رغم مفاوضات هدنة غزة الشاملة: إعلام إسرائيلى يكشف عن استعدادات لاحتلال غزة بالكامل

تتصاعد التوترات السياسية والعسكرية فى إسرائيل مع تنامى الدعوات داخل الحكومة لتنفيذ خطوة حاسمة فى الحرب ضد قطاع غزة ورغم الجهود المستمرة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار تبرز بوضوح الأصوات المتزايدة التى تدعو إلى تصعيد العمليات العسكرية بما فى ذلك احتلال القطاع بشكل كامل.
فى هذا السياق، ذكرت القناة الـ14 الإسرائيلية أن الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس تتزايد لبدء مرحلة جديدة فى الصراع تتضمن استعادة السيطرة العسكرية الكاملة على غزة بهدف إسقاط حركة حماس نهائيا ؛ وبينما تركز الدبلوماسية على إمكانية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد يرى العديد من السياسيين فى إسرائيل أن هذا الخيار لم يعد مجديا فى ظل التعنت الفلسطينى من جهة والإصرار على الحفاظ على الأمن الإسرائيلى من جهة أخرى.
ونقلت إسرائيل هيوم عن مسؤولين كبار أن الجيش الإسرائيلى يعمل على تعبئة جديدة فى قوات الاحتياط بهدف توسيع المعارك فى غزة إذا لم يتم التوصل لاتفاق؛ وتتسارع هذه الدعوات فى وقت حساس مع تزايد الحديث عن أن الحرب على غزة قد تأخذ مسارا أكثر دموية وطويل الأمد خاصة إذا فشلت المفاوضات الحالية فى تحقيق تقدم ملموس. وفى هذا السياق تتجه الأنظار إلى خيارات المواجهة العسكرية كأفق محتمل لمستقبل الصراع مما يضع غزة أمام مرحلة جديدة من العنف والدما.
وبعض الأصوات السياسية داخل إسرائيل بدأت ترفع صوتها ضد سياسة نتنياهو ووزير الدفاع كاتس معتبرة أن الوقت قد حان لاتخاذ قرار حاسم؛ هؤلاء المسؤولون، ومن بينهم شخصيات بارزة فى حزب الليكود مثل وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يعبرون عن استيائهم من التباطؤ فى اتخاذ قرار عسكرى حاسم؛ ووفقا لتلك الأصوات فإن سياسة إطالة أمد الحرب أو محاولة التوصل إلى اتفاق مع حماس لن تؤدى إلا إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار؛ ويشعر هؤلاء المسؤولون أن المناورة الكبرى التى تشمل عملية عسكرية شاملة ضد حماس واحتلال كامل للقطاع أصبحت الخيار الوحيد المتاح؛ وفى ضوء هذه المطالب، تساءل البعض عن المدى الذى يمكن أن يصل إليه الوضع إذا استمرت الحروب الدبلوماسية فى تأجيل الحسم العسكرى.
وقد نقلت بعض هذه المطالب فى جلسات داخل الكابينت الإسرائيلى، حيث أصبح واضحا أن هناك ميلا متزايدا بين بعض الوزراء العسكريين واليمينيين فى الحكومة للتوجه نحو الحسم العسكرى بدلا من اللجوء إلى الحلول السياسية؛ ووفق القناة الـ14 العبرية فقد أعرب عدد من الضباط الكبار الذين يقاتلون فى قطاع غزة فى الوقت الحالى عن غضبهم الشديد إزاء إدارة الحكومة السياسية، بسبب ما يمكن وصفه بـ التخبط فى الحرب؛ وقالوا: كل مرة نصل إلى هذه النقطة يجب اتخاذ قرار، إما تدمير غزة أو الانسحاب؛ دماء جنودنا ليست رخيصة.
وعلى الرغم من التصعيد العسكرى المتزايد هناك جهد دبلوماسى مستمر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مع حركة حماس؛ هذا الجهد يترافق مع تصاعد الضغوط الدولية حيث يسعى الوسطاء الدوليون تحت تشجيع أمريكى إلى الوصول إلى اتفاق قبل زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المزمع فى منتصف مايو المقبل؛ فقد وصلت المفاوضات إلى مرحلة دقيقة مع استجابة حماس بعرض صفقة شاملة تشمل تبادل الأسرى، وقف كامل لإطلاق النار، وإعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى ضمانات بالانسحاب الإسرائيلى من القطاع. فى الوقت ذاته أعلنت حماس عن استعدادها لعقد صفقة تضم إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين؛ فى هذا الإطار، استمر المبعوثون الدوليون فى العمل على تحريك ملف المساعدات الإنسانية إلى غزة، التى تواجه أزمة شديدة فى توفير الغذاء والدواء، وسط حالة من تجويع السكان، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع فى القطاع.
وإسرائيل من جانبها، تواجه ضغوطا داخلية كبيرة فى ظل الوضع الأمنى المتدهور؛ والحكومة الإسرائيلية تجد نفسها بين خيارين صعبين: إما الاستمرار فى السياسة العسكرية التى قد تؤدى إلى تصعيد أكبر، أو القبول باتفاق جزئى مع حماس الذى قد يثير غضب القوى اليمينية فى الحكومة؛ والمعضلة تتمثل فى كيفية إدارة العملية العسكرية وضمان تحقيق أهدافها دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة قد تستمر لعدة أشهر.
