشروع قرارٍ اقترحته الإمارات العربية المتحدة فى مجلس الأمن فى 8 ديسمبر 2023.
ويطالب مشروع القرار الذى استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضده، بوقف إطلاق نار إنسانى فورى وصوت جميع الأعضاء الآخرين لصالح النص باستثناء المملكة المتحدة التى امتنعت عن التصويت.
وهذه الزيارة كانت مبادرة من الإمارات العربية المتحدة بالتنسيق مع مصر، حيث تحملت الإمارات جميع التكاليف ذات الصلة، وعند وصول الوفد رافقه عدد كبير من وسائل الإعلام وكان فى استقباله مسئولون مصريون ومنسقة الأمم المتحدة المقيمة فى مصر.
توقف الوفد أولاً فى جامعة سيناء بالعريش لتلقى إحاطة حول الوضع الإنسانى فى غزة، وتلقى الأعضاء إحاطات من المفوض العام للأونروا فيليب لازارينى، ومنسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشئون الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ووزيرة الصحة الفلسطينية مى الكيلة، وممثلين عن جمعية الهلال الأحمر المصرى، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطينى، ومنظمة أطباء بلا حدود.
وكانت المحطة الثانية فى مستشفى العريش العام، حيث زار أعضاء الوفد فلسطينيين أصيبوا بجروح بالغة جراء القصف قبل أن يقطعوا مسافة قصيرة إلى مستودع تابع لجمعية الهلال الأحمر المصرى، وكانت محطتهم الأخيرة فى موقع تلقى فيه الأعضاء إحاطة عبر الفيديو من أطباء يعملون فى مستشفى ميدانى أقامته الإمارات العربية المتحدة داخل غزة، واستمعوا إلى أطباء ومرضى رووا تجاربهم المؤلمة من صدمات جسدية شديدة، وفقدان للأرواح جراء العدوان الغاشم.
شخصيات رفيعة المستوى
فى 18 أغسطس 2025 قام رئيس الوزراء الفلسطينى الدكتور محمد مصطفى، بأول زيارة لمسؤول فلسطينى رفيع إلى رفح منذ اندلاع الحرب، برفقة وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى، حيث تفقدا مراكز الإغاثة.
وشملت الجولة تفقد تجهيزات شاحنات الإغاثة التابعة للهلال الأحمر المصرى، وزارا عددًا من الجرحى الفلسطينيين فى مستشفى العريش، وناقشا ترتيبات ما بعد الحرب وإعادة الإعمار فى مؤتمر صحفى مشترك أكد فيه الجانبان على ضرورة الضغط الدولى لوقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات بشكل آمن ومستدام دون شروط مسبقة، وأشاد الدكتور محمد مصطفى بالدور المصرى فى الوساطة والمصالحة
زيارة فارقة
وفى أبريل 2025 قام الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بزيارة رسمية إلى مصر، شملت معبر رفح ومدينة العريش، فى خطوة اعتبرت محطة فارقة فى العلاقات الثنائية بين القاهرة وباريس، ورسالة سياسية وإنسانية قوية تجاه الوضع فى غزة برفقة الرئيس عبدالفتاح السيسى، تفقدا خلالها عمليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وسط احتشاد شعبى مصرى واسع دعمًا لصمود الفلسطينيين، ورفضًا لمخططات التهجير حملت الزيارة موقفًا فرنسيًا داعمًا للخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، ورفضًا لأى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير سكان القطاع.
التقى الرئيسان بفرق الإغاثة والعاملين فى المجال الإنسانى، واطلعا على جهود الهلال الأحمر المصرى فى استقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وتنسيق دخول المساعدات.
فتحت هذه الزيارة المهمة والاستثنائية الباب أمام دور فرنسى عالمى فى حشد الدعم الأوروبى لمعرفة الحقيقة والاعتراف بدولة فلسطين، وأهمية إعادة الإعمار دون شروط سياسية أو أمنية تمس بحقوق الفلسطينيين.
وزيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لم تكن مجرد بروتوكول دبلوماسى، بل جاءت فى توقيت حساس، لتؤكد أن رفح لم تعد نقطة عبور فقط، بل منصة دولية للتضامن وإعادة صياغة الموقف الإنسانى والسياسى تجاه قطاع غزة.
تضامن صحى عابر للحدود
زار المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة حنان بلخى محافظة العريش ومعبر رفح، والتقت بنائب محافظ شمال سيناء اللواء محمد الغندور، وكبار المسئولين من الهلال الأحمر المصرى وجمعية الهلال الأحمر الفلسطينى، وغيرهم من شركاء الصحة الذين يعملون على الاستجابة الصحية لأزمة غزة، بعد تصاعد الأعمال العدائية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأشادت بدور مصر الرئيسى فى تسهيل وصول المساعدات وتوفير الرعاية الطبية والعلاج المجانى للمرضى الذين تم إجلاؤهم.
كما تمت زيارة مستودع الهلال الأحمر الإماراتى المجهز خصيصًا للمساعدات الإنسانية الواردة من مصر و43 دولة استجابةً لأزمة غزة.
وأكدت بلخى أن الدعم الذى تقدمه مصر وشركاؤها فى مجال الصحة والتضامن والتعاون الحيويين مهمان الآن أكثر من أى وقت مضى، وأن منظمة الصحة العالمية ملتزمة جديًا على جميع المستويات بدعم مصر.
صوت الضمير العالمى
تعد زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش فى 20 أكتوبر 2023، من أبرز الزيارات الدولية إلى رفح وأهمها، حيث فتحت عيون العالم على أزمة القطاع التى يعيشها منذ سنوات.
خلال الزيارة عقد مؤتمرًا صحفيًا عالميًا، دعا فيه إلى تسريع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدًا أن ما وراء المعبر يوجد مليونا شخص يعانون بشكل هائل بدون ماء أو غذاء أو دواء أو وقود.
وطالب خلال الزيارة بوقف إنسانى لإطلاق النار لتسهيل إيصال الإغاثة، لكنه أكد أن ذلك ليس شرطًا مسبقًا لتوصيل المساعدات.
وأعرب عن امتنانه لمصر واصفا إياها بأنها الركيزة الأساسية التى تسمح بوجود الأمل على الجانب الآخر من الحدود، وكرر زيارته فى مارس 2024 إلى رفح والعريش حيث تفقد مستشفى العريش العام، والتقى العاملين فى المجال الإنسانى التابعين للأمم المتحدة، وأشاد بالجهود المصرية فى إدارة عملية إيصال المساعدات رغم العراقيل.