وهْم القوة دفعهم لاستعراض عضلاتهم فى جامعة الأزهر: الجماعة «المنفوخة»!

الفت سعد
شعور بالصدمة انتاب الرأى العام بعد الاستعراض العسكرى الذى قام به طلبة الإخوان بجامعة الأزهر مما أثار تساؤلات الجميع وأهمها : لماذا تضخم شبح الإخوان إلى هذا الحد؟! وهل ما حدث نتيجة سلبية الحكومة أم تراخى الأحزاب.. أم التنظيم الصارم والخطط المحكمة للإخوان المسلمين؟
حملنا هذه التساؤلات إلى الساسة والمسئولين ورموز المعارضة وأيضًا كبار الكتاب.
د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يؤكد أنه لا ينبغى طرح سؤال عن تضخم شبح الإخوان، لأن الإخوان ليسوا شبحًا، بل هم حقيقة مؤلمة، ورغم أنهم يلقبون بالجماعة المحظورة، إلا أن زملائى فى الجامعة يلقبونها بالجماعة «المحظوظة» التى أخذت حقها وزيادة.. الحكومة دللتها والأمن تركها.
ولأننا نعالج الأمور الأكثر جدية بأسلوب هزلى تضخم الإخوان.. وللأسف الحكومة تمالئ الإخوان والأكثر أسفًا أن بعض المسئولين يمسكون العصا من المنتصف خشية وصول الإخوان للحكم. هذه الممالأة الموجودة فى البرلمان وفى الحزب الوطنى يدفع ثمنها الوطن وتدفع ثمنها الأجيال القادمة، عندما يكون الصوت الوحيد المسموح هو صوت الإخوان..
لذلك يجب الضرب بيد من حديد على هذه الجماعة، ولا خيار آخر سوى مزيد من الحريات للأحزاب الشرعية.. والبحث عن نواحى قصور الحكومة التى تعوضها جماعة الإخوان بإمكانياتها.
الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد يرى أن تضخم الإخوان يعود إلى عدة نقاط أهمها أنها منظمة قديمة راسخة تسير على منهج ثابت، كما أنها تجند مجموعات من الشباب فى سن صغيرة، وأن لها تنظيمًا صارمًا وتقودها مجموعة تقدم نفسها على أنها القدوة السليمة أو الصحيحة.. بالإضافة إلى إحكام الخطط لتمكينها من المجتمع بدليل أن تفاصيل قضية سلسبيل من خلال أجهزة الكمبيوتر تتضمن خطة التمكين، وكيف يمكن احتواء المجتمع المصرى فى الداخل.. كما تنطوى على كيفية تدريب الشباب وتربية الفرد بدنيًا وعقائديًا.. واختراق الشرطة والجيش.. علاوة على أنهم يتعلمون من الماضى والتاريخ، فقد فضلوا فى الفترة الأخيرة ألا يصطدموا بالحكومة. لأنهم خسروا فى صداماتهم فى عصر عبد الناصر والسادات ببقاء قياداتهم فى السجون.
لذلك يدعون فى بياناتهم أنهم تركوا العنف. لكنهم أخطأوا -هذه المرة- باستعراض القوة البدنية والعسكرية وتحدى القانون والجامعة.. والسبب أن القائمين على تنظيم الإخوان المسلمين الآن من فلول التنظيم الخاص.. فهناك تنظيم علنى يتضمن الوجوه المشرفة والمواصفات المظهرية والدبلوماسية.. وهناك التنظيم السرى العسكرى حيث يعتبر مرشد الإخوان الحالى من سلالة التنظيم الخاص وآخرهم على عشماوى الذى صدرت عنه مطالبته بإغراق الدلتا وهدم القناطر إذا واجهوا الحكومة.
