السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد التجرد من ملابسها فى حرم الجامعة فتاة جامعة العلوم تهز الرأى العام الإيرانى من هى «آهو دريايى» التى تجردت من ملابسها فى حرم جامعة آزاد فى طهران؟

فى 14 من سبتمبر عام 2022 انطلقت موجة من الاحتجاجات على الأراضى الإيرانية فيما يُعرف «باحتجاجات الحجاب» اعتراضًا على مقتل الشابّة الإيرانيّة من أصل كردى مهسا أمينى بعد تعرضها للضرب المبرح أثناء احتجازها واعتقالها من قِبل شرطة الأخلاق التابعة للحكومة الإيرانيّة. جاء ذلك بعد اتهامها بمخالفة القواعد التى تفرض على المرأة تغطية شعرها بالحجاب وباقى جسدها بالملابس الفضفاضة. ويبدو أنها كانت البداية لانتفاضة الكثيرات من النساء الإيرانيات اللاتى يواجهن القمع لأسباب مختلفة فى البلاد.



بعد عامين من حدوث احتجاجات الحجاب حدثت واقعة جديدة هزت الرأى العام الإيراني؛ لكنها هذه المرة داخل حرم إحدى الجامعات الإيرانية. حيث انتشرت على مواقع التواصل صور التقطتها كاميرات المراقبة داخل الحرم الجامعى لفتاة وهى تسير بملابسها الداخلية داخل الحرم فيما انتشر تحت هاشتاج «فتاة العلوم والصناعة» نسبة للجامعة التى وقعت فيها تلك الحادثة مخالفة لكل قواعد الزى الإيرانى التى سبق أن تسببت فى مقتل مهسا أمينى فى وقت سابق. وأطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعى اسم «آهو دريايى» أو «غزال البحر» على تلك الفتاة فى إشارة إلى جسدها الممشوق كما وصفها البعض فى بعض الفيديوهات التى انتشرت لاحقًا بينما كانت تسير داخل الحرم الجامعى.

وظهرت الفتاة فى المقاطع التى انتشرت لها على مواقع التواصل وهى تسير فى فناء الجامعة وتطوق جسدها بيديها. وبينما تظهر فى مقطع آخر وهى تجلس على منصة فى فناء الجامعة بملابسها الداخلية.

وتقترب منها امرأة محجبة برفقة رجل يُعتقد أنه من حرس الجامعة، وتدفعهما بيديها وتهز كتفيها فى ثبات وصلابة، دون خوف أو ارتباك. حتى أصاب موقفها كل من كان حولها من الطلاب بالارتباك حتى أن معظمهم كانوا يحاولون عدم النظر إليها، ويتظاهرون بأنها غير موجودة.

من هى آهو دريايى وما القصة

وبحسب وسائل إعلام محلية فإن «آهو دريايى» كما أطلق عليها رواد مواقع التواصل هى سيدة إيرانية تبلغ من العمر 30 عامًا طالبة فى الصف السابع قسم اللغة الفرنسية اسمها الحقيقى فى شهادة الميلاد هو مهلا، لكنها تُفضل لقب «آهو» وهى مُطلقه ولديها اثنان من الأبناء. واختلفت الروايات حول قصة الفتاة، فبحسب ما تم تداوله فى وكالات الأنباء العالمية فإن الفتاة بعد أن دخلت جامعة آزاد للعلوم اعترضها قوات الأمن الجامعى المُلقبة بـ «الباسيج». وذلك لأن الفتاة لم ترتدِ الحجاب حسب القوانين، واعتدت عليها قوات الباسيج بعنف حيث تمزقت أجزاء من ملابسها، فغضبت الفتاة وخلعت ملابسها بأكملها، وأخذت تتجول فى الحرم الجامعى وهى لا ترتدى سوى الملابس الداخلية اعتراضًا على ما تعرضت له من انتهاكات. فيما يقول شهود آخرون قصة مختلفة وهى أنها قامت بتصوير الأستاذ والطلاب فى الفصل وتلقت إنذارًا. ووقعت مشادة كلامية وعندما حاول أفراد الأمن إخراجها من قاعة الدرس بعد أن رفضت الامتثال لأوامرهم قاومت فتمزق زيها وعندما رأى الطلاب ما حدث انهارت عصبيًا وقامت بخلع كامل ملابسها والإلقاء بها والسير فى الفناء بملابسها الداخلية اعتراضًا على ما تعرضت له.

