الجمعة 9 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حتى لا تكون آفة حارتنا النسيان.. كيف عادت المرأة المصرية للقرون الوسطى خلال عام من حكم الإخوان المسلمين؟

كما  هو معروف فى الأدبيات النسوية أن المجتمعات تُعرَف من وضع النساء، وعلامة الحضارة هى حالة المرأة كيف تكون. ونستطيع بوضوح أن نرصد كيف كانت حالة المجتمع المصرى خلال عام من حكم جماعة الإخوان المسلمين من خلال مؤشرات واضحة لتراجع مكانة المرأة المصرية على المستوى السياسى والاجتماعى والاقتصادى؛ لدرجة من التدهور وصفها المركز المصرى لحقوق المرأة فى تقريره البحثى بأنه كان «عام الخروج الكبير للمرأة المصرية».



وحتى «لا تكون آفة حارتنا النسيان!»؛ خصوصًا فى ظل صعود أصوات من وقت لآخر تطالب بعودة الجماعة للمشهد السياسى من جديد؛ نرصد فى هذا التقرير أبرز المحطات التى واجهت فيها المرأة المصرية هجمة عنيفة- خلال صعود جماعة الإخوان للمشهد السياسى من بعد ثورة يناير حتى عزل الرئيس محمد مرسى فى يوليو 2013 - على مكتسبات انتزعتها عبر نضال لسنوات طوال، خاضته المصريات بكل ثقة وجرأة من أجل الحرية، الكرامة والمساواة.

فى البداية؛ ماذا عن مكانة المرأة المصرية فى مجال الحقوق السياسية والمدنية؟ للأسف احتلت مصر المركز الأول على مستوى تراجع الدول فى مكانة المرأة السياسية؛ حيث وصلت إلى المركز 211 وفقًا لمؤشر الفجوة بين الجنسين والصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2012، كما احتلت مصر المركز 95 من بين 125 دولة من حيث وصول النساء للمناصب الوزارية نظرًا للتمثيل الهزلى بنسبة %10 فقط، كما احتلت مصر المركز الأخير من حيث تقلد المرأة لمنصب المحافظ بواقع (صفر).

كما سجلت مصر تراجعًا كبيرًا على مستوى الحقوق السياسية للمرأة؛ حيث احتلت المرتبة 125من 133 دولة على مستوى العالم؛ وفقًا لتقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى 2012. كما وصلت مصر إلى المرتبة 128 من 131 دولة من حيث التمثيل النسائى فى البرلمان وذلك نتيجة التدهور فى تمثيل المرأة؛ حيث وصلت إلى %12.5 فى برلمان 2010 بينما تراجعت النسبة إلى %2 فى برلمان 2012 الذى سُمّى آنذاك «برلمان الثورة»، لتبلغ نسبة تمثيل النساء فى مجلس الشورى 5 سيدات من إجمالى180 مقعدًا أى بنسبة 2.7 %.

مشاركة المرأة فى السياسة «مفسدة» 

وجاءت مشاركة المرأة فى الانتخابات البرلمانية 2011/ 2012 فى ظل مناخ طارد لوجودها على عدة مستويات، منها تنامى أصوات التيارات الأصولية التى تحجم دور المرأة فى أنماط معينة، وتحد من حقها فى المشاركة فى جميع نواحى الحياة ولا سيما المشاركة فى الحياة السياسية؛ حيث يرى البعض أن دخول المرأة البرلمان «مفسدة» وكان ترشيح الأحزاب السلفية للمرأة على قوائمها هو ترشيح «المضطر» بالإضافة إلى إلغاء قانون مجلسى الشعب والشورى كوتة المرأة ونص على أن تتضمن كل قائمة امرأة واحدة على الأقل، ولم يحدد القانون الجديد مكانًا متقدمًا للمرأة على هذه القوائم لضمان التمثيل اتساقًا مع ما جاء به الإعلان الدستورى آنذاك.

