الأربعاء 2 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

ألبوم مجنون لـ«للا فضة».. تجربة غنائية نسوية ثورية

من الألبوم الأول، تؤكد الفنانة للا فضة على وضوح مشروعها الغنائى الذى تريد أن تصل به إلى الجمهور.. فألبوم «مجنون» يعد نقلة كبيرة فى عالم الموسيقى العربية، حيث يجسد مفهوم «الواقعية» ليس فقط فى الكلمات بل أيضًا فى الموسيقى.



 

فكلمة «واقعية» هنا تشير إلى الفن الذى يعكس الواقع والحياة اليومية للمجتمع، ويبتعد عن الخيال أو التصورات البعيدة عن الحياة اليومية. 

فكرة الواقعية فى أغانى للا فضة بدأت فى أعمالها السابقة قبل صدور الألبوم، مثل أغنيتها «آخر أيام المدينة»، حيث كان الموزع الموسيقى عليان قد اعتمد على أصوات حية من شوارع القاهرة مثل صوت القطارات والموتوسيكلات وأجراس الكنائس، مما منح الأغنية طابعًا يعكس بيئة حقيقية للمكان مع الاحتفاظ بالجماليات الفنية.

لكن فكرة الواقعية فى موسيقى للا فضة تتعدى مجرد إضافة أصوات حية، فهى تقدم تجربتها الشخصية من خلال كلمات صادقة تنبع من قلب الواقع الاجتماعى الذى نعيشه. 

فى أغنيتها «مليت»، التى تم تصويرها فى بورسعيد، يمكننا أن نرى كيف تجسد الواقع من خلال تصوير مشاهد من المدينة بشكل يشع بالحنين والواقعية.

بينما فى أغنيتها «غريبة»، نسمع لمحة من الموسيقى الشرقية التقليدية، مما يعكس تفاعلها مع ثقافتها الخاصة.

وكل هذه الأشكال كانت تجارب قبل ألبوها «مجنون»، أما فى «مجنون»، فعبرت «للا» على الصعيد الفنى، عن نموذج الفنانة ذات الرؤية الفنية المستقلة، حيث تجمع بين التلحين، الكتابة، والغناء بأسلوب مبتكر يعكس شخصيتها الفريدة. 

وهى لا تقتصر على نمط موسيقى واحد، بل تغنى بأساليب متنوعة مثل Indie Pop و R&B وأحيانًا الراب.  والجدير بالذكر أن ألبوم «مجنون» قد شهد تعاونًا مع الرابر «أبيوسف»، الذى كان له دور كبير فى الإشراف على توزيع الموسيقى، مما أضاف للألبوم لمسة من التحدى والتجديد.

واحدة من أبرز المفاهيم التى تطرحها للا فضة فى ألبومها هى القضايا النسوية. فى أغنيتها «تارات تارات تات»، تقدم «للا فضة» مجموعة من القضايا الاجتماعية التى تواجه النساء فى المجتمع العربى مثل العنف الجسدى والتسلط الاجتماعى على المرأة. وبذلك، تكون قد تحدّت الصور النمطية للمرأة فى الفن، حيث تقدم نفسها كمغنية ذات شخصية قوية لا تخشى التعبير عن آرائها وتجاربها. فى كلماتها، تُظهِر أن المرأة ليست مجرد تابع للرجل، بل هى كائن مستقل له مشاعر وطموحات تتجاوز التصورات الاجتماعية.

من خلال ألبوم «مجنون»، استطاعت «للا فضة» أن تخلق هوية فنية مميزة لها، حيث تحاول أن تتجاوز الأطر التقليدية للموسيقى العربية وتطرح أفكارًا جديدة تتماشى مع التطورات الاجتماعية. أغنية مثل «مش عيزاك» ترفض للا مفهوم المرأة الخاضعة والتابعة، وفى «قطع» تعرض مفاهيم حديثة عن العلاقات العاطفية من وجهة نظر الفتاة غير الخجولة والتى ترى نفسها جميلة ،ولذلك قالت «مانا حلوة فلازم أطمع»، وهذه الجرأة كانت موجودة أيضا فى أغنيتها «نجمة» عندما قالت «محبوش لو هيقعد ساكت، ومحبوش لو جامد وعارف».

فهذه الطريقة فى التعبير والغناء تعتبر ثورية بالنسبة لمجتمعاتنا الشرقية التى تصف نفسها بالمحافظة.

أخيرًا، فإن ألبوم «مجنون» لا يُعد مجرد مجموعة من الأغانى، بل هو عمل فنى متكامل يجمع بين الموسيقى والكلمات والرؤية الفنية المستقلة التى تؤكد قدرة الفن على تجاوز الحدود الاجتماعية والسياسية. 

«للا فضة» تُثبت من خلال هذا الألبوم أنها ليست فقط فنانة، بل هى أيضًا صانع رؤية ومؤثرة فى المجتمع، متفردة فى تعبيرها عن قضاياها الخاصة وتحديها للمفاهيم السائدة عن المرأة.