ويضيف «مكرم محمد أحمد» رغم هذا الخطأ لا يمكن أن يقوم شباب الجامعة بهذا الاستعراض واستخدام الأسلحة والملابس المقنعة إلا بعد صدور الأوامر، لأن الإخوان منظمة مركزية، ولابد أن هناك رؤية أو هدفًا من هذا الاستعراض يؤكد على قوة التنظيم وانتشاره بين شباب الجامعات. وقد تضخمت أو ازدادت قوة تنظيم الإخوان، لأن الناس تنظر لقيادات الإخوان فتجدها تمثل القدوة الحسنة وعدم الابتعاد عن الفساد المالى.. فى حين هناك قيادات فى الحكومة أو الحزب الحاكم تستفيد من وجودها فى تسهيل أعمالها الخاصة.. أى أن أسباب قوة التنظيم فى ضعف الحزب الحاكم.. بالإضافة إلى أنهم يستثمرون الدين للتطلع إلى السلطة.. أيضًا نجح تنظيم الإخوان فى استثمار الفراغ السياسى فى الجامعات لينفرد بالنشاط السياسى داخلها.. فى الماضى إذا تحدث طالب إخوانى فى الجامعة يرد عليه طالب وفدى أو طالب يسارى.. كانت هناك آراء سياسية مختلفة، أما الآن فلا يجد الطلاب سوى صوت الإخوان بعد أن خلت الساحة لهم.. وقد نجحوا فى استثمار حاجة كثير من الطلاب سواء الحاجة الدراسية أو المادية، بالإضافة إلى اللعب على وتر الدين.
تكنولوجيا المعلومات بما فيها الإنترنت والمحمول واستخدام بيزنس الاتصالات بين الإخوان يساعد على نشر وتغلغل فكر وأهداف الإخوان المسلمين، وربما ضاعف من ضخامة تنظيم الإخوان، إذ يؤكد الدكتور «طارق كامل» وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن تنظيم الإخوان مثلهم مثل غيرهم استثمروا أو استخدموا الأدوات التكنولوجية لنشر أخبارهم.
وذلك لا يقتصر على تنظيم بعينه فتكنولوجيا الاتصالات أتاحت لأى تيار فى العالم أن يُعبر عن نفسه.. وهذه الوسائل متاحة لجميع الأحزاب والتيارات، فلماذا لم تستغلها؟ وقد استفاد الحزب الوطنى من تكنولوجيا المعلومات بنشر إذاعة الحزب الوطنى على الإنترنت.. ووجود حرية الرأى واستخدام الفضائيات يحسب لمصر وليس ضدها، فهناك اعتقاد بأن الإخوان قد تضخموا، لكن ذلك غير صحيح، لكنهم من الذكاء بحيث استثمروا هذه التكنولوجيا فى نشر أفكارهم.. ونحن لا نستطيع منع هذه التكنولوجيا عن أى تيار أو فئة.
ضياء الدين داود رئيس الحزب العربى الناصرى يُشير إلى أن حجم الإخوان لم يزد ولم يتضخم لكن ما حدث أن الأحزاب هى التى ضعفت نتيجة القيود التى فرضتها عليها الحكومة.. تنظيم الإخوان كما هو يسير على خطط وأهداف محددة، حتى فى حالة توقف نشاطهم.. وبسبب تعثر الحزب الحاكم فى اكتساب شعبية بين المواطنين نتيجة قراراته الخاطئة أصبح الإخوان القوة السياسية الفاعلة والضاغطة.. فلديهم تجمع شبابى وتجمع قيادى وأساتذة جامعة كلهم يعملون وفق نظام دقيق، لذلك طفا الإخوان على السطح خاصة أنهم يستعينون بالشعارات الدينية... فى وقت قيدت فيه الحكومة كل نشاط الأحزاب المعارضة فى الجامعات أو النقابات أو أى تجمع خارج مقارها فى حين تركت الساحة للإخوان، وذلك أظهر قوة وضخامة تنظيمهم، ويضيف أحمد حسن، أمين عام الحزب الناصرى إن تنظيم الإخوان قد استشرى، لأن الأحزاب المعارضة محظور عليها التحرك داخل المجتمع، والأمر معكوس بالنسبة لهم.. فى حين يتحرك الحزب الوطنى فى جميع التجمعات والأنشطة، لكن للأسف لم ينجح كما نجح الإخوان رغم أنهم تنظيم أو جماعة محظورة لكنها تتحرك فى كل المواقع والتجمعات فى وضوح شديد، دون أن تواجه بأى فكر مضاد أو مخالف من جانب القوى السياسية الأخرى.. أحزاب المعارضة قوية وقادرة على المواجهة ووضعت حلولا لمشاكل عديدة أمام الحكومة، لكن محظور عليها التحرك والانتشار، وليس لها أى منبر سوى صحفها محدودة التوزيع.. وفى حين قام الإخوان بتوفير الحلول للشباب فى كل تجمع تقاعست الحكومة عن حلها.. فالجماعة المحظورة تدفع قيمة اشتراك المحامين الجدد بالنقابة وتدفع ثمن مذكرات الطلبة ومساكن المغتربين حلا لمشاكل المدن الجامعية.. ومما ضخم حجم الإخوان المسلمين أنهم لم يواجهوا بقوى سياسية حقيقية.. ولو طرحت أفكار وحلول من القوى السياسية الأخرى داخل الجامعات لتضاءل حجم الإخوان.
