من المَعارض المدرسية إلى الشهرة فى مجال الحِرَف اليدوية رحلة منال عبدالفتاح مع الحرف اليدوية لتحقيق حياة كريمة

نرمين ميلاد
جمعت بين الشغف بالعمل اليدوى وطموحها فى تمكين نساء الوطن؛ لتكون مِثالًا يُحتذَى به فى عالم «الهاند ميد».. منذ نعومة أظافرها، كانت منال تُظهر حبًا كبيرًا للفنون اليدوية، فقد تعلمت التطريز والكروشيه والتريكو أثناء دراستها فى المدرسة، وشاركت فى مَعارض مدرسية كانت تثير فى قلبها الفرح والشغف، لتكتشف بذلك موهبتها المبكرة التى سيكون لها دورٌ كبيرٌ فى حياتها.
منال عبدالفتاح التى تخرّجت فى كلية التجارة، لم تقتصر طموحاتها على مجال عمل واحد؛ بل واصلت ملاحقة شغفها بالأعمال اليدوية حتى بعد الزواج والإنجاب، فقد كانت توازن بين تربية أطفالها ومسيرتها المهنية؛ حيث بدأت مشروعها الخاص بحضَانة، بالإضافة إلى عملها كمحاسبة لمدة 11 عامًا، ومع مرور الوقت، أصبح شغل «الهاند ميد» هو ما يحقق لها السعادة الحقيقية.
من خلال مَعارض «ديارنا» التى نظمتها وزارة التضامن الاجتماعى، بدأت منال رحلتها الاحترافية؛ حيث دخلت عالم «الأسَر المنتجة»، وتمكنت من تسويق منتجاتها على نطاق واسع. وحين أُعجبت وزيرة التضامن السابق نيفين القباج بعملها فى مَعرض مارينا عام 2018، تم توجيهها إلى الاشتراك فى مبادرة «مستورة»، التى كانت نقطة تحوُّل كبيرة فى مسيرتها؛ حيث حصلت على الدعم اللازم لتوسيع مشروعها.
لم تقتصر طموحات «منال» على تطور عملها فحسب؛ بل كانت دائمًا تسعى لمساعدة السيدات الأخريات؛ حيث بدأت تدريبهن على فنون «الهاند ميد» وتقديم الخامات اللازمة، مؤكدة أن سعادتها تكمن فى رؤية الآخرين ينجحون فى مشاريعهم الخاصة. ومن خلال صفحة إلكترونية أنشأتها، كانت تستقبل طلبات السيدات الراغبات فى التعلم والعمل، وتُوجههن لتطوير مهاراتهن فى هذا المجال.
عبر مشاركتها فى العديد من المَعارض، بما فى ذلك مَعرض «تراثنا» هذا العام، حازت «منال» على إعجاب الزوار بمنتجاتها المتنوعة التى تمثل لمسات فنية خاصة، ومع تطويرها لمهاراتها فى المَكرمية والكروشيه، أصبحت منال من الأسماء اللامعة فى مجال الحِرَف اليدوية، حتى إنها تتطلع لتوسيع مجال عملها وتصدير منتجاتها للخارج.
تؤمن «منال» بأن توفير الخامات المحلية وجودة الإنتاج هما مفتاح النجاح. وتحلم بأن تنتشر ورش العمل الحِرَفية فى كل بيت؛ مما يسهم فى تعزيز الاقتصاد الوطنى وزيادة صادرات مصر من المنتجات اليدوية. كما تشيد بقانون الحِرَف اليدوية رقم 152 الذى يُعتبر خطوة مهمة نحو تنظيم هذا القطاع ودعمه.
منال عبدالفتاح رفعت، قصة نجاح بدأت من حب طفولى لفن اليد، لتُصبح اليوم رائدة فى مجال الحِرَف اليدوية، تسعى ليس فقط لتحقيق النجاح الشخصى؛ بل تمكين النساء وفتح الفرص لهن لتحقيق دخل كريم وحياة أفضل.
