الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

التعليم قيد التطوير دوامة تعديلات المناهج لا تتوقف

قبل مرور خمس سنوات على التعديلات الشاملة التى طبقت فى عهد وزير التربية الأسبق د. طارق شوقى، وحتى قبل أن يلتقط الطلبة والمعلمون وأولياء الأمور أنفاسهم من التعديلات المطبقة حاليًا، سارع وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف للإعلان عن تفاصيل تطوير المناهج الدراسية..



 

والإجراءات التنفيذية التى تتخذها الوزارة لتطوير المناهج الدراسية وفق المعايير الدولية المختلفة، فى حين أن عملية تعديل المناهج لا تخضع لوجهة نظر الوزير بمفرده ولكن تخضع لمعايير علمية، وقياسات وتقويم للمناهج السابقة، كما أن كثرة إجراء تعديلات على المناهج يصيب العملية التعليمية بارتباك وينهك الطلبة وأولياء الأمور الذين باتوا يفاجأون يومًا تلو الآخر بتعديلات تمس مستقبل أولادهم.

تعديلات جديدة

وكشف وزير التربية والتعليم، خلال المؤتمر الصحفى الذى عُقد منذ أيام، عن توقيع بروتوكول مع الجانب اليابانى لتطوير منهج مادة الرياضيات ليتلاءم مع المنهج اليابانى من دون إضافة أعباء مالية، وتعديل المحتوى العلمى لمناهج اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية حتى الصف الثانى الإعدادى مع شركات متخصصة، ودون تحمل الوزارة أية أعباء مالية.

وفى سياق متصل؛ أوضح «عبداللطيف»، أن الوزارة دخلت فى مفاوضات موسعة مع الجانب اليابانى لتحديث منهجى العلوم والبرمجة، إلى جانب فتح قنوات تواصل مع الحكومة الكورية الجنوبية لتطوير منهج مادة العلوم بشكل أكثر حداثة وفعالية.

وأضاف الوزير: سيتم إعداد بوكليت يصدر مع كل كتاب مدرسى ليكون بديلا للكتب الخارجية به للتدريبات اللازمة والتقييمات الأسبوعية لتيسير العملية التعليمية على الطالب والمعلم لتخفيف الأعباء المادية على الأسرة المصرية.

وأوضح الوزير، أن مشروع نظام البكالوريا المصرية يستهدف تمكين الطلاب من اختيار المسار التعليمى الذى يتناسب مع ميولهم وقدراتهم، وتوفير فرص تقييم متعددة بدلًا من الاعتماد على امتحان نهائى واحد يحدد مصير الطالب، مشيرًا إلى أن هذا المقترح خضع لحوار مجتمعى موسع؛ حيث تم تنظيم جلسات مع جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية، من ممثلى الحكومة والجامعات، إلى المعلمين وأولياء الأمور والطلاب.

كما أشار الوزير إلى أنه سيتم تطبيق نظام البكالوريا المصرية اختياريًا بعد إقرار تعديل قانون التعليم فى مجلس النواب وموافقة مجلس الوزراء.

يُذكر أن هذه التعديلات التى أعلنها وزير التربية والتعليم الحالى على المناهج التعليمية ليست الأولى من نوعها؛ بل شهدت فترة تولى وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور طارق شوقى (2017-2022) تغييرات جذرية فى المناهج التعليمية، مع التركيز على تحديث التعليم الفنى والتقنى، وإدخال التكنولوجيا فى التعليم. كما واجه جدلًا واسعًا حول بعض أفكاره لتطوير التعليم.

وشملت إصلاحات «شوقى» تغيير المناهج الدراسية فى المراحل الابتدائية لتصبح أكثر نشاطًا وتكاملًا، مع إعادة فتدريب المعلمين على أساليب التدريس الحديثة، ولكنها واجهت جدلًا وانتقادات واسعة من نواب البرلمان وأولياء الأمور؛ حيث اعتبروا أن المناهج الجديدة صعبة على الطلاب؛ خصوصًا فى الصف الرابع الابتدائى، وأنها أدت إلى زيادة الاعتماد على الدروس الخصوصية بسبب صعوبة المحتوى.  

ويبقى السؤال بعد إعلان وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف عن التجربة اليابانية والكورية فى تطوير المناهج التعليمية هل تنجح أم ستضيف عبئًا آخر على كاهل الطلاب وأولياء الأمور؟.

 عدم استقرار

ثمَن الدكتور عاصم حجازى الخبير التربوى وأستاذ علم النفس والقياس والتقويم التربوى بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، تصريحات وزير التعليم بخصوص طمأنة أولياء الأمور فيما يتعلق بموعد تطبيق نظام البكالوريا على طلاب الثانوية العامة، إن «تطبيقها مرهون بموافقة مجلس النواب وصدور قانون التعليم».

