توجيهات من قيادة المملكة بزيادة حجم الاستثمارات فى مصر وزير الخارجية يستبق زيارة ترامب إلى الرياض لمزيد من التشاور والتنسيق

الرياض صبحى شبانة
اكتسبت زيارة الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة إلى العاصمة السعودية الرياض فى هذا التوقيت أهمية قصوى خصوصًا أنها أتت قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 13 وحتى 16 مايو المقبل، إلى جانب كل من قطر والإمارات.
وجرى خلال زيارة عبدالعاطى الذى ترأس الوفد المصرى فى أعمال لجنة المتابعة والتشاور السياسى مع السعودية التى تنعقد سنويًا بالتناوب بين البلدين، كما ترأس الوفد السعودى سمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودى، المزيد من التشاور والتنسيق فى العديد من الملفات التى شملت المجالات السياسية والاقتصادية والعلاقات بين البلدين، كما تطرقت إلى سبل تعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
وخلال أعمال اللجنة، تناول الوزيران سبل دعم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، حيث أكد الوزير عبدالعاطى على ضرورة تعظيم الاستفادة من الأطر المؤسسية الاقتصادية القائمة بين مصر والسعودية وتبادل الزيارات لكبار المسئولين ورجال الأعمال والمستثمرين، منوهًا إلى الزيارة الناجحة لوفد مجلس الأعمال المصرى السعودى واتحاد الغرف السعودية إلى القاهرة خلال الفترة من 12 - 14 أبريل الجارى للتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة، وأهمية البناء على النتائج التى تمخضت عن الزيارة بما يسهم فى تعزيز التعاون الاقتصادى وزيادة الاستثمارات السعودية فى مصر، مؤكدًا الاهتمام بتدشين منتدى الاستثمار المصري - السعودى باعتباره خطوة فارقة لدعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين. كما تم الاتفاق على أهمية تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصري- السعودى وإطلاق أنشطته فى أقرب وقت ممكن، بما يسهم فى الارتقاء بمسار التعاون بين البلدين الشقيقين فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والأمنية.
وأبرز عبدالعاطى اهتمام الدولة المصرية بتوفير المناخ الأمثل للمستثمرين ورجال الأعمال السعوديين من أجل دفع الاستثمارات السعودية فى مصر، مستعرضًا فى هذا الإطار الحوافز التى تقدمها مصر لدعم الاستثمار الخارجى، والإصلاحات المالية والضريبية التى تبنتها مصر.
وأكد أهمية ترجمة الروابط الأخوية بين مصر والسعودية والنقلة النوعية التى شهدتها العلاقات المؤسسية بين البلدين، لتحقيق طموحات الشعبين الشقيقين نحو التنمية الشاملة والمستدامة للوصول بمستوى الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى المستوى الذى يلبى تطلعات الشعبين المصرى والسعودى الشقيقين عبر مضاعفة التبادل التجارى بين مصر والمملكة، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين مصر والسعودية من أجل تعزيز التعاون الاستثمارى بين البلدين الشقيقين.
كما تناول مسألة توطين الصناعة والتكنولوجيا وما تحظى به من أولوية متقدمة للدولة المصرية، مؤكدًا أهمية تحقيق التكامل بين مصر والمملكة فى المجالات الصناعية، مستعرضًا التسهيلات التى تقدمها الحكومة المصرية للمستثمرين فى مجال الصناعة. وأشار إلى أهمية تحقيق توأمة بين رؤيتى 2030 المصرية والسعودية، وتحقيق التكامل بين الاستراتيجية الصناعية فى كلا البلدين.
وأكد وزير الخارجية والهجرة، خلال لقائه بوزير الطاقة السعودى الأمير عبدالعزيز بن سلمان على أهمية مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية باعتباره نواة لربط كهربائى عربى شامل، ونموذجًا يُحتذى به فى مشروعات التكامل فى مجالات الطاقة بين البلدين الشقيقين.
وشدد الوزير عبدالعاطى على عمق ومتانة العلاقات الأخوية التاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين، معربًا عن ترحيب مصر بالتطور الذى تشهده العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية فى مجالات الطاقة من خلال مجموعة من المشروعات المشتركة، بما يعزز الأهداف التنموية بالبلدين الشقيقين، مشيرًا إلى تطلع مصر لإطلاق المزيد من الشراكات الاستراتيجية مع السعودية فى قطاعات النفط، وتعظيم الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجى ومواردها الطبيعية.