من جانب آخر، تظهر التقارير من داخل إسرائيل أن هناك انقساما متزايدا بين العسكريين والسياسيين.
فى حين أن الجيش الإسرائيلى يبدو مستعدا لتوسيع العمليات البرية فى غزة، بما فى ذلك احتلال المزيد من المناطق الاستراتيجية، فإن المستوى السياسى يواصل التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل تفاوضى لتجنب مزيد من الدماء والدمار؛ و هذا التباين يعكس أزمة الثقة داخل الحكومة الإسرائيلية، ويزيد من تعقيد اتخاذ القرارات الحاسمة وعلى الرغم من الضغوط العسكرية، تبقى الأزمة الإنسانية فى غزة هى القضية الأساسية التى تشغل المجتمع الدولى.
ورغم الضغوط الدولية، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تصر على أن إدخال المساعدات يجب أن يتم وفق شروط خاصة، مما يضع الحواجز أمام أى تقدم حقيقى فى مفاوضات السلام ؛ ومع اقتراب موعد زيارة ترامب إلى المنطقة، تبقى الفرصة قائمة للتوصل إلى اتفاق هدنة طويل الأمد فى غزة ولكن مع تصاعد الضغوط الداخلية فى إسرائيل، ورفض حماس لأى حل لا يتضمن انسحابا إسرائيليا كاملا، يبدو أن الطريق إلى السلام لا يزال بعيدا؛ وتزداد المخاوف فى هذه الأثناء، من أن يؤدى الفشل فى التوصل إلى اتفاق لوقف حرب شاملة فى غزة.
وعلى جانب آخر؛ ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن أجهزة الأمن الإسرائيلية ناقشت إمكانية توسيع العملية البرية فى إطار الحرب على قطاع غزة إلى جانب الاستعداد لاحتمال تنفيذ حملة تجنيد واسعة لقوات الاحتياط ؛ فى أعقاب الإعلان الإسرائيلى الذى صدر عن مصدر سياسى رفيع عن رفضها لمقترح حركة حماس بالتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى؛ وبحسب المصدر، فقد طالب كبار الوزراء فى الحكومة الإسرائيلية بتقديم خطط فورية إلى الحكومة للموافقة على توسيع العمليات العسكرية، إلا أن تنفيذ القرار تأخر بسبب رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس فى إعطاء فرصة إضافية للمفاوضات على خلفية وجود احتمال لإبرام صفقة أسرى قريبة؛ وأضاف المصدر أن الجيش الإسرائيلى يستعد لخطوات تصعيدية تشمل تعبئة واسعة لقوات الاحتياط تحسبا لأى تطورات ميدانية أو فشل فى مسار التفاوض. وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن تعبئة واسعة فى قوات الاحتياط من المتوقع أن تترتب على انعكاسان أساسيان أولا زيادة الضغط على جنود الاحتياط الذين يعانون أصلا من إرهاق كبير وإمكانية تدهور أوضاع الأسرى الذين لا يزالون محتجزين فى قطاع غزة.
وفى بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن منسق ملف الأسرى والمفقودين جال هيرش قدم إحاطة للسفراء وممثلى الدول التى يحمل بعض المحتجزين جنسياتها، إلى جانب كونهم مواطنين إسرائيليين؛ وأفاد البيان بأن اللقاء تخلله عرض للوضع القائم، واستعراض الجهود المبذولة فى إطار المفاوضات، بالإضافة إلى بحث المسائل التى تتطلب التنسيق والتعاون الدولى لدعم جهود استعادة جميع الأسرى؛ وفى وقت سابق قال مصدر سياسى رفيع إنه تتدحرج أفكار من جانب قسم من الدول العربية مثل وقف الحرب لخمس سنوات. ولا يوجد احتمال أن نوافق على هدنة مع حماس ستسمح لها فقط بالتسلح والانتعاش ومواصلة حربها ضد دولة إسرائيل بشكل أشد.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية فى الأيام الماضية، إلى أن إسرائيل رفضت خلال الأيام الأخيرة عدة صيغ مقترحة عرضها الوسطاء. ونقلت عن مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات قولها إن الأيام الحالية شديدة الحساسية؛ وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فى خطابه الأسبوعى إن إسرائيل ستسيطر عسكريا على قطاع غزة ولن تسمح للسلطة الفلسطينية بأن تستبدل حماس فى الحكم فى نهاية الحرب، فى ظل التقارير عن توسيع إسرائيلى وشيك لحربها فى غزة؛ وأضاف خلال مؤتمر تعقده رابطة الأخبار اليهودية جويش نيوز سينديكيت فى القدس، أنه لن نرضخ لأى ضغوط تقول لنا أن ننفذ ذلك وأن السبب الوحيد فى أننا لا نقضى على حماس هو المخطوفون.