الأربعاء 2 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بعد التقارب بين القاهرة وطهران هل ستحذف إيران اسم «الإسلامبولى» من شوارعها؟

لشارع خالد الإسلامبولى فى طهران تسمية شعبية يلتزم بها الإيرانيون وهى شارع «وزرا»، تنطق الواو «v» فى الفارسية أى vozra أى الوزراء، ولا يقولون فيما بينهم الاسم المتعارف عليه رسميًا، كما نحن نطلق على بعض الشوارع فى مصرنا مسمياتها القديمة، وفى طهران هو أمر اعتاد عليه الإيرانيون منذ حكم شاه إيران وقبل الثورة عام 1979، لأن العديد من كبار المسئولين الحكوميين كانوا يسكنون هناك. وبين فجوة التسمية الرسمية والتسمية الشعبية ظل تغيير اسم الشارع مربط الفرس فى العلاقات بين مصر وإيران، الأمر لا يتعلق بشارع، بل بتاريخ مصرى حاضر فى أذهان الجميع وهى لحظة استشهاد الرئيس الراحل أنور السادات.



قضية تغيير اسم الشارع مرت بمجموعة من المحطات، منها محاولات فشلت فى 2004 رغم موافقة مجلس بلدية طهران، وغيرها من المحاولات فى 2011 و2013، ورغم فشل تلك المساعى سيظل تغيير اسم الشارع شرطًا مصريًا واضحًا فى المباحثات مع الحكومة الإيرانية.

يبدو أن إيران تتخذ خطوات جادة، فقد قال متحدث مجلس بلدية طهران خلال لقاء مع وكالة «تسنيم» المقربة من الحرس الثورى أنه سيتم تغيير اسم الشارع ويتم النظر حاليا فى خيارات الاستبدال، وسيتم الإعلان الأسبوع المقبل عن الخيارات المقترحة ومنها اسم حسن نصر الله.

استراتيجية الحكومة الإيرانية تهدف لإعادة فتح الطريق إلى مصر، وهو الأمر الذى أكده وزير التراث الثقافى والسياحة والحرف اليدوية الإيرانى، رضا صالحى أميرى، الذى اعتبر تغيير اسم الشارع ليس بالمشكلة الجوهرية بل أمر بسيط وقابل للحل، بل وعد بأنه حال زيارة المصريين لطهران فلن يجدوا ما يزعجهم، ومع المتغيرات التى تشهدها السياسة الخارجية الإيرانية سوف تقدم طهران على تغيير اسم الشارع حال جديتها فى عودة العلاقات مع مصر. 

يبدو أن إيران تتخذ خطوات جادة، متحدث مجلس بلدية طهران قال خلال لقاء مع وكالة أنباء تسنيم المقربة من الحرس الثورى، إنه سيتم تغيير اسم شارع خالد الإسلامبولى ويتم النظر فى خيارات الاستبدال. وسيتم الإعلان الأسبوع المقبل عن الخيارات المقترحة لتغيير اسم شارع خالد الإسلامبولى ومنها اسم حسن نصرالله.

منذ تولى وزير الخارجية الإيرانى الراحل أمير حسين عبداللهيان شرعت إيران فى إحداث تقارب مع محيطها العربى، واستمر على نفس النهج بشكل أكبر وأكثر فاعلية وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى الذى عمل على توطيد العلاقات مع مصر خاصة فى زيارته الأخيرة إلى القاهرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية بدر عبدالعاطى.

زيارة عراقجى حظيت باحتفاء الصحف والمواقع الإيرانية، التى ظلت تتحدث عن مكانة وثقل مصر السياسى فى المنطقة والعالم، ودور مصر فى دعم القضية الفلسطينية، هذا بخلاف القيمة التاريخية والثقافية لدولة صاحبة حضارة تعود لأكثر من 7 آلاف سنة، حتى إن الإعلام الإيرانى الناطق بالفارسية وصفها بزيارة اللمسات الأخيرة فى عودة العلاقات مع مصر.

عراقجى أكد أن العلاقات مع مصر تشهد تطورًا ملحوظًا، وأن ما تبقى الآن هو مسألة تبادل السفراء، قد يكون كلام عراقجى موضوعيًا، وقد يكون مبالغًا فيه من منطلق طبيعة الشخصية الإيرانية، لكن ما هو مؤكد أن عودة العلاقات تتماشى مع متغيرات المنطقة أو الشرق الأوسط الجديد مثلما أطلقت عليه كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وقت الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006.

