الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خواطر فضيلة د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء خصال رمضان "1"

رمضان هذا الشهر الكريم الذى اختصه الله بكثير من الخصال أولى تلك الخصال: «نزول القرآن الكريم فيه» قال تعالى:(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، وقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ).. وقال سبحانه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ القَدْرِ).



وهناك عدة تفسيرات فى معنى نزول القرآن فى شهر رمضان قدر، التفسير الأول: هو أن الله أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا، واستند هذا التفسير لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «أُنزل القرآنُ فى ليلة القَدْرِ جملة واحدة إلى سماء الدنيا، وكان بمواقع النجوم، وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه فى إثر بعض».

وبما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن فى ليلة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القَدْرِ، ثم أُنْزل بعد ذلك فى عشرين سنة، ثم قرأ: (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلًّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا)..(وَقُرْآنًا فَرَقْنَاه لِتَقَرَأه عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاه تَنْزِيلًا).

ومن التفسيرات فى نزول القرآن فى شهر رمضان فى ليلة القدر: أنه نزل إلى السماء الدنيا فى عشرين ليلة قَدْر، أو ثَلاث وعشرين أو خمس وعشرين حسب الاختلافات فى مدة مكث النبى صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة فى كل ليلة قدر ينزل ما يقدِّر الله إنزاله فى كل السنة، ثم نزل بعد ذلك منجمًا فى جميع السنة، وقد حكى الفخر الرازى هذا القول، وتوقف فى الأخذ به، هل هو أولى أو القول الأول.

ومن التفاسير: أنه أنزل من اللَّوْح المحفوظ جملة واحدة، وأن الحفظة نجَّمته على جبريل فى عشرين ليلة، وأن جبريل نجَّمه على النبى صلى الله عليه وسلم فى عشرين سنة. 

وهذا القول غريب، والمعتمد أن جبريل كان يعارضه فى رمضان بما ينزل به عليه طول السنة، وهو مروى عن ابن عباس. وقد حكاه الماوردى، وعلى كل حال فإن رمضان شهر القرآن وهذه أهم خصائصه.

الخصلة الثانى التى خص الله بها شهر رمضان: «وجوب صومه»، فهو الشهر الوحيد الذى أوجب الله صومه وجعل صومه أحد أركان الدين، قال تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185]. وقال النبى: «بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان».

ولقد شرع الصوم فى أوقات أخرى على جهة الندب كيومى الاثنين والخميس، والأيام القمرية الثلاثة من كل شهر عربى، وعاشوراء، ويوم عرفة، وقد يوجب المسلم على نفسه الصوم بالنذر، وقد يندب الإكثار فى أغلب أيام الشهر كشهر شعبان والمحرم إلا أن ذلك كله لا يعارض أن شهر رمضان هو الشهر الوحيد الذى أوجب الله صومه.

والصوم تدريب على الصبر واحتمال ألم الجوع فى سبيل الله، ولقد وعد الله الصابرين بأجر عظيم فقال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).

خصلة ثالثة اختص بها ربنا شهر رمضان الكريم وذلك بأن جعل الصدقة فيه خير من غيره، وللصدقة عمومًا فضل كبير فى الإسلام فقد ورد عن النبى أنه قال: «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» [رواه الترمذي]. وقال: أفضل الصدقة صدقة المُقل: «يا رسول الله، أى الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، وابدأ بمن تعول».

الخصلة الرابعة التى خص الله بها شهر رمضان صلاة التراويح، وهى شكل من أشكال صلاة الليل، وأجمع المسلمون على سنية قيام ليالى رمضان، وقد ذكر النووى أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح يعنى أنه يحصل المقصود من القيام بصلاة التراويح.

والتراويح فى اللغة: جمع الترويحة. يقول ابن منظور: « التَّرْويحةُ فـى شهر رمضان: سميِّت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع ركعات؛ وفـى الـحديث: صلاة التراويح؛ لأَنهم كانوا يستريحون بـين كل تسلـيمتـين. والتراويح: جمع تَرْوِيحة، وهى الـمرة الواحدة من الراحة، تَفْعِيلة منها، مثل تسلـيمة من السَّلام».

فهى قيام رمضان، ولها هيئة مخصوصة، يسلم بعد كل ركعتين، وينوى بها سنة التراويح، وهى سنة نبوية فى أصلها، عمرية فى هيئتها وعدد ركعاتها.