الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

يبدأ فى «أربعاء الرماد» حسب الطقس اللاتينى رحلة الأقباط مع الصوم الكبير

«قَدِّسُوا صَوْمًا. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ» يوء 1: 14، هكذا بدأت الكنيسة الأرثوذكسية يوم الاثنين الماضى رحلة الصوم الكبير الذي يمتد إلى 55 يومًا، يمارس خلالها الطقوس الروحانية، ويدخل بعض الأقباط الاعتكاف فى نهايته أقدس أسبوع، وهو أسبوع الآلام. 



ويتصادف مع دخول شهر رمضان، أن يصوم الشعب المصرى كله أقدس أيامه فى الوقت نفسه، ليتسابق على فعل الرحمة والتوبة، وممارسة العبادة والاعتكاف.

 

والصوم الكبير في الكنيسة القبطية له طابع خاص، وأهم ما يميزه أنه يصام صومًا انقطاعيًا حتى انتهاء صلاة القداس، والتي تبدأ في الواحدة ظهرًا ولا تنتهي قبل الرابعة أو الخامسة عصرًا، أي أن المصريين جميعًا يشتركون فى صيام انقطاعى معًا، إلا أن عدد الأيام يختلف، فالصوم الكبير يبدأ في يوم أربعاء الرماد، حسب الطقس اللاتيني، ويبدأ يوم الاثنين حسب الطقس الشرقي.

وتستمر فترة الصيام إلى حوالي ستة أسابيع قبل عيد القيامة، والغرض التقليدي منه هو إعداد المؤمن من خلال الصلاة، والتوبة، والصدقة وممارسة أعمال الرحمة.

يستمر الصوم الكبير خمسين يومًا (40 يومًا هي أيام الصوم التي تسبق أسبوع الآلام، بالإضافة إلى أسبوع الآلام، بما فيه سبت النور،  أربعة أيام تعويضية عن أيام الآحاد التي يتم الإفطار فيها».

ويمتنع المسيحيون في أيام الصوم الكبير عن أكل اللحوم ومنتجات الألبان والأجبان، ويؤكل فقط البقوليات والخضروات ويستخدم الزيت فقط.

يتكون الصوم الكبير في حقيقته من ثلاثة أصوام مجتمعة، أولها الأسبوع الأول، والأربعون المقدسة، وأسبوع الآلام.

 والأسبوع الأول هو أسبوع الاستعداد، ويعرف بأسبوع هرقل، أو أسبوع بدل السبوت، ولا تمارسه إلا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتعتبره الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية انقطاعًا عن اللحم فقط، ويؤكل فيه السمك والبيض والألبان.

أما الأربعون المقدسة، فقد كانت الكنيسة الشرقية والغربية حتى أواخر القرن الثالث، تجهل الصوم الأربعيني، وفي سنة 264 كان هناك الصوم الفصحي وهو أسبوع الآلام فقط (من يوم الاثنين إلى يوم السبت) تراوح في القرون الثلاثة الأولى بين يوم واحد وأسبوع قبل الفصح .

 ومع بداية القرن الرابع بدأ الحديث عن «أربعينية» سابقة للفصح، استعدادًا لقبول سر العماد، وكانت تختلف من حيث المدة أو الكيفية حسب اختلاف البلاد.

 وكنيسة الإسكندرية لم تعرف الصوم الأربعيني قبل سنة 330، وتم التعرف عليها من رسائل القديس أثناسيوس الفصحية، ففي رسالته الثانية (330) حدد لأول مرة بدء الصوم الأربعيني المقدس، ومدته ستة أسابيع بما فيها أسبوع الآلام .

ومع نهاية القرن السادس، كانت الكنيسة كلها شرقًا وغربًا تصوم ستة وثلاثين يومًا مقسمة على ستة أسابيع في الغرب، وسبعة أسابيع في الشرق.

ومن القرن السابع إلى القرن التاسع أضافت الكنيسة الغربية أربعة أيام قبل أسابيع الصوم الستة، فيكمل بذلك الصوم أربعين يومًا. 

وأضافت الكنائس الشرقية أسبوعًا ثامنًا في بداية الصوم، وهو ما يدعى «أسبوع هرقل» وبهذا اكتمل الصوم أربعين يومًا.

 وفي القرون الوسطى سُمح في الشرق بتناول الطعام بعد انقضاء ساعات الصوم، دون النظر إلى عدد الأكلات أو إلى كمية الطعام الذي يُؤكل. 

وصار في الغرب وجبة واحدة أساسية في الظهر، مع السماح بأُكلتين خفيفتين في الصباح والمساء .

 أما في العصر الحديث فظلت الكنائس الشرقية الأرثوذكسية متمسكة بالصوم الأربعيني، من حيث نظامه ونوع الطعام الذي يُؤكل فيه، بينما مر الصوم في الكنائس الكاثوليكية بمراحل تطور سريعة ومتلاحقة من حيث نظامه ونوع الطعام الذي يُؤكل فيه.

أما أسبوع الآلام فيعتبر من أقدم الأصوام المسيحية، عرفته الكنيسة شرقًا وغربًا منذ القرون الأولى للمسيحية.

وقامت الكنيسة بتقسيم أيّام الصّوم الكبير إلى أسابيع سبعة، وحدّدت لكلّ أسبوع اسمًا خاصًّا، وحدّدت كلّ أسبوع يبدأ اعتبارًا من يوم الاثنين، وينتهي مع نهاية يوم الأحد.

الأسبوع الأوّل، وهو أحد الكنوز حيث تسعى الكنيسة لتوجيه أبنائها لعبادة الله بدلاً من عبادة المال .

الأسبوع الثّاني، هو أحد التجربة، وتعرف فيه الكنيسة المؤمن كيف يتجاوز تجارب إبليس، ويحاربه، ولا ينصاع لإغراءاته وإملاءاته وشهواته، مقتديًا بالمسيح الذي تعرّض للتجربة ثلاث مرّات من قبل الشيطان. 

الأحد الثّالث، هو الابن الضّال، فتعلّم الكنيسة أن الله يبحث دائمًا عن الضال ويسامح الخطاة، ويقبلهم من جديد.

أما الرّابع فهو أحد السّامريّة والخامس يعرف بأحد المخلّع حيث شفاه المسيح للمخلّع، الذي أقعدته الخطيئة، كونها هي السّبب الرئيسي في الأمراض الرّوحيّة منها والجسديّة.

  والأحد السّادس يطلق عليه «المولود أعمي»، ويعرف أيضًا بالتناصير، وذلك انطلاقًا من المعجزة التي قام بها المسيح بشفاء أعمى أريحا، حيث أعاد له البصر، وعادة ما يقوم المسيحيون بتعميد أطفالهم في ذلك الوقت.

الأسبوع السّابع، فهو أحد الشعانين، ويحتفل فيه بيوم دخول المسيح إلى أورشليم على ظهر أتان، وذلك تمهيدًا لأقدس أسبوع في العام كله «أسبوع الآلام».

وهكذا نجد أن المصريين دائمًا ما تكون لهم نقطة التقاء سواء كانت رمزية أو فعلية، ولكنهم يستخدمون كل ما تقع أيديهم عليه ليؤكدوا للعالم كله وحدتهم وترابطهم الراسخ والثابت في جذورهم ودمائهم.