كشفت عن عقيدة العنف والتطرف الراسخة منذ تأسيس جناحها العسكرى
10 جــرائـم شاهدة على عنف الإخوان

آلاء البدرى
أخرجت ثورة 30 يونيو مصر من عباءة حكم جماعة إرهابية لم يدم طويلًا لكن آثاره امتدت لفترة كالجمر تحت الرماد، لم يكن السقوط هادئًا بل جاء مصحوبًا بعاصفة من العنف كأن الجماعة قررت أن تحرق ما لم تستطع حكمه، لكنْ عزاؤنا الوحيد أنها كشفت عن أيديولوجيتها التى تعزز العنف والتطرف منذ تأسيس جناحها العسكرى ووضع أسُس التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، فكان الاستخدام المفرط للعنف ضد المصريين بعد سقوط حكمها محاولة فاشلة لإرباك المشهد السياسى والتأثير على قرارات الدولة، ورغم شدة العنف والتصعيد فشل الإخوان فى تحقيق أهدافهم وأدى عنفهم إلى مزيد من العزلة الشعبية وساهم فى تفكك الجماعة داخليًا.
الاتحادية
كانت أحداث الاتحادية التى وقعت فى 5 ديسمبر 2012 بمثابة الشرارة التى أشعلت فتيل الثورة؛ حيث أظهرت رفض الشعب المصرى لسياسات الإخوان وأدت إلى تصعيد الاحتجاجات فى جميع أنحاء البلاد بعد أن تجمّع مئات من نشطاء الإخوان أمام قصر الاتحادية الرئاسى لفض اعتصام المتظاهرين الذين استمروا لأيام رفضًا لسياسات الإخوان واعتراضًا على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس المعزول مرسى، والذى منح نفسه بموجبه صلاحيات واسعة مما أحدث مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وأنصار الإخوان أدّى فى نهاية المطاف إلى وقوع ضحايا وإصابات، وأسهمت هذه الأحداث فى تصعيد التوترات السياسية فى مصر وزادت من الانقسام بين المصريين مؤيدى حكم الإخوان.

المقطم
مبنى جماعة الإخوان فى المقطم الذى كان رمزًا للقيادة وتدير جماعة الإخوان من خلاله مصر ومحيطه، تحوّل إلى ساحة معركة بعد أن أطلقت النيران من النوافذ وأسقطت عددًا من المتظاهرين أمام المبنى وكأن الجدران لفظت ما كان يدار خلفها من عنف، وأكدت الاعترافات والإفادات التى أدلى بها المتهمون وشهود عيان فى الأحداث أن المبنى كان يحوى ترسانة أسلحة متنوعة وعددًا كبيرًا من شباب الإخوان الذى تم تقسيمهم إلى تشكيلات وتوزيعهم على المبنى بحيث شغل 50 منهم الطابق الأرضى متسلحين بالعصى فى حين تم توزيع 180 آخرين على 6 طوابق ليشمل كل طابق 30 قناصًا مسلحين بالأسلحة النارية والخرطوش والذخيرة والقنابل لمهاجمة المتظاهرين فى حال حاولوا اقتحام المبنى، وأضافوا فى مجمل اعترافاتهم أمام النيابة بأنه صدرت إليهم تعليمات بالتعامل مع المتظاهرين من نوافذ المبنى، وأن مسئولى مبنى مكتب الإرشاد قاموا بكهربة السور المحيط بالمبنى لقتل أى شخص يقترب منه.
سيدى جابر
فى الإسكندرية فى الخامس من يوليو 2013 وقع عشرات القتلى والمئات من المصابين ضحايا اشتباكات بالسلاح الأبيض والنارى وانقلبت المدينة إلى ساحة قتال بعد أن خرجت مظاهرات مؤيدة للإخوان وواجهتها أخرى رافضة للجماعة وسياستها كانت البداية هتافات ثم تحولت إلى معركة عنيفة.
