عادل إمام سنوات الصداقة وأسرار القطيعة! "الحلقة 3"

عادل حمودة
قبل صدور كتابه «عادل إمام الذى لا تعرفه.. سنوات الصدمة وأسرار القطيعة» عن دار ريشة فى معرض الكتاب القادم.. يختص الأستاذ عادل حمودة صفحات روزا بنشر الفصول الكاملة لكتابه على حلقات، نشر بمثابة الحق للأستاذ عادل والحق عليه. حقه لأنه أحد أبرز نجوم روزا الكبار و«أقرب دليل» على صحوة المدرسة وصحتها.
وحق عليه لأن بنيان كتابه دار جزء كبير منه على صفحات روزا وبالتالى فهى أحق بالنشر حتى قبل دور النشر.
وحتى لا توجه لـ«حمودة» تهمة «ازدراء عادل إمام» أو التجنى عليه.. عليك أن تقرأ فصول كتابه بعقل فعال لا منفعل.. وأن تفكر فى الوقائع ثابتة الحدوث لا فى النجم بعقل مهووس.
بالمناسبة.. اسمح لى أن أفاجئك: هذا ليس كتابا عن عادل إمام.. ولكنه عن «ظروف لولاها لصار عادل إمام كومبارس».
عن جلسات ونقاشات ساخنة دارت بين قامات الفكر والفن والسياسة لم نعرف عنها غير القليل ولم ينشر منها سوى النزر اليسير.
عن مصر بين المنصورية والعمرانية. وعن أهواء النجومية وهواها. خلال الحلقات ربما ستعرف الكثير عن قواعد الصعود فى زمن ما.
عن روزا التى حكت كل شىء.. ولا تزال الحكاية- حتى اليوم- ابنة لألسنة أبنائها وأقلامهم.
فى عام 1971 وقعت المعجزة وحانت لحظة انقلاب جديد
فى ذلك العام كتب «على سالم» مسرحية «مدرسة المشاغبين», حسب «جوجل» فإن المسرحية مقتبسة من الفيلم البريطانى «تو سير ويز لاف» أو «إلى معلمى مع الحب» الذى لعب بطولته النجم الأسمر «سيدنى بواتييه» فى عام 1967.. ولكن مخرج المسرحية «جلال الشرقاوى» أنكر ذلك تماما.
كنا فى حديقة فيلا «سهير البابلى» المطلة على شاطئ «أبو تلات» غرب الإسكندرية حين جاءت السيرة فقال:
«إن المسرحية مقتبسة من كاتب فرنسى هو «روجيه فرديناند» وترجمها رقيب فى التليفزيون هو «عبدالفتاح السيد» مقابل مائة جنيه وبعث بها إلى «على سالم» لتمصيرها.
وجلال الشرقاوى شخصية متميزة مثيرة للدهشة.
حصل على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة عام 1954 وبعد أقل من عام حصل على دبلوم فى التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس وبعد ثلاث سنوات حصل على بكالوريوس المعهد العالى للفنون المسرحية بتقدير امتياز وحصل على دبلوم من معهد «جوليان برتو» للدراما فى فرنسا ودبلوم المعهد العالى للدراسات السينمائية فى فرنسا أيضا.
خلطة أكاديمية وعملية وشخصية يصعب تكرارها منحته القدرة على الإخراج والتمثيل والإنتاج وتكوين فرقة مسرحية فيما بعد.
وعندما نشرت كتاب «هاربون بمليارات مصر» اشترى حق تحويله إلى مسلسل تليفزيونى.
لكن شهرته بدأت بإخراج «مدرسة المشاغبين» فى وقت كان فيه «سمير خفاجى» يمر بأزمة مالية حادة وقرر انتشاله من ديونه بإقناعه بإنتاج المسرحية.
وعندما سألته عن «عادل إمام» أجاب:
ــ بعد نجاحه فى المسرحية أصبح مغرورا ومتعاليا ولكنه يتعلم من أخطائه.
وفجر «جلال الشرقاوى» مفاجأة سارعت بنشرها قبل أن يضعها فى مذكراته:
لقد صدم عندما عرض دور «بهجت الأباصيرى» على «عادل إمام» الذى رد عليه فى سخرية:
«الدور لا يناسبنى فهو لا يضحك والمناسب عرضه على شكرى سرحان».
لكن «جلال الشرقاوى» تمالك أعصابه قائلا:
«سأعطيك مهلة أسبوع للبروفات بعدها لن تدخل المسرح».
وأدرك «عادل إمام» أنه أخطأ التقدير وأن الاستمرار فى الخطأ كان سيحرمه من الدور الذى كان بمثابة مصعد نقله من البدروم إلى أعلى.
وتدخلت «سهير البابلى» فى الحديث لترمى «عادل إمام» بأكثر من حجر فلم تكن العلاقة بينهما طيبة رغم أنها كانت بطلة المسرحية وفيما بعد سنعرف سر الوقيعة بينهما وكنت شاهدا عليها.
نجحت المسرحية نجاحا غير مسبوق وسجلت رقما قياسيا مذهلا فى المشاهدة الحية أو عبر الفضائيات أو شرائط الفيديو أو على شبكة الانترنت.
يكاد لا يوجد إنسان عربى سمع عنها ولم يشاهدها.
وساهم فى نجاحها الهجوم الذى تعرضت إليه.
اتهمت المسرحية بأنها تهين المعلم وتمجد تطاول الطلاب على المدرسين وناظر المدرسة.
اعتبرها الممثل «محمد صبحى» بداية انهيار التعليم فى مصر.
ووصفها الممثل «أحمد ماهر» بأنها «كارثة».
وحسب ما روى «سعيد صالح» فإن وزير التعليم «محمد حافظ غانم» بعد أن شاهد المسرحية قال له:
«إنتو كدة بتبوظوا العيال».
رد «سعيد صالح»:
«العيال بايظة من عندكوا من الأول وأنا أكبر دليل على ذلك أنا طول عمرى طالب بايظ». تدخل «جلال الشرقاوى» قائلا:
«المسرحية تحمل قيمة إصلاحية والدليل النهاية التى ينجح فيها الطلبة المشاغبون فى الوصول إلى أحلامهم وأهدافهم كل فى طريقه».
بالفعل أنقذت المسرحية «سمير خفاجى» من الإفلاس ودعمت فرقة «الفنانين المتحدين» التى أسسها عام 1966 بعد قرار ضم فرق مسرح «التليفزيون» إلى مؤسسة «فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية» وانسحاب عدد كبير من نجوم الكوميديا بعد رفض طلباتهم المالية والفنية.
أدار «سمير خفاجى» فرقته وتحمل مسئولية تمويلها بمفرده بل تبنى جيل «عادل إمام» ماديا وفنيا.
وكانت أول مسرحية من إنتاج الفرقة مسرحية «أنا وهو وسموه».
فيما بعد سألت «عادل إمام»:
ــ هل كنت فى حاجة إلى منتج «شاطر» مثل «سمير خفاجى»؟
أجاب:
- نعم وهو أيضا كان فى حاجة إلى ممثل مثلى وأنا لا أتصور أن أعمل مع أحد غيره فهو أحد عشاق المسرح الكبار.
والحقيقة أن طيور الكآبة التى سكنت القلوب بعد هزيمة يونيو صادرت البسمة من الشفاه كما تزايد الإقبال على المخدرات والمهدئات وارتفعت معدلات الطلاق والانتحار والهجرة والتدين وسادت حالة من الأحزان الجماعية جعلت «عبدالناصر» يأمر بفرض الكوميديا ولو بقرار جمهورى.
كلف «فؤاد المهندس» بتقديم مسلسل إذاعى كوميدى فى رمضان عام 1968 واستجاب «أحمد رجب» وكتب مسلسل «شنبو فى المصيدة» الذى تحول إلى فيلم فيما بعد.
وسمعت من «سامى شرف» مدير مكتب «عبدالناصر» وكاتم أسراره أنه أمره بمشاهدة فيلم «أبى فوق الشجرة» ليخفف من ضغوط العمل عليه.
وجاءت مسرحية «مدرسة المشاغبين» لتخرج كل الضحك المكبوت فى الصدور.
فى الوقت نفسه أطلقت المسرحية جيلًا جديدًا من الممثلين الشباب تعاونوا معا على نجاحها منهم «عادل إمام» و«سعيد صالح» و«يونس شلبى» و«أحمد زكى» و«هادى الجيار».
تباروا فى إضحاك الجمهور ببراعة حتى حفظ البعض كثيرا من الجمل التى رددوها على المسرح مما ضاعف من نجاح المسرحية.