الجمعة 30 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

فى الذكرى الـ 13 لرحيلها الوجه الآخر لـ«وردة»

منذ ثلاثة عشر عاما، وفى مثل هذا اليوم بالتحديد 17 مايو من عام 2012، عاش المصريون يومًا حزينًا، بعدما سرى بينهم خبر رحيل أميرة الغناء العربى «وردة الجزائرية» ليخيم الحزن على وجوههم، كأنهم استسلموا للموت لأن يأخذ قطعة نفيسة من ذكرياتهم، رافقتهم فى انتصاراتهم وانكساراتهم، فكانت خير رفيق، وتنازلوا عن جزء غالٍ من روحهم، ذلك المكان الذى سكنته «وردة» بصوتها الشجى، وأبت أن تبرحه حتى اليوم.



وفى يوم الرحيل هرع محبوها إلى منزلها ليلقوا عليها نظرة الوداع، قبل أن يلتف جثمانها بالعلمين الجزائرى والمصرى كما أوصت، استعدادًا لرحلتها الأخيرة إلى الجزائر، وتوقفت شاشات التليفزيون عن بث برامجها المعتادة، أما الإذاعات فراحت تبث أغانيها واحدة تلو الأخرى كأنها تحاول أن تحتفظ بصوتها حيا، وأن تؤجل وداعها ولو لدقائق، ولعل استعادة تفاصيل هذا اليوم بعد 13 عامًا من مروره يؤكد أن ما انتاب الجمهور يومها هو شعور أكبر من كونه شعورا بالفقد والحزن، فكيف لمن غنت (خليك هنا خليك وبلاش تفارق) فناشدت الرحيل ألا يقترب، وناجت الغياب ألا يطول، أن ترحل ويطول غيابها هكذا؟!

وفى ذكراها الثالثة عشرة قررنا أن نطرق جانبا مختلفا من حياتها التى عرفها الجمهور كفنانة صاحبة صوت شجى، وحبيبة عاشت قصة حب يعرفها القاصى والدانى مع الموسيقار «بليغ حمدى»، ولكن ماذا عن «وردة» حينما تخلع فستان الشهرة؟ كيف هى كأم، وكجدة، وكحماة؟ 

 البداية من القاهرة

فى بداية حياتها تزوجت «وردة» من الضابط «جمال قصرى» وأنجبت منه «رياض ووداد» واللذين هربا من والدهما وجاءا إلى القاهرة فى عمر الصبا ليعيشا فى حضن والدتهما بعد فترة حرمان طويلة، وبما أن «رياض» يعيش فى الجزائر، ولا يأتى إلى القاهرة سوى إجازات متفرقة، قررت أن أبدأ مشوارى مع «وداد» التى تسكن شقة والدتها بشارع عبد العزيز آل سعود بالمنيل، وهى بالنسبة لى فرصة ذهبية لأن أزور المكان الذى عاشت فيه «وردة» وتركت فى كل شبر منه أثرا لا يمحى، وبناء عليه تحدثت هاتفيا إلى «وداد» قبل شهور طويلة، وعرضت عليها الأمر، لكنها لم تبد حماسة كبيرة للزيارة، أو حتى للحديث عن والدتها وذكرياتهما معا، يومها أخبرتنى أنها تستعد للسفر إلى باريس، وستعود بعد شهر على الأكثر، وفى خلال تلك الفترة ستفكر فى الأمر، وسترى إذا ما كان هناك جديد يقال، ولكن يبدو أن تفكيرها أرشدها إلى أن تواصل احتجابها، أو كما قال لى أحد المقربين من العائلة أنها لا تهوى الظهور الإعلامى، وتفضل أن يتذكر الجمهور والدتها بأغانيها فقط، فهى من وجهة نظرها كافية لإحياء ذكراها إلى الأبد!

