الثلاثاء 26 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

علاقات راسخة وشراكات فى مختلف المجالات

ركيزة استقرار الشرق الأوسط

مصر والسعودية حائطا الصد أمام تصفية القضية الفلسطينية وتفتيت الأزمة العربية



 

تتشارك كل من مصر والسعودية فى رؤيتهما الواحدة للأمن القومى العربى والإقليمى، انطلاقًا من وحدة المواقف التى تشكلت عبر تاريخ طويل مشترك يمتد إلى آلاف السنين، حملت فيه الدولتان لواء الحضارة العربية والإسلامية، تشكلت على ضفاف البحر الأحمر هوية الأمة العربية التى امتدت من المحيط إلى الخليج، مصر والسعودية الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان هما عنوان الشرق الأوسط، حائط الصد المنيع الذى تتكسر على نصاله كل محاولات الهيمنة والتغريب والتفتيت.

 

 تتميز العلاقات التى تربط بين مصر والسعودية بمكانة عالية، لما تتمتع به الدولتان من موقع استراتيجى على الخريطة السياسية والجغرافية شكل ثقلهما عربيا وإقليميا وإسلاميا ودوليا، تتطابق الرؤى والمواقف بين البلدين الشقيقين حول مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، ازدادت متانة وقوة وصلابة العلاقات بين الدولتين بدعم من الرئيس عبدالفتاح السيسى وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

 

 العلاقات «المصرية- السعودية» 

تجد أن العلاقات مستمدة من تاريخ طويل عبْر سلسلة من الأحداث والوقائع التى حصّنت العلاقات فيما بينهما من أى خلافات تشوبها أو تعترضها مستقبلًا، بعدما فشلت وانكسرت كل الأزمات التى مرّت عليهما، ومثلت اختبارًا قويًا لمتانة العلاقات المشتركة التى بنيت على أسُس صلبة منذ أول لقاء تاريخى جمع الملك فاروق بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عام 1945م؛ ليضعا معًا حَجَر الأساس لعلاقة قوية واستراتيجية، تزداد متانة وصلابة عامًا بعد عام، وصولًا إلى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأخيه خادم الحرَمَيْن الشريفَيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اللذين رسما معًا معالم المستقبل المشرق، ليس بين البلدَيْن الشقيقَيْن فحسب؛ بل للأمّة العربية ومنطقة الشرق الأوسط بكاملها.

محطات كثيرة ومتعددة هى التى مرّت بها العلاقات «المصرية- السعودية»، بداية من معاهدة الصداقة بينهما فى عام 1926م، بعدها أمَرَ الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود فى عام 1927م بإيفاد أول بعثة دراسية إلى مصر، ضمّت 14 طالبًا؛ لتكون بذلك مصرُ أول دولة استقبلت الطلبة السعوديين المبتعثين إلى الخارج، وفى عام 1945م وافق الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن على بروتوكول الإسكندرية، مُعلنًا انضمامَ المملكة للجامعة العربية، وفى 27 أكتوبر عام 1955م توَّجت الدولتان العلاقات بينهما بتوقيع الأمير فيصل بن عبدالعزيز فى القاهرة على اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدَيْن، شاركت قوات سعودية فى حرب أكتوبر 1973م، استخدم الملك فيصل بن عبدالعزيز سلاح البترول لدعم الجيش المصرى فى معركته لتحرير الأرض العربية عام 1973م، وشاركت مصرُ فى حرب تحرير الكويت؛ استجابةً لطلب المملكة فى مؤتمر القمة العربية، الذى انعقد فى القاهرة يومى 9 و10 أغسطس1990م، واتخذ الرئيسُ مبارك قرارَه بإرسال القوات المصرية إلى الخليج؛ لتكون مصرُ هى أولى الدول العربية المبادرة بإرسال أكثر من 40 ألف جندى إلى شرق السعودية لنصرة الكويت وتحرير ترابها وعودة شعبها. 

