الأحزاب تسعى لتجديد دماء مرشحيها..
صيف سياسى مشتعل بالانتخابات البرلمانية

إبراهيم جاب الله
نعيش هذه الأيام صيفًا سياسيًا ساخنًا قد تهل علينا فيه نسمات ورياح التغيير داخل الأحزاب والبرلمان المقبل فى ظل محاولات لتجديد الدماء، وسط الصراعات واشتعال المنافسة بين الأحزاب والتحالفات السياسية للحصول على الأغلبية، وهى ثمرة سنوات طويلة ومراحل عدة مرت بها تجربة الأحزاب السياسية، وصولًا إلى المشهد السياسى الحالى؛ حيث تصدر بعض الأحزاب وتواجد على الأرض ليكون بمثابة فرس الرهان فى الانتخابات البرلمانية المقبلة بغرفتيها الشيوخ والنواب.
القائمة الوطنية
ما بين اجتماعات مكثفة للتوافق على قائمة موحدة للدفع بها فى انتخابات الشيوخ خرجت «القائمة الوطنية من أجل مصر» التى ضمت 13 حزبًا وكيانًا سياسيًا بارزًا، وهى: حزب الجبهة الوطنية وحزب مستقبل وطن وحزب الشعب الجمهورى وحزب حماة الوطن وحزب الوفد والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وحزب المؤتمر وحزب الإصلاح والتنمية وحزب العدل وحزب التجمع وحزب الحرية المصرى وحزب إرادة جيل وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، لتكون هذه القائمة فرس الرهان فى انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة تخوض الانتخابات تحت شعار «المصلحة الوطنية» وتم الدفع بوجوه وكوادر بارزة فى العمل السياسى سواء من حزب الجبهة الوطنية أو من مستقبل وطن وباقى الأحزاب المشاركة فى التحالف.
ومع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات فتح عدد من المحاكم على مستوى الجمهورية لتلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ اعتبارًا من السبت 5 يوليو حتى الخميس 10 يوليو، سارعت الأحزاب السياسية للدفع بمرشحيها على المقاعد الفردى بجانب الحصول على مقاعد فى القائمة الوطنية ضمن التحالف، وهى القائمة التى تنطلق من توافق سياسى واسع لخوض انتخابات الشيوخ لعام 2025، وبتوافق وطنى وتأكيد على التعددية من أجل المصلحة الوطنية كما تعكس القائمة التنوع وتدعم استقرار الدولة وتمت فيها مراعاة البحث عن الكفاءات بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة والصراع على الحصص وهو ما أدى إلى حدوث توافق سياسى غير مسبوق مع تمثيل جميع الفئات من الخبرات والشباب والمرأة.
الأهداف المشتركة لأحزاب التحالف أكد عليها فى أكثر من تصريح سابق له السيد القصير الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية بإعلانه أن غرفة العمليات داخل الحزب تتابع سير العمل على مدار الساعة، كما أنه يتم التنسيق مع المرشحين سواء على القائمة أو الفردى لضمان تقديم نماذج مشرفة خلال انتخابات مجلس الشيوخ.
كما أوضح أن القائمة الوطنية نموذج مشرف وتتميز بتنوع الأحزاب والجميع يعمل من أجل المصلحة الوطنية، لافتًا إلى أن الحزب سيخوض الانتخابات القادمة على أغلب الدوائر وأنه تم وضع معايير صارمة لاختيار المرشحين، أهمها النزاهة والكفاءة والقدرة على التمثيل المجتمعى والتواصل مع المواطنين، واختار المرشحون للحزب على النظام الفردى رمز السيارة بينما سيدفع الحزب بـ 12 مرشحًا فى القائمة.
الطريق الديمقراطى
فى مقابل هذا التحالف القوى ظهر تحالف آخر وهو «الطريق الديمقراطى» الذى يضم أحزاب العدل والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والإصلاح والتنمية بهدف التنسيق لخوض انتخابات مجلس الشيوخ وعقد اجتماعات تشاروية للدفع بعدد من المرشحين.
التنسيق والتشاور بين الأحزاب الكبرى مستمر يوميًا بينما لم يمنع ذلك التنافس القوى والتنسيق فى أماكن أخرى على المقاعد الفردية، لكن ربما تضمن هذه التحالفات والتنسيق للأحزاب الكبرى الفوز بنصيب الأسد على المقاعد الفردية، إلا أنه فى الوقت نفسه قد يكون هناك الكثير من المفاجآت على مقاعد الفردى فى الشيوخ مع توقعات بنجاح مايقرب من %20 من خارج أحزاب التحالفات لأن الأمر يرتبط بقوة الناخب والعمل على الأرض وتقديم خدمات فى دائرته.
انتقالات واستقالات
المنافسة لم تشتعل فقط للوصول إلى اتفاقات لكنها امتدت لاستقطاب كوادر حزبية وانتقالات تمت من أحزابهم إلى كيانات وأحزاب أخرى على طريقة صفقات الأندية والانتقالات الصيفية بهدف الدفع بهذه الكوارد والخبرات فى الانتخابات المقبلة.
فى الوقت ذاته تأكدت أنباء الدفع بعدد من أعضاء مجلس النواب الحالى لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، وأعلن مجلس النواب فى جلسته العامة يوم الإثنين الماضى وبشكل رسمى قبول عدد 8 استقالات لأعضائه، وذلك لترشحهم لانتخابات مجلس الشيوخ، وهؤلاء النواب هم : على أبوأحمد (مستقبل وطن - الشرقية) ومحمد كمال مرعى (مستقبل وطن- الغربية) وغادة الضبع (مستقبل وطن- سوهاج) وسليمان عطيوى (مستقبل وطن- جنوب سيناء) وعبدالفتاح الشحات (الحرية- قنا) وأحمد عبدالمنعم إسماعيل (مستقل- المنيا) وعثمان المنتصر (مستقبل وطن- المنيا) وأحمد الجحش (حماة وطن - الغربية)، من عضوية مجلس النواب.
