الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
30 يونيو.. حسم المصير

30 يونيو.. حسم المصير

لقد مرت أيامٌ ثقال على الوطن من المعاناة فى ظل نظام المُرشد الذى حاول أن يستخدم الزيف والكذب باسم الدين على البسطاء من الناس؛ لترجع مصر إلى عصور الظلمات، ويهدم حلم المصريين حينها فى إقامة الدولة القوية الديمقراطية الحديثة.



لقد ابتلينا فى عام 2012 حتى منتصف عام 2013 بنظام قادته لا يترددون رغم مظهرهم الدينى فى أن يرتكبوا كل ما يخالف الإسلام، فيَكذبون ويَظلمون ويَقتلون باسم الدين، ويستخدمون أعضاء جماعتهم الذين لا يفهمون أو يدركون شيئًا سوى أوامر قيادتهم، الذين سيطروا عليهم بمعتقدات نصرة الإسلام، والجهاد فى سبيل الحق.

فقد بات واضحا أننا وصلنا قبل 30 يونيو 2013 إلى عنق الزجاجة، فى الصراع ما بين قوى الحق التى ضحت بالكثير من العرق والدماء من أجل مصر، وقوى الباطل التى استخدمت الدين، فقدمت التنازلات وعقدت الصفقات مع شياطين الأرض للبقاء فى الحكم لمئات السنين.

فالطريق إلى 30 يونيو مهده المصريون، لنحمل فوق أعناقنا مصر الحبيبة، ونصل بها إلى بر الأمان، فنخلصها من الاحتلال الإخوانى الماسونى، وتسقط دولة النفاق والعجز؛ لتقام الدولة الوطنية الحديثة، فماذا لو كان قد انتصر نظام الإرهاب والرجعية، لتنحدر مصر إلى نفق مظلم من الصراعات التى لا تنتهى، لنشهد يومًا تقسم فيه الدولة.

فكل ما كنا نسعى إليه هو بناء الجمهورية الجديدة، دولة قائمة على قيم العدل والمساواة، فقد تعلم الثوار من أخطائهم السابقة، ووضعوا تصورات لما بعد سقوط حكم الإخوان، بإسناد رئاسة الجمهورية لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وتشكيل حكومة تكنوقراط وطنية واسعة الصلاحيات؛ لإدارة الدولة خلال المرحلة الانتقالية، وتشكيل جمعية تأسيسية، تُخرج دستورًا توافقيًا للبلاد، يتم من بعده إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

فخروجنا فى 30 يونيو لم يكن لإسقاط شرعية مرسى، التى قال إنها أتت بالصناديق؛ وإنما لاستعادة الشرعية التى اغتصبها مرسى، حينما خالف وعوده بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، وأصدر إعلانًا دستوريًا اعتدى به على كل الأعراف الدستورية والقانونية، ليُخرج لنا دستورًا مشوهًا وُضع خلسة فى جنح الظلام، ويحاصر المحكمة الدستورية العليا، وتبدأ قيام شرعية الغاب؛ ليغتصب الوطن وينتهك أبناؤه.

فقد خرجنا فى الـ 30 من يونيو 2013 وأرواحنا على أكفنا؛ لإنقاذ الوطن من الخائنين، فلم ترهبنا تهديدات القتل التى كانت تطلق من جماعة الخزى والخيانة، فكنا قد كسرنا حاجز الخوف، ولم يستطيعوا أن يشيدوه بعدها.

فقد حسم الـ 30 من يونيو مصير مصر ومسارها على مدار عشرات بل مئات الأعوام المقبلة، فماذا لو فشلت؛ هل كنا سنشهد بعدها حملات اعتقال للثوار، وتنكيل بالإعلام، وعصف بالقضاء؟، لكن انتهت الجماعة التى جثمت على أنفاس الوطن، ونمى سرطانها فى جسد مصر، ليودع الإخوان وأتباعهم فى السجون من جراء ما اقترفت أيديهم من جرائم، وإن كان يجب أن يتم إيداعهم فى مصحات الأمراض النفسية؛ ليعالجوا من كل الأمراض التى تمكنت منهم.