وانقلب المشهد من احتجاج إلى اشتباكات دامية اندلعت بين الطرفين استخدم فيها أعضاء الجماعة الإرهابية الأسلحة البيضاء والنارية ضد المتظاهرين السِّلميين، لكن أكثر ما هز الضمير المصرى والعالمى كان مشهد إلقاء الأطفال من فوق أسطح العقارات فى جريمة عنف غير مألوفة وثقتها الكاميرات وبثتها القنوات لتصبح رمزًا لوحشية الأحداث، ظل صدى تلك الليلة محفورًا فى ذاكرة المواطنين الذين تأكدوا من نية الجماعة التى أرادت استعادة حكمها بالعنف وعلى جثث الأبرياء

المنصة
فى 26 يوليو 2013 وقعت مواجهات بين أنصار الرئيس المخلوع مرسى والقوات الأمنية فى محيط النصب التذكارى للجندى المجهول المعروفة إعلاميًا بأحداث المنصة، أدت الأحداث إلى وقوع ضحايا وإصابات، وتشير التقارير إلى وفاة 50 شخصًا، وذكرت وزارة الداخلية أنها ردت على مجموعات مسلحة حاولت قطع الطريق وهاجمت قوات الأمن وأن الرد الأمنى جاء بعد تحذيرات متكررة واعتداءات عنيفة من داخل التجمع أدت هذه الأحداث إلى تصاعُد التهديد والوعيد بالانتقام من داخل الاعتصام برابعة، وارتفعت نبرة خطاب العنف على المنصة ضد المصريين وقيادتهم السياسية والعسكرية.. وحتى اليوم تبقى أحداث المنصة ملفًا شائكًا على طاولة النقاش الوطنى والحقوقى ولم تغلق التحقيقات بصورة نهائية وظلت القضية حاضرة فى الذاكرة السياسية والشعبية كواحدة من محطات الإخوان الأكثر دموية التى سبقت فض اعتصام رابعة العدوية بنحو أسبوعين.
رابعــة
بدأت الأحداث بدعوة جماعة الإخوان إلى مظاهرات فى ميدانىّ رابعة فى القاهرة والنهضة فى الجيزة منذ 21 يونيو 2013 كإجراء استباقى ضد المظاهرات التى دعت إليها قوى شعبية وسياسية فى 30 يونيو 2013 ضد حكم محمد مرسى، وفى 28 يونيو ظهرت الدعوة لتحويل المظاهرات إلى اعتصام مغلق، بدأت حوادث العنف منذ اليوم الأول للتجمع وتم الإبلاغ عن بعض الحوادث رسميًا ولم يتم الإبلاغ عن البعض الآخر، وسَجّلت التقارير يوميات العنف وسجلات الشرطة أيضًا سجلت الأضرار الناجمة عن ممارسات المتظاهرين حتى يوم فض الاعتصام فى 14 أغسطس 2013، وقد وصل عدد هذه السجلات إلى 108 سجلات وضعت وزارة الداخلية خطة فض الاعتصامات تنفيذًا لقرار النائب العام وسرّبت وزارة الداخلية موعد الفض لإعطاء فرصة للراغبين فى مغادرة التجمعات غير السلمية وتأمين ممرات آمنة لهم ووعدت بعدم ملاحقتهم أمنيًا، وبعدها قامت قوات الأمن بفض اعتصامات أنصار الإخوان فى ميدانىّ رابعة العدوية والنهضة، مما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا.. وتشير التقديرات إلى أن عدد الضحايا يتراوح بين 800 إلى 1000 شخص، وكانت أول الرصاصات قد خرجت من داخل اعتصام رابعة حسب شهادات الإخوان المعتصمين لتبدأ أكبر أحداث العنف دموية بعد 30 يونيو، والمفارقة المؤلمة أن المسجد الذى احتضن الاعتصام احترق على يد المعتصمين أنفسهم بزجاجات المولوتوف فاحترقت المصاحف وتفحمت الجدران، ورغم أن الاعتصام تفكك فى ساعات بقيت آثار العنف محفورة فى وجدان المصريين.