 حية لم تمت

على النقيض أبدى «رياض» ترحابا كبيرا بالحديث عن والدته، ولم يخف سعادته بمحبة المصريين لها، حيث يستمع إلى صوتها عندما يزور القاهرة صادرا من المقاهى، والسيارات، فيشعر أنها حية لم تمت، وعن ذلك يقول: «أمى حاضرة معى كل يوم، أتذكرها بمواقف مضحكة جمعتنا، وبمباريات الزمالك، فريقها المفضل الذى كانت تشجعه بحرارة، وبلوحة قررنا أن نرسمها سويا،حيث إن كلانا يحب الرسم، أو فى وجبة شهية علمتها لزوجتى فأصبحت تطهوها لى بطريقتها، فقد كانت سيدة حنونة، قادرة على استيعاب كل البشر، ورغم أنها بعد طلاقها من والدى اضطرت لتركى وشقيقتى مع والدى فى الجزائر بينما كنا صغيرين، واقتصرت علاقتى بها على الزيارات فقط، إلا أننى عندما أتممت السابعة عشرة من عمرى جئت إلى القاهرة وعشت معها، ومع زوجها الموسيقار «بليغ حمدى» الذى لم أكن أحبه فى البداية، لأنى كطفل كنت أشعر أنه السبب فى طلاقها من والدى، وبعدها عنى، لكن بعد قليل من الوقت استوعبت الأمر، وتحسنت علاقتى به، وفى منزلهما قابلت قامات الفن والطرب، وأذكر منهم الموسيقار «محمد عبد الوهاب» الذى كان يمتلك شخصية تتسم بالهيبة والذكاء».

وعن الأغنيات التى غنتها «وردة» ولم تر النور، يقول: «بعد رحيلها بفترة وجيزة أطلقت أغنية (أيام) التى سجلتها قبل رحيلها والقدر لم يمهلها لأن تصورها فيديو كليب، ومنذ ذلك الحين يعتقد الجمهور أننى أمتلك عددًا من الأغانى التى غنتها بصوتها ولم تذع، وهو أمر غير حقيقى على الإطلاق، وعلى فرض أن هناك أغان غنتها «وردة» وقررت هى عدم إذاعتها لسبب أو لآخر فهل أجرؤ على عدم تنفيذ رغبتها حتى وإن رحلت؟!».

 ست بيت

كان النصيب الأكبر من حوارى مع «يولا» الصديقة المقربة لـ«وردة» وزوجة ابنها وأم حفيدها الوحيد «جمال» التى قالت عنها: «تعرفت عليها فى الأردن، ونشأت بيننا صداقة قوية، ويوم ما طلبت منى أن أبحث لها عن عروسة لابنها، وقالت لى (أريدها مثلك تراعى عاداتنا وتقاليدنا) وبالفعل قمت بالمهمة، لكننى فوجئت بها تطلبنى لابنها ولم يشغلها أن لى تجربة سابقة فى الزواج، والحقيقة أننى لم أشعر يوما أنها حماتى فقد كنا نتنزه سويا ونأكل (الفسيخ) خلسة حتى لا يعلم «رياض» ويحرمها منه خوفًا على صحتها، كما أنها علمتنى أن أطهو أصنافًا مختلفة من الطعام فقد كانت (ست بيت) بالمعنى الحرفى للكلمة، وقد كانت بمثابة أمى، لذلك أحتفظ فى منزلى بكثير من مقتنياتها الشخصية كزجاجات العطر التى كانت تحبها وغيره، حتى أشعر أنها معى طوال الوقت».

وعن علاقتها بحفيدها «جمال» تقول «يولا»: «ولدت ابنى فى الأردن، وعندما اتصلنا بها لنخبرها بقدوم حفيدها، خرجت إلى شرفة منزلها بالمنيل، و(زغردت) وطلبت من حارس العمارة توزيع الشربات على سكان الشارع كلهم، ثم جاءت إلى الأردن فى أول طائرة قادمة من القاهرة، واشترت الشقة التى تعلو شقتنا لتقيم معنا فى نفس العقار حتى تكون على مقربة من حفيدها، وأذكر أن الخلاف الوحيد الذى حدث بينى وبينها كان بسبب «جمال» وهو طفل حينما سقط على الأرض وجرح أثناء زيارتى لوالدتى مما أغضبها، فقد كانت تخاف عليه أكثر من نفسها، وقد ظلت حتى رحيلها تغنى له أغنية (أخدنى معك) لـ«فضل شاكر» الذى كانت تعشق صوته لأن بها مقطعًا يحمل اسمه (جمالك جمال مش عادى)».