وأوضح فى تصريحات لــ «روزاليوسف» أن الوزير أزال الغموض والتوتر الذى كان يحيط بأزمة تطبيق البكالوريا، ولكن وفقًا لتصريحاته الأخيرة، لا يزال أمام الطلاب عامان بنظام الثانوية العامة الحالى. 

بينما انتقد «حجازى» فى الوقت ذاته إشاعة الوزير لحالة عدم الاستقرار من خلال إعلانه حول تطوير مناهج بعض مواد التعليم الأساسى والإعدادى كاللغة العربية، الرياضيات والعلوم، قائًلا: إن « الجميع يعلم أنه تم تغيير المناهج منذ عهد قريب خلال فترتىّ الوزيرين السابقين، ومن المفترض أن المناهج لا تتم إعادة تطويرها إلا بعد مُضى خمس سنوات على الأقل، من أجل استقرار العملية التعليمية». 

واستدرك الخبير التربوى: «صحيح هناك شكاوى من عدم ملاءمة المناهج الحالية التى تم إعدادها منذ فترة قريبة لمستوى الطلاب، وإنها تفوق قدراتهم؛ لتركيزها على الجاب المعرفى على حساب الأنشطة الأخرى الرياضية والترفيهية، إلا أنه كان من الأولوية أن ينتظر الوزير الاستفادة من قرار الدولة الحكيم بإنشاء المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمى والابتكار، ويتم إرجاء أى تغييرات على الهيكل العام للعملية التعليمية بما يشتمل على المناهج الدراسية لحين انعقاد هذا المجلس».

وأكد «حجازى»، أن «المجلس الوطنى للتعليم والبحث والابتكار» الذى يتبع رئيس الجمهورية من المؤكد يضم خبراء وكفاءات، وهم مسئولون لتقرير مدى احتياج الوزارة لتطوير المناهج أو تعديلها أم لا، فعملية تعديل المناهج لا تخضع لوجهة نظر الوزير بمفرده ولكن تخضع لمعايير علمية، وقياسات وتقويم للمناهج السابقة، وبناء على نتائجها يتم وضع التعديلات الجديدة. 

وتساءل «حجازى»: «هل الوزارة طرحت أسئلة مثل هل المناهج السابقة أدت الغرض منها أم لا، هل كانت قاصرة؟ وماهى أوجه العجز والقصور فيها؟ وبناء على إجابات هذه الأسئلة يحدث تغيير المناهج، ولكن التعديل العشوائى من دون معايير سيؤدى إلى تغيير آخر فى فترة قريبة مقبلة، ربما نسمع تصريحات جديدة بعد 6 أشهر أو عام عن تعديلات مرتقبة فى المناهج». 

وحذر «حجازى» من خطورة الاستعانة بخبرات أجنبية فى تطوير المناهج قائلاً: «هذا القرار يُمثل إنذار خطر؛ لأن المناهج تحمل جزءًا من ثقافة الشعوب، وما يحدث كأننا نسلم أنفسنا وثقافتنا للدول الأخرى، والاستفادة من الخبرات الأجنبية يجب أن يكون فيه ضوابط ومعايير واضحة وتحت إشراف كامل من وزارة التربية والتعليم المصرية، من أجل عدم طمس هويتنا الثقافية أثناء إعداد هذه المناهج».

وشدد «حجازى»، على أننا لسنا بحاجة على الإطلاق لأى تجارب كورية أو يابانية لإعداد مناهجنا التعليمية، ونحن قادرون على وضع مناهج مطابقة للمعايير الدولية بأيدى الخبرات المحلية دون التعاون مع جهات أجنبية، التعليم هو العمود الأساسى لبناء الشخصية المصرية، ويجب تحريره من عقدة الخواجة».

 مخاطر متوقعة

فى السياق ذاته؛ أكد الدكتور تامر شوقى أستاذ علم النفس والتقويم التربوى بكلية التربية جامعة عين شمس لــ«روزاليوسف»، أن التطوير كلمة إيجابية، ولكن السؤال ما لذى نطوره فى المناهج، ولماذا؟».

وأضاف: إن الوزارة تطبق منظومة المناهج الحديثة منذ عام 2018، وهى مناهج مطورة وليست قديمة، ما الحاجة الآن لتطويرها من جديد؟!، وهل أجرت الوزارة دراسات علمية رصينة على المناهج الحالية، وأثبتت وجود سلبيات، قبل إعلان الوزير لهذا التطوير وبروتوكولات التعاون مع اليابان أو كوريا الجنوبية؟! هذه أسئلة يجب أن تلقى إجابات لدى وزارة التربية والتعليم». 

