السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مغامرة الشقيقتين فى الفيلم تستمر 24 ساعة عبر مدينة رام الله (شكرًا لأنك تحلم معنا).. يخوض الصراع الاجتماعى للمرأة من بوابة فلسطين

تتعرض المرأة فى العالم العربى للعديد من أنواع التمييز الطبقى والاجتماعى، إلا أن المرأة الفلسطينية تظل تواجه ظروفا مركبة ومعقدة اجتماعيًا وسياسيا واقتصاديا، وهو ما ينعكس على حياتها بشكل درامى كما عرضت المخرجة الفلسطينية «ليلى عباس» فى فيلمها الروائى الأول (شكرًا لأنك تحلم معنا) الذى عُرض مؤخرًا ضمن أيام القاهرة السينمائية بسينما زاوية.



 

المخرجة الفلسطينية، وبذكاء حاد، استخدمت الخلافات فى قوانين التركات والمواريث لحبك قصة شيقة بطلتاها شقيقتان تعيشان بعيدا عن بعضهما فى رام الله دخلتا فى مغامرة هدفها تأمين حصتيهما من ميراث والدهما المتوفى.

«مريم» التى تلعب دورها «كلارا خوري» هى ربة منزل غاضبة ومحبطة وأم لطفلين، يتجلى إحباطها من حياتها فى أولى مشاهدها وهى تحاول فتح باب منزلها الأمامى وهى تحمل عدة أكياس تسوق إلى شقتها.

فى حين تعمل شقيقتها «نورا» التى تجسد شخصيتها «ياسمين المصري» كخبيرة تجميل عزباء، لكنها لا تزال تعيش فى منزل العائلة.

تتعاون الشقيقتان «نورا ومريم» لإيجاد طريقة للحصول على حصة عادلة من ميراث والدهما المتوفى، ومن هنا ينطلق الفيلم والمغامرة الكبرى.

الشقيقتان توفيت والدتهما فى سن مبكرة، وانتقل شقيقهما «أكرم» إلى الولايات المتحدة، تاركًا الأختين، خاصة «نورا»، لرعاية والدهما، هذه الخلفية الدرامية هى التى تُمهّد الطريق للمشاهد ليستكشف حقيقة الخلاف العائلى الحاد فى تلك الأسرة، الذى تجلى مع وفاة والدهما، وسط عمل رائع للصورة التى نقلت للمشاهد كل الأحاسيس والتوتر العائلى للمصور السينمائى «كونستانتين كرونينج».

القصة والحوار الخاصين بـ«ليلى عباس» أيضا مثَّلا عاملا فعالا وناجحا للفيلم فالنص يُسرّع من عملية الدخول فى صلب القصة. 

تسعى الشقيقتان مع وفاة الوالد إلى سحب 160 ألف دولار من حساب والدهما المصرفى قبل الإعلان عن وفاته، ليتمكنّا من الحصول على نصيب من ميراثه، حيث وبموجب القانون، يحق لأخيهما الغائب الحصول على نصف كل شيء بما فى ذلك المنزل لأنه الوريث الذكر فيما لا تحصل البنات على حقوق متساوية، لذا تحتاج الأختان إلى إيجاد رجل ينتحل صفة والدهن للحصول على موافقة على الانسحاب وسط خلفيات عن تعرُّض النساء فى بعض المجتمعات العربية للإهمال والظلم بشكل واضح.

وهكذا تبدأ مغامرتهما التى تستمر 24 ساعة عبر رام الله بحثًا عن شريك ذكر يقلد صوت الوالد فى التليفون مع البنك، لكن كل رجل تقريبًا يتعاملان معه يُعزز الفكرة التى يحاول أن ينقلها الفيلم عن واقع النساء فى مجتمعاتنا وسط محاولات دائمة من الرجال للسيطرة على حياة النساء، سواء كان عمهما الفظ أو شقيقهما أو حبيب أنانى، وهو ما يُسهّل من تعاطف المشاهد مع الأختين فى محاولتهما للتحايل.

وسط مباراة تمثيلية رائعة طوال الفيلم، قدمت كلٌّ من «خورى والمصري» جرعة قوية من التوتر الأخوى، حيث تبادلتا الحوارات الحادة والتعليقات اللاذعة حول خياراتهما وأسلوب حياة كل منهما وإلقاء اللوم على بعضهما البعض.. ليبدو انفعالهما تجاه بعضهما البعض حقيقيًا وقابلًا للتصديق دون مبالغة، تتبادلان السخرية من بعضهما البعض وخلافاتهما بنوع لا يتقنه إلا الأشقاء المتحابون فى أعماق بعضهما بسلبية أحيانًا وعدوانية أحيانًا أخرى وبوقاحة قليلا ليتحدا فى النهاية بمواجهة النظام الأبوى المتسبب فى معاناتهما.

الفيلم يتضمن حبكة أخرى مهمة، هى مشاكل «مريم» الزوجية وسط قلقها كأم حيث تبددت أحلام «مريم» بحياتها عندما تزوجت بمن اعتقدت أنه فتى أحلامها. 

وبعد عشرين عامًا، تشعر مريم برغبتها فى الانفصال بسبب الجفاء المتبادل وخيانة زوجها لها.

مع هذا التركيز على الاضطرابات العائلية والاجتماعية، يبقى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى واضحا فى الخلفية وكجزء من المشاكل الاجتماعية ومشاكل المرأة الفلسطينية، حيث يخوض أبطال الفيلم صراعات ومعاناة ضد وبسبب الاحتلال الإسرائيلى، حيث يسلط الفيلم الضوءَ ببراعة على تقاطع الصراع مع الاحتلال ومع الأحداث.

يُوضِّح الفيلم أن المجتمع يشعر بالقهر والاضطهاد مع استمرار تهميش فئةٍ من فئتهم، ويُعدّ فيلم (شكرًا لأنك تحلم معنا) تذكيرًا بهذه الحقيقة المؤلمة.