الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الوجهان اللذان يقفان وراء النظام العالمى المتغير هل ترامب هـو جـورباتشوف الجديد!

هل ترامب هو جورباتشوف الجديد؟ لماذا يُشبّه الروس «ماجا» بـ«البيريسترويكا»؟ 



وهل دونالد ترامب هو عميل روسى فعلى كما أشار مسئول فى مكتب التحقيقات الفيدرالى أندرو مكابى قائلا: نعم نعم؟

المقارنة بين جورباتشوف وترامب مثيرة للاهتمام، ففى حين أن هدف ترامب المعلن هو «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، إلا أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستحقق سياساته هذا الهدف الخيالى فى ظل قراراته البعيدة عن المنطق. إن التشابه الأكثر شيوعًا بين جورباتشوف وترامب، وكلاهما يمثل النخب الحاكمة، هو نضالهما ضد الأنظمة السياسية فى بلديهما من خلال الإصلاحات.

فى أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتى، برز نظام عالمى جديد، أعاد تشكيل ديناميكيات القوة العالمية. مثّل تفكك الاتحاد السوفيتى عام 1991 نهاية الحرب الباردة، ممهدًا الطريق لهيمنة القطب الواحد الأمريكية وتوسع المؤسسات التى يقودها الغرب مثل حلف شمال الأطلسى (الناتو) والاتحاد الأوروبى.

وبالمثل، وبينما يمضى ترامب قدمًا فى أجندته الجذرية: تحدى التحالفات التقليدية، وقلب المعايير الدبلوماسية، وإعادة تعريف الدور العالمى لأمريكا، يشهد العالم بروز نظام جيوسياسى جديد، يتميز بتنافس محتدم بين القوى العظمى، وتحالفات متغيرة، وصعود الحركات القومية والشعبوية.

 

دونالد ترامب وميخائيل جورباتشوف- الوجهان اللذان يقفان وراء النظام العالمى المتغير

بالرغم من عقود من الزمن وثقل الجغرافيا السياسية التى تفصل بين ميخائيل جورباتشوف والرئيس ترامب. فقد لوحظت بالفعل فى موسكو أوجه التشابه بين قيادتى الرجلين.. كان أحدهما مسئولًا فى الحزب الشيوعى، أدى صعوده إلى السلطة إلى انهيار الاتحاد السوفيتى فى نهاية المطاف أما الآخر فهو رجل أعمال مُتبجّح ومندفع من نيويورك، هزّت عودته الثانية إلى البيت الأبيض واشنطن والعالم من بعده.

«زفيزدا»

يرى محللون بقناة «زفيزدا»، وهى شبكة تلفزيونية مملوكة لوزارة الدفاع الروسية، أن «ترامب هو جورباتشوف الأمريكى» و«ماجا هى البيريسترويكا الأمريكية»، فى إشارة إلى «إعادة الهيكلة» الاقتصادية للاتحاد السوفيتى التى قادها جورباتشوف وأن سياسات الرئيس الأمريكية فى التجارة والمساعدات الخارجية والتحالفات العالمية قد تُفاقم تدهور أمريكا كما سرّعت «إصلاحات» ميخائيل جورباتشوف انهيار الاتحاد السوفيتى.

جورباتشوف!

مع اقتراب القرن العشرين من نهايته، وجد الاتحاد السوفيتى، الذى كان قوة عظمى راسخة، نفسه فى حالة اضطراب عميق. فقد دفعه عبء الركود الاقتصادى والاختلال السياسى والإمبراطورية المثقلة بالديون إلى حافة الهاوية.

ظهر ميخائيل جورباتشوف، الزعيم السوفيتى صاحب الرؤية الجريئة بصفته الأمين العام للحزب الشيوعى (11 مارس 1985 - 24 أغسطس 1991)، ثم الرئيس الأول والوحيد للاتحاد السوفيتى (15 مارس 1990 25 ديسمبر 1991).

 سعى جورباتشوف إلى إحياء النظام السوفيتى. وسعت سياساته البارزة، «الجلاسنوست» (الانفتاح) و«البيريسترويكا» (إعادة الهيكلة)، التى طُبّقت فى منتصف الثمانينيات، إلى إصلاح المشهد السياسى والاقتصادى للبلاد.

فى نهاية المطاف، كشفت سياسة «الجلاسنوست» عن الفساد المستشرى، وفظائع الحكومات السابقة، والإخفاقات الاقتصادية، مما أجج المعارضة الشعبية والحركات القومية التى أضعفت الوحدة السوفيتية.

فى الوقت نفسه، حاولت سياسة «البيريسترويكا» إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية جزئية، ولكن بدلاً من إنعاش النظام، أدت إلى اضطرابات اقتصادية، وفقدان السيطرة المركزية، وتفكك النفوذ السوفيتى.

أمريكا!

والآن، فى القرن الحادى والعشرين، تتكشف ظاهرة مماثلة بشكل لافت للنظر- ليس فى موسكو، بل فى واشنطن.

فقد شرع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، على غرار جورباتشوف، فى «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» من خلال إصلاح جذرى للسياسة الداخلية والخارجية. ومع ذلك، وبينما يتحدى المؤسسات والتحالفات ذاتها التى لطالما دعمت التفوق الأمريكى، يشير المحللون إلى أنه قد يُعجّل، دون قصد، بتراجع «الإمبريالية الأمريكية».

