الثلاثاء 15 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من مستشفى العريش .. شهادات المصابين عن عملية محو شعب فلسطين زيارة ماكرون تكشف وحشية الاحتلال .. والخطة المصرية طريق النجاة الوحيد للمنطقة

داخل مستشفى العريش بجنوب سيناء، ربتت الأم الفلسطينية المكلومة على ذراع الرئيس السيسى بعفوية وتأثر، وقالت وهى تبكى بقلب مفطور وتنظر إلى الرئيس الفرنسى ماكرون:



«بارك الله فيهم، مقصرش والله فى حاجة، شهادة لله أنا بشكره من كل قلبى، والله حاسين حالنا بين أهلنا، بس الواحد ما فى بعد تراب بلاده، تخلص علاجها ونرجع على غزة، أروح أبوس تراب بلادى، يدفنونى جنب ولادى اللى استشهدوا.. مطلعش من بلادى».

 

رسائل صادقة ومؤثرة، ليست لماكرون وحده، ولكن للعالم المتواطئ الصامت على قتل الشعب الصامد وتجويعه وتشريده.

رسائل موجعة من أطفال غزة إلى العالم

جاءت الزيارة ليتعايش الرئيس الفرنسى بنفسه مع معاناة الشعب الصامد، ويرى بأعينه آثار الوحشية الإسرائيلية على أجساد الأطفال المشوهة وأطرافهم المبتورة. استمع بصحبة الرئيس السيسى لعشرات القصص لنساء وأطفال قُصفت منازلهم وفقدوا عائلاتهم وأحباءهم، وتم نقلهم للعلاج فى مصر بأوضاع حرجة ومضاعفات خطيرة، بسبب سوء الوضع الصحى وضعف الإمكانيات فى غزة.

استمع الرئيس الفرنسى بصدمة وتأثر، وانعكس ذلك على رسالته الختامية التى شكر فيها الرئيس السيسى والمصريين، قائلًا:

«أغادر مصر بعد ثلاثة أيام مؤثرة، رأيت فيها نبض القلوب فى ترحيبكم الكريم، فى قوة تعاوننا، فى الدعم الذى نقدمه لأهالى غزة.. فى العريش، حيث يُقاوم الألم بالألم».

نتنياهو وترامب يروّجان لأكاذيب التهجير

بالتزامن مع زيارة ماكرون، جلس نتنياهو بجوار ترامب فى البيت الأبيض ليتحدث بفجاجة عن أن الفلسطينيين لديهم حرية الاختيار للذهاب إلى أى مكان يريدونه، وأنهم يسعون لتمكينهم من ذلك. وكرر أن غزة مكان مغلق ومحاصر، وأن إسرائيل ليست من تحاصرها، وهو ما أكده ترامب، الذى قال إنه يرغب فى وقف إطلاق النار وأن الحرب ستتوقف قريبًا.

لكن هذه التصريحات تعكس بوضوح مجموعة من الأكاذيب الأمريكية الإسرائيلية التى يصدّقها البعض. قد يكون ترامب صادقًا فى رغبته بوقف القتال، لكن بشكل مؤقت لحين الحصول على الرهائن الذين عجز عن الوصول إليهم عبر الحرب، والدليل أنه عاد ليكرر أن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وامتلاكه سيكون أمرًا جيدًا.

مصر ترفض التهديدات وتحمى أمنها القومى

مطامع إسرائيل فى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء باتت واضحة، والدليل محاولتها الترويج عبر الإعلام الإسرائيلى والأقلام والحملات المشبوهة على وسائل التواصل الاجتماعى، أن مصر تشارك فى حصار وتجويع الفلسطينيين ولا تفتح المعابر لدخولهم، وهو ما لمح إليه نتنياهو فى واشنطن.