كما أكد أيضًا على أهمية مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية باعتباره نواة لربط كهربائى عربى شامل، ونموذجًا يُحتذى به فى مشروعات التكامل فى مجالات الطاقة بين البلدين الشقيقين، مستعرضًا أطر التعاون القائمة بين الجانبين فى قطاع الطاقة، وضرورة تعزيز وتطوير التعاون المشترك فى مجالات الربط الكهربائى والطاقة التقليدية والجديدة والمتجددة، فضلًا عن تبادل الخبرات فى مجال ترشيد استهلاك الكهرباء وحسن إدارتها.
وأبرز وزير الخارجية أن مجال الهيدروجين الأخضر يأتى فى مقدمة أولويات الحكومة المصرية خلال المرحلة الراهنة، وذلك من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، والتى تستهدف زيادة إنتاج الهيدروجين ومشتقاته، مؤكدًا استعداد مصر للدخول كشريك استراتيجى مع الجانب السعودى فى مشروعات «الطاقة الخضراء» عبر ربط مشروعات الطاقة المتجددة فى البلدين. كما تناول مسألة توطين الصناعة والتكنولوجيا وما تحظى به من أولوية متقدمة للدولة المصرية، مشددًا على أهمية تحقيق التكامل بين مصر والمملكة فى المجالات الصناعية.
وكان رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، زار الرياض منتصف سبتمبر الماضى، فى إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، حيث عقد عدة لقاءات مع كل من وزراء الاستثمار والمالية والاقتصاد، وتبادل النقاش فى المجال الاستثمارى وأوجه التعاون لتطوير العلاقات الاستثمارية المصرية السعودية، وإيجاد السبل التى تسهم فى دعم وتحفيز القطاع الخاص بين البلدين، بالإضافة إلى المباحثات بشأن اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بين البلدين.
وتمثل مصر أحد أهم الشركاء الاقتصاديين للمملكة وتأتى فى المرتبة السابعة، بينما تعد المملكة العربية السعودية ثالث أكبر شريك تجارى لمصر، حيث بلغ إجمالى حجم التبادل بين السعودية ومصر فى عام 2023 نحو 13 مليار دولار، وكان نصيب صادرات مصر إلى المملكة نحو 5.3 مليار دولار، بينما بلغت قيمة واردات مصر من المملكة لنحو 7.5 مليار دولار، وبلغ إجمالى عدد الشركات السعودية المستثمرة فى مصر أكثر من 8000 شركة، باجمالى استثمارات بلغت 34 مليار دولار، بينما بلغ عدد الشركات المصرية العاملة فى المملكة أكثر من 6830 شركة، بإجمالى حجم استثمارات اقتربت من الـ5 مليارات دولار.
وصرح رئيس الجانب السعودى فى مجلس الأعمال السعودى المصرى بندر محمد العامرى، أن المسئولين المصريين طمأنوا المستثمرين السعوديين بشأن استثماراتهم، مؤكدين بأنه سيتم العمل على تذليل كافة التحديات القائمة أمام استثماراتهم.
وكشف العامرى بأن المستثمرين السعوديين لديهم توجيهات من قيادة المملكة برفع حجم الاستثمارات فى مصر، مشيرًا إلى أننا سنشهد حراكًا غير مسبوق فى زيادة الاستثمارات السعودية فى مصر خلال الفترة المقبلة.
وأعلن العامرى أن الشركات السعودية تستهدف زيادة استثماراتها فى مصر من 35 مليار دولار إلى 50 مليارًا فى السنوات الأربع المقبلة عبر 5 مشاريع كبرى، وتعمل 7 آلاف شركة سعودية فى مصر، كما يعيش نحو 700 ألف سعودى فى بين إخوانهم من المصريين، فيما تستثمر 5000 شركة مصرية فى السعودية.
وشدد رئيس الجانب السعودى فى مجلس الأعمال السعودى المصرى بندر محمد العامرى، إلى أن الاستثمارات المشتركة تحظى بدعم قوى ومباشر من قيادتى البلدين، مشيرًا إلى أنه تم حل أكثر من 85% من التحديات التى واجهها المستثمرون السعوديون فى مصر، بمبالغ تجاوزت 12 مليار دولار.
وكشفت بيانات وزارة الاستثمار السعودية أن 30 فى المائة من تصاريح الاستثمار فى المملكة الصادرة خلال الربع الأول من العام الحالى حصلت عليها شركات مصرية.
ومن المشاريع الكبرى المشتركة بين البلدين مشروع الربط الكهربائى، البالغة قدرته 3000 ميجاواط، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل مرحلته الأولى قبل منتصف 2025.
ولدى السعودية ودائع بقيمة 10.3 مليار دولار فى البنك المركزى المصرى، وفق آخر أرقام معلنة، وتتراوح الودائع بين 5 مليارات دولار ودائع قصيرة الأجل تجدد كل عام، و5.3 مليار دولار ودائع متوسطة الأجل، يحين سداد أجلها فى أكتوبر 2026.