صورة نادرة تخطف الأضواء «وسط العاصفة» الأميرة ديانا أمام «توت عنخ آمون»

نعمات مجدى
بينما يعيش الشرق الأوسط على صفيح ساخن من التصعيد الجيوسياسى بين إيران وإسرائيل، ألقت هذه التطورات الإقليمية بظلالها على واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية المرتقبة التى كان العالم ينتظر بفارغ الصبر يوم 3 يوليو لمشاهدة الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير الذى يعد أهم مشروع ثقافى فى القرن «الـ 21».
أعلنت الحكومة المصرية عن تأجيل الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير، الذى كان مقررًا فى الثالث من يوليو المقبل، إلى الربع الأخير من العام الجارى. القرار الذى اتخذته وزارة السياحة والآثار بالتنسيق مع مجلس الوزراء، يأتى فى إطار الحذر المدروس وحرص الدولة المصرية على تنظيم فعالية استثنائية تليق بعظمة الحضارة المصرية، فى مُناخ مستقر يضمن مشاركة دولية واسعة واهتمامًا إعلاميًا عالميًا. وقالت وزارة الآثار إنه سوف يتم تحديد موعد جديد للافتتاح الرسمى للمتحف خلال الربع الأخير من العام الجارى، على أن يتم الإعلان عنه فى الوقت المناسب، وذلك بعد التنسيق مع جميع الجهات المعنية لضمان تنظيم فعالية تليق بمكانة مصر السياحية والثقافية على الساحة الدولية.
مضيفة: إن هذا القرار يأتى أيضًا انطلاقًا من المسئولية الوطنية للدولة المصرية، وحرصها على تقديم حدث استثنائى عالمى فى أجواء تليق بعظمة الحضارة المصرية وتراثها الفريد، وبما يضمن مشاركة دولية واسعة تواكب أهمية الحدث.
هذا التأجيل، وإن جاء اضطراريًا بفعل تطورات إقليمية خارجة عن إرادة الحكومة يمنح المتحف فرصة إضافية لتعزيز جاهزيته وتوسيع نطاق الترويج الدولى، بينما يواصل استقبال زواره ضمن المرحلة التجريبية، فى وقت تشهد فيه السياحة المصرية انتعاشًا لافتًا رغم التحديات؛ حيث استقبلت البلاد نحو 3.9 مليون سائح خلال الربع الأول من عام 2025.
التصعيد الإقليمى الراهن وتداعياته المتوقعة
ومن جهته أكد المستشار محمد الحمصانى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، تأجيل فعالية افتتاح المتحف المصرى الكبير التى كانت مقررة فى 3 يوليو المقبل بسبب التصعيد الإقليمى الراهن وتداعياته المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولى أوضح، خلال مؤتمر صحفى، أن الحكومة أقرت بتأجيل الافتتاح إلى الربع الأخير من العام الجارى لضمان خروج الحدث بأفضل صورة ممكنة وبأعلى مستوى من التمثيل الدولى والمشاركة.
وأوضح «الحمصانى»، أن القرار اتُّخذ رغم اكتمال الاستعدادات الفنية والتنظيمية للافتتاح، مشيرًا إلى أن التوقيت الحالى لا يسمح بتنظيم فعالية كبرى فى ظل تصعيد إقليمى قد يمتد لفترة غير قصيرة، مشددًا على أن التأجيل لا يرتبط بأى تهديد أمنى داخلى أو حالة عدم استقرار فى مصر؛ وإنما جاء فى سياق الحذر والتخطيط السليم.
وأضاف المتحدث الرسمى: إن تصريحات رئيس الوزراء بشأن تداعيات الأحداث الإقليمية كانت تشير إلى الانعكاسات الاقتصادية المتوقعة؛ وبخاصة فى ظل التوتر فى منطقة الشرق الأوسط التى تمر بها خطوط ملاحية حيوية، مؤكدًا أن الوضع الأمنى فى مصر مستقر تمامًا ولا توجد أى تهديدات مباشرة، معربًا عن تطلع الحكومة لتنظيم افتتاح عالمى يليق بالمتحف ومكانة مصر على خريطة السياحة الدولية.
ومن جهته أكد د.الحسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، أن قرار إرجاء الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير إلى الربع الأخير من العام الجارى يعتبر قرارًا صائبًا فى ظل الظروف السياسية والاقتصادية التى تمر بها المنطقة.
وقال: «إن الحكومة المصرية قد اتخذت قرارًا مهمًا وذكيًا فى هذا التوقيت»، متمنيًا أن تهدأ الأوضاع خلال الربع الأخير من العام ليتم الافتتاح بشكل عالمى كما كان مخططا له.
وأضاف: «نعتقد أن الاحتفال سيكون عظيمًا حينما تأتى اللحظة المناسبة، ولكن حتى تهدأ الأجواء فى المنطقة، يمكن للمتحف الاستمرار فى استقبال الزوار كما هو الحال الآن، مما يمنح المتحف فرصة لتحقيق الدخل المادى المطلوب».
وحول الجناح المخصص للملك توت عنخ آمون، أكد «عبدالبصير»، أنه سيكون جاهزًا مع الافتتاح النهائى للمتحف، قائلاً: «نقل قناع الملك توت عنخ آمون يُعد حدثا بالغ الأهمية، ويجب استغلاله بشكل كبير على الصعيدين الثقافى والسياحى؛ حيث يُعد من أغلى القطع الأثرية فى العالم».
مصر استقبلت 3.9 مليون سائح خلال الربع الأول من عام 2025
وقد استقبلت مصر 3.9 مليون سائح خلال الربع الأول من عام 2025، بزيادة سنوية بنسبة 25 %، وفق تصريحات صحفية لوزير السياحة والآثار شريف فتحى، الذى أكد أن هذه الزيادة تعكس الثقة المتنامية فى المقصد السياحى المصرى رغم التحديات الجيوسياسية التى تشهدها المنطقة. وتوقع خبراء سياحة، استقبال ما بين 16-18 مليون سائح بنهاية هذا العام.
استمرار عرض القناع الذهبى داخل مقصورته الأصلية
وأعلن المتحف المصرى بالتحرير، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، استمرار عرض القناع الذهبى للملك توت عنخ آمون داخل المقصورة المخصصة له، مؤكدًا أن المتحف يفتح أبوابه يوميًا أمام الزائرين لمشاهدة هذا الأثر الاستثنائى، إلى جانب باقى القطع الأثرية النادرة التى يحتضنها المتحف.
وكان من المقرر نقل القناع إلى المتحف المصرى الكبير ضمن جناح الملك توت عنخ آمون قبل الافتتاح الرسمى للمتحف، وأوضح د.على عبدالحليم، مدير المتحف المصرى بالتحرير، أن 26 قطعة أثرية من مجموعة مقتنيات الملك «توت عنخ آمون» موجودة فى المتحف ومتاحة للزائرين، من بينها القناع الذهبى والتابوتان.
مؤكدًا، أن مومياء الملك الشاب «توت عنخ آمون» لن تُنقل مع باقى مقتنياته إلى المتحف المصرى الكبير، وستظل فى مقبرته بوادى الملوك فى الأقصر؛ كونها جزءًا أساسيًّا من الموقع الأثرى الأصلى.
واستقبل المتحف المصرى الكبير، خلال الأيام الماضية، 163 قطعة من كنوز الملك الذهبى توت عنخ آمون، قادمة من المتحف المصرى بالتحرير، ضمن خطة نقل وعرض المجموعة الكاملة للملك الشاب لأول مرة فى مكان واحد، وقد نُقل أكثر من خمسة آلاف قطعة تخص هذا الفرعون إلى المتحف المصرى الكبير.
وتُعد مقبرة الملك توت عنخ آمون (نحو 1336-1327 ق.م) من الأسرة الثامنة عشرة ذات شهرة عالمية لأنها المقبرة الملكية الوحيدة بوادى الملوك التى تم اكتشاف محتوياتها سليمة وكاملة نسبيًا، وتم اكتشافها فى عام 1922 من قبل «هوارد كارتر»، وتعتبر المقبرة وكنوزها أيقونة لمصر ولا يزال اكتشافها أحد أهم الاكتشافات الأثرية حتى الآن.
ديانا تتأمل عظمة الحضارة المصرية
ومن جهة أخرى؛ نشر المتحف المصرى بالتحرير صورة أرشيفية نادرة تعرض لأول مرة على الصفحة الرسمية للمتحف المصرى للأميرة ديانا أميرة ويلز أثناء زيارتها للمتحف المصرى بالقاهرة وانبهارها بالتابوت الذهبى للملك توت عنخ آمون؛ حيث يمكث التابوت فى الطابق العلوى من المتحف المصرى بالتحرير، وتحديدًا فى القاعة رقم 2؛ حيث يقف الزائر أمام تحفة أثرية تأسر الألباب وتروى فصلًا مهيبًا من تاريخ مصر القديمة.
إنه التابوت الذهبى للملك توت عنخ آمون، الذى احتضن مومياء الفرعون الشاب فى مقبرته الشهيرة بوادى الملوك. هذا التابوت، المصنوع من الخشب المذهب والمزخرف بدقة مذهلة، يجسد روعة الفن المصرى القديم ويعكس عبقرية صُنّاع الحضارة الخالدة.
ويُعرض التابوت الذهبى للملك توت عنخ آمون ضمن القطع الأثرية الأهم فى المتحف المصرى؛ نظرًا لقيمته التاريخية والفنية الفريدة. صُنع هذا التابوت من الخشب، وتمت تغطيته بالكامل برقائق من الذهب الخالص، كما زُيِّن بزخارف دقيقة وألوان زجاجية زرقاء وحمراء لا تزال تحتفظ ببهائها رغم مرور أكثر من 3300 عام.
ويصور التابوت الملك توت عنخ آمون على هيئة المعبود أوزير، إله البعث والخلود فى العقيدة المصرية القديمة، وهو ما يعكس إيمان المصريين القدماء بالحياة بعد الموت. يظهر الملك ويداه متقاطعتان على صدره فى وضع جنائزى، تحملان رمزى الحُكم والسيادة: العصا والمذبة، وهما مُطعمان بعجائن زجاجية ملونة، تمنح التابوت لمسة من الروعة والرهبة فى آنٍ واحد.
اكتُشف التابوت ضمن مقتنيات مقبرة الملك توت عنخ آمون
اكتُشف هذا التابوت ضمن مقتنيات مقبرة الملك توت عنخ آمون (KV62) بوادى الملوك فى الأقصر، على يد عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر عام 1922. وكان التابوت يضم مومياء الملك الشاب، محاطة بثلاثة توابيت متداخلة، مما يعكس الأهمية الاستثنائية التى أولاها المصريون لرحلة الملك فى العالم الآخر.
يُعد التابوت مثالًا رائعًا على دقة الصناعة المصرية القديمة؛ حيث لا يزال فى حالة حفظ ممتازة، تحافظ على تفاصيله الدقيقة وألوانه النابضة بالحياة. وقد خُضع لعدة أعمال ترميم دورية للحفاظ عليه من آثار الزمن والعوامل البيئية؛ ليبقى شامخًا كأيقونة مَلكية نادرة.
ويظل التابوت الذهبى للملك توت عنخ آمون من أكثر القطع الأثرية سحرًا ودهشة فى المتحف المصرى، ليس فقط لما يمثله من قيمة تاريخية؛ بل لما يعكسه من عبقرية فنية وروحية لحضارة خالدة. وعبر أروقته، يستمر المتحف فى سرد قصة الفرعون الذهبى الذى أبهر العالم، وتقديم جزء أصيل من ذاكرة مصر القديمة لكل زائر تطأ قدماه أرض مصر.