لكن الحقيقة أن من يفرض الحصار هو من يمنع دخول المساعدات ويقصفها بعد دخولها بتأمين من الصليب الأحمر. الرئيس الفرنسى ماكرون، الذى زار مخازن المساعدات الإنسانية بالعريش، رد على أكاذيبهم قائلًا:

«هناك مساعدات فرنسية رأيتها فى المخزن اللوجيستى للهلال الأحمر المصرى بمدينة العريش، تم رفض دخولها من قِبل إسرائيل إلى قطاع غزة، وهى على وشك أن تفسد. تم رفضها وهى موجودة فى المخزن منذ 2 مارس الماضى، والموقف من النواحى الإنسانية لم يكن بهذه البشاعة».

أكاذيب إسرائيل تنكشف أمام العالم

ومن البشاعة أيضًا الحديث عن «حرية الاختيار» للفلسطينيين فى النزوح، فى ظل قصفهم وتجويعهم وتهجيرهم القسري. كان من المهم أن يستمع ماكرون للإرادة الحقيقية للفلسطينيين، ورغبتهم فى العودة إلى غزة باعتبارها أرضهم ووطنهم، لا «موقع عقاري» كما يظن ترامب بعقليته التجارية الواهمة.

مصر لم ولن تتورط يومًا فى دم عربى أو غير عربى، ولم تتحالف يومًا ضد الشعب الفلسطينى، بل كانت دومًا صوتًا للحق، وسعت ولا تزال تسعى بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لوقف معاناة الشعب الفلسطينى وإنقاذه. لكن إسرائيل هى من يرفض الحل، ويحاول الضغط والابتزاز لاستفزاز مصر وإرغامها على ما لا يمكن حدوثه، وهو ما أكد الرئيس السيسى بشكل قاطع أنه لن يحدث.

ومن يتحدثون عن الضمير، فليس من الضمير أن تعطي مصر أرضها لمساعدة إسرائيل في الخلاص من الفلسطينيين لتحتل غزة وتساهم في تصفية القضية الفلسطينية. كما  أن العديد من الفلسطينيين قد يريدون الخروج، ولكن إن كان هناك من يريد الخروج بسبب منهج القتل الهيستيري الذي تتبعه إسرائيل مؤخرًا لإجبارهم علي الرحيل فليخرج، ولكن ليس من خلال مصر. فمصر لن تشارك في هذا الظلم، كما قال الرئيس السيسي، ولن تفرط في أرضها لخدمة مخططات الاحتلال وتحقيق طموحاته التوسعية. ومن حقها الدفاع عن سيادة أرضها وأمنها القومي.

 الوضع الإنسانى فى غزة يخرج عن السيطرة

لم يكن ماكرون وحده من كشف أكاذيب إسرائيل، بل تنقل الصحف والمواقع العالمية يوميًا عن وكالات الإغاثة تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير وغير مسبوق، بعد أكثر من شهر على قطع إسرائيل للمساعدات الإنسانية عن غزة فى 2 مارس الماضى، وتفاقم معاناة مليونى مدنى جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.

تقول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، بالإضافة إلى شهود عيان تحدثوا لـCNN، إن الجوع ينتشر، وندر الحصول على مياه نظيفة، وتنتشر البراغيث فى مخيمات النزوح. كما أدى الهجوم المتجدد للجيش الإسرائيلى إلى نزوح نحو 400 ألف فلسطينى، وفقًا للأمم المتحدة. وأفادت وزارة الصحة فى غزة بمقتل ما لا يقل عن 1391 فلسطينيًا، بينهم 505 أطفال، منذ 18 مارس. ويُعدّ هذا أعلى عدد وفيات أسبوعى بين الأطفال، كما صرّح عاصم النبيه، المتحدث باسم بلدية غزة، قائلًا:

«يتم تهجير الناس حرفيًا فى كل مكان، على الطرق الرئيسية، فى الحدائق العامة، قرب مكبات القمامة، وفى الساحات، وحتى فى المبانى التى على وشك الانهيار».