الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أنقذوا ما تبقّى من العمر "الحلقة الثانية"

«أنقذوا ما تبقى من سنوات العمر» لمؤلفه كامل جميل كامل مراد، كتاب شيق مشبع بتجارب عملية وقصص حقيقية تفتح أمامنا نافذة جديدة على حياتنا بعد التقاعد وكيف نجيد استثمارها، فالكتاب بمثابة تفريغ للذاكرة من أحداث ومواقف للمؤلف على مستوى حياته الشخصية والعملية، فبعد فترة عمل لسنوات طويلة ربما تتجاوز الثلاثين عامًا يستحق الواحد منا أن يفكر بالتقاعد، لإنقاذ ما تبقى من سنوات العمر، ويعتمد ذلك على ظروف الشخص، وهو موضوع نسبى يختلف من شخص لآخر، وينجح فى ذلك من خطط لنفسه مبكرًا.



إذا كنت ممن تجاوزوا الستين فعليك أن تقرأ هذا الكتاب لكى تستطيع استثمار ما تبقى فى حياتك بشكل إيجابي، أما إذا كنت لم تبلغ الستين بعد فعليك أيضًا قراءة هذا الكتاب لتستفيد فى حياتك الحالية من خبرات من سبقوك، وأيضًا لتجيد التخطيط لحياتك بعد التقاعد حفاظًا عليها من أن تهدر بلا قيمة وإنقاذًا لما تبقى منها.

 

كلمة حلوة ولو جبر خاطر

 

السؤال الأول الذى أسمعه عند لقاء أحد الأشخاص الذين باعدَتْ بيننا الأيام، ولم أرهم منذ مدة طويلة - طبعا بعد التحية والسلام-: «ما فكرت تعمل رجيم أو عملية أو تأخذ إبر؟» بعد كُلّ هذا الغياب صار مؤهلا بالنيابة عنى لتحديد المناسب لى طبيا!

وإن موضوع تقبل النصيحة يختلف من شخص لآخر حسب مدة العلاقة، ويعتمد على طول العشرة والزمن الذى مر علينا سويا، فما أجمل النصيحة ممن تربطنى بهم علاقة أخوة وصداقة متينة أو حتى زمالة. من قصدتهم فى تعليقى الأول، هم الأشخاص الذين انقطعت روابط التواصل معهم لسنوات عديدة، وحين يقابلك ينظر إليك بعيون جاحظة وكأن صاعقة كهربائية قد أصابته، فأتخيل أننى مخلوق أو كائن من كوكب آخر لهول الصدمة التى أراها على ملامح وجهه.

ويبدأ باللوم قبل السؤال عني، وينهال على بالعتاب قبل الاطمئنان على إخبارى، ويسهب فى صب الحسرات، وكأننى نسيت ذكرياتى، هل منا من ينسى ذكرياته؟

فيقول: «أين أيام الكرة عندما كنت تلعب معنا؟»، فأشعر من كم العتاب فى كلامه وكأننى كنتُ لاعب كرة قدم محترف واعتزلت، يا أخى حتى المحترفين تزداد أوزانهم بعد الاعتزال.

ومن ثم يبدأ الفصل المزيج من الحكاية، وهو سرد القصص عليك بأنه يعرف فلانًا وفلانا ممن قاموا بإجراء العملية وكانت النتيجة مذهلة وانخفض الوزن، لكنه يتجاهل حجم الوجع والألم الذى واجهه هؤلاء، ولا يتطرق لفكرة سؤاله لأحدهم: «لو عاد بك الزمن هل ستختار إجراء العملية مرةً أخرى أم لا؟».

طبعا أنا هنا لا أبرر زيادة الوزن بل على العكس أنا متيقن من ضرورة تخفيف الوزن بأية وسيلة حفاظًا على الصحة وضمانا للاستمتاع بالحياة، لكن أرجو منك ألا تقارنى بغيرى، فأنت لا تعلم ما مررتُ به من ظروف منذ انقطاعك عنى وحتى قابلتنى فى هذه اللحظة، لربما مررتُ بظرف صحى أجبرنى على تناول أدوية تسببت فى تلك الزيادة فى وزنى، أو ربما فقدت عزيزًا على قلبى فلجأت للطعام سلوى وهروبا ووسيلةً للنسيان.

فلا تتسرع بالحكم، كن فقط عونا لى بالكلمة الصادقة، وبادر بعبارة جميلة عند استقبالي، عبارة تشعرنى بحبك لى وشوقك لرؤيتى من بعد طول غياب، ومن ثم لا مانع لدى بعدها من ممارسة دور الحكيم فى النصائح.

ما أجمل أن يكون لديك من الأصدقاء الحقيقيين من يساعدك دون أن تشعر لأنه يحبك فقط ! يجد حجةً ليأخذك معه لقضاء بعض الأمور، ويبدأ بالمشى والمشى ويتجاذب معك أطراف الحديث فتنسى الوقت وتمشى أكثر، هذا هو الصديق الوفي. أما من ينصحك بتخفيف الوزن وأنت جالس بجواره على مائدة العشاء، بالتأكيد هو إما يريد دفع الفاتورة فيحثك على تقليل الأكل حتى لا يدفع أكثر، أو أن اختيارك وطلبك يبدو أشهى وألذ مما طلبه، ويريد تجربته.

فى النهاية رفقا بالبدناء، فما يلقيه عليهم من يُسمّون أنفسهم بالأصدقاء من عبارات التجريح والاستهزاء تفوق بثقلها ما يحملونه من أوزان على أجسادهم وهموم فى قلوبهم، لتكن نصيحتكم باقة حُبّ، حينها سنأخذها بصدر رحب وبالكثير الكثير من الحب.