 برلمان الإخوان يطالب: «خفض سن الزواج، عودة الختان، مناقشة مضاجعة الوداع، إلغاء الخلع»

شغلت المرأة داخل البرلمان 3مواقع، منها عضوتان بلجنة القيم وعضوة باللجنة العامة للمجلس، كما لم يتضمن أى تكوين قيادى دورًا للمرأة، وكان واضحًا أن أچندة التشريع الخاص بالمرأة كانت تتجه نحو: خفض سن الزواج، «عودة الختان» بدلاً من تجريمه، فضًلاً عن ما أثير داخل البرلمان من مناقشة موضوع «مضاجعة الوداع»، وهو ما أكده صبحى صالح وكيل اللجنة التشريعية لحزب«الحرية والعدالة» بالمجلس الذى ذكر على استحياء بأن هناك بعض الأعضاء الذين أثاروا موضوع «مضاجعة الوداع» ولكن لم يؤخذ به!

 برلمان ضد حقوق المرأة

نتذكر معًا بعض مشروعات القوانين التى ناقشها برلمان 2012، تقدّم محمد العمدة وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بمشروع قانون لإلغاء المادة «20» مادة الخُلع «من القانون رقم 1 لسنة 2000 الخاص بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية». وأشاد العمدة بموقف علماء مجمع البحوث الإسلامية الذين رفضوا هذا القانون، واعتبر أن من يتم تطليقها بمادة الخُلع «طلاقها باطل».

كما تقدّم النائب حمادة محمد سليمان عن حزب النور السلفى بمشروع قانون يقضى بتعديل بعض الأحكام فى الأحوال الشخصية فى الولاية على النفس، وأكدت المذكرة الإيضاحية التى تقدم بها النائب (السابق) أن التعديل الذى حدث فى القانون سنة 2005 الخاص بزيادة سن الحضانة إلى 15سنة هو السبب فى تضرر الأسر والآباء، وأكد على أن عودة سن الحضانة إلى 7 سنوات للولد و9 سنوات للأنثى يجعل الأم تفكر أكثر فى التواصل مع الأب لأنها سوف تعانى نفس المعاناة عندما ينقل الابن لحضانته.

ونتذكر نائبة التصريحات المثيرة للجدل النائبة عزة الجرف عن حزب الحرية والعدالة، بتقديمها «الجرف» مشروع قانون بتعديل نص المادة 242 مكرّرًا من قانون العقوبات والمضافة بالقانون 126 لسنة 2008 والخاصة بتجريم عمليات الختان، على وجه العموم. وينص التعديل الذى تم تأجيل مناقشته على أنه لا يجوز إجراء ختان الإناث خارج المستشفيات دون استشارة طبيبة مختصة تفيد بحاجة الأنثى لذلك.

 نائبة الجماعة: الحديث عن حقوق المرأة.. ليس وقته الآن!

فى أحد التصريحات الصحفية، قالت الدكتورة هدى غنية نائبة حزب الحرية والعدالة وعضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب آنذاك: « أرفض لقب نائبة عن المرأة، فأنا نائبة عن الشعب كله، وبالنسبة للحديث عن قوانين وتشريعات المرأة، فهو أمر خاص، ليس وقته الآن، فالوطن يمر بمرحلة خطرة وهناك ضروريات أهم، كالتشريعات الدستورية والانتخابات الرئاسية والإعلان الدستورى وغيره، لهذا الحديث عن قوانين وحقوق المرأة أمر سابق لأوانه».

بينما صرّحت سهام الجمل، عضو لجنة التعليم بالمجلس عن حزب الحرية والعدالة، قائلة: «نحن كنائبات بالبرلمان عن الشعب ككل وقضايا المجتمع المصرى، وليس المرأة فقط، وحتى الآن لم يتم اقتراح أى مشروع قانون للمرأة، وإذا تم التفكير فى تعديل أو إقرار تشريع؛ سنسعى ألى أن يكون لصالح الأسرة وبما لا يخالف الشريعة الإسلامية، حتى لو خالف الاتفاقيات الدولية التى وقّعت مصر عليها خلال فترة حكم النظام السابق»!.

 تمثيل خافت للمرأة فى اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور الأولى والثانية 

أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانًا دستوريًا فى 13 فبراير2011 بتعليق العمل بدستور1971 وتشكيل لجنة لإعداد تعديلات دستورية تمهيدًا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وكتابة دستور جديد. ونصت هذه التعديلات على أن يقوم مجلسا الشعب والشورى المنتخبان باختيار أعضاء جمعية تأسيسية من 100عضو لكتابة دستور جديد فى خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيلها. وفى خلال هذه الفترة لفتت المنظمات الحقوقية الانتباه إلى ضرورة تمثيل المرأة فى اللجنة التأسيسية للدستور بنسبة لا تقل عن 30 %.