وكشف عن مخاطر التطوير المزمع تطبيقه على المناهج التعليمية خلال العام الدراسى الجديد لأن استقرار المناهج عملية مهمة تمس العملية التعليمية كلها من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، وعندما عندما يقرر الوزير تغيير المناهج فهذا يعنى اضطرار أولياء الأمور لشراء كتب خارجية جديدة، وهو ما يشكل عبئًا وتكلفة مادية إضافية مضاعفة على ولى الأمر، الذى كان يعتمد على انتقال الكتاب من جيل لجيل، فضًلا عن تشجيع هذه القرارات اللجوء للدروس الخصوصية فى ظل المناهج الجديدة». 

كما أشار «شوقى» لضرورة احتياج تطوير المناهج الجديد لتدريب المعلمين، «نحن نعانى من أزمة ونقص فى أعداد المعلمين، فهل درست الوزارة نتائج هذا التطوير واحتياج المعلمين للتدريب ؟!». 

 البوكليت نموذج إيجابى

وأثنى «شوقى» على تطبيق نظام البوكليت وأهميته للطالب لما يحققه من مجموعة مميزات؛ حيث «يستطيع الطالب قراءة أسئلة الدرس قبل الحصول عليه فى الفصل، ليس من أجل الإجابة قبل الشرح؛ ولكن لتهيئة الطلاب ولفت نظرهم الى النقاط المهمة فى الدرس، ومن ثم البوكليت يوجّه الطالب إلى الأفكار الرئيسية فى كل درس، بالإضافة الى تدريب الطلاب على أسئلة متنوعة ما بين المقالى والاختيار بين المتعدد أو التكملة أو المزاوجة، مما يساعده فى إتقان ومعرفة كل تفاصيل المادة الدراسية، وهو ما يُعرف بالتعلم المتقن». 

وأضاف: إن من بين مميزات تطبيق البوكليت توفير وقت الحصة للمعلم والتعليم فقط. موضحًا «أصبح المعلم غير مضطر لكتابة الواجبات للطلاب على السبورة، كما كان فى النظام القديم وهو ما عرف بالتقييمات الأسبوعية التى كانت ترهق المعلم والطالب، ولكن مع البوكليت المعلم يشرح الدرس والمادة التعلمية فقط، ويقوم الطلاب بحل الواجبات المنزلية من خلال البوكليت، وهو ما يساعدهم أيضًا على التدريب والتهيئة للامتحانات من خلال الأسئلة المتنوعة». 

 خطة ملائمة 

من جهته يرى أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس الدكتور حسن شحاتة «أن قوام المناهج الدراسية فى التربية الحديثة أن تبنى لتتطور باستمرار، وأن وزارة التعليم حريصة على ترجمة توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي ودعوته لتصميم المناهج الدراسية المصرية وفقًا لمعايير المنافسة العالمية، من أجل بناء جيل مُتعلم جديد للجمهورية الجديدة يفكر، يشارك، يحلل ويتقبل الآخر». 

أضاف «شحاتة» فى تصريحاته لـ«روزاليوسف:» إن وزارة التربية والتعليم فى سعيها لتطوير المناهج المصرية، تعتمد على دراسات وبحوث يقوم بها خبراء المراكز العلمية التابعة للوزارة مثل المركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، والمركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى ومركز تطوير المناهج والمواد التعليمية».

أكد أنه ليس هناك خطأ فى الاستعانة بالخبرات الأجنبية فى تطوير المناهج التعليمية مع الكفاءات المحلية المصرية: قائلاً «من الجيد الاستفادة من المناهج الدراسية لدول متقدمة مثل اليابان، سنغافورة وكوريا الجنوبية، بحيث نفكر عالميًا ونطبق محليًا، ونجعل كل ما هو عالمى لخدمة كل ماهو مصرى».

أشار إلى أن وزارة التربية والتعليم لم تلجأ لتطوير المناهج الدراسية التى أعلن عنها الوزير، إلا بعد تقويم المناهج الحالية والاستماع لأفكار وروى خبراء التربية المصريين والأجانب؛ وبخاصة تطوير المناهج فى مرحلة التعليم الأساسى، وهو تطوير مطلوب وضرورى».

أكد أستاذ المناهج وطرق التدريس على أهمية تطبيق مقترح نظام البكالوريا موضحًا «إنه يقضى على سلبيات الثانوية العامة التقليدية، الذى يخلق مسارات متنوعة للتعليم الجامعى بين العلوم الطبية والبيولوجية والهندسية والحاسب الآلى وكذلك مسار الفنون والآداب وقطاع الآعمال».