بالتعاون بين المركز الثقافى الروسى والجمعية المصرية توثيق لأفضل رسومات الكاريكاتير فى2024

ياسمين علاء
رصد فن الكاريكاتير على مدار العام الماضى المشكلات والصراعات الدولية، وتوثيقًا للقطات الكاريكاتيرية المعبرة نظّم المركز الثقافى الروسى، بالتعاون مع الجمعية المصرية لفن الكاريكاتير، معرض «الحصاد.. أفضل الأعمال فى 2024»، وذلك خلال الفترة من 11 إلى 14 فبراير الجارى.
ضم المعرض أكثر من 65 عملًا، وشارك فيه ما يقرب من 40 فنانًا.
بدأ الحدث بترحيب مراد جاتين، مدير المراكز الثقافية الروسية فى القاهرة، بالتعاون مع الجمعية، وأشار إليه باعتباره تقليدا ساميا، كما رحب بالحضور ودعاهم للاستمتاع بالمعرض. وتم الإعلان خلال الافتتاح عن مبادرة لنقل أعمال فنانى الكاريكاتير المصريين إلى روسيا للعرض فى معرض دولى.
وأعرب مصطفى الشيخ، رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير، عن سعادته بإطلاق معرض حصاد الكاريكاتير 2024، وأكد أن الجمعية تتبنى استراتيجية نشر أعمال أبنائها فى العديد من الأماكن، مثل المركز الثقافى الروسى، أو بيت السنارى، وخلافه، بناء على بروتوكولات تعاون.
وكان من أبرز موضوعات الفنانين هذا العام، الأسعار والمشكلات الاجتماعية المتداولة، بالإضافة إلى قضية غزة.
وأشار «الشيخ» إلى ما تقدمه الجمعية من أنشطة، وورش لتعليم الكاريكاتير، لأن هذا الفن على حد قوله لا يتم تدريسه فى كليات الفنون، وإنما يعتمد على الموهبة والنظرة الساخرة للحدث وتضخيمه، حتى يعلق فى أذهان الناس.
وأكد أنه من المقرر أن تتعاون الجمعية خلال الفترة المقبلة مع منصات رقمية، لدعم فنانى الكاريكاتير.
وأوضح أن اختيار الأعمال فى المعرض، جاء بناء على معيار يحدده كل فنان فى اختيار أفضل أعماله.
قارئ ومشاهد جيد
تقول ياسمين مأمون، رسامة الكاريكاتير فى مجلة صباح الخير، إنَّ عام 2024 كان مليئًا بالأحداث، وهو ما يُعد كنزًا لرسّام الكاريكاتير، لأنّه يجد متسعًا من الأفكار لتداولها.
وأوضحت أنَّ الكاريكاتير يُعد كاميرا ساخرة ترصد الأحداث، وهو ما يمكن تشبيهه بالمقولة الشهيرة بأنَّ «الصورة بألف كلمة»، مؤكدة أنَّ المشاركة فى معارض الكاريكاتير فرصة لتسليط الضوء على الأحداث بصورة أخرى، خاصّة أنَّ فن الكاريكاتير يحتاج إلى قارئ ومشاهد جيد.
منبر ونافذة
ويوضح ماهر دانيال، مخرج الرسوم المتحركة بالتليفزيون، والرسام الصحفى والفنان التشكيلى، أن المركز الثقافى الروسى يُعد منبرًا ونافذة للفنان التشكيلى، فى ظل صعوبة إقامة معارض تخص فن الكاريكاتير.
وأكّد أنَّ أعماله الكاريكاتورية تدور فى فلك الفن الشعبى، مثل فلكلور الجنازة والولادة والسبوع، بالإضافة إلى البورتريهات الخاصة بجيل العظماء.
وشدد على أنَّ الكاريكاتير دائمًا فن ثورى ونقدى بالدرجة الأولى، ومعظم الفنانين فى المعرض تناولوا القضايا الاجتماعية والسياسية على الصعيد المحلى والعالمى بشكل عام.
وأشاد دانيال بالمشاركة الشبابية فى المعرض هذا العام، وأعمالهم التى تم عرضها خلال المعرض، مؤكدًا أنَّ «مشاركتهم كانت بدافع حبّهم لهذا الفن على الرغم من أن البعض منهم قد يكون لديه وظائف أخرى».
تأثير التطور الرقمى
يشير أحمد جعيصة، رسام كاريكاتير بمجلة صباح الخير، إلى أنَّ إقامة المعرض فى المركز الثقافى الروسى يعد تبادلًا ثقافيًا هائلًا، خاصة أنّ مصر وروسيا تمتلكان تعاونًا ثقافيًا على مستوى عالٍ.
وأكّد أن المعرض حقق نجاحًا مميزًا وملحوظًا؛ وسلّط الضوء على عدد من أبرز الأحداث التى وقعت فى عام 2024، والتى يأتى فى مقدمتها «الأحداث فى الشرق الأوسط، والحرب على غزة، والموضوعات المتعلقة بالاقتصاد».
وشدد على أنَّ الجمعية المصرية للكاريكاتير تلعب دورًا مهمًا فى الوقت الحالى لحماية الكاريكاتير من الاندثار أو الاختفاء، بالإضافة إلى تعريف الأجيال الجديدة به، كما أنّها تمتلك أعمالًا أصلية قديمة، مقترحًا إمكانية إقامة متحف للكاريكاتير.
وأكّد أنَّ الكاريكاتير فى الصحف هو بمثابه ملخّص للمقال عن طريق اختصاره لكلمات كثيرة برسمة واحدة، بالإضافة إلى أنّه يجتمع عليه الجميع بمختلف ثقافاتهم وجنسياتهم وعرقياتهم، مستدلًا على ذلك بقوله: «عرفنا تاريخ القدماء المصريين من خلال الرسومات»، مضيفًا: «الكاريكاتير لا يُعالج أزمة؛ بل إنّه يسلط الضوء عليها لحين حلّها».
وشدد على أنَّ تأثير التطور الرقمى خاصة الذكاء الاصطناعى على الكاريكاتير أمر لا مفر منه؛ ولكن الفكرة هى كيفية استخدامه؛ لأنّه سلاح ذو حدين، لكن جعيصة أكّد على أنَّ «الناحية الإنسانية هى التى تحكم العمل الفنى فى النهاية».
مسيرة الخال
الفنان صلاح حجازى، نجل شقيقة فنان الكاريكاتير الشهير «حجازى»، أحد رواد فن الكاريكاتير فى مصر والعالم العربى، أشار إلى علاقته بالفنان حجازى بدأت منذ الطفولة، حيث كان يجلس بجواره لساعات كمصدر إلهام، قائلًا: «استلهمت حبى لفن الكاريكاتير منه، كنت أجلس بجواره وأشاهده يعمل لساعات طويلة، وعشرتى معه امتدت لـ17 عامًا، وكان يعتبرنى بمثابة ابنه».
وأوضح أن قرابته لفنان الكاريكاتير الكبير يسّرت له مقابلة كل فنانيى الكاريكاتير، منهم من لا يزال على قيد الحياة ومنهم من رحل، وهو ما أثر بدوره فى أسلوبه الفنى، حيث كان يعتمد حجازى بشكل أساسى على الحارة المصرية، مصورًا المجتمع بكل ما فيه من هموم.
80 عامًا من العطاء
بدوره يقول الفنان المصرى سعيد بدوى، رسام الكاريكاتير بجريدة الأهرام المصرية، الذى قضى ما يزيد على 80 عامًا فى إنتاج الكاريكاتير، وحصل على العديد من الجوائز: «عندما علمت بشأن فكرة معرض الحصاد تبادر إلى ذهنى أكثر ما يعبر عن هذا هو الواقع الحى من الشارع المصرى، الذى يخلق بشكل أو بآخر صورة كاريكاتيرية».
وتابع: تكتلات البشر فى الشارع تمثل أوضاعا كاريكاتيرية مختلفة، وباعتبار الكاريكاتير يمثل نبض الشارع فهو قادر على نقل هذا الواقع بأفضل شكل.
وأكد على أهمية المعارض الفنية بالنسبة لفنان الكاريكاتير لأنها تُخلد أعماله وتجعلها تعلق فى الذاكرة، فى حين أن تأثير الكاريكاتير فى الصحف ينتهى بمجرد انتهاء القراءة، علاوة على ما توفره المعارض من سقف حريات أعلى.
رؤية فن الكاريكاتير
وأعرب أحمد علوى، فنان تشكيلى، ونائب رئيس تحرير بمؤسسة أخبار اليوم، عن أسفه الشديد من فقدان فن الكاريكاتير لمتلقيه بسبب الأوضاع التى يمر بها العالم العربى والشرق الأوسط، خاصة أن فن الكاريكاتير هو فن ساخر، بالإضافة إلى أن فنان الكاريكاتير ذاته يمر بظروف صعبة جدًا، على حد تعبيره. مضيفًا: «فنان الكاريكاتير يجد فرصة وحرية أكبر فى المعارض مقارنة بالمطبوعات الورقية».
وقال: «فن الكاريكاتير يحتاج إلى الشباب الجديد لكى يحمل الراية بعد رواد المهنة، ولا يجب على أى رائد أن يبخل بالنصيحة أو التوجيه للشباب الصغير الذى سيأتى بعده».