لنتخلص من شخوص، أرادوا لأنفسهم، متع الدنيا وسُلطانها باسم الدين، أرادوا الشهرة والمال والحكم؛ ليتحولوا إلى فاسدين جدد غلبوا فى أفعالهم وأقوالهم كل ما سبق، فهم التلاميذ الذين تفوقوا على الأساتذة؛ ليعطوا دروسًا فى كيفية نهب الوطن، وإسكات المعارضين، وإنهاء أحلام الملايين، بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

لقد خرج علينا محمد مرسى، دمية جماعة الإخوان المتأسلمين؛ ليتحدث على مدار ما يقرب من ساعتين ونصف الساعة فى خطابه الشهير فى عام 2013؛ ليطلق علينا كل عقده، ويصف نفسه أكثر من مرة، بأنه رئيس الجمهورية، وأحيانًا بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الأعلى لجهاز الشرطة، فهو لم يكن ليتوقع يومًا أن يصبح رئيس دولة بحجم مصر، فقد كانت أقصى طموحاته وهو منحنٍ أمام مرشده ومُقَبّل يده، أن يصير رئيس قسم فى الجامعة التى يدرس بها.

فتعظيم سلام إلى الشعب المصرى، صانع المعجزات، حائط الصد لكل المؤامرات عبر الأزمان، سند الوطن وشريان حياته، فقد كنا فى مفترق طرق من التاريخ إما الدخول فى نفق مظلم من الحكم الثيوقراطى البغيض المنافق الذى فيه تبعية لدول إقليمية، وإما أن ننقذ مصر كدولة وطنية بهويتها ومكانتها، فما صنعه المصريون فى الـ 30 من يونيو غيَّر وجه التاريخ فى المنطقة ككل.

فالتاريخ لمئات السنين سيذكر موقف الجيش المصرى العظيم فى 2013 بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى من الاستماع لصوت الجماهير الغفيرة وإنفاذ إرادة الشعب، والتى أنقذت مصر والمنطقة من السقوط فى براثن حكم سيطرت فيها الجماعة التى كانت تتعامل بمنطق الاستبداد الدينى، وكان الأخطر للمصريين أنه كان يجلس فى الاتحادية رجل ارتكب جرائم توصف بالخيانة العظمى وتحول إلى دمية يتحكم فيها مكتب الإرشاد.

فجماعة الإخوان كانت تدفع الدولة لمصير تتقاتل فيه عناصر الأمة وكانوا يزعمون الأقاويل الاستبدادية تحت شعار الدين والدين منهم براء، فـ 30 يونيو هى ثورة الهوية المصرية التى أنقذت مصر كمنارة وسطية، لتأتى تضحيات الجيش المصرى استجابة لإرادة المصريين فى حماية الثورة والدولة ومواجهة تخريب جماعات الإرهاب والتطرف، فلولا شجاعة الرئيس السيسى وتضحيات أبناء الشعب والجيش والشرطة فى التصدى لمستقبل مظلم لكانت مصر فى طريق ثانٍ الآن.

ومن ذكريات الثورة العطرة، إلى رصد ملامح إنجازات السياسة الخارجية للدولة، باعتبارها من أعظم مكتسبات ثورة الـ 30 من يونيو 2013 هو استقلال القرار الوطنى، فقد اعتبر الكثير من المحللين أن ملف السياسة الخارجية من أبرز ما أنجز فيه الرئيس السيسى على مدار السنوات الماضية، فقد تحولنا سريعًا من الكبوة إلى المجد، فنحن الآن نحصد سنوات من النجاح على المسرح الدولى فى تقديم نموذج احترمه الجميع، ولم يستطع أن يقاومه أبناء الأباليس والمتربصون، فماذا يصنعون فى مواجهة دولة تمارس سياستها الخارجية بشرف، فتبحث عن عدالة غائبة عن عالم يسوده الاستقطاب وإقليم أنهكته الصراعات.

مصر بالأمس كانت بالكاد تدفع عنها بلاء أراذل الأرض، لتجبر العالم اليوم أن ينظر لها بشكل مختلف يسوده الاحترام؛ حيث قدمت تضحيات وخطوات جادة وفعالة فى مواجهة الإرهاب، ولفتت أنظار العالم فى مساعدة اللاجئين من دون متاجرة، ومواجهة الهجرة غير الشرعية، وتجديد الخطاب الدينى، والسعى نحو حل القضية الفلسطينية على أساس عادل، كما أن مصر دائمًا ما تتقدم على الصعيد الدولى بطرح رؤى لحل مختلف القضايا العالقة، وهى التى جعلت العالم ينصت لمصر بدقة حول تلك الرؤى القيمة.