كنائس المنيا
امتد عنف الإخوان عقب فض اعتصام رابعة والنهضة إلى بيوت الله، ففى يوم واحد أحرقت عشرات الكنائس أبرزها كان فى محافظة المنيا التى شهدت اعتداءات منظمة على دور عبادة وممتلكات مسيحية فى مشهد أعاد إلى الأذهان أحداث الإرهاب فى التسعينيات وأسفرت هذه الهجمات عن تدمير واسع النطاق لأكثر من 50 منشأة كنسية بين كنائس ومدارس وجمعيات ومنازل أقباط، وبحسب تقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية آنذاك تم استهداف الكنائس فى دلجا ودير مواس المنيا وأبوقرقاص ومغاغة وعدد آخر من مراكز المحافظة، وفى قرية دلجا وحدها تم إحراق كنيسة الإصلاح دير العذراء مريم الأثرى ومدرسة الراهبات، بينما نهبت منازل ومحال تجارية مملوكة للأقباط فى الساعات الأولى من الاعتداءات.. وأدان الأزهر الشريف والكنيسة القبطية هذه الاعتداءات، ووجّه البابا تواضروس الثانى رسالة مسجلة إلى الشعب المصرى دعا فيها للوحدة، مؤكدًا أن الوطن لا يُبنَى بالانتقام، ما حدث فى المنيا لم تكن مجرد أحداث عنف أو انتقام ضد فئة بعينها فحسب؛ بل كشف عن هشاشة خطاب التعايش الإخوانى الردىء الذين صدّروه للمصريين واختطفوا من خلاله أصوات المتعاطفين.
قسم كرداسة
فى 14 أغسطس 2013 هاجم مسلحون قسم الشرطة وذبح 14 من رجال الأمن بينهم المأمور العميد محمد جبر ونائبه العقيد عامر عبدالمقصود فى واحدة من أبشع جرائم العنف التى عرفتها مصر، تحول المشهد فى لحظات من تجمهر إلى هجوم مسلح استخدمت فيه البنادق الآلية وقذائف الـ«آر بى جى» والزجاجات الحارقة، لم يكتفِ المهاجمون بالقتل؛ بل قاموا بسحل الضحايا والتمثيل بجثثهم ثم أضرموا النيران فى مبنى القسم وهدموا سوره باستخدام لودر فى مشهد صادم، وقعت المجزرة فى نفس يوم فض اعتصامىّ رابعة والنهضة مما يشير إلى تنسيق مسبق ورد فعل انتقامى من أنصار جماعة الإخوان، وبحسب تقارير النيابة أنه كانت هناك اجتماعات تحضيرية عقدت فى منازل قيادات محلية قبل يوم الفض وتم خلالها توزيع الأدوار والأسلحة، واستغرق الأمر أكثر من شهر حتى استعادت قوات الأمن السيطرة على كرداسة فى حملة أمنية موسعة بدأت فى 19 سبتمبر 2013 وأحيل على خلفيتها 188 متهمًا إلى المحاكمة وصدر فى البداية حكم بإعدام 149 منهم قبل أن تعاد المحاكمة لاحقًا فى 2017 أُدين 135 متهمًا بأحكام تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد.. والمؤكد أن أحداث كرداسة لم تكن مجرد جريمة جنائية؛ بل لحظة مفصلية فى الصراع العنيف الذى دار بين المصريين وجماعة الإخوان بعد 30 يونيو.

كفر الدوار
مع تصاعد الأحداث فى القاهرة بعد فض اعتصامىّ رابعة العدوية والنهضة طالت ألسنة العنف المدن الأخرى؛ حيث شهدت مدينة كفر الدوار التى لم تكن استثناءً فى أغسطس 2013 موجة عنف ممنهجة؛ حيث خرج المؤيدون للإخوان فى مسيرات لم تكن سلمية استهدفوا قوات الأمن واندلعت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن بعد أن أطلق المتظاهرون النيران فى الأحياء السكنية، وسرعان ما تطورت إلى اشتباكات عنيفة أمام قسم الشرطة ومبنى مجلس المدينة، ووفقًا لشهادات محلية استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى لتفريق المتظاهرين، فيما رد المحتجون بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، بحلول منتصف الليل كانت المدينة تغرق فى الفوضى؛ حيث أُضرمت النيران فى عدد من المنشآت العامة من بينها مقر مجلس المدينة وبعض المحال التجارية، كما شهدت بعض المناطق عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الأمن مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والمصابين، وأكدت وزارة الداخلية أن قواتها تعاملت وفقًا للقانون، مشيرة إلى أن بعض المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة نارية، ورغم مرور السنين ظلت تلك الليلة من أعنف التواريخ التى شهدتها مصر خلال فترة ما بعد ثورة 30 يونيو.