وبحسب وكالة فارس للأنباء التابعة للسلطة الإيرانية نقلاً عن المتحدث باسم جامعة العلوم الحرة، فقد كانت «مهلا» تقوم بتصوير الطلاب دون إذنهم، مما أثار استياء بعض الطلاب. وبعد إبلاغ الأمن الجامعى، طلبوا منها حذف الفيديو؛ لكنها دخلت فى مشادة كلامية معهم ورفضت طلبهم بعنف، ثم تجردت من ملابسها وتجولت فى ساحة الجامعة.

رد فعل طليقها..

وبعد نشر فيديو السيدة على وسائل التواصل الاجتماعى، انتشر فيديو آخر لشخص يدّعى أنه زوجها السابق على وسائل التواصل الاجتماعى وهو يبكى، ويطلب من المستخدمين عدم إعادة نشر هذا الفيديو. ويقول إن زوجته السابقة لديها طفلان وتعانى من اضطرابات نفسية وقد عانت من العديد من المشاكل النفسية فى السنوات الأخيرة. وطلب الزوج فى الفيديو الذى نشره بكل توسل من الناس عدم نشر هذا الفيديو من أجل أطفاله. فيما أخذت تزعُم بعض وسائل الإعلام الإيرانية المحلية أنها قامت بهذا العمل للحصول على اللجوء.

القبض عليها وإيداعها فى المصحة العقلية:

وانتشر فيديو آخر للفتاة لاحقًا حيث قامت قوات الأمن بإحضار سيارة وقامت بسحب الفتاة نحو السيارة بوحشية، وبينما تقاوم الفتاة الصعود لسيارة الشرطة تكون النتيجة أن يبرحوها ضربًا ويلقونها فى السيارة مُلطخة بدمائها. ليتم وصمها لاحقًا بالجنون وعدم الاتزان العقلى، ووضعها فى مستشفى للأمراض العقلية لتبدأ رحلة جديدة من التعذيب تحت قناع المرض النفسى.

وهو ما حذرت منه الصحفية المختصة بشئون المرأة، الإيرانية فاراناك أميدى، فى حديثها لبى بى سى عربى منذ عامين عندما أشارت إلى أن ما حدث لمهسا أمينى مُخيف لأنه وارد الحدوث لأى فتاة لا تلتزم بالزى فى أى وقت قائلة: «إن ما حدث أمرٌ مخيف لأنه يمكن أن يحدث لأى امرأة.. لأى امرأة ترتدى ما يعرف بالحجاب السي.. أو باد حجاب كما يُعرف محليا». 

تهديدات لعائلتها وتحصينات شديدة على المستشفى النفسى

وأشار اتحاد العمال الثوريين الإيرانيين فى منشور على موقعه الإلكترونى نقلا عن أحد المقربين من آهو إن قوات الأمن قامت بإغلاق حسابها على موقع التواصل على إنستجرام لأنها كانت تنشر الكثير من مقاطع الفيديو والصور لنفسها ولأطفالها بما يوضح أنها لا تعانى من مشاكل نفسية، بل هى امرأة جريئة وسعيدة ومليئة بحماس الحياة. 

وجاء فى المنشور الذى نشره اتحاد العمال الثوريين بحسب كلام أحد أصدقاء آهو إنها كانت طالبة ذكية جدًا، مما جعلها تحصل دائمًا على أعلى الدرجات، كما كانت معروفة بين أصدقائها وزملائها بشجاعتها وصمودها فى مواجهة القمع. مؤكدًا أنها واجهت العديد من مضايقات الحجاب مرارًا وتكرارًا خلال دراستها ودافعت عن حقها فى كل مرة.

