الأربعاء 19 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«ترامب - نتنياهو».. حرب التصريحات ومحاولات خرق الهدنة: «الحرب الدبلوماسية» مصر تقود حملة لمواجهة خطة التهجير

على وتيرة واحدة تتكتل الدول العربية لتنسيق خطواتها ومواقفها الموحدة فى مواجهة مقترح الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب الساعى لنقل أبناء غزة من أرضهم لدول الجوار.



وكثفت دول عربية نافذة، من بينها من هو حليف تاريخى للولايات المتحدة كمصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر، جهودها الدبلوماسية خلال الأيام الماضية للتأكيد على رفض طرح ترامب ورفض اقتلاع الفلسطينيين من الأراضى الفلسطينية.

 

وكانت القاهرة فى موقع رأس الحربة لهذا التحرك العربى المنسق، حيث أعلنت استضافة قمة عربية طارئة فى نهاية فبراير الجارى لبحث التطورات الخطيرة للقضية الفلسطينية، لكن قبل هذه الخطوة جاءت زيارة وزير الخارجية د.بدر عبدالعاطى إلى العاصمة الأمريكية للتأكيد على موقف مصر الدائم الرافض لمخطط ترامب.

 مواقف واضحة

على قدم وساق أجرى وزير الخارجية سلسلة من المباحثات مع صانعى القرار فى الإدارة الأمريكية، أبرزها مع وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو بمقر الخارجية فى واشنطن، تطرقت إلى التطورات الإقليمية وعلى رأسها أزمة غزة.

وأكد الوزير على موقف القاهرة الثابت من أهمية تحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى والعمل على التنسيق مع الإدارة الأمريكية لتحقيق سلام عادل فى الشرق الأوسط يستجيب لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وعلى رأسها إقامة دولة مستقلة على ترابه الوطنى.

وشدد د. بدر عبدالعاطى على أهمية الإسراع فى بدء عملية التعافى المبكر وإعادة الإعمار بوجود الفلسطينيين بغزة فى ظل تمسكهم بأرضهم ورفضهم الكامل للتهجير بدعم كامل من العالمين العربى والإسلامى والمجتمع الدولى.

كما أكد على أهمية التسوية النهائية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى بما يضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية بما يحقق الاستقرار فى الشرق الأوسط.

وشدد وزير الخارجية المصرى عقب لقائه نظيره الأمريكى، على رفض أى تسوية يمكن أن تنتهك حقوق الفلسطينيين فى البقاء بغزة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين مصريين سابقين أن مصر وجّهت رسالة واضحة، مفادها أن أى محاولة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم «ستعتبر عملا حربيا».

كما تناولت المباحثات مستجدات الأوضاع فى السودان وضرورة وقف إطلاق النار وكذلك وحدة الأراضى السودانية، فضلا عن تطورات الوضع فى سوريا وأهمية احترام سلامة الأراضى السورية وبدء عملية سياسية لا تقصى أيا من مكونات المجتمع السورى.

كما ناقشت المباحثات بين روبيو وعبدالعاطى قضية الأمن المائى المصرى وضرورة التوصل لاتفاق قانونى ملزم لتشغيل السد الإثيوبى بما يضمن حقوق دولتى المصب ويحقق مصالح جميع الأطراف.

كما تطرقت المباحثات إلى التطورات فى لبنان وليبيا والقرن الأفريقى وأمن الملاحة فى البحر الأحمر، وتم الاتفاق على ضرورة مواصلة التشاور والتنسيق بين مصر والولايات المتحدة، ودعم الشراكة الاستراتيجية بينهما.

 لقاءات على هامش الزيارة

وعلى هامش الزيارة إلى العاصمة الأمريكية، أجرى وزير الخارجية سلسلة من اللقاءات مع مسئولين فى الإدارة الأمريكية للتأكيد على موقف مصر الرافض لخطة تهجير أبناء غزة من القطاع حتى خلال مرحلة الإعمار والتى تعتبر المرحلة الثالثة والنهائية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وأبرز اللقاءات التى أجراها د.بدر عبدالعاطى لقاء مع «مايك والتز» مستشار الأمن القومى الأمريكى، و«ستيف ويتكوف» المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط «وإريك تريجر» منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى مجلس الامن القومى.

