المجلس أصبح أداة الجماعة لأخونة الدولة ومؤسساتها
المهمة السرية لـ«برلمان المرشد»

فريدة محمد
رفعت ثورة 30 يونيو شعار «لا لأخونة الدولة لا.. لاستهداف مؤسسات الدولة لا لإقصاء المعارضة، ولا لاختطاف الدولة المصرية»، كما رفعت شعار «نعم للحفاظ على الهوية الوطنية» وكانت ثورة 30 يونيو بمثابة تصحيح لمسار كاد أن يدخل بالدولة نفقًا مظلمًا.
وانتقلت الدولة المصرية بعد هذه الثورة المجيدة مباشرة من مرحلة تثبيت أركان الدولة، لمرحلة التأكيد على تماسك مؤسساتها واستعادة الاستقرار، ثم لمرحلة بناء الدولة والانطلاق نحو المستقبل بتدشين المشروعات القومية الكبرى.
كان برلمان الإخوان 2012 إحدى أدوات الجماعة ومرشدها لتنفيذ مخططهم المسموم ضد الدولة المصرية، حيث سعى لطمس هوية المؤسسات ليتجه بها نحو الأخونة سواء عبر سياسات أو من خلال صياغة التشريعات اللازمة لذلك.. وسعى الإخوان أيضا للدخول فى صراعات مع مؤسسات الدولة، كالقضاء على سبيل المثال، كما دخلوا فى مواجهة مباشرة مع الإعلام والإعلاميين مستهدفين فى هذا السياق ضرب حرية الرأى والتعبير التى سعت لمواجهة مخططات الأخونة.
ودخلت الجماعة ومرشدها فى عداء مع مؤسسات الدولة ومع الشعب الرافض للأخونة، وظهر ذلك فى محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى وحصار المحكمة الدستورية.
مظاهر أخرى شهدها مجلس النواب فاللواء عباس مخيمر الذى كان رئيسا للجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب ببرلمان الإخوان عام 2012، أعلن وقتها أن اللجنة تعد مشروع قانون لإعادة هيكلة وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للشرطة بسبب ما أسماه عدم استجابة الوزارة لمطالبهم.
وأعلنت اللجنة وقتها أنها بدأت اتخاذ إجراءات تشريعية عملية نحو إعادة هيكلة جهاز الشرطة بمناقشة عدد من الاقترحات المقدمة من نواب المجلس لتعديل القانون رقم 109 لسنة 1971 الخاص بهيئة الشرطة تمهيدًا لإعداد مشروع قانون جديد لجهاز الشرطة.
وشهد اجتماع اللجنة وقتها شدًّا وجذبا وانتقادات من جانب الأعضاء حول المقترحات بأن يضم المجلس الأعلى للشرطة عددًا من الشخصيات من خارج جهاز الشرطة، وأكد مخيمر رئيس اللجنة وقتها أن المجلس الأعلى للشرطة بالعديد من دول العالم به أعضاء من خارج جهاز الشرطة وآخرون غير منتمين لوزارة الداخلية.
كما شهدت أروقة اللجنة اعتراضات كثيرة منهم النائب اللواء عبدالوهاب خليل الذى كان عضوا بالبرلمان عن حزب «الوفد» على أن يضم المجلس عددًا من الشخصيات من خارج جهاز الشرطة، مؤكدا أن ذلك يمثل مساسًا بالأمن وعمل الشرطة، ورفض النائب بدوى عبداللطيف فكرة ضم عناصر بعيدة عن العمل الشرطى للجهاز متسائلا عن الأهداف من وراء هذا التحرك.
وقال اللواء بدوى عبداللطيف عضو مجلس النواب، الذى كان عضوا بلجنة الدفاع والأمن القومى وقتها: عقب الاجتماع، وجدت صعوبة بالغة فى التعامل معهم حيث كانت أفكارهم ضد الشرطة ومؤسسات أخرى، وكان هدفهم دائما الإساءة للشرطة وغيرها من المؤسسات تحت قبة المجلس.
وأضاف عقب اجتماع اللجنة وقتها أنه دخل فى اشتباك مع عباس مخيمر الذى كان رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى وقلت له: «تريدون تدمير الشرطة»، واستطرد اللواء بدوى عبداللطيف: كانت معركتهم ضد الجيش والشرطة لأنهم كانوا يريدون تأسيس حرس ثورى، حيث كانوا يخططون لتفكيك المؤسسات وإعادة بناء مؤسسات جديدة.
وقال اللواء بدوى عبداللطيف عضو مجلس النواب لسعد الكتاتنى رئيس البرلمان وقتها وخلال جلسة عامة: «أنتم تريدون هدم أركان الدولة ولديكم ثأر تريدون أن تصفوه مع وزارة الداخلية وغيرها من المؤسسات الوطنية».
وأضاف: «الإخوان كانوا يدسون السم فى العسل ويتحدثون عن تطهير جهاز الشرطة وهم يستهدفون هدم المؤسسة الشرطية وضم مدنين تابعين لهم بهدف إضعاف الجهاز وتسيسه أو أخونته».
واوضح اللواء بدوى عبداللطيف أن «مشروع القانون الذى عرضه الإخوان تحت مسمى هيكلة الداخلية كان يستهدف تقليل اختصاصاتها وتحويلها من جهاز أمنى مؤسسى إلى ما يشبه شركة حراسة وأخونة الجهاز»، مستشهدا فى هذا السياق بظهور الضباط الملتحين، وكان الإخوانى محمد البلتاجى يعلن ذلك بشكل صريح خلال تواجده بلجنة الدفاع والأمن القومى وعندما عارضت ما قاله البلتاجى عرض علىّ أن أكون محافظا لإحدى المحافظات وأن أترك عضوية مجلس النواب.