وأشار أحد أقارب آهو بحسب ما ورد فى المنشور أيضًا أن عائلتها تتعرض للكثير من الضغوط والتهديدات بأنهم لن يفرجوا عنها قريبًا إذا لم ينكروا مشاكلها النفسية. مؤكدين أن أجواء المستشفى النفسى الإيرانى الذى تم احتجازها فيه أصبحت شديدة التحصين، حيث قامت القوات باحتجاز آهو فى جزء من قسم الطوارئ فى المستشفى النفسى، ولا تسمح لموظفى المستشفى بالاقتراب منها.

تتمتع بصحة نفسية جيدة لكنهم يحاولون قتلها

وبحسب ما ورد فى منشور اتحاد العمال الثوريين الإيرانيين قال مصدر مطّلع فى المستشفى إن الملاحظات الأولية لموظفى المستشفى أظهرت أن آهو دریایی تتمتع بصحة نفسية جيدة، ولكن بعد فتح ملفها الأولى، سُمح فقط للأطباء الذين يأتون من خارج المركز الطبى بالدخول إلى الغرفة التى تُحتجز فيها. ووفقًا لهذا المصدر المطلع فى المستشفى النفسى الإيرانى، فإنهم يريدون قتل هذه المرأة عقليًا عن طريق الأدوية والحقن الغامضة. مؤكدًا أنها حاولت الهروب من هذا المستشفى مرة واحدة لكنها فشلت.

ما هو مصير آهو دريايى؟ 

وعلقت المحامية والناشطة الحقوقية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادى، فى منشور لها على موقع التواصل انستجرام على حجز طالبة جامعة «آزاد» «أهو دريايى» فى مستشفى للأمراض النفسية، معتبرةً أن اتهام المحتجين والمعارضين بـ«المرض النفسى» أسلوب قديم يتبعه النظام لقمع المعارضة. مؤكدة أن هذا الأسلوب يُمثل أحد أشكال التعذيب الشديدة واستشهدت «بالتجربة الأليمة» لمقتل بهنام محجوبى، السجين السياسى الذى فارق الحياة بعد نقله إلى مستشفى للأمراض النفسية.

وتساءلت عبادى خلال حديثها على موقع التواصل قائلة: «إذا كانت الطالبة المحتجة فى جامعة العلوم والبحوث تعانى من مرض، فلماذا تم اعتقالها؟ هل الجهاز الأمنى مُكلف بمعالجة المواطنين؟» فى إشارة إلى الدور القمعى الذى تلعبه أجهزة الأمن ضد المعارضين.

عقوبات مُشددة للنساء اللواتى ينتهكن قواعد الحجاب

وكان قد وعد الرئيس الإيرانى المُنتخب حديثًا مسعود بيزيشكيان، بإنهاء دوريات شرطة الأخلاق؛ لكن بعد ذلك تم تمرير مشروع قانون مناهض للمرأة، والذى يفرض عقوبات قاسية بما فى ذلك غرامات باهظة والسجن للنساء اللواتى ينتهكن قواعد الحجاب الإلزامية. كما أنه يوسع نطاق الإنفاذ ليشمل النساء على الإنترنت ويحشد مؤسسات مختلفة لمراقبة ملابس النساء.

وأحدث «مشروع نور»، وهى مبادرة أطلقت فى أبريل الماضى لفرض لوائح من شأنها أن تزيد من قمع المرأة، موجة من القهر. وغمرت الأماكن العامة برجال الشرطة وضباط يرتدون ملابس مدنية. حتى أن بعض الجامعات، بما فى ذلك جامعة الزهراء فى طهران، نشرت أجهزة لديها تقنية التعرف على الوجه عند بوابات الدخول لمنع دخول الطالبات اللاتى ينتهكن قواعد اللباس للمرأة الخاصة بالنظام.

فهل سنواجه مهسا أمينى جديدة فى إيران خلال الأيام المقبلة؟