أنقذوا ما تبقّى من العمر "الحلقة الأولى"

كامل جميل مراد
«أنقذوا ما تبقى من سنوات العمر» لمؤلفه كامل جميل كامل مراد، كتاب شيق مشبع بتجارب عملية وقصص حقيقية تفتح أمامنا نافذة جديدة على حياتنا بعد التقاعد وكيف نجيد استثمارها، فالكتاب بمثابة تفريغ للذاكرة من أحداث ومواقف للمؤلف على مستوى حياته الشخصية والعملية، فبعد فترة عمل لسنوات طويلة ربما تتجاوز الثلاثين عامًا يستحق الواحد منا أن يفكر بالتقاعد، لإنقاذ ما تبقى من سنوات العمر، ويعتمد ذلك على ظروف الشخص، وهو موضوع نسبى يختلف من شخص لآخر، وينجح فى ذلك من خطط لنفسه مبكرًا.
إذا كنت ممن تجاوزوا الستين فعليك أن تقرأ هذا الكتاب لكى تستطيع استثمار ما تبقى فى حياتك بشكل إيجابي، أما إذا كنت لم تبلغ الستين بعد فعليك أيضًا قراءة هذا الكتاب لتستفيد فى حياتك الحالية من خبرات من سبقوك، وأيضًا لتجيد التخطيط لحياتك بعد التقاعد حفاظًا عليها من أن تهدر بلا قيمة وإنقاذًا لما تبقى منها.
دعوة للتقاعد
ويروى المؤلف أنه كان لديه أصدقاء على قدر كبير من الذكاء والقناعة بما قسمه الله لهم من رزق، قرروا فى مرحلة متقدمة من العمر أن يرتاحوا من العمل الروتينى رغم أنهم يستطيعون تقديم المزيد، لكنهم أخذوا بالمثل العامى «العمر ينتهى والعمل لا ينتهى»، وبدأوا بالالتفات إلى حياتهم الشخصية والاستمتاع بقضاء وقت أطول مع عائلاتهم.
من بين هؤلاء صديق كان والده من رجال الأعمال، وأعده نموذجًا يحتذى به فى التخطيط، سواء فى العمل أو على الصعيد الشخصي، حيث إنه ترك العمل بالكامل لأولاده وأشرف مدة عليهم، وبعد ذلك أصبح يزورهم كضيف، وللأمانة نجح والدهم بالفكرة، ونجح أولاده بتحمل المسئولية.
ولكل مرحلة من مراحل العمر ما يميزها، فمرحلة الشباب يغلب عليها الاندفاع والتسرع للوصول إلى النجاح، ومع مرور الوقت يزداد الإنسان حكمة ويبدأ عقله بالنضوج أكثر، حيث يصبح أجدر على اتخاذ القرارات بناء على التجارب السابقة التى مر بها والأخطاء التى تعلم منها الكثير، ويجب على الكبير أن يقدم النصح لمن هم أصغر منه سنًا، لمساعدتهم على تجنب الأخطاء التى وقع بها.
وفى العقد الخامس من العمر تتساوى الأمور لدى الإنسان، فلم يعد يزعجه أى شىء عابر، لأنه مر بلحظات كثيرة: منها السعيدة، ومنها الحزينة، وفى هذا العمر لابد من الاهتمام بالصحة واتباع حمية غذائية، للحفاظ على سلامة الجسم من الأمراض، فما يصلح تناوله فى عمر معين ربما يكون مضرًا فى عمر آخر.
وما يميز هذه الفترة من العمر رغبة الإنسان باسترجاع الذكريات الجميلة، سواء بزيارة الأماكن التى عاش فيها، أو مقابلة أصدقاء الطفولة والدراسة. ويجب أن نؤمن بأن أعمارنا وأرزاقنا مكتوبة فلا داعى للقلق، وعدد سنوات العمر ما هو إلا رقم يضاف سنويًا لحساب عدد الأيام التى مضت، لذلك لابد من الاستمتاع بالحياة وبالسفر وبالجلوس مع العائلة والأصدقاء، وأن يكون وجودك بينهم دافعًا لهم للعمل والإنجاز، كما كنت فى بداية حياتك حيث أنجزت كثيرًا من الأمور الناجحة والتى جعلتك فخورًا بنفسك.
ودعوتى للتقاعد ليست كما يظن البعض بأن يجلس الواحد منا على أريكته فى زاوية المنزل منتظرًا المرض أو انقضاء الأيام، وإنما قصدت الاستفادة من خبرة السنوات فى عمل إنجاز وإحياء هوايات كان يفتقدها الإنسان فى الجزء العملى من حياته، حيث كان يدور فى عجلة تكوين الأسرة والعمل، أما الآن وقد وصل إلى منتصف العمر فهنا من حقه أن يستمتع بباقى حياته.
فى الختام أدعو من وصل إلى هذا العقد من عمره أن يحافظ على لياقة بدنه وصحته، وأن يستفيد من قدراته العقلية وعلاقاته الاجتماعية التى لا تتوافر فى أول العمر، وإنما تتوافر عندما يجد الإنسان وقتًا بعد مغادرته عمله الروتينى.