على الرّغم من تصريحات رئيس مجلس الوزراء آنذاك كمال الجنزورى الداعمة لتمثيل النساء فى اللجنة التأسيسية بصورة عادلة، وأن يتضمن الدستور الجديد مواد تنص على حقوقها؛ فإن هذه الوعود كانت حبرًا على ورق، ولم تمثل النساء فى اللجنة التأسيسية إلا بنسبة 6 % فقط، بواقع 6 سيدات من إجمالى 100 عضو. 

وحمل هذا التشكيل العديد من أوجُه العوار القانونى والدستورى، وهو ما دفع العديد من المحامين والحقوقيين والنشطاء السياسيين والمثقفين والشخصيات العامة، إلى رفع دعاوى قضائية للمطالبة بإلغاء قرار البرلمان والخاص بمعايير اختيار لجنة المائة المعنية ووضع مشروع الدستور الجديد.

وصدر قرار محكمة القضاء الإدارى ببطلان تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور؛ ليتم تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور للمرة الثانية بأغلبية من جانب حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، ولم يكن هناك تمثيل للمرأة كبير كما فى اللجنة الأولى فلم تمثل المرأة سوى بنسبة 7 من أصل 100 عضو أى بنسبة 7 %!

لم تيأس المنظمات الحقوقية والنسوية والمجلس القومى للمرأة من هذا التمثيل الغائب للنساء فى اللجنة الثانية لإعداد الدستور، وكافحت من أجل إقرار مواد واضحة بالدستور لحماية حقوق المرأة، وضمان حصولها على حقوقها، وتقدمت هذه المنظمات بأوراق ووثائق تحفظ حقوق النساء، ولكن فى النهاية خرجت مواد الدستور الذى سيطرت الجماعة على إعداده بمواد فلسفتها مطاطة تجاه حقوق المرأة، تفتح بابًا واسعًا للعنف ضد المرأة وجميع أشكال الانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن المواد التى كان من شأنها أن تحافظ على حقوق المرأة المصرية تم حذفها.

وأيضًا فإن الدستور لم يذكر المرأة إلا فى مادة واحدة وهى المادة (10) والتى نصت على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسخ قيمها الأخلاقية وحمايتها على النحو الذى ينظمه القانون. وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام. وتولى الدولة عناية وحماية للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة».

ونجد أن هذه المادة تُكرّس الصورة النمطية للنساء بأنها ليست سوى أمّ فى المقام الأول وزوجة وكأن وجود المرأة فى المجتمع للإنجاب فقط، وأن دورها الأول هو الخدمة المنزلية ويأتى بعد ذلك العمل. 

 المرأة والعمل 

أكد التقرير الصادر عن مجلة «الإيكونوميست» لعام 2012 عن الفرص الاقتصادية للنساء، أن مصر احتلت المركز 80 من بين 128 دولة، أمّا عن ترتيب مصر بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فإن مصر احتلت المرتبة السابعة من بين 15 دولة فى الفرص الاقتصادية المتاحة للمرأة المصرية. وكذلك احتلت مصر المرتبة 124من 132 من حيث الفرص والمشاركة الاقتصادية للمرأة وفق تقرير مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2012.

أمّا عن نسبة النساء للرجال فى قوة العمل فجاءت مصر فى المرتبة 130 من بين 134دولة ووصلت للمرتبة 99 من 113 دولة من حيث وصول المرأة للمناصب التشريعية والمناصب الحكومية العليا والمديرين.

 العنف ضد المرأة

لا ننسَى الاعتداءات الهمجية التى وقعت يوم الاحتفال بعيد المرأة المصرية 16 مارس 2013،حيث اعتدى شباب الإخوان المسلمين بالهراوات والعصى والأسلحة البيضاء على نشطاء من الجنسين، وقيامهم بالاعتداء بالصفع على الناشطة ميرفت موسى على وجهها، أمام مقر الإرشاد بالمقطم، وكأن هذه مكافأة شباب الإخوان لنساء وشباب مصر فى عيدها، وتزامن الاعتداء مع إعلان وثيقة «مناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة» بمناسبة الاحتفال بشهر المرأة، الوثيقة التى قوبلت من جماعة الإخوان والتيارات السلفية برفض صريح!