«معضلة» تقييم أعمال «محمد رمضان» الغنائية

محمد شميس
بعد الجدل الكبير المثار حول «محمد رمضان» لارتدائه الزى الفرعونى فى الحفل المقام ضمن فعاليات مهرجان «كوتشيلا فالى» 2025، فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وفى ظل تصميم «رمضان» المستمر على إثارة الجدل خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط بسبب مظهره أو طريقته فى الأداء على المسرح، بل أيضًا حول طبيعة المحتوى الذى يقدّمه، وما إذا كان يُعد فنانًا غنائيًا بالمعنى التقليدى، أو مجرد ظاهرة مؤقتة تحركها الضجة لا الفن.
ولفض هذا الاشتباك، فيجب علينا التعامل مع المنتج الفنى بمعزل عن كل هذا الضجيج، ولذلك فعند تحليل أعمال «محمد رمضان»، يظهر أنه لا يقدم اللون الغنائى المعروف، بل يميل إلى أسلوب خاص يُصنف ضمن «الراب بالهوية المصرية».
ويعتمد هذا النوع على تكرار جمل لحنية قصيرة، يسهل ترديدها، وتُغنى غالبًا بإيقاع ثابت وجاذب، خاصة فى «الكورَس»، الجزء المتكرر من الأغنية، والذى يكون عادة بسيطًا، ملائمًا لكل الأعمار، مثل أغانى (مافيا، بم بم).
وهذه الفلسفة الغنائية ليست وليدة الصدفة، بل متأثرة بمدارس موسيقية عالمية، حيث تعتمد العديد من الأغانى الشهيرة فى موسيقى البوب والراب على نفس المبدأ. مثل (La La La) لـ«شاكيرا»،و(Work) لـ«ريهانا»، و(Shaky Shaky) لـ«دادى يانكى»، جميعها تؤكد أن استخدام الجمل المتكررة البسيطة هو أسلوب ناجح فى الانتشار الجماهيرى. لذلك، فإن ما يقدّمه «محمد رمضان» ليس خروجًا عن القاعدة، بل تطبيقًا لنهج موسيقى عالمى ولكن بروح محلية.
«رمضان» أيضًا يتّبع استراتيجية ذكية فى توسيع قاعدته الجماهيرية. فهو يحرص على التعاون مع فنانين مؤثرين من العالم العربى وشمال إفريقيا وأوروبا. ومن أبرز هذه الأسماء: «سعد لمجرد، سولكينج، نعمان بلعياشى، وجيمس». هذه الدويتوهات لا تُبنى عشوائيًا، بل يتم اختيارها بعناية لدخول أسواق جديدة والوصول لجمهور لا يسمعه عادة. ويبدو أن هذه الاستراتيجية تؤتى ثمارها، حيث تحقق هذه الأعمال نجاحًا كبيرًا داخل مصر وخارجها.
وعند الحديث عن الأرقام، فإن لغة الأرقام لا تكذب. فى عام واحد فقط، حقق «محمد رمضان» أكثر من 280 مليون مشاهدة على يوتيوب، متفوقًا على أسماء بارزة فى مجال الراب والمهرجانات مثل «ويجز ومروان بابلو»، وحتى منافسين شعبيين مثل «عنبة». ورغم أن ظواهر مثل «عصام صاصا» تحقق أرقامًا ضخمة، إلا أن «رمضان» ما زال فى نطاق الأرقام القوية، ويثبت أنه منافس حقيقى فى الساحة الغنائية.
على صعيد الجوائز، حصل «رمضان» على جائزة «أفضل فنان باختيار الجمهور» من مهرجان الموسيقى الإفريقية عام 2019 عن أغنيته (مافيا)، ما يدل على أن نجاحه ليس فقط جماهيريًا، بل معترف به فنيًا أيضًا.
ختامًا، ورغم الانتقادات المستمرة، يظل «محمد رمضان» ظاهرة فنية فريدة. قد لا يكون «نمبر وان» فى التمثيل، لكنه بالتأكيد يحتل مساحة خاصة فى الموسيقى، يمزج فيها بين الراب والمهرجانات والإيقاعات الشعبية، مستندًا إلى فهم دقيق للسوق والجمهور. وما يقدّمه لا يمكن الحكم عليه بمعايير أخلاقية أو ذوقية فقط، بل يجب التعامل معه كحالة فنية تستحق التحليل والنقد بأدوات الفن لا الانطباع الشخصى.