تقول منال عبدالفتاح: تخرّجت فى كلية التجارة ثم تزوجت بعد التخرج مباشرة وأنجبت 3 أطفال، بعد إنجابى لثانى طفل عملت مشروعًا وفتحت حضانة وكنت أعمل بها وأيضًا عملت محاسبة لمدة 11 عامًا، بالإضافة لذلك فأنا شغوفة جدًا بشغل «الهاند ميد»، وتعلمت العمل اليدوى وأنا فى المدرسة ومن والدتى، فى المدرسة تعلمت التطريز والكروشيه والتريكو وكانت المَدرسة كل موسم تنظم لنا مَعارض وكنت أنا وزملائى فى المدرسة ننتظر هذه المَعارض بفارغ الصبر وكل تلميذ بالمدرسة لديه أعمال ويهوَى العمل اليدوى يحرص على عمل المنتجات ويجهزها مع مُدرسة التدبير المنزلى ليشترك بها فى المعرض، وفى المَدرسة كانت المُدرسة تساعدنا على إعادة التدوير لبعض الأقمشة والملابس التى نستغنى عنها فنجيب قماش الخيش والقصاقيص وندخل الأقمشة مع بعض ونطرزها ونعمل مفارش وشنط وكانت تباع فأول مرّة عملت شنطة وتم بيعها وأنا فى خامسة ابتدائى.
واستطردت قائلة: كانت المُدرسة تقول لى: «أنت فنانة»، وكانت المَعارض تضم منتجات عدة مدارس وكان المعرض يقام مرتين فى السنة أثناء الدراسة.. ودِه بداية ظهور موهبتى فى العمل اليدوى.
وبعد ذلك طول الوقت بعمل منتجات «هاند ميد» وأعطيها لمن حولى فآخذ القماش غير المستخدم فى البيت وأطرّز عليه وأعمل أشكال منتجات مختلفة، وكانت العائلة معجبة جدًا بالمنتجات واقترحوا علىَّ بيع المنتجات، ولكن كنت أكتفى بإهدائها للأصدقاء وبعض من أقاربى وأيضًا عملت فستان كَتْب الكِتاب والحنة لابنتى وكان محل إعجاب الجميع انبهروا من جماله وأيضًا لدىّ هواية الذهاب للمَعارض ومعرفة كل جديد من المنتجات، اشتغلت كروشيه وكنت فى البداية بعمل المكرمية البدائية التى يطلق عليها معلقة الزرع.
مبادرة «مستورة»
وأضافت رفعت: كنت أزور معرض «ديارنا» منذ كان معرض الأسر المنتجة كنت أرى المنتجات وأشترى ما يحلو لى وأعرف الجديد وكنت أحب جدًا الشغل «الهاند ميد»، وفى إحدى المرّات وجهتنى إحدى صديقاتى للاشتراك بالأسر المنتجة عن طريق وزارة التضامن الاجتماعى، وفعلاً جهّزت الورق وذهبت إلى أقرب فرع للوزارة وعملت جواب الأسر المنتجة وأرسلت لهم نماذج من عملى وعجبتهم جدًا، وبعد ذلك تم تسجيلى «أسر منتجة» وعملت منتجات لكل الأعمار من أول ملابس البيبى وحتى فستان العروسة، وبعد ذلك فوجئت إن فى معرض ومسئول من الوزارة يكلمنى عشان أشترك بالمعرض، وبدأت أعمل ليل ونهار أجهز منتجات أشترك بها فى المعرض ونزلت معرض «ديارنا» وكان مدته 21 يومًا ومبيعاتى كانت كثيرة، ومن ذلك الوقت والوزارة تبلغنى بالمعرض وأنزل فيه فشاركت فى عدة مَعارض، وأنا فى معرض «ديارنا» بمارينا بالساحل الشمالى 2018 والوزيرة فى ذلك الوقت أعجبت بعملى ومنتجاتى ووجّهتنى للاشتراك فى مبادرة «مستورة»، وبالفعل أخذت دعم وكبّرت الشغل، ومن قبل «مستورة» كنت أدرّب العديد من السيدات على العمل بالهاند ميد، وكنت أشعر بسعادة شديدة مع كل سيدة تعلمت واستفادت من عملها وعملت مشروع يحقق لها ربح، بدرّب السيدات وأوفر لهم الخامات ونرسم الموديل الذى نعمل عليه