الإثنين 1 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

قطر والأردن والصين وتركيا حظرت المنصة لخطورتها على الأطفال

نسأل لماذا لم تحظر مصر لعبة روبلوكس؟

باتت الألعاب الإلكترونية جزءًا أساسيًا من حياة الأجيال الجديدة التى لا تفارق شاشات المحمول أو الأجهزة اللوحية مثل: «الآيباد» و«التابلت» عيونهم، إذ لم تعد مجرد وسائل للترفيه أو أدوات للتواصل بل تحولت إلى نافذة مفتوحة على العالم. وتطورت الألعاب الإلكترونية التى بدأت بتطبيق يتم تحميله على جهاز المحمول فأصبحت اليوم منصات تفاعلية بين مجموعة من اللاعبين من دول مختلفة لا يعرف أحدهم الآخر.  



وتأتى منصة «روبلوكس» على رأس هذه المنصات التفاعلية بل تعد أشهرها وأوسعها انتشارًا حيث أعلنت العام الماضى أن لديها يوميًا 80 مليون لاعب ويمثل الأطفال أقل من 13 عامًا نحو %40 من اللاعبين على المنصة التى يقع مقرها الرئيسى فى «الولايات المتحدة الأمريكية». وتضم المنصة ملايين الألعاب التى يصنعها اللاعبون أنفسهم بالإضافة إلى الألعاب التى صممتها الشركة المالكة لها والتى تسمح للاعبين بشراء ملابس  للشخصيات أو «الأفاتارز» Avavtars كما يطلق عليهم وذلك من خلال عملة افتراضية خاصة باللعبة تسمى «روبوكس» أو Robux وتتم عملية الشراء عن طريق كارت الفيزا أو من خلال أشخاص يبيعون الـ«روبوكس» فيتم تحويل الأموال إليهم ويرسلون الكود الخاص بالعملة ليقوم اللاعب بإدخال الكود وتتم عملية الشراء.

ورغم إعلان الشركة المالكة للمنصة أنها تطور شروط الأمان والرقابة  باستمرار فإن الأبحاث والحوادث تؤكد أن اللعبة تمثل خطورة بالغة على الأطفال والمراهقين إذ إنهم قد يصادفون محتوى غير مناسب بمنتهى السهولة أو يتفاعلون مع لاعبين بالغين دون رقابة.

وهو ما أكدته العديد من الحوادث خلال السنوات الأخيرة.

الحوادث التى أعلن الآباء حول العالم عن تعرض أبنائهم لها تشمل: التنمر ومشاهدة محتوى جنسى أو محاولة بعض البالغين التحدث إلى لاعبين من الأطفال والحصول على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى بهدف الصداقة كما يدعون أو محاولة الحصول على معلومات عنهم. وكانت صحيفة «جارديان» البريطانية قد نشرت تقريرًا رصدت فيه حالة لطفلة أصيبت بنوبات هلع بسبب تعرضها لمشاهد غير لائقة على المنصة بينما تعرض طفل آخر للتحرش عبر المنصة. 

ومن المخاوف التى تمثلها المنصة على الأطفال أقل من 13 عامًا التعرض لمحاولات الاستغلال الجنسى و«البيدوفيليا» أى الانجذاب الجنسى للبالغين تجاه الأطفال إلى جانب التعرض لمحتوى عنيف أو محاولة الإيقاع بهم من جانب المتطرفين وترغيبهم فيما يقومون به من أعمال عنف بوصفه مغامرة حقيقية مثل تلك المغامرة الافتراضية التى يؤدونها باستمتاع فى اللعبة. هذا إلى جانب الألعاب التى يصممها اللاعبون على المنصة وبعضها يحمل أسماء تشير إلى محتوى غير آمن للأطفال مثل لعبة «محاكى القوات الخاصة» ولعبة «سكويد جيم» التى يبدو أنها تحاكى المسلسل الكورى الشهير وما تضمنه من عنف نفسى وجسدى ولعبة «صوب على الطائرة..ولِمَ لا؟».

الغريب أن «دافيد بازوكى» أحد مؤسسى اللعبة قد صرح لشبكة «بى.بى.سى.» البريطانية بأنه يفضل أن يمنع الآباء المتخوفون  أبناءهم من اللعب على منصة روبلوكس. وكان «بازوكى» قد أسس المنصة مع «إريك كاسل» عام 2004 بينما انطلقت رسميًا عام 2006.

وبعد تنامى المخاوف مما قد تمثله اللعبة، قامت العديد من الدول حول العالم بحظر اللعبة تمامًا. وكانت «الصين» من أوائل الدول التى حظرت اللعبة فى عام 2021 لأسباب عديدة منها أن انتشار «روبلوكس» ونجاحها فى جذب الشباب والأطفال فى «بكين» قد يضر بمنصات الألعاب الصينية المنافسة وبالتالى فالحظر يدعم المنصات المحلية إلى جانب أن المحتوى المفتوح للعبة لا يسمح بتطبيق القواعد والقوانين الصارمة التى تطبقها «الصين» على أى محتوى على شبكة الإنترنت.