الكاتب محسن محمد يلقى بالمسئولية على الحكومة المصرية، فى تصاعد قوة الإخوان.. فحكومة الثورة ألغت جميع الأحزاب، ولم تلغ الجماعة، لأنهم ليسوا حزبًا وبعد حادث المنشية، كانت هناك محاولات لوأد الإخوان، لكن عندما أراد السادات ضرب اليسار أعاد التيار الدينى وعلى رأسه الإخوان، وهم قوة منظمة لا يستهان بها حتى عند وقف نشاطها.. وأنا أتعجب ممن يصفها بأنها جماعة محظورة فى حين أن لها مقار ولها مقررين ومرشحين ونوابًا فى البرلمان، ونقرأ أخبارهم ويدلون بآرائهم، ثم نقول «محظورة».. الإخوان المسلمون ليسوا ممنوعين، بل استطاعوا اختراق كل التجمعات فى ظل مفهوم المحظورة.
ويضيف محسن محمد: أنا أعتقد أن الأمن المصرى يعلم أن شباب الإخوان يقومون بتدريبات مثلما حدث أن الأنظمة العربية سمحت للعرب بالسفر إلى أفغانستان للقتال فى صف المجاهدين الأفغان ضد الشيوعيين بطلب من الولايات المتحدة.
نحن أطلقنا القمقم الدينى ثم ندعى أننا لا نعلم، سمحنا بقيام الإخوان رغم حظر نشاطهم رسميًا وسمحنا بدعايات للإخوان ولمرشحيهم فحصلوا على 88 مقعدًا فى البرلمان.
والغريب أن الحكومة تخشى من الدخول فى معركة ضد الإخوان خوفًا من نتائج قد لا تكون فى صالحها.. هذه السياسة المزدوجة فى وضع الجماعة المحظورة زاد من حجم تضخمها واستعراضها للقوة بتأكدها أنها فى الوضع الأقوى مهما كانت النتائج.
اللواء حسن حميدة محافظ المنوفية يرى أن هناك خطأ بالإعلان عن نشاط وأهداف الجماعة المحظورة كيف يسمح لهم بالإعلان عن مرشحيهم رغم حظر نشاطهم؟!.
الدولة معذورة لأنها تريد نشر مبادئ الديمقراطية. ونتيجة الالتزام بالديمقراطية بدأ تضخم الإخوان، وذلك أثناء الانتخابات وما بعدها مستغلة ستار الدين الإسلامى الذى يلقى القبول من معظم المصريين.
لكن ليس الإخوان بالضخامة التى نتصورها فلو لم تكن هناك سلبية من المواطنين فى الانتخابات لظهر حجم الإخوان الصحيح.. فمن تقاعسوا عن الذهاب للانتخابات ليسوا من مؤيدى الإخوان.. الحل هو محاولات حل مشاكل المواطنين وهو ما يجب أن تلتزم به كل محافظة.
ويقول د.ماجد الشربينى أمين الشباب بالحزب الوطنى: الإخوان المسلمون لم يزد عددهم وهم معروفون.. لكن الجديد أنهم أرادوا استعراض عضلاتهم أو قوتهم.. وهذا الاستعراض لم يكن لعب عيال كما يدعون، لكنه يحمل دلالة مهمة لا يجب السكوت عنها.. لأن التعامل معهم على أنهم جماعة مشروعة ساعد فى تضخيم قوتهم ومن ناحية أخرى كان يجب أن يكون هناك تدخل أمنى صارم.. لأنه عندما توزع صور مرشحيهم قبل الانتخابات على أنهم ينتمون إلى الإخوان المسلمين رغم أنهم جماعة محظورة ودون التعرض لهم فذلك أغراهم بالتمادى فى استعراض قوتهم.. ثم نرى شعارات الإخوان داخل الحرم الجامعى، وفى الانتخابات الطلابية، دون وجود تيارات شبابية أخرى، فذلك أيضًا يضخم من قوتهم.. لذلك أتفق مع سرعة الإعلان عن لائحة الاتحادات الطلابية الجديدة لتعود الجامعة كما كانت مسرحًا لعرض جميع الرؤى السياسية، إذ يجب أن يتعلم الطالب داخل أسوارها هذه الأفكار والرؤى.. لكن ممارسة الأفكار تكون داخل الأحزاب الشرعية.