 ثورة 30 يونيو

عقب نجاح ثورة 30 يونيو فى إزاحة تنظيم الإخوان، اختيار الرئيس عبدالفتاح السيسى، توالت اللقاءات الرسمية بين القيادتين، تعددت الزيارات المتبادلة بين القاهرة والرياض للرئيس عبدالفتاح السيسى والملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، هو الأمْرُ الذى ساهم فى ارتقاء العلاقات الثنائية بين الدولتَيْن، إلى مستوَى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق «المصرى- السعودى» عام 2016م، وإبرام حكومتَىْ البلدَيْن أكثرَ من 230 اتفاقية وبروتوكولًا ومذكرة تفاهُم بين المؤسّسات الحكومية تدعم نمو العلاقات الاقتصادية فى كل من البلدَيْن.

 وتعددت اللقاءات بين قيادَتَى البلدَيْن على جميع المستويات للتشاوُر والتنسيق حيال مجمل التحديات التى تواجه المنطقة، كما كان التنسيق الوثيق فى السياسة الخارجية، واضحًا وجليًا بين مصر والسعودية، حيال كل القضايا العربية والإقليمية والدولية، مع تقارُب فى الرُّؤَى والمواقف صونًا للأمن القومى العربى، والإقليمي. 

 العلاقات الاقتصادية

وفى الشأن الاقتصادى، تضاعفت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والسعودية منذ عام 2014م حتى الآن، حيث بلغ حجم الاستثمارات السعودية فى مصر نحو 50 مليار دولار، فى الوقت الذى قدرت فيه الاستثمارات المصرية فى السعودية بنحو 5 مليارات دولار، طبقًا لأحدث التقارير الاقتصادية الصادرة عن كل من مجلس الأعمال «المصرى- السعودى»، مجلس الغرف السعودية، سجل حجم التبادل التجارى بين البلدَيْن 12 مليار دولار خلال عام 2024 مقابل 8.2 مليار دولار خلال عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 37.8 %؛ حيث بلغ حجم الصادرات السعودية للسوق المصرية 8.6 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات المصرية للسوق السعودية  3.4 مليار دولار.

 زادت أعداد الشركات السعودية فى مصر إلى أكثر من 7800 شركة بإجمالى استثمارات بلغت نحو 34 مليار دولار، تغطى العديد من الأنشطة المتنوعة فى مجالات الصناعة التجارة، الزراعة، التعليم، الرعاية الصحية، العقارات، البنوك والمصارف، التكنولوجيا المالية، النقل والخدمات اللوجستية، الاتصالات، الخدمات، فيما بلغت أعداد الشركات المصرية فى السعودية 6830 شركة مصرية.

وتتمتع كل من مصر والسعودية بقدرات اقتصادية واستثمارية وبَشرية وموارد هائلة يمكن من خلالها تطوير شراكات وتحالفات فاعلة بين البلدَيْن، فى ظل الفرص الاستثمارية الكبيرة والمتنوعة التى توفرها كل من «رؤية مصر 2030» و«رؤية المملكة 2030»، خصوصًا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدَيْن تستند إلى قواعد راسخة من الأطر المؤسّسية المتمثلة فى اتفاقيات التعاون الاقتصادى والفنى والتقنى بين البلدَيْن، اللجنة «المصرية- السعودية» المشتركة، مجلس التنسيق «المصرى- السعودى»، إضافة إلى مجلس الأعمال «المصرى - السعودى» المشترك الذى يضطلع بجهود واضحة فى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدَيْن، التى تمثل جميعها أدوات مهمة لتطوير مجالات وفرص التعاون بين البلدَيْن فى كل المجالات.

مشاريع مشتركة 

تسعَى كل من مصر والسعودية إلى تعزيز التعاون فى العديد من الجوانب الاجتماعية والبيئية والفنية، خاصة المشاريع الاقتصادية والزراعية والصناعية والعمرانية والتنموية والعسكرية بين البلدين بما يلبى طموحات وآمال البلدَيْن.