وبدأت أتوسع، وبعد «مستورة» توسعت أكثر وأكثر وعملت صفحة وبدأت العديد من السيدات من خلال الصفحة يتواصلوا معى يريدون العمل فأوجّههم، وفى الآونة الأخيرة انتشر تريند المكرمية بالطرُق الحديثة فأفتح فيديوهات من مواقع أجنبية وأعرف الجديد لأن قديمًا تعلمنا فى المدرسة معلقة الزرع والمرايا أم رف فقط، ومصر كلها كانت مقتنية القطعتين دول من المكرمية فقط، فبدأت تطوّر وتدخّل الخيوط سواء القطن أو الألوان، فبدأت أواكب الحديث وكل ما يظهر جديد أنفذه، فظهرت أشكال كثيرة من المكرمية تستخدم فى ديكور المنزل، ثم تطورت وعملت شغل الساحل مثل الكاش مايو وجيليه المحجبات وشنطة الظهر والشنط بأنواعها، المكرمية والكروشيه الحديث كنت أنفذه وأعَلّم السيدات الأخريات، كنت أنفذ الجديد مع وضع لمساتى، فعملنا مثل الفنان بالضبط يحتاج لفكر ووضع لمسات خاصة، وبالفعل هذا العام قال لى أحد الزائرين «أشعر بروح فى شغلك»، فالقطعة الواحدة أصمّمها وكأننى أرسم لوحة، شاركت فى معرض «تراثنا» هذا العام بمنتجات وموديلات جديدة نالت إعجاب الزائرين.
مَعارض مجانية
وأكدت رفعت، أن مبادرة «مستورة» كانت سببًا فى التوسع فى العمل وبالتالى شراء خامات أكثر وعمل منتجات أكثر وتشغيل سيدات أكثر ووفرت لى نافذة للتسويق مجانية من خلال مَعارض مجانية وعلى هامش كل معرض يتم عمل ورش تدريبية وتعليمية فيعلم الكثيرون حِرفة تصبح مصدر دخل لهم، وأتمنى أنى أصدّر شغلى للخارج من خلال الوزارة فيأتى للمَعارض زائرون من جنسيات مختلفة وتعجبهم المنتجات، لذا أتمنى اشتراكنا فى مَعارض دولية، وأتمنى أن يكون فى كل بيت ورشة، فنحن كمصريين نشتهر بالحِرَف اليدوية من أيام الفراعنة وأتمنى أن مبادرة فى كل بيت ورشة تكون موجودة وبالتالى يصبح لدينا إنتاج كثير ونصدر للخارج وننتج منتجات «هاند ميد» تناسب كل المواسم سواء رمضان أو شواطئ أو مدارس أو أعياد فنستطيع عمل منتجات تتلاءم مع كل مناسبة ونعتمد على أنفسنا ونحقق مكاسب أيضًا للدولة.
قانون الحِرَف اليدوية
وتابعت رفعت: نلاحظ فرق كبير بعد قانون الحِرَف اليدوية رقم 152 فناقشنا القانون من حوالى 4 أو 5 سنوات فى مجلس النواب وهذا القانون يتيح لنا أشياء عديدة وأهمها أننا نعمل تحت مظلة الدولة وبالتالى عند وجود مَعارض أو فاعليات لأحداث مهمة نجد الوزارة تتواصل معنا؛ حيث إننا تحت مظلة الدولة ولنا أوراق ومسجّلين بقواعد البيانات ولدينا رخصة مزاولة النشاط فأشعر أننى تحت عين الدولة وهى تشعر بى وشتسندنى وتدعمنى، فكل سيدة تمتلك حرفة تتجه للدولة ووزارة التضامن تدعمنا ووسعت المَعارض فشهريًا يقام مَعارض فى البنوك والنوادى والأماكن العامة والمولات الكبيرة والمحافظات وفى الأقصر، وهذا تغيير واضح يجعل السيدة تفكر فى العمل والإنتاج بدلاً من الاعتماد على الآخرين أو على الدولة، وفى الفترة القادمة سوف أدرب سيدات بمحافظة الجيزة، وهذا تشجيع لكل حرفة، وأيضًا الدولة تساعدنا فى استخراج الأوراق وعمل جميع الإجراءات من تدريبات ودعم مادى ومعنوى لعمل مشروعات والاستفادة منها.