وأوضح اللواء بدوى عبداللطيف: «كانوا يستهدفون تدمير المؤسسات الأمنية والقضائية بما يضر بالدولة المصرية ويصل بها إلى حالة من الفوضوى ولو كانت مصر سارت على نفس المخطط لا قدر الله لتحولت مصر إلى نموذج فوضوى وشهدت حرب أهلية».
الجدير بالذكر أن مخيمر كان عضوا بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وترشحه على قوائم الحزب ثم أصبح رئيسا للجنة الدفاع والأمن القومى.
من جهته قال اللواء محمد قشقوش: إن ثورة 30 يونيو كانت حتمية فلم يكن بالإمكان تجنب قيامها، موضحا أن عامل الوقت كان حيويا والبدائل صعبة فإما اختطاف الدولة المصرية وهويتها فى ظل التهديد والوعيد والاستبعاد لرموزها الوطنية، وإما نجاح الثورة المصرية الشعبية برموزها الوطنية وشبابها الذين رفضوا أن يبرحوا الأرض حتى يُكتب لثورتهم النجاح. وهو ما كان بفضل الله.
وأضاف، أن ثورة شباب 25 يناير، حماها جيش مصر قبل أن يتم اختطافها وكانت معظم الرؤى سلبية ولا ترقى إلى مستوى طموح الشعب المصرى ومتطلبات أمنه القومى، وكان أخطرها هو الإعلان الرئاسى والتفكير فى إنشاء ميليشيات خاصة شبه عسكرية.
وكان جوهر الصراع بين أيديولوجية خاصة ضيقة طائفية، وأيديولوجية عامة وطنية رحبة تسع كل شعب مصر بمكوناته وطوائفه ومواريثه الحضارية والوطنية وكانت الفرصة الأخيرة لإنقاذ الوطن فى 30 يونيو، بتقديم الجيش لمبادرة ومهلة ليومين للتوافق. وكان نتيجة رفض التوافق من قبل الإخوان إعلان بيان 3 يوليو بواسطة وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى مقرونا بخطة وفاق وطنى تتضمن خريطة مستقبل، أفضت إلى رئاسة مؤقتة برئاسة المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا، ليتم ترتيب البيت السياسى المصرى من الداخل وتهيئته من الخارج، استعدادا لمرحلة الانطلاق لبناء المستقبل.
جبهة الإنقاذ
الجدير بالذكر أن القوى السياسية دشنت تكتلًا سياسيًا تشكل فى 22 نوفمبر 2012، بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى. وقدمت الجبهة ثلاثة مطالب لمرسى خلال الاحتجاجات المصرية عام 2012. وكانت المطالب تتضمن إلغاء الإعلان الدستورى، وإلغاء الاستفتاء، وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة.. وبعد تصاعد الأزمة قررت جبهة الإنقاذ الوطنى رفض دعوة الحوار التى أطلقها الرئيس محمد مرسى وحملت رئيس الجمهورية المسئولية الكاملة عن إراقة الدماء المصرية للشهداء والمصابين، مؤكدة أن الإدارة الفاشلة للبلاد هى التى دفعته لهذا التعامل غير المسؤول مع الأزمة الحالية، وإلى فرض حالة الطوارئ على مدن القناة الباسلة، دون استنفاد جميع وسائل الحوار والإدارة السياسية، ورفضت الجبهة ما أسمته وسائل التهديد والترويع التى من جانب محمد مرسى.. وطرحت الجبهة ما أسمته الأسس الكفيلة بالخروج من الوضع الذى وصفته بالخطير الذى تمر به البلاد، وعلى رأسها: تشكيل حكومة إنقاذ أو وحدة وطنية، تشكيل لجنة لتعديل الدستور، وإزالة آثار الإعلان الدستورى وإقالة النائب العام، وتشكيل لجنة قضائية للتحقيق فى سقوط الشهداء والمصابين، إخضاع جماعة الإخوان الإرهابية للقانون، بعد أن أصبحت طرفا أصيلا فى إدارة البلاد دون سند شرعى.
وقالت الجبهة: «بعد أن تجاهل الرئيس المقترحات، فإن الجبهة تؤكد أن الحوار سيبدأ فقط عندما تتوقف الجرائم وآلة قتل شهدائنا وإصابة جرحانا وإطلاق يد السلطات فى ترويع شعبنا فى مدن القناة والقاهرة والإسكندرية وجميع المحافظات الثائرة، وتحمل الرئيس مرسى ونظامه ووزير داخليته المسئولية السياسية والجنائية وتطالب بخضوع كل هؤلاء للتحقيق.
كما تشدد على ضرورة رفع حالة الطوارئ فى أسرع وقت ممكن، ورفض العقاب الجماعى لأهلنا فى السويس والإسماعيلية وبورسعيد.
ودعت الجبهة جماهير الشعب إلى النزول إلى جميع الميادين للتأكيد على حرمة دماء الشهداء، وتحقيق أهداف الثورة. متمسكة بضرورة إسقاط الدستور المشوه، والشروع الفورى فى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة فى حال عدم استجابة الرئيس لمقترحاتها.