العلاقات «المصرية- السعودية» تقوم على تكامُل الأدوار بين أكبر قوَى عربية وإقليمية  فعالة فى المنطقة، ربَط بينهما تاريخ طويل، ليس وليد اليوم، وليس موجهًا ضد أحد؛ بل ظل الدور «المصرى- السعودى» المتناغم؛ فاعلًا وداعمًا ورافدًا لكل قضايا الأمّة العربية والإسلامية، وعامل توازن واستقرار أمام محاولات الاستقطاب، والاستهداف، والاحتواء والتغوّل فى المنطقتَيْن العربية والإسلامية.. إن تطور العلاقات «المصرية- السعودية» بالتأكيد ينعكس إيجابًا على حل القضايا العربية، وفى مقدمتها تحقيق حلم الفلسطينيين فى إنشاء دولتهم المستقلة، ومجابهة المشاكل والتحديات التى تواجه دول المنطقة بدءًا من سوريا ومرورًا بليبيا وانتهاءً باليمن والعراق، فالتغول العدوانى فى المنطقة يضع الدولتَيْن، مصر والسعودية فى سلة واحدة فى تعاطيه مع المنطقة، بالتالى لا يمكن أن يكون الموقف العربى منفردًا فى مواجهة هذا التغول، فالتحالف المتوازن بين السعودية ومصر يقوم على رفض كل التدخلات الإقليمية فى شئون الدول العربية، وتحقيق التوازن الاستراتيچى والإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط.

لقد عزف الشعبَان المصرى والسعودى سيمفونية الخلود، التى لا يحسن العزف على أوتارها رهط، يفسدون فى الأرض ولا يصلحون، لحنها لا يفهمه، ولا يعزفه إلا عاشق لشعبَيْن يعيشان على أرض باركتها السماء، عاش فوقها الأنبياء، ودُفن تحتها المرسلون، فالمملكة هى مهبط الوحى، وقِبلة المسلمين، ومهوَى أفئدتهم، ومنارة الإسلام، ومصر اختصها الله فى قرآنه الكريم تصريحًا وتلميحًا فى أكثر من خمس وعشرين آية، تلك هى حكاية شعبين يهوَى بعضهما البعض، إنها الكيمياء التى سرت فى خلايا جناحى الأمّة، اللذين شكلا نسيجها عبر التاريخ، يدرك السعوديون أن مصر تشكل عمق الأمن القومى العربى، وهى الامتداد الحقيقى لأمن منطقة الخليج، كما يدرك المصريون أن المملكة هى أكبر داعم لمصر عبر التاريخ، إنها حكاية شعب واحد يعيش على ضفتى البحر فى قصة خالدة لم يستوعبها ويل ديورانت فى كتابه «قصة الحضارة»، بقدر ما استوعبها الملك المؤسِّس الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن حينما قال مقولته التاريخية: «لا غِنَى للعرب عن مصر... ولا غِنَى لمصر عن العرب»، تلك المقولة الخالدة التى توارثها من بعده أبناؤه الملوك، كما أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أشاد فى أكثر من مناسبة بالدعم السعودى والخليجى لمصر الذى لولاه ما نجحت ثورة الشعب المصرى ضد تنظيم الإخوان فى 30 يونيو 2013م، وأضاف: أؤكد اعتزازى الدائم بالعلاقات المتميزة التى تربط مصر والسعودية على المستويين الرسمى والشعبى»، قال فى لقائه بوسائل الإعلام الأجنبية فى منتدَى الشباب بشرم الشيخ نوفمبر 2018م: «إننا بجانب أشقائنا فى الخليج قلبًا وقالبًا، وإنه إذا تعرّض أمنُ الخليج للخطر وتهديد مباشر؛ فإن شعبَ مصر قبل قيادته لن يقبل بذلك وسوف تتحرك قواته لحماية أشقائه، وأن المملكة العربية السعودية أكبر بكثير من أن يهز أحد استقرارها، فهى دولة كبيرة جدًا»، وشدّد قائلًا: «إحنا مع المملكة فى استقرارها وأمنها بشكل كبير، وهناك حكمة فى الإدارة من جلالة الملك سلمان فهو حكيم الأمّة العربية وزعيمها».