وصرح السفير تميم خلاف المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية بأن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط ولب النزاعات فى المنطقة المتمثل فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى لاسيما المتصلة بالأوضاع المتردية فى قطاع غزة.

وأكد وزير الخارجية على التطلع لمواصلة التنسيق مع الإدارة الأمريكية من أجل العمل على تحقيق السلام العادل المنشود فى الشرق الأوسط، واستعرض جهود مصر فى متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بجميع مراحله الثلاث ونفاذ المساعدات الإنسانية، وإمكانية إعادة إعمار غزة مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم.

 سلام عادل

كما التقى عبدالعاطى بالسيناتور الجمهورى ليندسى جراهام رئيس اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى وتناولا خصوصية العلاقات المصرية الأمريكية، فيما أكد الوزير أن مصر ستواصل العمل على إقرار سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين.

هذا وفى جولته بواشنطن التقى وزير الخارجية بالنائب «ماريو دياز-بالارت» الرئيس المشارك لتجمع أصدقاء مصر بالكونجرس ورئيس اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى.

وتقابل بدر عبدالعاطى، بالسيناتور «برايان شاتز»، زعيم الأقلية الديمقراطية باللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى وتناولا آخر تطورات وقف إطلاق النار فى غزة وسعى مصر لاستعادة الهدوء فى المنطقة..

فيما تبادل وزير الخارجية مع السيناتور سوزان كولينز رئيسة لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ، العلاقات المصرية – الأمريكية، والرؤى بشأن تطورات الأوضاع فى غزة، حيث استعرض الوزير محددات الموقف المصرى من القضية الفلسطينية.

وشدد الوزير على ضرورة إيجاد أفق سياسى للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى يفضى إلى إقامة دولة فلسطينية استنادا لحل الدولتين.

إلى ذلك، التقى عبدالعاطى مع براين ماست رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب، وتناول اللقاء أيضا الأوضاع بالشرق الأوسط وأهمية السلام العادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتطورات الأوضاع بالسودان وليبيا.

تحركات مكثفة

وبعد لقاء العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى بالرئيس دونالد ترامب، أصدرت الخارجية المصرية بيانًا أكدت فيه على رفض مبدأ التهجير والخطة الأمريكية الداعية لإخراج أبناء غزة «قصريًا» من أراضيهم، وأكد السيسى وملك الأردن عبدالله الثانى على وحدة الموقفين المصرى والأردنى الرافضين لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مشددين على ضرورة إعمار القطاع وإدخال المساعدات إليه، وفق ما جاء فى بيانين صدرا عن الديوان الملكى والرئاسة المصرية.

وخلال اتصال هاتفى جمع الزعيمين عقب لقاء الملك الأردنى بالرئيس الأمريكى فى واشنطن، أكد الجانبان على «إدامة التنسيق بما يضمن نيل الشعب الفلسطينى كامل حقوقه المشروعة»، وضرورة تثبيت وقف إطلاق النار فى غزة، ومضاعفة المساعدات الإغاثية وضمان تدفقها إلى كل المناطق بحسب بيان للديوان الملكى الأردنى.

كما تطرق الزعيمان إلى التصعيد فى الضفة الغربية، و«الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس»، مشددين على ضرورة «التعاون الوثيق مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بهدف تحقيق السلام العادل والدائم فى منطقة الشرق الأوسط»، وسبل تعزيز التنسيق والتشاور بين الدول العربية.

وكان ملك الأردن حازما بالقدر نفسه فى رفض خطة ترامب، فبعد محادثاته مع ترامب فى واشنطن الثلاثاء، كرر ملك الأردن «موقف بلاده الثابت ضد تهجير الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية»، وتمسكه بـ«مصلحة الأردن».

وكتب على حسابه على موقع «إكس»، «هذا هو الموقف العربى الموحد. إن إعادة بناء غزة بدون تهجير الفلسطينيين ومعالجة الوضع الإنسانى المزرى يجب أن تكون الأولوية للجميع».

من جهة أخرى جاءت التحركات الدبلوماسية السريعة من قبل مصر والأردن عقب لقاء العاهل الأردنى بالرئيس ترامب، والتى بدأت ببيان من وزارة الخارجية المصرية يؤكد على حق الشعب الفلسطينى فى أرضه ويدعو لوقف هذه «المهزلة» من التصريحات الأمريكية ثم جاءت تصريحات وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى على قناة «القاهرة الإخبارية» وعدة قنوات عربية أخرى مؤكدة على موقف بلاده الموحد مع مصر فى هذا الشأن.

وقال الصفدى فى تصريحات لعدة وسائل إعلام عربية وأردنية محلية، إن الموقف الأردنى «ثابت ولا يتغير»، وإن «التهجير لا يمكن أن يتم إلى الأردن وإلى مصر، ولا يمكن تهجير الفلسطينيين من أرضهم»، وتابع بالقول: «أخبرنا ترامب أن فلسطين للفلسطينيين والأردن للأردنيين. سنعمل مع الرئيس الأمريكى من أجل إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها».

وبشأن الخطة التى أشار إليها العاهل الأردنى خلال لقائه مع الرئيس الأمريكى، قال الصفدى إن ترامب قدّم خطته بشأن غزة «معتقدًا أنه لا يمكن إعادة إعمار القطاع دون مغادرة أهاليه، وطرْح الملك يتمثل فى أنه يمكن إعادة البناء مع بقاء أهل غزة»، مضيفًا أن هناك جهدًا مصريًا وعربيًا لإعداد خطة بشأن ذلك.

كما أكد وزير الخارجية الأردنى أن ذلك الأمر «يحتاج إلى حوار»، وأن الملك «لن يُجرى مفاوضات مع ترامب على الهواء مباشرة»، مضيفًا أن اجتماعًا موسعًا عُقد، واتسم بـ «الإيجابية والوضوح»، وأعاد التشديد على أن «الثابت للأردن هو أن حل القضية الفلسطينية هو فى فلسطين» على حدّ تعبيره.

وقال الصفدى: «لنا رؤيتنا ولترامب رؤيته، ونؤمن بإمكانية إعمار غزة دون تهجير أهلها.

أولويتنا حماية الأردن والأردنيين، وهذه القاعدة التى انطلقنا منها بالحوار مع ترامب».

وأكد وزير الخارجية أن العاهل الأردنى أوضح للرئيس ترامب أن «التهجير ليس فى مصلحة الأردن، وأن المملكة لن تسمح بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن».

وأضاف الصفدى أن «الأردن أوضح للإدارة الأمريكية أن هناك خطة عربية مصرية فلسطينية من أجل إعادة بناء قطاع غزة، دون تهجير الشعب الفلسطينى من القطاع».

موقف موحد

كما اتخذت السعودية خطا مماثلا، وأكدت عبر وزارة الخارجية التزام الرياض بالدولة الفلسطينية، ونددت بأى جهد «لتهجير الفلسطينيين من أرضهم». وأوضح ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان أن أى اتفاق تطبيع مع إسرائيل يظل رهنا بقيام دولة فلسطينية.

كما أكدت الإمارات التى طبعت علاقاتها مع إسرائيل فى عام 2020 «رفضها القاطع المساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطينى ومحاولة تهجيره».

ودعت البحرين التى طبعت بدورها علاقاتها مع إسرائيل إلى «إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة وبطريقة تسمح بالتعايش السلمى مع إسرائيل».

وفى سوريا، أدان الرئيس الانتقالى أحمد الشرع خطة ترامب، ووصفها بأنها «جريمة كبيرة جدا لا يمكن أن تحدث، وأعتقد أنها لن تنجح».

ورفض الرئيس اللبنانى جوزيف عون الذى انتُخب مؤخرا «الطروحات التى تؤدى إلى حصول أى نوع من أنواع تهجير الفلسطينيين من أرضهم أو المساس بحقوقهم المشروعة».

كما أشادت حركة حماس بما وصفته بـ «المواقف الثابتة» للأردن ومصر، «بعد رفضهما أى محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى»، وتأكيد البلدين وجود خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة دون المساس بحقوق سكانه.

كما عبّرت حركة حماس عن تقديرها لمواقف الدول العربية ودول العالم التى أعلنت رفضها لأى مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو تصفية حقوقهم الوطنية، معربةً عن تمسك الشعب الفلسطينى بأرضه ووطنه، وأنه لن يقبل بأى حلول «تمس حقوقه المشروعة فى الحرية والاستقلال».