بينما يغرد حزب النور فى الانتخابات بمنافسين بالمحافظات المختلفة فى الدوائر حيث يعمل الدكتور محمد إبراهيم منصور رئيس الحزب بشكل مكثف ويواصل جولاته فى المحافظات لعقد اجتماعات مع كوادر الحزب لاختيار مرشحيه فى الانتخابات انطلاقا من ثوابت الحزب القائمة على الحفاظ على هوية الدولة ومرجعية الشريعة الإسلامية ودعم استقرار مصر.
تكلفة الكرسى
وأمام هذا التنافس القوى، لم يخل الصيف السياسى الساخن من محاولات البعض لحجز مقاعد فى البرلمان وترددت أنباء عن قيام البعض بمحاولة إبرام صفقات كانت تتم فى فنادق 5 نجوم وكافيهات وسط البلد والتجمع تدور فيها خلف الكواليس اتفاقات ممن يطلق عليهم «سماسرة الانتخابات» لمحاولة السيطرة والحصول على كرسى نيابى وحجز مقعد فى مجلس الشيوخ أو النواب، حيث قالت مصادر فى عدد من الأحزاب إن أحزابهم تلقت عروضًا مالية تقترب من 10 ملايين جنيه وأكثر كتبرعات للحزب من بعض الراغبين فى الترشح على مقاعد مجلسى النواب والشيوخ بجانب وساطات من شخصيات مقربة من بعض رجال الأعمال فى المحافظات للدفع بهم فى المنافسة الانتخابية أو ضمهم للقوائم الحزبية، وأكدت المصادر أن عددًا كبيرًا من قيادات ورؤساء الأحزاب رفضت تماما هذه المحاولات وانحازت فقط للمصلحة الوطنية.
وأكدت المصادر أن الأحزاب والمؤسسات السياسية الكبرى لا تدار بمنطق اتحاد الشاغلين فى العمارات السكنية وليست مكانا للتجارة أو البيزنس، فضلا عن أن الأحزاب تحترم دورها السياسى فى إطار آليات محددة وأجواء ديمقراطية.
كما حذرت المصادر من وجود مثل هذه الممارسات التى تريد حجز مقعد فى مجلسى الشيوخ أو النواب لأنها قد تؤثر بشكل سلبى على الممارسة السياسية داخل البرلمان القادم وتطيح بآمال المرشحين الحقيقيين الذين يعلمون لخدمة المواطنين.
رفض المتاجرة
من جهته قال النائب عصام هلال الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن فى تصريحات لـ«روزاليوسف»: إن الحزب دفع بعدد من المرشحين ضمن القائمة الوطنية للانتخابات بجانب عدد آخر على المقاعد الفردية، موضحًا تم تشكيل غرفة عمليات رئيسية بالمركز الرئيسى للحزب من أجل الإعداد الجيد للانتخابات واختيار كوادر قادرة على المنافسة ولديها خبرات فى الدوائر والعمل السياسى والبرلماني.
وأكد أن حزب مستقبل وطن ينطلق فى هذه الانتخابات استنادًا إلى رؤيته الثابتة بمساندة الدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية فضلا عن الدفع فى الانتخابات بعدد من الشباب وممثلى المرأة وكذلك الاستعانة بالخبرات.
فيما قال د. هشام عبدالعزيز رئيس حزب الإصلاح والنهضة فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» إن حزبه رفض من الأساس مبدأ شراء المقاعد أو أصوات الناخبين، وأن الحزب تلقى عروضًا من البعض بمبالغ مالية كبيرة للدفع بعدد من المرشحين، لكن الحزب رفض كل هذه العرو ض، فلن نتنازل عن المشروع الوطنى لتمكين الشباب والكفاءات الحقيقة لخوض غمار الممارسة السياسية والمنافسة الشريفة فى انتخابات نزيهة وتقديم نماذج حقيقة فى البرلمان القادم.
وأكد أن الحزب يعتزم الدفع بأكثر من 100 مرشح فى انتخابات الشيوخ والنواب، حيث يتم الاختيار على أساس التواجد الفعلى فى الدوائر الإنتخابية. فى الوقت ذاته أكد الدكتور أحمد محسن قاسم أمين تنظيم حزب الجيل الديمقراطى فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أن الحزب قام بالتنسيق مع أحزاب الطريق المدنى للتنسيق من أجل الدفع بمرشحين فى مختلف المحافظات، لافتا إلى أن حزب الجيل يخوض انتخابات مجلس الشيوخ بـ 23 مرشحًا.
وأوضح أن الأحزاب المتوسطة لديها فرصة كبيرة فى هذه الانتخابات نظرا لقيام الكيانات الحزبية الكبيرة بتمرير بعض التشريعات فى البرلمان مؤخرا وأثارت جدلًا كبيرًا فى الشارع منها قانون الإيجار القديم، مطالبًا بمنح الفرصة للشباب للمنافشة بقوة فى الانتخابات القادمة وخوض التجربة من أجل تغيير الدماء فى البرلمان القادم واستخدام آليات الرقابة على الحكومة تحت القبة.
وعن وجود بعض العروض المالية ووساطات للدفع بمرشحين بعينهم قال إن رئيس الحزب ناجى الشهابى رفض مثل هذه المحاولات لأننا حزب سياسى ولا يمكن السماح بالمتاجرة من قبل البعض فى الانتخابات.