مديرية أمن القاهرة
كان أيضًا التفجير الذى استهدف مديرية أمن القاهرة لحظة مفصلية فى تحول العنف من مواجهات مباشرة إلى عمليات إرهابية مدبرة أدت إلى وقوع ضحايا وإصابات فى صباح 24 يناير 2014 قبل يوم واحد من الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، استيقظت القاهرة على دوى انفجار هائل هز منطقة باب اللوق استخدمت فيه سيارة مفخخة انفجرت أمام المبنى أدت إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 76 مواطنًا وفقًا لبيان وزارة الصحة، إضافة إلى تدمير واجهة المديرية ووقوع أضرار جسيمة فى متحف الفن الإسلامى المجاور.. لم يكن تفجير مديرية أمن القاهرة حدثًا معزولًا؛ فقد سبقه تفجير مديرية أمن الدقهلية فى ديسمبر 2013 وأسفر عن مقتل 16 شخصًا، كما تبعه تفجير مديرية أمن الجيزة فى 2014 وعمليات إرهابية عنيفة تشير إلى استراتيجية واضحة لجماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها من الجماعات المتطرفة تقوم على استهداف رموز الدولة الأمنية لإضعاف هيبتها وإرباك المشهد السياسى.. أثار هذا الهجوم على وجه التحديد حالة من الذعر فى الشارع المصرى لكنه أيضًا عزّز خطاب الدولة حول ضرورة مواجهة الإرهاب بحزم.

اغتيال النائب العام هشام بركات
يظل اغتيال النائب العام المصرى فى 29 يونيو 2015 أقسى مَشاهد العنف التى لم تمح تفاصيلها من ذاكرة المصريين حتى الآن، ليست مجرد حادث إرهابى؛ بل كان استهدافًا مباشرًا لأعلى سلطة قضائية فى البلاد استهدافًا للعدالة تمت عملية الاغتيال من خلال انفجار سيارة مفخخة كانت مركونة على جانب الطريق لحظة مرور موكب النائب العام من أمامها أدى الانفجار إلى إصابة المستشار هشام بركات بإصابات بالغة شملت نزيفًا داخليًا وشظايا فى الصدر والبطن نقل على إثرها إلى مستشفى النزهة الدولى؛ حيث خضع لعملية جراحية دقيقة لكنه فارق الحياة بعد ساعات متأثرًا بجراحه.. جاءت العملية بعد أسابيع من دعوة التنظيم المسمى ولاية سيناء التابع لـداعش إلى استهداف القضاة ردًا على تنفيذ أحكام إعدام بحق عناصره، لكن التحقيقات التى أجرتها نيابة أمن الدولة العليا لاحقًا كشفت أن العملية نفذت بتخطيط من عناصر تابعة لجماعة الإخوان بالتعاون مع حركة حماس وفقًا لما ورد فى اعترافات المتهمين، ورغم سقوط الرجل الذى كان يمثل صوت العدالة؛ فإن مؤسسات الدولة بقيت ثابتة تحاكم وتحاسب لاستعادة هيبة القانون وسط ركام العنف الذى خلفته جماعة الإخوان الإرهابية، وستظل هذه التواريخ محطات دموية ودروسًا قاسية في تاريخ مصر الحديث تثبت أن العنف لم يكن أبدًا وسيلة ناجحة لاستعادة الحكم؛ بل كان طريق الجماعة الإرهابية الممهد إلى التفكك والانهيار.