«هدف جورباتشوف كان إنقاذ الاتحاد السوفيتى، لكن سياساته سرّعت انهياره».ويمكن أن يكون للإصلاحات التى تُدفع بها الولايات المتحدة تداعيات مماثلة «وبالمثل، فإن سياسات ترامب- على الرغم من أنها تُصوّر على أنها تهدف إلى جعل أمريكا «عظيمة مرة أخرى» قد تُسرّع فى الواقع من تراجعها من خلال إضعاف المؤسسات، وإجهاد التحالفات، وتقويض الاستقرار الاقتصادى».

 تشابه

يرى محللون أن هناك وجهى تشابه واضحين بين الزعيمين من حقبتين مختلفتين.

أولاً، وكما هو الحال مع إصلاحات جورباتشوف الجذرية، تُعتبر سياسات ترامب- من إجراءات الهجرة الصارمة ونهج «أمريكا أولاً» التجارى إلى الانسحاب من الاتفاقيات العالمية- خروجًا عن القيم الليبرالية الأمريكية التقليدية.

«بخروجهما الحاد عن الأعراف الراسخة، أضعف كلا الزعيمين، دون قصد، الأطر الداخلية التى كانت تُشكل فى السابق أساس النفوذ العالمى لبلديهما».

ثانيًا، مع إبعاد جورباتشوف الاتحاد السوفيتى عن حلفائه، وإعادة تشكيل ميزان القوى العالمى، أدى تشكك ترامب فى المؤسسات متعددة الأطراف الواضح فى موقفه من حلف الناتو والاتفاقيات التجارية إلى إعادة تنظيم التحالفات الأمريكية.

«لقد كلفت إصلاحات جورباتشوف الاتحاد السوفيتى مكانته كـ«الأخ الأكبر» داخل الكتلة الاشتراكية». خطاب ترامب يدفع الولايات المتحدة نحو العزلة.

وبالمثل، فإن سياسات ترامب- على الرغم من صياغتها على أنها تهدف إلى جعل أمريكا «عظيمة مجددًا»- قد تُعجّل فى الواقع من تراجعها من خلال إضعاف المؤسسات، وإجهاد التحالفات، وتقويض الاستقرار الاقتصادى.

«المقارنة بين جورباتشوف وترامب مثيرة للاهتمام»، ففى حين أن هدف ترامب المعلن هو «جعل أمريكا عظيمة مجددًا»، إلا أنه لا يزال من غير الواضح كيف ستحقق سياساته هذا الهدف.

يشير المحللون إلى وجود وجهتى نظر متوازيتين واضحتين بين الزعيمين من حقبتين مختلفتين.

أولاً، وكما هو الحال مع إصلاحات جورباتشوف الجذرية، تعتبر سياسات ترامب من إجراءات الهجرة الصارمة ونهج «أمريكا أولاً» التجارى إلى الانسحاب من الاتفاقيات العالمية- خروجًا عن القيم الليبرالية الأمريكية التقليدية. «بخروجهما الحاد عن الأعراف الراسخة، أضعف كلا الزعيمين، دون قصد، الأطر الداخلية التى كانت تُشكل فى السابق أساس النفوذ العالمى لبلديهما».

ثانيًا، مع إبعاد جورباتشوف الاتحاد السوفيتى عن حلفائه، وإعادة تشكيل ميزان القوى العالمى، أدى تشكك ترامب فى المؤسسات متعددة الأطراف- الواضح فى موقفه من حلف الناتو والاتفاقيات التجارية- إلى إعادة تنظيم التحالفات الأمريكية.

«لقد كلفت إصلاحات جورباتشوف الاتحاد السوفيتى مكانته كـ«الأخ الأكبر» داخل الكتلة الاشتراكية خطاب ترامب يدفع الولايات المتحدة نحو العزلة» وقد تأتى مقامرة ترامب بالرسوم الجمركية بنتائج عكسية على الولايات المتحدة.

دروس من «البيريسترويكا»

منذ بدء ولايته الثانية فى 20 يناير، أعاد ترامب فرض رسوم جمركية باهظة على الواردات الصينية، وخفض التمويل الفيدرالى للبنية التحتية للسيارات الكهربائية، وضغط على حلفاء الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعى، وحل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مما أثار مخاوف بشأن القوة الناعمة الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، فرضت إدارته رسومًا جمركية بنسبة 25 % على الواردات الكولومبية، وهددت مؤقتًا بفرض رسوم جمركية مماثلة على كندا والمكسيك- التى أجلتها لمدة شهر بعد محادثات عاجلة مع الجارتين وانسحبت من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية.

تعكس سياسات ترامب الاقتصادية، خاصة حروبه الجمركية وتراجعه عن التعددية، بعض العواقب غير المقصودة لـ«البيريسترويكا»، وفقًا للمحللين. فكما عطّلت إصلاحات جورباتشوف الجزئية للسوق شبكات التجارة السوفيتية، تُرهق رسوم ترامب العلاقات الاقتصادية مع شركاء تجاريين رئيسيين.

«إن سياسات ترامب التى تركز على الرسوم الجمركية، وازدراءه للتعاون الدولى- مثل انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ- ستُنفّر حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها ومنافسيها على حد سواء، وستُلحق ضررًا بالغًا بصورة الولايات المتحدة الدولية وقوتها الناعمة، كما ستُلحق الرسوم الجمركية الضرر بالمستهلكين الأمريكيين فى الداخل. من الصعب الاعتقاد بأن سياساته ستُسهم فى تعزيز قوة الولايات المتحدة ومكانتها العالمية».!