إيران تريد تحسين صورتها عربيًا بل وتقريب وجهات النظر مع دول المنطقة وترغب فى شرح نفسها لدول المنطقة ولا ترغب أن تظل الصورة النمطية عن إيران تؤخذ من تقديرات غربية وهو ما يقوم به عراقجى فى زياراته المتعددة للمنطقة.

إيران تدرك أن مصر لديها مفاتيح العديد من ملفات المنطقة، مصر حاولت تقريب وجهات النظر بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران بعد تقرير للوكالة قد يقلب العالم على إيران، حتى إن عراقجى أشاد بدور مصر فى توظيف الدبلوماسية لمعالجة الملف النووى الإيرانى، وقال: جددت دعوة مصر لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووى.

مصر أيضًا لاعب رئيسى فى الملف الفلسطينى ولديها علاقات بكافة الفصائل الفلسطينية وتحظى بتقدير واحترام الجميع، وكذلك مصر لها علاقات قوية مع الجارتين ليبيا والسودان، وهى بوابة إفريقيا للعالم، بخلاف علاقاتها بمحيطها العربى وهو أمن قومى بالنسبة لمصر، ولها علاقات قوية بدول الترويكا التى تضغط على إيران فى الملف النووى، كل هذه الأمور يدركها صانع القرار فى طهران.

واقتصاديًا، مصر وإيران أعضاء فى مجموعة بريكس مع الصين وروسيا والهند، وهو ما يعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين داخل بريكس وخارجها، وكذلك أعضاء فى منظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى التى استضافتها مصر مايو الماضى وشارك بها الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان، أما العلاقات التجارية فشهدت تطورًا ملحوظًا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجارى، بحسب موقع بريكس سجل حجم التبادل التجارى بين البلدين قفزة بنسبة 67 %، ليصل إلى 16.186 مليون دولار، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.

المتحدث باسم لجنة تنمية التجارة فى غرفة الصناعة والتعدين والتجارة الإيرانية، روح الله لطيفى، قال إن حجم التبادل التجارى المباشر بين البلدين تجاوز 35 ألف طن من السلع، بقيمة إجمالية بلغت 17.186 مليون دولار، مسجلًا زيادة بنسبة 65 % فى الوزن و67 % فى القيمة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، أما الصادرات الإيرانية إلى مصر، فبلغت 28 ألف طن بقيمة 13.798 مليون دولار، محققة زيادة بنسبة 30 % فى الوزن و41 % فى القيمة. وقد استحوذت المنتجات الفولاذية والحديد على الحصة الأكبر من هذه الصادرات، بنسبة 96.8 % من الوزن و96.1 % من القيمة، تلتها معدات المختبرات، والفستق، وأجزاء السيارات، بالإضافة إلى منتجات أخرى كالرخام، ومعجون الطماطم، والآلات الزراعية، أما الواردات الإيرانية من مصر، فقد بلغت 7.7 ألف طن من السلع بقيمة 3.387 مليون دولار، مسجلة زيادة كبيرة بنسبة 592 % فى القيمة. وقد شكل المنجنيز النسبة الأكبر من هذه الواردات، بنسبة 97.5 % من الوزن و43.2 % من القيمة، تلتها منتجات مثل القواطع الكهربائية، وشفرات الحلاقة، والأجزاء الإلكترونية، وسلفات البوتاسيوم، وفق ما نشر الموقع الرسمى لمجموعة بريكس.

وبعيدًا عن السياسة والاقتصاد، وزير التراث الثقافى والسياحة، دعا القطاع الخاص المصرى للمشاركة فى مشاريع سياحية إيرانية كبرى، معلنًا استعداد بلاده لتسهيل الرحلات الجوية والبرية بين البلدين، وتنظيم رحلات سياحية تاريخية ودينية مشتركة. ولفت إلى ضرورة تفعيل المشاريع الفندقية والسياحية المشتركة فى إطار الاتفاقيات الاستراتيجية.

الإيرانيون متلهفون لزيارة المعالم السياحية المصرية وخاصة الفرعونية والشاطئية، وليس فقط الدينية منها، والكثير يتساءل على مواقع التواصل الاجتماعى السوشيال ميديا عن موعد عودة العلاقات وسهولة السفر إلى مصر.

خلاصة القول، إيران دولة ذات حضارة تدرك أن هناك قواسم ثقافية وتراثية وتاريخية تجمعها بمصر، إيران هنا لا تخاطب مصر من منظور الجمهورية الإسلامية فقط، بل بمنظور حضارة تخاطب حضارة كبرى، قد تنسجمان مستقبلًا مع المتغيرات التى تشهدها المنطقة.