كما حظرت «الأردن» المنصة فى العام نفسه بسبب التأثير السلبى الذى قد تحدثه اللعبة ومحتواها العنيف والمفتوح على الأطفال وسلامتهم. وهى نفس الأسباب التى دفعت «عمان» إلى حظر المنصة. وفى أغسطس الماضى حظرت «قطر» المنصة بعد انتقادات واسعة للعبة وخطورتها على الأطفال.

أما «تركيا»، فقد اتخذت قرار حظر «روبلوكس» فى أغسطس 2024 لضمان حماية الأطفال ومن جانبها أعلنت شركة «روبلوكس» أنها تواصلت مع السلطات التركية بهدف رفع الحظر لكن «اسطنبول» طلبت إثباتاً من الشركة أن المحتوى الذى تقدمه المنصة يمكن التحكم فيه بشكل يمنع تعرض الأطفال لأى أذى.

ويبدو أن الشركة تحاول التفاوض مع الدول وتحسين إجراءات الأمان والتى قد تقلل خطورة المحتوى الذى تقدمه المنصة على الأطفال وهو ما دفع «الإمارات»  فى 2023 إلى رفع الحظر  الذى كانت قد فرضته فى 2018.  

وفى «إندونيسيا»، طالبت وزيرة الاتصالات والشئون الرقمية «ميوتيا حفيظ»  بتشديد إجراءات الأمان بما يتماشى مع قوانين حماية الطفل فى بلادها، فى تصريح ربما ينذر باقتراب قرار الحظر فى «جاكرتا».

ووسط هذا الجدل المتصاعد والحظر المتزايد للعبة فى عدد من الدول كان لا بد من الرجوع إلى خبراء التكنولوجيا والأمن السيبرانى فى مصر للوقوف على حقيقة المخاطر التى تمثلها هذه المنصة التى يقضى أبناؤنا الساعات يوميًا فى اللعب عليها.

 أكد  د.عادل عبد المنعم خبير أمن المعلومات والأمن السيبراني ، أن ‏المنصة تعتمد على محتوى ينشئه المستخدمون أنفسهم، مما يجعل من ‏المستحيل عمليًا مراقبة كل ما يُعرض داخلها، مشيرًا إلى أن «بيئة ‏روبلوكس تسمح بسهولة بتعرض الأطفال لمشاهد عنف أو محادثات مع ‏بالغين قد تحمل نوايا خفية».

وحذر عبد المنعم من  أن «ملايين الألعاب المصغرة داخل روبلوكس تُصمم أحيانًا بأيدي ‏مراهقين أو بالغين لا يراعون المعايير التربوية أو الأخلاقية، مما يفتح ‏الباب أمام سيناريوهات خطيرة.

بينما يؤكد د.محمد عزام خبير تكنولوجيا المعلومات على المخاطر ‏المتزايدة للألعاب الإلكترونية، خاصة في المراحل التعليمية الأولى من ‏سن 7 سنوات حتى 14 عامًا، مؤكدًا أنها لم تعد وسيلة ترفيهية فقط، بل ‏تحولت إلى منصات تحمل تهديدات متعددة تتعلق بالتنمر، وانتحال ‏الشخصية، بل وقد تصل إلى الاستغلال من قبل منظمات إرهابية‎.‎

وأوضح أن الألعاب الإلكترونية قد تصل لمرحلة الإدمان، حسب طبيعة ‏الشخص وكيفية استخدامه لها، مشددًا على أن الإفراط في أي نشاط هو أمر ‏ضار، مهما كانت طبيعته. وأضاف أن الاستخدام المفرط لهذه الألعاب ‏في مراحل التعليم الأساسي ومراحل تكوين شخصية الطفل ومهاراته ‏يعد أمرًا بالغ الخطورة خاصة أن تطور الألعاب الإلكترونية، ووجودها ‏على الهواتف المحمولة بشكل دائم، جعلها تتجاوز الغرض الترفيهي، ‏وأصبحت مصدرًا رئيسًًا لعدة مخاطر مجتمعية وأمنية.‎. وشدد على خطورة غياب التصنيف الواضح داخل روبلوكس، موضحًا: ‏‏«بإمكان طفل في السابعة أن يدخل لعبة تحاكي العنف أو تحتوي على ‏إيحاءات جنسية دون أي إشعار تحذيري، وهو خلل يجب أن يُعالج فنيًا ‏وتشريعيًا».

وأجمع الخبراء على ضرورة وجود رقابة أسرية أكثر وعيًا، بالتوازي ‏مع تدخل تشريعي مصري ينظم استخدام مثل هذه المنصات، أسوة بما ‏فعلته دول أخرى، لضمان حماية الأطفال من التعرض لمحتوى ضار أو ‏محاولات استغلال.