الكاتب جمال بدوى يقول فى ظاهرة تضخم جماعة الإخوان المسلمين: إنه عندما يحدث خلل فى التركيبة السياسية وتتراجع التيارات السياسية يذهب المواطن إلى هويته الدينية الكنيسة أو المسجد، المشكلة لدينا فى الفراغ السياسى الذى استثمره الإخوان المسلمون لصالحهم تحت شعار الدين، وللعلم المد الإسلامى فى مصر يصاحبه أيضًا مد مسيحى، وهذا ينذر بخطورة شديدة تؤثر على المجتمع المصرى وتدفع إلى الطائفية والابتعاد عن القومية، أنا هاجمت الإخوان عندما حدثت الوقائع الأخيرة، لأن ثقافة القوة ستتبعها كوارث.
وعدم تشجيع العمل السياسى أدى إلى الاهتمام بالعمل الدينى رغم أن الإخوان جماعة سياسية إلا أنها تستخدم الدين فى المقام الأول.
وأنا لست مع استخدام القوة ضد هؤلاء الطلاب الذين قاموا بالاستعراض فى جامعة الأزهر. لأنهم يعبرون عن الفراغ السياسى والبطالة، وعدم وضوح الرؤى السياسية، نحن تركنا الشباب لقمة سائغة للإخوان، ولابد من معالجة هذه الأزمة بطريقة سليمة.. لابد من عودة الأحزاب ومنحها جميع الحريات.
الدكتور السفير محمد شاكر -أمين عام المجلس المصرى للشئون الخارجية- يشير إلى أن عدم تعدد المنابر السياسية أدى إلى انفراد الإخوان بالساحة السياسية، لكن هم ليسوا بالضخامة التى صوروها لنا.
بدليل أن الأغلبية الصامتة التى لم تشارك فى الانتخابات، ولو كانت تؤيد الإخوان لذهبت لصناديق الاقتراع وانتخبتهم.
وهذه السلبية هى التى دفعت أو ضخمت حجم الإخوان.. بالإضافة إلى وجود أحزاب غير مفعلة وغير مرتبطة بالجماهير، من أجل ذلك برز الإخوان فى صورة تزيد على حجمهم الحقيقى.. بالإضافة إلى وجود تجمعات شبابية تريد المشاركة، ولا تجد إلا الإخوان، لابد من التوسع فى تفعيل الأحزاب والمشاركة السياسية، لكن للأسف لأنه لا توجد صورة غير الإخوان فتظهر فى الخارج على أنها حزب دينى قوى مما يؤثر على تعامل الغرب معنا سواء فى السياسة أو الاستثمار أو السياحة مما ينعكس سلبًا على صورة مصر كلها.
الدكتور شوقى السيد عضو مجلس الشورى يرى أن الإخوان استغلوا الاحتقان السياسى والانتخابات الأخيرة لصالحهم. وشعروا بعد نجاح عدد منهم بالزهو فحدث انفلات وخطأ بقيام هذا الاستعراض العسكرى، وهذا المشهد فى تصورى من أسوأ المشاهد التى كشفت عن انتهازيتهم السياسية.. واستغلال أى ظرف من الظروف سواء كانت عارضة أو نتيجة تراكمات.. وهذا الموقف عبر عن سلبية الحكومة وسلبية المسئولين داخل الجامعة.
الإخوان تنبهوا لسلبية المجتمع.. وعدم المواجهة معهم زادت من غرورهم واستعراض قوتهم.
لذلك آن الأوان أن تكون هناك رؤية عميقة لما يجرى فى البلاد وما يجرى تحت الأرض.. لذلك لا يجب التردد فى المواجهة، لا يجب أن نخاف أو نؤجل أو نقوم بإعطاء مسكنات لأنه فى لحظة ما سوف تنفجر الأمور بدرجة لا يمكن احتواؤها.