إن كانت لغة المَصالح هى التى تسود فى العلاقات الدولية، فحجم المَصالح يحكم مدى الحرص على العلاقات، هكذا مصر تحركت على الصعيد العربى والإفريقى والدولى، فعلى سبيل المثال فقد باتت مصالح أوروبا لا تقل بأى شكل من الأشكال عن المصالح المصرية لدى الأوروبيين، فى ظل دور محورى لمصر فى درء الإرهاب عن المنطقة، وهو ما ينعكس على أمن أوروبا ككل، وجهود مصر الرامية فى مكافحة الهجرة غير الشرعية، بالإضافة للاتفاقيات العديدة الاقتصادية والبترولية الموقعة بين مصر والشركاء الأوروبيين.

فقد شهدت علاقات مصر الدولية تطورات كبيرة خلال السنوات الماضية؛ خصوصًا أن بعض الدول كان لها موقف سلبى تجاه ما حدث فى مصر فى 30 يونيو 2013، واستمرت مواقف هذه الدول لفترة حتى كسرت الدبلوماسية المصرية الجمود، ففتحت آفاقًا جديدة وعززت المصالح المتبادلة فشهدت العلاقات انفراجات وصلت ذروتها، فقد تبلور زخم العلاقات بين مصر وعدد كبير من الدول فى عقد الاتفاقيات وكسب التأييد الدولى فى كثير من القضايا، فقد بتنا أمام مرحلة جديدة بعدما أيقن العالم حقيقة ما حدث فى مصر فى السنوات الماضية؛ وبخاصة بعد اكتوائه من الإرهاب وتأكده بأن استقرار مصر أمنيًا، ينعكس على استقرار كل المحيط الأورومتوسطى والعالم أجمع.

كما بادرت الكثير من دول العالم ذات التأثير فى السياسة الدولية للتقارب مع مصر، باعتبارها الوحيدة القادرة على مكافحة الإرهاب فكريًا من خلال مؤسّسة الأزهر، وما أسفر عنه من تطلع ليكون لمصر دور فى الخطابة بالمساجد الغربية، ونشر سماحة الدين الإسلامى بأوروبا؛ خصوصًا أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كان له العديد من الزيارات لدول أوروبية فى الفترات الماضية، وهو ما يعزز من دور الأزهر خلال الفترة المقبلة فى محاربة الأفكار المغلوطة عن الإسلام فى الخارج.

كما أن حُسن إدارة ملف العلاقات الخارجية له أيضًا انعكاسات إيجابية على العديد من الملفات الاقتصادية، وعلى رأسها جذب الاستثمار والسياحة، فى ظل ما تملكه السوق المصرية من مقومات تؤهلها لتكون من أكبر أسواق المنطقة.

وبعيدًا عن كل ما مضى، وجب الوقوف على أسباب تغير الموقف العالمى تجاه مصر فى السنوات القليلة الماضية، والتى ترجع أسبابه إلى أن العالم بات يدرك أن جماعة الإخوان هى أساس كل الجماعات الأصولية حول العالم، وإدراك هذه الحقيقة وضح بعد أن بدأ العالم يعانى من إرهاب تلك الجماعات، فقد بدأت أوروبا تنتفض ضد كل الجماعات التى تتبنى العنف، أو حتى التى تنشر أفكارًا متطرفة، وقد ثبت بالدليل القاطع أن الإخوان متورطون فى العنف، ولا يسعون للسيطرة على الشرق الأوسط فقط؛ بل العالم كله من خلال تطبيق نظرية أستاذية العالم، فالغرب الآن يعيد تقييم ومراجعة نظرته ومفهومه عن الإخوان، وقد يكون ذلك تمهيدًا لاتخاذ إجراءات ضدهم.

وفى النهاية؛ أستطيع القول بكامل الارتياح، بأن مصر تحقق نجاحات كبيرة على مستوى السياسة الخارجية، وأننا استطعنا أن نجبر الجميع على احترام إرادة المصريين فى ثورة 30 يونيو، إضافة لذلك واجهنا وما زلنا نحبط مخططات التخريب الممنهجة فى علاقتنا مع شركائنا الدوليين، وهو ما تسعى له قوى إقليمية ودولية، ففى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو، كان هناك سعى لخلق عزلة دولية على مصر، فأى دولة كانت تشهد تقاربًا مع مصر اقتصاديًا أو سياسيًا أو عسكريًا تقع حوادث تآمرية أو إرهابية، وهو ما حدث مع روسيا وإيطاليا وفرنسا، لكن المحروسة دائمًا تجابهه.

وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين