صباح الخير لـ«على الألفى».. أول ألبوم كامل مصنوع بثقافة الـreels

محمد شميس
يبدو أن ثقافة الـ«Concept album» بدأت فى الانتشار داخل مصر، وفى رأيى كما أكدت أكثر من مرة، فى أكثر من مقال، على صفحات هذه المجلة، أن الألبوم يجب أن يكون مترابطًا فى مواضيعه وفى موسيقاه، وفى ألحانه، وفى الرسالة العامة التى يريد أن يطرحها الصناع من خلاله، وأن ما كان يحدث منذ سنوات طويلة فى البلاد العربية لا يجوز أن نطلق عليه لفظ «ألبوم»، لأنه مجرد تجميعة أغانٍ فريدة غير مترابطة، وغير متناسقة.
آخر ألبوم صدر بهذا المفهوم المترابط هو (صباح الخير) لـ«على الألفى»، وهو ألبوم مكون من 12 أغنية من كلمات «شادى شديد»، وألحان «على الألفى» وتوزيع «إبراهيم الطرابيشى».
قد يظن الكثيرون أن هذه هى المرة الأولى التى قد يطرح فيها ألبوم كامل من كلمات كاتب واحد، وملحن واحد، وموزع واحد، ولكن «عمرو دياب» قد فعلها قبل ذلك فى ألبوم (آيس كريم فى جليم)، حيث كانت كل كلمات الألبوم لـ«مدحت العدل»، وكل الألحان كانت بتوقيع «عمرو دياب»، وكل التوزيعات كانت بتنفيذ «حسام حسنى»، وللمفارقة أن «عمرو دياب» و«على الألفى» من مواليد مدينة بورسعيد!
ولكن هناك فارقًا كبيرًا بين (آيس كريم فى جليم)، و(صباح الخير)، لأن (صباح الخير) أكثر ترابطًا، حيث إن كل أغنياته تبدأ بـ«صباح الخير»، وكل الأغانى صنعت بمفهوم الـ«ريلز» لكى تستخدم على منصات التواصل الاجتماعى، وأطول أغنية مدتها كانت دقيقة و44 ثانية فقط، وهو ألبوم محافظ يدعو إلى التمسك بقيم المجتمع المصرى، وغير متمرد على الإطلاق، عكس (آيس كريم فى جليم) الألبوم الثورى فى أفكاره والذى يدعو إلى التمرد على العلاقات المدمرة، وعلى الأفكار الاستغلالية وصراع الأيديولوجيات الفكرية، وأن يكون الإنسان نفسه وليس نسخة متطابقة لأفكار غيره.
ألبوم (صباح الخير) مبنى على ثلاثة مقامات رئيسية «عجم، نهاوند، حجاز» وأغلب توزيعات الألبوم مبنية على إيقاعات الـ«ديب هاوس، الريجاتون، الاسبانش، الروك»، وأغنيتين شرقيتين. أجمل ما فى الألبوم، الأغنية التى تحدث فيها البطل عن «حبيبته» زوجته، ووصفه لها وصفًا واقعيًا، فالحديث كان مبنيًا على أغلب ما تفعله نساء مصر العظيمات، فتغنى «الألفى» فى حب الزوجة التى تربى الأطفال وتستغنى عن ذهبها وترعى حماتها وتدير كل ما يخص البيت، أيضًا غنائه للأب المهدور حقه فى المجتمع العربى، وكنت معجبًا بطرحه المباشر فى الحث على شكر الله لوجود نعمة العمل فى ظل ظروفنا الاقتصادية الطاحنة.
أيضًا غناؤه للكلب، هذا الحيوان المظلوم شعبيًا ولا أدرى لماذا؟! وأيضًا الغناء للمشاريب التى تشاركنا تفاصيل حياتنا مثل «الشاى بلبن»، و«القهوة»، فهذه المفاهيم تكسر رتابة المواضيع الغنائية التى لا تتحدث بأى شكل من الأشكال سوى عن علاقة الحبيب بالحبية، ومواضيع الهجر والفراق وتصدير مشاعر الحب بطريقة معلبة وكأنه أصبح سلعة.
ربما يكون هذا الألبوم غير جماهيرى وأتمنى أن يخلف الجمهور ظنى، ولكن المهم، بل الأهم، أننا بدأنا كسر الأنماط التقليدية التى اعتدنا عليها، وأصبح لدينا أعمال غنائية تغنى للكثير من المواقف التى قد نتعرض لها فى حياتنا اليومية بعيدًا عن علاقة الحبيب بالحبيبة، والجميل فى هذا الطرح، أنه صنع خصيصًا كى يكون مناسبًا لطريقة تعاملنا مع مواقع التواصل الاجتماعى، وهو التطبيق الحقيقى لمقولة «ما قل ودل».
فلكل صناع ألبوم (صباح الخير).. أنتم تستحقون كل التحية والاحترام.