الثلاثاء 1 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أنقذوا ما تبقّى من العمر "الحلقة الثالثة"

«أنقذوا ما تبقى من سنوات العمر» لمؤلفه كامل جميل كامل مراد، كتاب شيق مشبع بتجارب عملية وقصص حقيقية تفتح أمامنا نافذة جديدة على حياتنا بعد التقاعد وكيف نجيد استثمارها، فالكتاب بمثابة تفريغ للذاكرة من أحداث ومواقف للمؤلف على مستوى حياته الشخصية والعملية، فبعد فترة عمل لسنوات طويلة ربما تتجاوز الثلاثين عامًا يستحق الواحد منا أن يفكر بالتقاعد، لإنقاذ ما تبقى من سنوات العمر، ويعتمد ذلك على ظروف الشخص، وهو موضوع نسبى يختلف من شخص لآخر، وينجح فى ذلك من خطط لنفسه مبكرًا.



إذا كنت ممن تجاوزوا الستين فعليك أن تقرأ هذا الكتاب لكى تستطيع استثمار ما تبقى فى حياتك بشكل إيجابي، أما إذا كنت لم تبلغ الستين بعد فعليك أيضًا قراءة هذا الكتاب لتستفيد فى حياتك الحالية من خبرات من سبقوك، وأيضًا لتجيد التخطيط لحياتك بعد التقاعد حفاظًا عليها من أن تهدر بلا قيمة وإنقاذًا لما تبقى منها.

 

استوصوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا

النساء أكثر حرصًا من الرّجال على الاحتفاظ بذكرياتهن، سواء ذكريات الطفولة، أو الدراسة، أو فى أثناء مدة الخطوبة.

حدثنى صديقى عن مناوشات حدثت بينه وبين زوجته، وعند عودته من العمل وجدها تمسك بمغلف فيه رسائل كتبتها له أثناء خطوبتهما، فتبسم فى وجهها واعتذر لها، وقد شعر بضعفها وحنانها، فالمرأة لا تنسى الأيام الجميلة حتى لو بعد زمن طويل، ما أجمل المرأة وهى تروى قصة شراء خاتمها الأول الذى أحضره زوجها وأول عشاء جمعهما!

فالمرأة تحمل فى داخلها مخزونًا من الحب والدفء والمشاعر المرهفة، وتفيض بها على من حولها، وبالمقابل ربما لا نجد ذلك المخزون ظاهرًا عند الرجل؛ وذلك لأنَّ طبيعةَ الرّجل تميل إلى خشونة الطبع والشدة فى التعامل مع الآخرين؛ فطبيعة العمل وظروف الحياة تفرض عليه تحمل أعبائها ومسئولياتها الشاقة والتى ترهق تفكير الرجل، فترى تفكيره يميل للعقل أكثر من ميله للعواطف النابعة من القلب، وذلك عكس المرأة التى يميل تفكيرها للقلب والعاطفة أكثر من العقل، وهذه حكمة الله فى خلقه لكى يوازن بين العقل الحكيم والقلب الرحيم، فالرجل لو لم يظهر ذلك الحنان فى أقواله وأفعاله إلا أنه يترجمه عن طريق عطائه وحرصه على تأمين حياة سعيدة لأهل بيته، ومن خلال تفكيره الدائم فى شئون حياتهم من دراسة، وعمل، وزواج، ونفقة.. إلخ.

وبالمقابل يجب على الرجل ألا ينسى فى أثناء تلك الرحلة من وَقَفَ بجانبه فى بداية رحلة نجاحه: زوجته التى تحملت أعباء التربية لأبنائه، وكانت سندا وعونًا له فى جميع تفاصيل حياته، ولا بد من استثمار جميع المناسبات السعيدة للإشادة بفضل الزوجة وعطائها المستمر فى الأسرة، وذلك الأمر يترك أثرًا جميلاً فى نفسها، فهى تحبّ أن تشعر بأنها ما زالت الشىء الجميل فى حياة زوجها، وأن اهتمامه بها لم يتغير مع مرور الأيام.

وبعض الرجال لو تناقشت معه فى هذا الموضوع لبادر قائلاً: هى أم أولادى وكلّ شىءٍ فى حياتى. ونحن نريد أن يصل هذا الكلام للزوجات وألا يقتصر قوله فى مجالس الرجال.

ربما يعتقد بعضهم أن الزوجة مع تقدم العمر ووجود الأولاد فى حياتها ليست بحاجة لرعاية أو لكلمة ثناء، وهذا التفكير قمة نكران الجميل لها؛ لأنها مع رحلة العمر التى أمضتها مع زوجها ربما تكون قد فقدت والديها أو أحدهما، فبالتالى يصبح الزوج مصدر الأمان والحنان الوحيد لها، ومن الواجب عليه أن يكمل نقصها من شعور الحنان والأمان، ومن هنا تقترب المسافة بين الزوجين ليصبحوا مكملين لبعضهما أكثر من السنوات التى مضت فى بداية العمر، وفى الغالب جميعنا عاش فترةً من العمر بعد فقد أحد والديه، وبقى الآخر، ليفاجأ مثلاً أن والدته طوال اليوم تذكر صفات والده الجميلة، لدرجة أن الواحد منا كان يستغرب قائلاً: «سبحان مغير الأحوال، كيف انقلبت مناوشات الماضى بينهم إلى ذكريات جميلة»، نعم يا سادة إنها عشرة الزمن الطويل التى لا تنسى!

وأكثر ما يزعجنى الانفصال بعد عشرة عمر طويلة، فمنطقيًا قد ينخفض مقدار الحب والاهتمام تدريجيًا خلال سنوات الزواج، ولكن ما تنقصه السنوات من حبّ، بسبب ضغوطات الحياة والمسئوليات، تعوضه العِشرة الطويلة بين الزوجين بكل تأكيد، ويجب علينا مراعاة ذلك دائمًا، امتثالاً لأمر الله تعالى حيث أمرنا فى قوله: «وَلَا تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُم».